- القناة الرسمية على التيليجرام استمتعو بالمشاهده ? ♥️ .
•┊اقتباسات ? •
•┊رمزيات ?
•┊فيديوهات ?
- @xxzbot // ? بوت تنزيل ستوريات انستا -
- @zzxzz // ? لـ التمويل -
Last updated 1 year, 7 months ago
- القناة الرسمية على التيليجرام استمتعو بالمشاهده ? ♥️ .
•┊فيديوهات ? •
•┊رمزيات ?
•┊اختصارات ?
- @zezbot // ?بوت زخرفه -
- @zzxzz // ? لـ التمويل -
Last updated 1 year, 7 months ago
- بوت تحميل من الأنستا ومن جميع مواقع التواصل الإجتماعي: ✅ .
- بوت التحميل من التيك توك: @EEEBOT
- بوت التحميل من الأنستا: @xxzbot
- بوت التحميل من اليوتيوب: @EMEBOT
- ? ? .
- للتمويل: @NNEEN
Last updated 1 year, 7 months ago
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، لاَ رَبَّ لَنَا سِوَاهُ، وَلاَ نَعْبُدُ إِلاَّ إِيَّاهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ومُصْطَفَاهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُ. أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللهَ حَقَّ تَقْوَاهُ.
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ : مِنَ الدُّرُوسِ الْمُسْتَفَادَةِ فِي خِتَامِ الْحَجِّ: (الْإِكْثَارُ مِنْ الدُّعَاءِ)، قَالَ تَعَالَى:﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾. فَـ (حَسَنَةُ الدُّنْيَا) تَشْمَلُ كُلَّ مَا يَحْسُنُ وَقْعُهُ عِنْدَ الْعَبْدِ مِنْ رِزْقٍ، وَزَوْجَةٍ، وَوَلَدٍ، وَرَاحَةٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْمَطَالِبِ الْمَحْبُوبَةِ.
وَ(حَسَنَةُ الْآخِرَةِ) تَشْمَلُ السَّلَامَةَ مِنْ عَذَابِ الْجَحِيمِ، وَالْفَوْزَ بِالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ، وَحُصُولَ الرِّضَا وَالْقُرْبِ مِنَ الرَّبِّ الرَّحِيمِ.
فَصَارَ هَذَا الدُّعَاءُ أَجْمَعَ دُعَاءٍ وَأَوْلَاهُ وَأَكْمَلَهُ، قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - : كَانَ أَكْثَرُ دُعَاءِ النَّبِيِّ ﷺ: «اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
مِنَ الدُّرُوسِ الْمُسْتَفَادَةِ فِي خِتَامِ الْحَجِّ: (تَذَكُّرُ الْآخِرَةِ)، قَالَ تَعَالَى فِي خِتَامِ آيَاتِ الْحَجِّ: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾.
فَجَمْعُ الْخَلَائِقِ فِي عَرَفَةَ وَيَوْمِ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ، يُذَكِّرُ التَّقِيَّ بِجَمْعِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالْمَحْشَرِ، والْعَبْدُ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ إِلَى رَبِّهِ سَيُحْشَرُ، فَإِنَّهُ سَيَتَّقِي اللهَ سَائِرَ الْعُمُرِ، إِذِ الْعَمَلُ الصَّالِحُ لَا يَنْقَطِعُ إِلَّا بِالْقَبْرِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾.
فَمَا أَكْثَرَ دُرُوسَ الْحَجِّ ! وَمَا أَعْظَمَ بَرَكَاتِهِ ! فَلْيَكُنْ لَنَا فِي ذَلِكَ أَوْفَرَ الْحَظِّ وَالنَّصِيبِ؛ لِنَفُوزَ بِسَعَادَةِ الدَّارَيْنِ، وَلِنَكُونَ مِنْ حِزْبِ اللهِ الْمُفْلِحِينَ، وَمِنْ أَوْلِيَاءِ اللهِ الْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ.
اللَّهُمَّ ثَبِّتْنَا عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ، وَاخْتِمْ لَنَا بِخَاتِمَةِ السَّعَادَةِ مَعَ الْمُتَّقِينَ.
عِبَادَ اللهِ : قَالَ اللهُ جَلَّ في عُلَاهُ : ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾. اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى عَبْدِكَ وَنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ. اللَّهُمَّ ارْضَ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَالصَّحَابَةِ أَجْمَعِيْنَ، وَأَتْبَاعِهِمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِيْنَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِيْنَ، وَانْصُرْ عِبَادَكَ الْمُوَحِّدِيْنَ. اللَّهُمَّ فَرِّجْ هَمَّ الْمَهْمُومِيْنَ مِنَ الْمُسْلِمِيْنَ، وَنَفِّسْ كَرْبَ الْمَكْرُوبِيْنَ، وَاقْضِ الدَّيْنَ عَنِ الْمَدِينِيْنَ، وَاشْفِ مَرْضَاهُمْ، وَاغْفِرْ لِمَوْتَاهُم، يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
اللَّهُمَّ الْطُفْ بِإِخْوَانِنَا فِي فِلِسْطِينَ، وَفِي كُلِّ مَكَانٍ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا وَأَصْلِحْ وُلَاةَ أُمُورِنَا.
اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَ بِلَادَنَا وَعَقِيْدَتَنَا بِسُوءٍ فَأَشْغِلْهُ بِنَفْسِهِ، وَرُدَّ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ تَدْمِيراً عَلَيْهِ، يَا قَوِيُّ يَا عَزِيْزُ.
﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾، ﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ* وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.
الـدُّرُوسُ الْـمُـسْـتَـفَـادَةُ فِـي خِـتَـامِ الْـحَـجِّ
الْخُطْبَةُ الْأُوْلَى
الْحَمْدُ للهِ الَّذِي يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ بِالْقَبُولِ وَالتَّوْفِيقِ، بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَجِّ وَيَوْمِ عَرَفَةَ وَيَوْمِ الْنَّحْرِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، هَدَانَا لأَكْمَلِ شَرِيعَةٍ وَأَقْوَمِ طَرِيقٍ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ذُو الْخُلُقِ الْعَظِيمِ وَالنَّسَبِ الْعَرِيقِ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أُوْلِي الْفَضْلِ وَالتَّصْدِيقِ.
