"في حياةٍ أخرى، بعيدة عن سطوة الواقع القاسي، ولا علاقة لها بأرواحنا الفانية على هذه الأرض.
توجدُ نسخةٌ ثانيةٌ من كلينا، أكون فيها أقلَّ حبًّا وأكثرَ اتّزانًا ومنطقيّة وتكونُ فيها الطّرف الأكثرَ حبًّا وعطاءً والأقلّ إيذاء.
تعودُ مساءً من عملك بعدَ يومٍ طويلٍ شاق، متلهّفًا لرؤية عينيّ الغارقتين في حبّك.
تصل، يجوبُ نظركَ المكان مفتّشًا عنّي، تتسارعُ نبضاتُ قلبك ولا تهدأ إلّا عندما ترتطم نظراتك بوجهي المبتسم.
أكون كعادتي بانتِظارك.
يسبقكَ عطركَ إلى أرجاء البيت، فأبتسم بلا وعي وأكمِل تحريكَ الملعقة الخشبيّة في قدرِ الطّعام، تتصاعدُ الرّوائح الطيّبة من مطبخي المُجهّز بعناية بينما أصبُّ كاملَ تركيزي على السّاعة منتظرةً حلول الوقتِ الّذي تجيء به.
- إحم، كيفو الحلو؟
ألتفت إليكَ بسرعة، أجدكَ تستند إلى الباب مراقبًا إيّاي بهدوء، فيطيرُ قلبي إليك:
- دانيال! جايييي أبكَر اليوم، أدّيش صرلك واقف هيك؟
أهرعُ إليك فيسبقُني صوتكَ الّذي يشبه الحضنَ قبل أن تصلَ ذراعاك إليّ.
- صرلي زمان! ليش في أحلى من إنّي اتأمّلِك إنت وسارحة فيّي؟ وفي أحلى من إنّي أنطر طول النهار مناطرة اللّحظة ل برجع فيها ع البيت؟ البيت لإنتِ فيه معي، البيت لإنتِ فيه إلي، البيت ل ح يجمعنا عمر كامل شوف فيه ضحكتك وحبّك كل يوم أكتَر؟
تقول بينما تمشي مسرعًا نحوي فاتحًا ذراعيكَ لاستقبال طاقة الحبّ المنبعثة من روحي.

أحضنك بكلّ ما أوتيت من قوّة، أتركُ بينَ ذراعيكَ كلّ آلامي، وكلّ تعبِ النّهار، وكلّ ما أحزن قلبي. لا يبقى سوى الأمان الّذي يُزيل ارتجافَ روحي، والسّكينة الّتي تمحي اضطرابي والشّعور الوحيد الّذي أبحث عنه: "الإنتماء إليك."

ما أجملَ هذه النّسخة منك، وكم تمنّيتُ مطوّلًا أن تصبحها يومًا، بدلَ هذا الشّخص البارِد النّاكر الّذي جعلني القدر أتعثّر به.

لكن بعض الأحلام مصيرها الإندثار، أليس كذلك؟"

زَهراء.

🎵: ماه پیشونی | محسن چاوشی.

قاسيةٌ دُنيانا وما عندي غيرَ رجائي منكَ أيا مَهدي!
"يا عزيزَ القلوب،
مسّنا الفقدُ الأليم هذا العام،
فقدٌ خلّفَ في أرواحنا جروحًا لن تندمل.
في سبيلِ إحقاق حقّك، حلّق نحوكم أحبُّ الخلقِ إلى قلوبنا.
من فدته الرّوح والمال والأرض والولد!
نحنُ الآن أيتامكم، سيّدي، هلّا مسحتم على رؤوسنا؟

مولاي،
تجوبُ روحي البلاد بحثًا عن أثرٍ لك، الآن أكثرَ من أيِّ وقتٍ مضى.
بكلِّ ما أحمله من حزنٍ وشوقٍ وألم، ألاحق طيفكَ لأحتمي بظلالِ عباءتك القدسيّة.

أعيدُ كتابة ما ذكرتهُ في العام السّابق:
يُقال أن اللّيلة كل ما يدعو بهِ العبدُ مُستجاب،
فنجهّز حقيبة دعواتنا كما نحضّرها قبلَ اللّيالي الفاطميّة ونبدأ بترتيل الأدعية المذكورة، وحينَ نصل إلى"اذكُر حاجتك"، تتساقط كل الدعوات من حقيبتنا المثقوبة،
ويبقى دعاء واحد نردده جميعًا بأعلى أصواتنا:
" اللّهم عجّل لوليكَ الفرج، اللّهم أرِنا الطّلعة الرّشيدة."