أمَّا بَعْدُ؛ أَيُّهَا النَّاسُ : فَأُوْصِيْكُم وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: هَا هُوَ (الْحَجُّ إِلى بَيْتِ اللهِ) قَدْ قُوِّضَتْ خِيَامُهُ، وَانْتَهَتْ سَاعَاتُهُ وَأَيَّامُهُ، وَهَا هِيَ (الْعَشْرُ الْمُبَارَكَاتُ وَالْأَيْاَمُ الْمَعْدُودَاتُ) قَدْ طُوِيتْ فِيهَا الصَّفَحَاتُ، فَطُوبَى لِعَبْدٍ كَانَ عَمَلُهُ فِيهَا صَالِحًا مَقْبُولاً، وَحَجُّهُ مَبْرُورًا، وَالْعَزَاءُ لِمَنْ بَاتَ فِيهَا مَطْرُودًا، وَكَانَ عَمَلُهُ عَلَيْهِ مَرْدُودًا.
انْقَضَتْ فَرِيضَةُ الْحَجِّ هَذَا الْعَامَ، تِلْكُمُ الْفَرِيضَةُ الَّتِي عَظُمَتْ فِي مَنَاسِكِهَا، وَجَلَّتْ فِي مَظَاهِرِهَا، وَسَمَتْ فِي ثِمَارِهَا، تِلْكُمُ الْفَرِيضَةُ الَّتِي تَضَمَّنَتْ مِنَ الْمَقَاصِدِ أَسْمَاهَا، وَمِنَ الدُّرُوسِ أَعْلَاهَا، وَمِنَ الْمَنَافِعِ أَزْكَاهَا.
وَمِنْ تِلْكَ الْمَقَاصِدِ الْجَلِيلَةِ وَالدُّرُوسِ الْكَفِيلَةِ بِسَعَادَةِ الدَّارَيْنِ: (حُصُولُ التَّقْوَى)، وَالتَّقْوَى غَايَةُ الْأَمْرِ، وَجِمَاعُ كُلِّ خَيْرٍ، قَالَ تَعَالَى فِي خِتَامِ آيَةِ الْحَجِّ: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ﴾، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ﴾.
فَإِذَا أَدْرَكَ الْمُسْلِمُ هَذَا السِّرَّ الْعَظِيمَ فِي الْعِبَادَاتِ، فَإِنَّ مَعَانِيَ التَّقْوَى تَجْعَلُهُ لَا يَتَوَانَى عَنْ تَنْفِيذِ شَيْءٍ مِنْ أَوَامِرِ اللهِ تَعَالَى، وَتَرْكِ مَنَاهِيهِ.
مِنَ الدُّرُوسِ الْمُسْتَفَادَةِ فِي خِتَامِ الْحَجِّ: (الْإِكْثَارُ مِنْ الذِّكْرِ)، وَالذِّكْرُ مَقْصُودُ الْعِبَادَاتِ الْأَعْظَمُ، وَلِهَذَا أَمَرَ سُبْحَانَه بِذِكْرِهِ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْحَجِّ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا﴾، وَأَمَرَ تَعَالَى بِذِكْرِهِ عِنْدَ انْقِضَاءِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ﴾.
وَالذِّكْرُ يَتَجَلَّى فِي الْحَجِّ غَايَةَ التَّجَلِّي، قَالَ ﷺ : «إنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَرَمْيُ الْجِمَارِ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى» رَوَاهُ أَحْمَدُ.
مِنَ الدُّرُوسِ الْمُسْتَفَادَةِ فِي خِتَامِ الْحَجِّ: (الْإِكْثَارُ مِنْ الِاسْتِغْفَارِ)، قَالَ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾. فَأَمَرَ بِالْاِسْتِغْفَارِ لأَجْلِ الْخَلَلِ الْوَاقِعِ فِي الْأَدَاءِ، وأَمَرَ بَعْدَ ذَلِكَ بِذِكْرِهِ وشُكْرِهِ. وَهَكَذَا يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ كُلَّمَا فَرَغَ مِنْ عِبَادَةٍ: أَنْ يَسْتَغْفِرَ اللهَ عَنِ التَّقْصيرِ، وَيَشْكُرَهُ عَلَى التَّوْفِيقِ، وَهُوَ بِالْقَبُولِ حِيْنَئِذٍ حَقِيقٌ.
فَيَا فَوْزَ الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالْمُسْتَغْفِرِينَ، وَيَا سَعَادَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمِ الدِّينِ، وَيَا خَسَارَةَ الْغَافِلِينَ عَنْ ذِكْرِ اللهِ !! مَاذَا فَاتَهُمْ مِنَ النَّعِيمِ الْعَظِيمِ وَالأَجْرِ الْعَمِيْمِ ؟!
أَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾.
أَقُوْلُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا.
اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:»مَنْ حَجَّ لِلَّهِ، فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ؛ رَجَعَ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ« [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ]. وَالْحَجُّ مِنْ أَسْبَابِ دُخُولِ الْجَنَّةِ وَالسَّلَامَةِ مِنَ النَّارِ؛ فَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ].
وَعَلَى الْحَاجِّ: أَنْ يَتَعَلَّمَ أَحْكَامَ الْحَجِّ وَأَعْمَالَهُ وَشُرُوطَهُ وَأَرْكَانَهُ وَوَاجِبَاتِهِ وَمَحْظُورَاتِهِ؛ حَتَّى يُؤَدِّيَهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَرْضَاهُ اللَّهُ، وَيَكُونَ نَافِعًا لَهُ فِي دُنْيَاهُ وَأُخْرَاهُ، وَنُوصِي حُجَّاجَ بَيْتِ اللَّهِ: أَنْ يَمْثُلُوا أَخْلَاقَ الْإِسْلَامِ فِي تَعَامُلِهِمْ مَعَ غَيْرِهِمْ، وَأَنْ يُبْرِزُوا الصُّورَةَ الْحَسَنَةَ لِدِينِهِمْ وَوَطَنِهِمْ، نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَتَقَبَّلَ مِنْهُمْ.
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَالْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ وَتَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تُوَفِّقَنَا جَمِيعاً لِاغْتِنَامِ الْأَوْقَاتِ بِالطَّاعَاتِ، وَأَنْ تَحْمِيَنَا مِنْ فِعْلِ الْـمُنْكَرِ وَالسَّيِّئَاتِ، اللَّهُمَّ اهْدِنَا صِرَاطَكَ الْـمُسْتَقِيمَ، وَجَنِّبْنَا صِرَاطَ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْـمُسْلِمَاتِ، الْـمُوَحِّدِينَ وَالْـمُوَحِّدَاتِ، الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ؛ إِنَّكَ قَرِيبٌ سَمِيعٌ مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا سَخَاءً رَخَاءً، دَارَ عَدْلٍ وَإِيمَانٍ، وَأَمْنٍ وَأَمَانٍ، وَسَائِرَ بِلَادِ الْـمُسْلِمِينَ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
وَأَمَّا التَّكْبِيرُ الْمُقَيَّدُ فَيَكُونُ فِي أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ عَرَفَةَ - لِغَيْرِ الْحَاجِّ - إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ ذَلِكَ الْإِجْمَاعُ، كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ -رَحِمَهُ اللهُ-، وَهُوَ فِعْلُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ.
وَلِلتَّكْبِيرِ - عِبَادَ اللهِ - جُمْلَةٌ مِنَ الصِّيَغِ، مِنْهَا: (اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ) وَهَذِهِ الصِّفَةُ ثَابِتَةٌ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، وَوَرَدَ أَيْضًا بِتَثْنِيَةِ التَّكْبِيرِ فِي الْبِدَايَةِ. وَمِنْهَا: مَا صَحَّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: (اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، اللَّهُ أَكْبَرُ وَأَجَلُّ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ) [رَوَاهُمَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ]، وَمِنْهَا: مَا ثَبَتَ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا) [رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحَّحَهُ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ].
مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ:مِنَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي تَتَأَكَّدُ مَعْرِفَتُهَا فِي مُسْتَهَلِّ هَذِهِ الْأَيَّامِ: مَا رَوَتْهُ أُمُّ سَلْمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعْرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا»، وَفِي رِوَايَةٍ: «إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ» [رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ].
فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ يَتَأَكَّدُ فِي حَقِّهِ إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ أَلَّا يَأْخُذَ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا مِنْ أَظَافِرِهِ وَلَا مِنْ جِلْدِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ، وَهَذَا حُكْمٌ خَاصٌّ بِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ، أَمَّا أَهْلُهُ وَأَوْلَادُهُ وَمَنْ يُضَحِّي عَنْهُمْ، وَمَنْ كَانَ مُوَكَّلًا بِذَبْحِ الْأُضْحِيَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَشْمَلُهُمْ ذَلِكُمُ الْحُكْمُ مَا لَمْ يُضَحُّوا لِأَنْفُسِهِمْ، وَمَنْ فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا لَا يَضُرُّ أُضْحِيَّتَهُ، وَيُخْطِئُ مَنْ يَظُنُّ أَنَّ إِمْسَاكَ الْمُضَحِّي إِحْرَامٌ، بَلْ يَجُوزُ لَهُ الطِّيبُ، وَإِتْيَانُ أَ هْلِهِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يُمْنَعُ عَلَى الْمُحْرِمِ.
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَلِيَّ الْعَظِيمَ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانيةالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَرْسَلَهُ رَبُّهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ.
أَمَّا بَعْدُ:فَأُوصِيكُمْ - عِبَادَ اللهِ -وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى؛ فَمَنِ اتَّقَى اللهَ وَقَاهُ، وَنَصَرَهُ وَكَفَاهُ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:يَذْهَبُ الْحُجَّاجُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ، لِيَقْضُوا نُسُكَهُمْ وَيُؤَدُّوا فَرْضَهُمْ أَوْ نَفْلَهُمْ، فَإِنْ كُنْتَ -يَا عَبْدَ اللَّهِ- مِمَّنْ كَتَبَ اللَّهُ لَكَ الْحَجَّ هَذَا الْعَامَ، فَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ اخْتَارَكَ أَنْ تَكُونَ مِنْ وَفْدِ اللَّهِ، وَهِيَ نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ تَحْتَاجُ إِلَى شُكْرٍ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَالْعَمَلِ؛ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (الْغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالْحَاجُّ، وَالْمُعْتَمِرُ؛ وَفْدُ اللَّهِ، دَعَاهُمْ فَأَجَابُوهُ، وَسَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ) [رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ]. وَمِنْ شُكْرِ اللَّهِ عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ: أَنْ تُحَسِّنَ عَمَلَكَ فِي الْحَجِّ مُخْلِصًا لِلَّهِ تَعَالَى، وَأَنْ تَجْتَهِدَ فِي أَدَائِهِ عَلَى هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَالْعِبَادَةُ لَا تُقْبَلُ عِنْدَ اللَّهِ إِلَّا إِذَا كَانَ الْعَبْدُ فِيهَا مُخْلِصًا لِلَّهِ تَعَالَى، وَمُتَّبِعًا لِسُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا هُوَ الْحَجُّ الْمَبْرُورُ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْعَبْدُ مُخْلِصًا مُتَّبِعًا مُجْتَهِدًا فِي طَاعَةِ رَبِّهِ مُبْتَعِدًا عَمَّا يُغْضِبُهُ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ
خطبة الجمعة المذاعة والموزعة
بتاريخ 1 من ذي الحجة 1445 هـ - الموافق 7 / 6 / 2024م
أَفْضَلُ أَيَّامِ الدُّنْيَاإِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، )يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ( [آل عمران 102].