واليوم، نزيدُ على دعائنا بلوعة: يا الله، ألحقنا بالأمين الصّالح، اجعلنا نجتمع معه في جنانك، اجتماعًا لا فراق بعده.
اروِ صحراء قلوبنا بغيثِ قربه."

"عهدًا نبقى أوفياء لدماء الشّـ هداء.."

زَهراء.

كل عام وأنتُم بألف خير، نسألكُم الدّعاء في هذهِ اللّيلة المباركة،
أمانة خصّوني بالإسم، تقبّل الله أعمالكم. 🌺

🎵: عُد لي حَبيبي | حسن القدسي.

"تعى، قرّب قرّب،
قرّب أكتَر بدّي قلّك شي.
أو بتعرف شو، لا لا ما تقرّب، مش لإنّو إذا قرّبت ح اضعف أو شي أبدًا، لإنّو حابة صرّخ ل ح قولو بأعلى صوت.
عزيزي، متل ما دائمًا منبلّش..
عزيزي الّذي ما باتَ عزيزًا!
مرّة كنت حاطة هيدي الصّورة ستوري وقلبي عم يعصر عصِر ع بعادَك، وكل أمنياتي كانت بتتلخّص بوجودك.
حضرتك، لإنّك محتال محترف وبتعرف نقاط ضعفي فتت وبعتّلي: أصلًا مش متمنّي غير اقعد بوجِّك!
وحضرتي، كإنسانة رومانسيّة عاشقة وبائسة، الفرحة ما ساعتني والأدرينالين خبَط لصمصوم راسي، بعرفش صمصوم بتزبط أو لأ، قطّع قطّع، وقلت خلَص، اجى الفرَج وصرت عم حضّر ل بكرا " وشو تأخّر بكرا"، شو إلبس، كيف ابتسم، شو آخدلك معي، أي هديّة جبلك، طبعًا أمور إنت ولا مرّة فكّرت فيهن، ف هلّأ معتبرني عم إحكي ياباني، بس يلّا أحسن، هيك فش شي عندي كل ما ينطّ بوجّي يشل العصب السابع ل فيه.

ع كلّ حال بدّيش طوّل، أنا والأصدقاء هون والقيّمين ع الإتّصالات وجماعة المراقبة عنّا وخطوط الألفا والملاكين ع كتافنا وحتّى جدّي الله يرحمو، كلنا صرنا عارفين إنّك إذا قلتلي السّما زرقا، الأفضل إعتبرها رماديّة، إحتياط يعني.
ف بلا طول سيرة، بس شفت هالصّورة اليوم ضحكت، هل تعلم لماذا؟ لإنّو صدقًا آخر شي بتمنّاه بالحياة حاليًا هوّ إنّي شوف هالطلّة البهيّة (طبعن بالنّون بس قول بهيّة قصدي العكس، بس بتجي أحلى بسياق النصّ).
التحرّر؟ وحياتك، أو لأ لإحلف ع شي محرز أكتر، وحياة ببغاء جارتنا، كتير حلو.
خَي خَي، انشالله تجربو شي نهار، تتحرّر من نفسك ل كل يوم عم تضحك عليها بإنّو كل شي وأوّلهن إنت تمام، وتفيق ع الحقيقة، بس وقتها معش ح كون مستعدة إمسك إيدك وقلها بكلّ وجوهك أنا قبلانيتك وسوا منقطع.
المهم، من هلّأ عم قلّك، إذا بالصّدفة شفتني شي يوم، بدمتك تسلّمش، بخاف طلتك البهيّة تنفنس.
تصبح على خير؟ أو وات ايفير يعني: لا يهمّ، تصبح أو تمسي أو تنام أو تفيق، اصطفل، المهم أنا وصلت لإضحك ع هيدي الصّورة، هيدا الّذي يهم.
فعلًا مرّات:"شرُّ البليّة ما يضحك."

زَهراء.

منتصف اللّيل.

#بالعاميّة

"انتبه كتير ع حالك، بحبَّك."
"وأنا كتير!"
"إنتَ كتير شو؟؟؟"
ضُحِك وقلها:" في ناس حدّي، انتِ فهمتِ."