عِبَادَ اللهِ:هَا قَدْ دَخَلَتْ عَلَيْنَا أَيَّامٌ عَظِيمَةٌ، فِيهَا الْأُجُورُ الْوَفِيرَةُ، يَجْتَمِعُ فِيهَا كَثِيرٌ مِنَ الطَّاعَاتِ، وَعَدَدٌ مِنَ الْأَيَّامِ الْمُبَارَكَاتِ، هِيَ نِعْمَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ لِيَغْتَنِمَهَا الطَّائِعُونَ، وَيَتَنَافَسَ فِيهَا الْمُتَنَافِسُونَ، أَقْسَمَ اللَّهُ بِهَا فِي كِتَابِهِ، وَأَعْلَى شَأْنَهَا بَيْنَ عِبَادِهِ، فَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: ]وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ[ [الفجر:1-3]، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: (الْمُرَادُ بِالْعَشْرِ فِي الْآيَةِ: الْعَشْرُ الْأُوَلُ مِنْ شَهْرِ ذِي الْحِجَّةِ)، وَهِيَ أَيَّامُ صَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَحَجٍّ وَذَبْحٍ وَتَكْبِيرٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ تَعَالَى ؛ فِيهَا يَوْمُ التَّرْوِيَةِ، وَيَوْمُ عَرَفَةَ الَّذِي يُسْتَحَبُّ صِيَامُهُ، فَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ]. وَيَوْمُ النَّحْرِ الَّذِي هُوَ أَعْظَمُ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى كَمَا صَحَّ بِذَلِكَ الْحَدِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ قَالَ: «أَعْظَمُ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ» [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُرْطٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ]. وَلِذَلِكَ كَانَ الْعَمَلُ فِيهَا مِنْ أَحَبِّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ؛ فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ» - يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ-، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؛ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَاللَّفْظُ لَهُ]. يَقُولُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ رَجَبٍ -رَحِمَهُ اللهُ-: (تَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ مَوْلَاكُمْ فِي هَذِهِ الْعَشْرِ؛ فَإِنَّ فِيهَا لِلَّهِ نَفَحَاتٍ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ، فَمَنْ أَصَابَتْهُ سَعِدَ بِهَا آخِرَ الدَّهْرِ).
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:
لَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْأَيَّامُ بِهَذِهِ الْمَكَانَةِ وَالْمَنْزِلَةِ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَكُونَ ذَاكِرًا لِرَبِّهِ شَاكِرًا لِنِعْمَتِهِ عَلَيْهِ، مُكَبِّرًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى مَا رَزَقَهُ وَهَدَاهُ، لِأَجْلِ ذَلِكَ يُشْرَعُ فِي أَيَّامِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ التَّكْبِيرُ الْمُطْلَقُ، وَهُوَ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ مِنْ أَوَّلِ دُخُولِ شَهْرِ ذِي الْحِجَّةِ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ؛ لِقَوْلِ اللهِ سُبْحَانَهُ: ]لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ( [الحج:28]، وَهِيَ أَيَّامُ الْعَشْرِ، وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: )وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ[ [البقرة:203]، وَهِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، وَلِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ نُـبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ t]، وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ تَعْلِيقًا عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ: (أَنَّهُمَا كَانَا يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ أَيَّامَ الْعَشْرِ فَيُـكَبِّـرَانِ وَيُكَبِّـرُ النَّاسُ بِتَـكْبِيرِهِمَا).
أقولُ مَا تسمعونَ، وأستغفرُ اللهَ لِي ولكمْ ولجميعِ المسلمينَ مِنْ كلِّ ذنبٍ، فاستغفروهُ إنَّهُ هوَ الغفورُ الرحيمُ
الخطبةُ الثانيةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: عنْ عثمانَ بنِ عفّانَ رضِيَ اللهُ عنْهُ قالَ: قالَ ﷺ: «ما مِنْ امرِئٍ مسلمٍ تحضُرُه صلاةٌ مكتوبةٌ فيحسِنَ وضوءَهَا وخشوعَها وركوعَها إلَّا كانتْ كفّارةً لِمَا قبْلَهَا مِنَ الذّنوبِ مَا لمْ تُؤتَ كبيرةٌ، وذلكَ الدّهرَ كلَّه» رواه مسلم . الْخُشُوعُ يُطْلَبُ أيُّها المسلمونَ بِإِحْسَانِ الْوُضُوءِ، وَحُسْنِ الِاسْتِعْدَادِ لِلصَّلَاةِ، وَجَمْعِ الْقَلْبِ عَلَيْهَا، وَشَغْلِ الْفِكْرِ بِهَا، وَإِزَالَةِ الصَّوَارِفِ وَالْمَشَاغِلِ عَنْهَا، وَالتَّبْكِيرِ إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَتَدَبُّرِ مَا يُقْرَأُ وَمَا يُسْمَعُ مِنَ الْقُرْآنِ، وَتَفَهُّمِ مَعَانِي أَذْكَارِ الصَّلَاةِ، وَاسْتِحْضَارِ وُقُوفِهِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى، وَرُكُوعِ قَلْبِهِ وَسُجُودِهِ مَعَ رُكُوعِ جَسَدِهِ وَسُجُودِهِ.
أمرٌ آخرُ يَحْسُنُ التنبيهُ إليهِ، وهوَ دالٌ علَى نوعٍ مِنَ الانصرافِ والتشاغلِ، معْ مَا جَاءَ مِنْ عِظَمِ الوعيدِ عليهِ، وخَطَرِ التهاونِ فيهِ، ذلكُمْ هوَ مسابَقَةُ الإمامِ فِي الصَّلاةِ، فَمَا جُعِلَ الإمَامُ إلَّا ليُؤْتَم بهِ، فَلا تتَقدَّمُوا عليهِ، وانظُرُوا إلَى حالِ الصحابةِ رضوانِ اللهِ عليهمْ معْ نبِيِّهمْ وإمامِهِمْ محمدٍ ﷺ ، يقولُ البَرَاءُ بنُ عازبٍ رضيَ اللهُ عنه: أنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ خَلْفَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ لَمْ أرَ أحَدًا يَحْنِي ظَهْرَهُ، حتَّى يَضَعَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ جَبْهَتَهُ علَى الأرْضِ، ثُمَّ يَخِرُّ مَن ورَاءَهُ سُجَّدًا. رواه مُسْلِمٌ .
فاتَّقُوا اللهَ رحِمَكُمُ اللهُ وأحسنوا صلاتَكُمْ، وأتمُّوا ركُوعَها وسجودَهَا، وحافِظُوا علَى أذْكَارِهَا، وحُسنِ المناجاةِ فِيْهَا، رَزَقَنَا اللهُ وإيَّاكُمْ الفِقْهَ فِي الدينِ وحسنَ العملِ.