كانت آخر كلمات سمعتها نرجِس من سِراج قبلَ أن يمتطي خيلَ الجِـ هاد.
ذهبَ نسيمُ نرجس كعاصفة شديدة مستعدّة لدحض الأعدا.ء. غادر بابتسامة عارِج نحوَ الملكوت، رأت في عينيهِ نظرةً لم تعهدها من قبل.
منذُ تلكَ اللّحظة، تأكلُ النّيرانُ قلبَها النيّ فتحوّله إلى رماد.
ثلاثة أشهر، تزيدُ ولا تنقص، لم تسمع عنهُ أيّ خبر.
أتَتني قائلة: "بس يمكن عدم وجود خبر يعني خير صح؟ لو صايرلو شي كان صار في خبر!"
توقعني أسألتها في حالةٍ من الحرج، أأربّت على قلبها المشتاق بكلامٍ مستنتج ممّا أجهل؟ أو أصفعُ وجهها بالحقيقة المرّة؟
هيَ تعلم أنّنا لا نعرف عنهُ شيئًا، لكنّها تتمسّك بأيِّ خيط
أملٍ مهما كان رفيعًا.

بقيَت هذهِ الكلمات الّتي قالها قبلَ الرّحيل مع كثير من جملهِ السّابقة تحاصرها من كلّ جانِب.
عندما قُصـ فَت قريتها وأرادت أن تهرع نحوَ يديه، عندما أغارَ.ت الطّائراتُ الحر.بيّة على المنزل المُلاصق لها وملأ الغبار أرجاء المكان بعدَ أن تكسّر الزّجاج، عندما أجبرتها الحر.ب على تركِ منزلها بما فيه والهروب نحوَ مكانٍ ربّما آمن، عندما شعرت بالغربة في المكان الجديد الّتي حلّت ضيفةً عليه، عندما خافت ليلًا من أصوات الغار.ات، عندما فقدت صديقةً لها وأصبحَت في عداد الشّهد.اء، عندما بكَت لحزنها على اضطراب الأطفال وعدم وجود مأوى ومأكل كافٍ لهم ولعوائلهم،
وعندما اشتاقته للحدِّ الّذي منعها عن النّوم وأتى بها نحوي في هذا اللّيل الدّامِس.

كانت الـ "بحبّك كتير" الّتي لم يلفظها علنًا متزامنة مع ضحكةٍ خجولةٍ منه، تسكنُ قلبها الغَريب.

زَهراء.

سَكينتي المُهاجِرة، الجّزء الأوّل.
#يُتبَع

"عزيزي الغائب في مكانٍ لا أعرفه،
اشتقتُ إليك.

يحلُّ منتصف اللّيل كضيفٍ ثقيلٍ على قَلبي اليوم،
أتذكّر مجبرة:
- نرجس، السّاعة ١٢!
- اي وائل، ما فهمِت؟ رايح تنام؟
- لأ! بس نهار جديد، بحبّك في أكتر صغيرتي، ضلّك تذكّري..
فتتساقطُ النّجومُ داخلَ قلبي المبتسِم بخجَل، وأمتنع عن الردّ.

تقرأ صمتي كما هي عادتك بقراءة كلّ ما يخصّني غيبًا:
- خلص السّكوت علامة العشق.
- مش كانت الرّضا؟
- الرّضا للعالم، العشق إلي يا وردتي الصغيرة.
- أيمتى ح تبطّل هالثّقة بالله؟ ومعش تتمسخر ع إسمي!
- والله ما عم إتمسخر، بحبّ إسمك الوردي، بخلّيني اتأكّد إنّو الله اختارك وردتي ل بدّي حافظ عليها دنيا وآخرة. و ع فكرة! ثقتي ماخذها منّك اي، شوفي عيونك بس يشوفوني، بعدين لطشي عن الثقّة..
- مممممم، طيّب صح، السّكوت كان علامة العشق يا محقّق كونان.

إنّه منتصف اللّيل مجدّدًا، وسط هذا الصّمت المدوي، هل يصلكَ عشقي في غربتك؟"

زَهراء.

"انتَهت الحربُ سيّدي،
عائدون قريبًا إلى الدّيار كما وعدتَنا "بهاماتٍ مرفوعة".

لكن اعذرني سيّدي إن تجرّأت وسألت، هل الدّار دارٌ دونَك؟

أنتَ أيّها المقدّس وطننا الّذي كلّما تغرّبت أرواحُ الطّيور فينا هاجَرنا نحوه.
يا مُحيي رمادَ القلوب المحروقة،
وجامع فتات عشقِنا اليابِس بينَ يديّ مائِه،
ومانِح هذهِ الرّوح نفحةً من قدسكَ المخفيّ،
كلّما لاحَت في عقلي الرّافض للتّصديق فكرة أنّك لن تُخاطبنا بعد اليوم، تمزّقت أوردة قَلبي ألمًا.

ألَن تَعود سيّدي؟
ننتظرُك،
وسننتظرُك كلّ يوم حتّى يأذنَ الله لنا باللّقاء.

نحنُ الآن يا سيّدي في غربةٍ أبديّة!
يا ساكنًا نبضَ الفؤاد،
أيتامكَ المفجوعون نحن.

كيف نجدُ الموتَ الآن؟
والله أحلى من العسل يا حزننا المتجدّد كل آن،
يا حزننا السرمديّ."

اليوم، ميلادُ أرواحنا،
يومٌ حزينٌ فيهِ ميلادٌ مقدّس.

كلّ عام وأنتَ كلّ الخير يا وجهَ الخير.

زَهراء.

"أكثَر ما أشتاقهُ حاليًا هيَ أيّامي السّاكنة،
تلكَ الأيّام الّتي لم يكن عَقلي دائمَ الصّراع فيها مع قلبي.
كمن يعيشُ في داخلهِ شخصانِ مُتنافران،
لا يستطيع إرضاء أيٍّ منهما،
فيَشقى.

أبحثُ الآن عن هُدنة ولَو لحظيّة،
تكفيني لحظة خاطِفة منَ السّكينة،
فقد أُثقلت هذهِ الرّوح بالصّراخ،
كثيرًا."

زَهراء.

رُويت قصّة الملِك خسرو وشيرين وفرهاد الفارسيّة في العديدِ منَ الكُتب وفي كلّ رواية جَديدة تتغيّر التّفاصيل.

للإختِصار، أُمِرَ فرهاد بحفر طريق في جبل "بيستون" الصّلب والوعِر ليسمحَ لهُ الملك بالزّواج من شيرين وقبيلَ انتهائه أخبرهُ كذبًا أنَّ شيرين قد ماتت فأنهى فرهاد حياته لحزنه على محبوبته وعدم قدرتهِ على العيش من دونها وشوقه للّحاق بِها.

"أحبّهُ إلى الحدّ الّذي يجعلني أرغبُ بتحقيقِ كلّ ما يتمنّاه أو تمنّاه يوما.
أن أحضرَ لهُ كلّ ما يُحب، فيُحالفني الحظّ لأرى تلكَ الدّهشة الجميلةَ تَطغى على عينيه متزامنةً مع اشتِعال موقد الأنس في قلبِه.

عَزيزي، تُحبُّ الفَضاء؟
آتي بالنّجوم إليك، وأنثرُ نورَها على ظلمةِ وحدتك.
آتي بالكواكِب وأعلّقها بترتيبِها الصّحيح مزيّنةً سقفَ غرفتك لتعدّها قبلَ النّوم.
آتي بالشّهب وأمرّرها فوقَ كفّيك فتُدفء بردَك وتذكّركَ بحرارة كفّي بينَ يديك.
آتي بالشّمس فتعكس أشعّتها على وجهكَ سامحةً لي أن أتأمّل ابتسامةَ شفتيكَ العذبة لأمجّدَ جمالَ خلقِ الله.

إلّا القمَر، سأحتفظُ به لنفسي، لا طمعًا بل خجلًا، لأنّهُ رفيقُ أسراري. يحفظُ كلامَ سهري وجمَلي الّتي أرسلتها إليكَ في أيّام البُعد، ودموعي الّتي ذرفتُها تحتَ نوره شوقًا إليكَ وسلامي اللّامُتناهِي لك.

أترى هذهِ السّماء الواسعة بكلّ ما فيها؟ من السّماء الأولى الّتي نراها حتّى تلكَ السّابعة المخفيّة عنّا؟
حبّي لكَ يتخطّى عظمَتها، صلبٌ كأعمدتها الضّخمة غير المرئيّة.

أحبّك حبًّا مُنكّهًا بحبّ الأساطير -أي حبًّا لا يَنتهي- تتناقلهُ الأجيال، جيلًا بعدَ جيل.

يا حبّي الأبدي،
يا أسطورتي الباقية،
سلامٌ عليك."

”ما يُحبّ، الجّزء الأوّل“.

زَهراء.