عِبَادَ اللَّهِ: صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى الرَّحْمَةِ الْـمُهْدَاةِ والنِّعْمَةِ الـْمُسْدَاةِ، نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ فَقَدْ أَمَرَنَا بِذَلِكَ رَبُّنَا، فَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.
فَاللَّهُمّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ. اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، وَأَيِّدْ بِالحَقِّ إِمَامَنَا وَوَلِيَّ أَمْرِنَا وَوَفِّقْهُ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ وَوُزَرَاءَهُ وَأَعْوَانَهُ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَالْعَمَلِ بِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَهَيِّئْ لَهُما الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ الَّتِي تُعِينُهُما عَلَى الْخَيْرِ، يَا رَبَّ العَالَمِينَ .
اللهُمَّ احفظْ أخوتَنا في غزَّةَ وفلسطينَ ، اللهُمَّ عليك باليهودِ فإنَّهم لا يعجِزُونك . اللهُمَّ احفظْ أخوَتَنا في السودانِ ، اللهُمَّ سَلِّمْهم من الفِتَنِ والحُروبِ ، وأَلِّفْ بين قُلُوبِهم يا ربَّ العالمين .
اللهُمَّ آتِ نفوسَنا تقواها ، وزَكِّها أنت خيرُ مَنْ زكَّاها ، أنت وليُّها ومولاها ، اللهُمَّ أصلحْ ذات بينِنِا ، وألِّفْ بين قلوبِنا ، واهدِنا سُبُلَ السلامِ ، وأخرجْنا من الظلماتِ إلى النورِ ، وباركْ لنا في أسماعِنا وأبصارِنا وأزواجِنا وذرِّيّاتِنا ، واجعلْنا مبارَكين أينما كُنَّا ، اللهُمَّ أصلحْ لنا شأنَنَا كلَّه يا ذا الجلالِ والإكرامِ ، اللهُمَّ اغفرْ لنا ذنبَنَا كلَّه دِقَّه وجِلَّه أوَّله وآخرَه ، سِرَّه وعَلَنَه .اللهُمَّ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ اِجْعَلْنَا مُقِيْمِينَ للصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّاتِنَا ، اللهُمَّ عَلِّقْ قُلُوْبَنَا بِالْمَسَاجِدِ ، وَاجْعَلِ الصَّلَاةَ قُرَّةَ أَعْيُنِنَا ، وَاجْعَلِ رَاحَتَنَا وَأُنْسَنَا فِيْهَا .
اللهُمَّ اغفرْ لنا ولوالدِينا وللمسلمينَ والمسلماتِ والمؤمنينَ والمؤمناتِ الأحياءِ منهم والأمواتِ ، ربَّنا آتِنا في الدنيا حسنَةً وفي الآخِرَةِ حسَنَةً وقِنا عذابَ النارِ . وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين ، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ على عبدِ اللهِ ورسولِه نبيَّنا محمَّدٍ وآلِه وصحبِه أجمعين .
الخشوعُ في الصلاةِ
الخطبةُ الأولى
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَمَّا بَعْدُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾. عبادَ اللهِ: حِينَ شَرَعَ اللَّهُ تَعَالَى الْعِبَادَاتِ فَإِنَّمَا أَرَادَ بِهَا قُرْبَ عِبَادِهِ مِنْهُ سُبْحَانَهُ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا بِصَلَاحِ قُلُوبِهِمْ؛ وَلِذَا كَانَ الْمَقْصِدُ فِي كُلِّ عِبَادَةٍ مَعْنَاهَا مع مَبْنَاهَا، وَرُوحَهَا مع حَرَكَاتِهَا. وَهَذَا ممَّا يَجْعَلُ النَّاسَ يَتَفَاوَتُونَ فِي الْعِبَادَةِ الْوَاحِدَةِ أَدَاءً وَلَذَّةً وَأَجْرًا، حَتَّى يُصْبِحَ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ مِمَّنْ قَامُوا بِالْعِبَادَةِ أَبْعَدُ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ.
وَالْخُشُوعُ فِي الصَّلَاةِ هُوَ رُوحُهَا، وَأَجْرُهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ بِحَسَبِ خُشُوعِهِمْ وَحُضُورِ قُلُوبِهِمْ، وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَنْصَرِفُ وَمَا كُتِبَ لَهُ إِلَّا عُشْرُ صَلَاتِهِ، تُسُعُهَا، ثُمُنُهَا، سُبُعُهَا، سُدُسُهَا، خُمُسُهَا، رُبُعُهَا، ثُلُثُهَا، نِصْفُهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَهَذَا الْحَدِيثُ يَجِبُ أَنْ يَخَافَهُ كُلُّ مُصَلٍّ، وَأَنْ يَسْتَحْضِرَهُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ؛ لِئَلَّا تَكُونَ صَلَاتُهُ مُجَرَّدَ حَرَكَاتٍ.
وَالْهَيْبَةُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَتَعْظِيمُهُ وَمَحَبَّتُهُ وَخَوْفُهُ وَرَجَاؤُهُ كُلُّهَا تُوجِبُ الْخُشُوعَ حَالَ الْوُقُوفِ لَهُ سُبْحَانَهُ فِي الصَّلَاةِ؛ فَيَتَذَكَّرُ الْعَبْدُ تَقْصِيرَهُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، فِي مُقَابِلِ عَظَمَتِهِ وَقُدْرَتِهِ سُبْحَانَهُ، وَتَتَابُعِ نِعَمِهِ عَلَيْهِ، وَيَتَذَكَّرُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يَطْلُبُهُ فَهُوَ بِيَدِ اللَّهِ تَعَالَى، وَكُلَّ شَيْءٍ يَخَافُهُ فَلَا عَاصِمَ لَهُ مِنْهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، وَيَتَذَكَّرُ أَنَّ سَعَادَتَهُ فِي الدُّنْيَا وَفَوْزَهُ فِي الْآخِرَةِ هُوَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَيَتَذَكَّرُ مَا يَنْتَظِرُهُ مِنْ ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وَأَهْوَالِ الْقِيَامَةِ، فَلَا مَنْجَاةَ لَهُ مِنْهَا إِلَّا بِاللَّهِ تَعَالَى؛ فَيَقِفُ حِينَ يَقِفُ فِي صَلَاتِهِ بِقَلْبٍ يَعِي ذَلِكَ كُلَّهُ وَيَسْتَحْضِرُهُ.
والخشوعُ للهِ من صِفاتِ الرُّسُلُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: 90].
وَالْقُرْآنُ الْكَرِيمُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ يُتْلَى فِي الصَّلَاةِ، وَلَا صَلَاةَ بِلَا قُرْآنٍ، وَمِنْ عَظَمَةِ القرآنِ أَنَّ الْجِبَالَ تَخِرُّ خُشُوعًا لَوْ تَنَزَّلَ عَلَيْهَا: ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الْحَشْرِ: 21]. أَيْ: لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ بِهَذَا الْمَثَلِ الْمَضْرُوبِ لَهُمْ فِي الْخُشُوعِ فَيَخْشَعُونَ. (فَإِذَا كَانَتِ الْجِبَالُ الصُّمُّ لَوْ سَمِعَتْ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى وَفَهِمَتْهُ لَخَشَعَتْ وَتَصَدَّعَتْ مَنْ خَشْيَتِهِ فَكَيْفَ بِكُمْ وَقَدْ سَمِعْتُمْ وَفَهِمْتُمْ ؟).
وَحِينَ تَتَرَآى عَظَمَةُ اللَّهِ تَعَالَى لِلنَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الْمَوْقِفِ الْعَظِيمِ، وَمَا فِيهِ مِنَ الْأَهْوَالِ وَالْعَجَائِبِ؛ يَخْشَعُونَ لِمَا يَرَوْنَ: ﴿قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ * أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ﴾ [النَّازِعَاتِ: 8 - 9]. وَيَعُمُّهُمُ الْخُشُوعُ فِي ذَلِكُمُ الْمَوْقِفِ الْعَظِيمِ؛ هَيْبَةً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَخَوْفًا: ﴿وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا﴾ [طه: 108].
والخشوعُ -أيُّها المصلّونَ- انكسارُ القلبِ بينَ يدَي اللهِ تعالَى وامتلاؤُه مهابةً لهُ وتوقيرًا ، وهو أيضا سكونُ الخواطرِ الدنيويَّةِ واستحضارُ عظمةِ الباري سبحانَهُ، والاشتغالُ بالكلِّيَّةِ بالصّلاةِ معَ الوَقَارِ والسكينةِ، عندَ ذلكَ تسكُنُ الجوارحُ ويُطرِقُ البَصَرُ.
أَقُوْلُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا.الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ الْحَمْدُ للهِ وكَفَى، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى رَسِولِهِ الْمُصْطَفَى، وَعَلى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ وَاقْتَفَى. أمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللهَ حَقَّ التَّقْوَى. أَيُّهَا المُسْلِمُونَ : اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ شَرَعَ لَكُمْ بَعْدَ صِيَامِ رَمَضَانَ أَعْمَالاً صَالِحَةً تَكُونُ قُرْبَةً لِرَبِّكُمْ، وَتَتْمِيْمَاً لأَعْمَالِكُمْ، وَمِنْ ذَلِكَ :
صِيَامُ سِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ، فَفِي صَحِيْحِ مُسْلِمٍ: عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتَّاً مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ».
فَلَا تُفَوِّتُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ هَذِهِ الْفَضِيلَةَ؛ فَلَا يَدْرِي أَحَدُنَا هَلْ يُدْرِكُهُ عَامٌ آخَرُ أَمْ لَا يُدْرِكُهُ، فَتَسَابَقُوا إِلَى فِعْلِ الْخَيْرَاتِ، وَتَقَبَّلُوهَا بِانْشِرَاحِ صَدْرٍ وَفَرَحٍ وَسُرُورٍ؛ ﴿فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾. وَالْمَشْرُوعُ تَقْدِيمُ الْقَضَاءِ؛ لِقَوْلِهِ ﷺ: «ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتَّاً مِنْ شَوَّالٍ»، وَمَنْ قَدَّمَ صَوْمَ السِّتِّ عَلَى الْقَضَاءِ لَمْ يُتْبِعْهَا رَمَضَانَ، إِنَّمَا أَتْبَعَهَا بَعْضَ رَمَضَانَ، وَلأَنَّ الْقَضَاءَ فَرْضٌ، وَصِيَامَ السِّتِّ تَطَوَّعٌ، وَالْفَرْضُ أَوْلَى بِالِاهْتِمَامِ.
وَلَا بُدَّ مِنْ تَبْيِيْتِ الْنِّيَّةِ لِصِيَامِ السِّتِّ مِنْ شَوَّالٍ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، فَإِنْ نَوَى الْصِّيَامَ فِي وَسَطِ النَّهَارِ، فَلَهُ أَجْرُ صِيَامِهِ مِنْ نِيَّتِهِ، لَكِنَّهُ لَا يُحْسَبُ مِنْ أَيَّامِ الْسِّتِّ عَلَى الصَّحِيحِ، لأَنَّهَا لَا بُدَّ لَهَا مِنْ نِيَّةِ قَبْلَ الْفَجْرِ.
وَيَجُوزُ صِيَامُهَا مُتَتَابِعَةً أَوْ مُتَفَرِّقَةً، لأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَطْلَقَ صِيَامَهَا، وَلَا يُشْرَعُ قَضَاؤُهَا بَعْدَ شَوَّالٍ لِفَواتِ مَحَلِّهَا، سَوَاءٌ تُرِكَتْ لِعُذْرٍ أَوْ لِغَيْرِهِ.
وَفَّقَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ لَمَا يُحِبُّ وَيَرْضَى، وَثَبَّتَنَا عَلَى الْحَقِّ وَالهُدَى.
عِبَادَ اللهِ : قَالَ اللهُ جَلَّ في عُلَاهُ : ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾. اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى عَبْدِكَ وَنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ. اللَّهُمَّ ارْضَ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَالصَّحَابَةِ أَجْمَعِيْنَ، وَأَتْبَاعِهِمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِيْنَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِيْنَ، وَانْصُرْ عِبَادَكَ الْمُوَحِّدِيْنَ. اللَّهُمَّ فَرِّجْ هَمَّ الْمَهْمُومِيْنَ مِنَ الْمُسْلِمِيْنَ، وَنَفِّسْ كَرْبَ الْمَكْرُوبِيْنَ، وَاقْضِ الدَّيْنَ عَنِ الْمَدِينِيْنَ، وَاشْفِ مَرْضَاهُمْ، وَاغْفِرْ لِمَوْتَاهُم، يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ. اللَّهُمَّ الْطُفْ بِإِخْوَانِنَا فِي غَزَّةَ وَفِلِسْطِينَ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِالْيَهُودِ الْمُعْتَدِينَ، وَأَعْوَانِهِمْ مِنَ الْكَفَرَةِ وَالْخَوَنَةِ، يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ. اللَّهُمَّ إِنَا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الْوَبَاءِ وَالْغَلَاَءِ وَالرِّبَا والزِّنا، وَالزَّلَازِلِ وَالْمِحَنِ وَسُوءِ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ.﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾، ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ* وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.
فَضْلُ الْمُدَاوَمَةِ عَلَى الطَّاعَةِ / صِيَامُ الْسَّتِ مِنْ شَوَّالِ الْخُطْبَةُ الْأُوْلَى الْحَمْدُ للهِ الَّذِي مَنِ اعْتَصَمَ بِحَبْلِ رَجَائِهِ وَفَّقَهُ وَهَدَاهُ، وَمَنْ لَجَأَ إِلَيْهِ حَفِظَهُ وَوَقَاهُ، وَمَنْ تَوَاضَعَ لَهُ رَفَعَهُ وَحَمَاهُ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ عَلَى مَا أَعْطَى مِنَ الْإِنْعَامِ وَأَوْلَاَهُ، وَأَشْكُرُهُ عَلَى مَا خَوَّلَهُ بِفَضْلِهِ وَأَسْدَاهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، شَهَادَةَ مَنْ عَرَفَ اللهَ بِصِفَاتِهِ وَلَمْ يُعَامِلْ أَحَدًا سِوَاهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ اللهُ إِلَى خَلْقِهِ بِالتَّوْحِيدِ وَأَوْصَاهُ بِتَقْوَاهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الَّذِينَ عَضُّوا عَلَى سُنَّتِهِ وَتَمَسَّكُوا بِهُدَاهُ. أمَّا بَعْدُ؛ أَيُّهَا النَّاسُ: فَأُوْصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾. أَيُّهَا المُسْلِمُونَ : وَصَفَ رَبُّنَا - جَلَّ وَعَلَا - الْأَخْيَارَ مِنْ خَلْقِهِ بِجَمِيلِ الصِّفَاتِ، فَقَالَ الْمَوْلَى فِي مُحْكَمِ الْآيَاتِ : ﴿إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ﴾ .
فَتَأَمَّلُوا كَيْفَ وَصَفَهُمْ سُبْحَانَهُ بِكَمَالِ الْإِيمَانِ بِهِ وَبِآيَاتِهِ، وَبِالْإِخْلَاَصِ الْكَامِلِ وَتَرْكِ الشِّرْكِ مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِهِ، وَبِالْوَجَلِ وَالْخَشْيَةِ مِنْ عَلَّامِ الْغُيُوبِ، بِهِ يُؤَدُّونَ الْحُقُوقَ وَيَدَعُونَ الذُّنُوبَ، أُولَئِكَ الَّذِينَ سَارَعُوا إِلَى كُلِّ خَيْرٍ فَسَبَقُوا، وَأُولَئِكَ الَّذِينَ نَافَسُوا فِي كُلِّ فَضِيلَةٍ فَأَدْرَكُوا.
وَإِنَّ مِنْ أَمَارَاتِ التَّوْفِيقِ، وَآيَاتِ الشُّكْرِ، وَعَاجِلِ الْبُشْرَى بِالْخَيْرِ لِلْمَرْءِ أَنْ يَدُومَ عَلَى مَا هَدَاهُ اللهُ لَهُ مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَلِذَا كَانَ نَبِيُّكُمْ ﷺ إِذَا عَمِلَ عَمَلًا أَثْبَتَهُ، وَكَانَ يُخْبِرُ : « أَنَّ أَحَبَّ الْعَمَلِ إِلَى اللهِ تَعَالَى مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ صَاحَبُهُ وَإِنْ قَلَّ »، ذَلِكُمْ لِأَنَّ الْمُدَاوَمَةَ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ دَلِيلٌ عَلَى مَحَبَّةِ الطَّاعَةِ، وَالرَّغْبَةِ فِي الْعِبَادَةِ، وَالتَّلَذُّذِ بِمُنَاجَاةِ اللهِ، وَحُسْنِ الظَّنِّ بِاللهِ، وَالْمُنْقَطِعُ عَنِ الْعَمَلِ كَالْمُعْرِضِ بَعْدَ الْوَصْلِ.
وَرَبُّنَا - جَلَّ وَعَلَا - يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لَا يُحِبُّ، وَلَا يُعْطِي الدِّيْنَ إِلَّا لِمَنْ أَحَبَّ، وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدِهِ الْخَيْرَ فَتَحَ لَهُ عَمَلًا صَالِحًا يَهْدِيهِ إِلَيْهِ، ثُمَّ يَتَوَفَّاهُ عَلَيْهِ، وَكُلُّ امْرِىءٍ يُبْعَثُ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ.
فَدُوْمُوا عَلَى طَاعَةِ رَبِّكُمْ فِي كُلِّ الشُّهُورِ وَالْأَيَّامِ، فَرَبُّ الشُّهُورِ وَاحِدٌ وَهُوَ أَحَقُّ أَنْ يُعْبَدَ طِوَالَ الْعَامِ. وَمَا أَجْمَلَ الْحَسَنَةَ بَعْدَ السَّيِّئَةِ تَمْحُوهَا، وَأَحْسَنُ مِنْهَا الْحَسَنَةُ تَتْلُوهَا، وَمَا أَقْبَحَ السَّيِّئَةَ بَعْدَ الْحَسَنَةِ تَمْحَقُهَا.
وَخُذُوا حِذْرَكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ، فَإِنَّهُ سَيَهْجُمُ عَلَيْكُمْ بِخَيْلِهِ وَرَجْلِهِ، لِأَنَّهُ كَانَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مَأْسُوْرَاً، وَيُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْكُمْ بِثَأْرِهِ فَيَجْعَلَ أَعْمَالَكُمْ هَبَاءً مَنْثُوْرَاً، فَاسْتَعِيْنُوا عَلَيْهِ بِطَاعَةِ اللهِ وَذِكْرِهِ، لِيَكُونَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوْرَاً، وَجَاهِدُوهُ وَاسْتَعِيذُوا بِاللهِ مِنْ شَرِّهِ، لِيَرْتَدَّ عَلَى عَقِبَيهِ خَائِبًا مَدْحُوْرَاً.
أَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ * إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾.
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: يَا عَائِشَةُ، مَا أَزَالُ أَجِدُ أَلَمَ الطَّعَامِ الَّذِي أَكَلْتُ بِخَيْبَرَ، فَهَذَا أَوَانُ وَجَدْتُ انْقِطَاعَ أَبْهَرِي مِنْ ذَلِكَ السُّمِّ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مُعَلَّقًا مَجْزُومًا بِهِ.
وَهُمْ فِي كُلِّ زَمَانٍ يُعَادُونَ أَتْبَاعَ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَلَمْ يَتَغَيَّرْ خَلَفُهُمْ عَنْ سَلَفِهِمْ، وَدَلِيلُ ذَلِكَ أَنَّ الْقُرْآنَ خَاطَبَ الْيَهُودَ الْمُعَاصِرِينَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [الْبَقَرَةِ: 91]، مَعَ أَنَّ الَّذِينَ تَوَجَّهَ إِلَيْهِمُ الْخِطَابُ لَمْ يَقْتُلُوا نَبِيًّا، لَكِنَّ أَخْلَاقَهُمْ هِيَ أَخْلَاقُ أَجْدَادِهِمْ، وَعَدَاوَتُهُمْ لِلرُّسُلِ وَأَتْبَاعِهِمْ هِيَ ذَاتُ عَدَاوَةِ أَجْدَادِهِمْ، وَهَذَا يُفَسِّرُ قَسْوَتَهُمْ عَلَى أَتْبَاعِ الرُّسُلِ، وَاسْتِحْلَالَ قَتْلِ أَطْفَالِهِمْ وَنِسَائِهِمْ، فَهُمْ هُمْ، لَمْ وَلَنْ يَتَغَيَّرُوا مَا دَامُوا مُتَمَسِّكِينَ بِمَا حُرِّفَ مِنْ كُتُبِهِمْ، مُدَّعِينَ أَنَّ لَهُمْ مَزِيَّةً عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، وَصَدَقَ اللهُ العَظِيمُ إِذْ يَقُولُ ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾ [المائدة: 82].
كَفَى اللَّهُ تَعَالَى الْمُسْلِمِينَ شَرَّهُمْ، وَرَدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.
أيها المسلمون ، وما زالت الحملةُ الشعبيَّةُ التي دعا إليه خادِمُ الحرمين ووليُّ عهدِه لإخوتِنا في غَزَّةَ قائمةً عَبْرَ مَنَصَّةِ (سَاهِم) ، فلا تنسَوا الوقوفَ معهم بالدعاءِ وبما تجودُ به أنفسُكم .
عبادَ اللهِ : صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى المَبعُوثِ رَحمَةً لِلعَالَمِين، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّم عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ أَجمَعِينَ. اللَّهُمَّ ارزُقنَا الشُّكرَ عِندَ النِّعمَةِ، وَالصَّبرَ عِندَ المُصِيبَةِ، وَزِدنَا إِيمَانًا وَيَقِينًا، وَرِضًا وَتَسلِيمًا . اللَّهُمَّ إِنَّا نَسأَلُكَ مِنَ الخَيرِ كُلِّهِ، عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعلَمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِن الشَّرِّ كُلِّهِ، عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنهُ وَمَا لَمْ نَعلَمْ، وَنَسأَلُكَ الجَنَّةَ وَمَا يُقَرّبُنَا إِلَيهَا مِن قَولٍ وَعَمَلٍ، وَنَعُوذُ بِكَ مِن النَّارِ وَمَا يُقرّبُنَا إِلَيهَا مِن قَولٍ وَعَمَلٍ. اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلبِرِّ وَالتَّقوَى. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
اللهُمَّ نَجِّ المستضعفين من المؤمنين ، اللهُمَّ احفظْ إخوتَنا في فلسطينَ وفي السودانَ ، اللهم اجبُرْ مُصَابَهم ، واشف مرضاهم ، واحفظهم بحفظِك يا عزيزُ يا رحيمُ يا حفيظُ .
اللهم عليك باليهودِ فإنهم لا يُعْجِزونك ، اللهم عليك باليهودِ فإنهم لا يُعْجِزُونك .
عِبَادَ اللَّهِ: اذكُرُوا اللَّهَ العَظِيمَ يَذكُرْكُم، وَاشكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُم، وَلَذِكرُ اللَّهِ أَكبَرُ، وَاَللَّهُ يَعلَمُ مَا تَصنَعُونَ.
- القناة الرسمية على التيليجرام استمتعو بالمشاهده ? ♥️ .
•┊اقتباسات ? •
•┊رمزيات ?
•┊فيديوهات ?
- @xxzbot // ? بوت تنزيل ستوريات انستا -
- @zzxzz // ? لـ التمويل -
Last updated 1 year, 7 months ago
- القناة الرسمية على التيليجرام استمتعو بالمشاهده ? ♥️ .
•┊فيديوهات ? •
•┊رمزيات ?
•┊اختصارات ?
- @zezbot // ?بوت زخرفه -
- @zzxzz // ? لـ التمويل -
Last updated 1 year, 7 months ago
- بوت تحميل من الأنستا ومن جميع مواقع التواصل الإجتماعي: ✅ .
- بوت التحميل من التيك توك: @EEEBOT
- بوت التحميل من الأنستا: @xxzbot
- بوت التحميل من اليوتيوب: @EMEBOT
- ? ? .
- للتمويل: @NNEEN
Last updated 1 year, 7 months ago