ما أجلَّها نعمةً حين يكسو اللهُ عبده المبتلى رداءًا من نور، يستُرُ به انكسارَ قلبهِ عن أعينِ العباد، فلا يشهد الناسُ منه إلا وجهًا ناضرًا، ونفسًا رضيَّة، وقلبًا مطمئنًا.

وما أعجبها من ساعة حين يخلو فيها بنفسهِ! هنالك تنهمرُ دموعُ القلبِ المكلومِ كأنها قطراتُ الندى على وردةٍ ذابلة، وتتصاعدُ آهاتُ الروحِ المتعَبةِ كأنها نسماتُ الفجرِ تحملُ أنينَ الوجود. ولكنَّ اللهَ -جلَّ في عُلاه- يحفظُ على عبدهِ كرامتَه أمامَ خلقهِ، فلا يرى الناسُ إلا ظاهرًا جميلاً يُخفي وراءه ليلًا من البؤس.

وإني لأعجبُ من أولئك الذين يظنونَ سكونَ المبتلى من راحةِ باله! كلا والله! إنما هو سرٌّ من أسرارِ الله في خلقه، ونعمةٌ من نِعَمِهِ على عباده، أن يسترَ انكسارَهم بستارٍ من نورٍ وجمال، فلا يفتضحُ المكروبُ أمامَ الناس، ولا تنكشفُ جراحاتُ قلبهِ للعيون.

وما أجمل أن يكونَ العبدُ على هذه الحال! صابراً أمامَ الخلق، منكسرًا أمامَ الخالق، يحملُ همَّهُ بين جنَباتِ قلبهِ كما تحملُ الصدفةُ لؤلؤتَها، لا يراها إلا من خلقها وصاغها.

وإني لأراها نعمةً فوق نِعَم الدنيا مجتمعة، أن يكونَ للعبدِ سِرٌّ مع ربِّه لا يعلمُه أحدٌ من خلقه. فكائنْ من قلبٍ مثخنٍ بالجراح، يمشي صاحبُه بين الناسِ مرفوعَ الرأس، كأنه نجمٌ في السماءِ يُضيءُ لمن حوله، وما دَرَوا أنَّ هذا النورَ إنما هو انعكاسٌ لدموعٍ حُبِسَت في القلب!

أيُّها المبتلى! إنَّ في سترِ انكسارِك تجليًّا من تجليَّاتِ الرحمة الإلهية. فكأنَّ اللهَ - سبحانه - قد كساك من نورِ رحمتِه حجابًا رقيقًا يحجبُ ما في قلبِك عن الأعين، حتى إذا خلوتَ بربِّك تهاوى هذا الحجابُ كما يتهاوى الليلُ أمامَ نور الفجر.

وما أعجبَ حالَ هذا المستورِ بسترِ الله! تراهُ في المجالسِ باسمَ الثغر، مشرقَ الوجه، بهيَّ الطلعة، حتى لَيظنُّ الناسُ أنَّه ما ذاق بؤسًا قطُّ، ولو علموا أنَّ ذلك إنما هو قنديلٌ أضاءَه اللهُ في ظلماتِ حزنِه، وأنَّ ذلك الإشراقَ ما هو إلا فيضٌ من أنوارِ الصبرِ الجميل!

إنَّ المصائبَ -يا صاحبي- كالرياحِ العاتية، تَقصِفُ ضعيف الشجر وتُعرِّيه من ورقه للناظرين، وما تأثَّل من الشجر وصلُب ما تنال منه الرياح إلا أن ينحني انحناء الراكع في كبريائه، ثم ترجع منتصبةً شامخة انتصاب القائم من ركوعه.
وهكذا المؤمنُ حين يبتليهِ الله، يَنكسرُ في خلوتِه، ويتجلَّدُ في علَنِه، فلا تراهُ العيونُ إلا وقورًا صابرًا، كأنَّما كُسِيَ من الوقارِ حُلَّةً، ومن الصبرِ تاجًا.

إن الكلمة تطلب مقرّها الموافق لها فإذا صادفت سكنت وإذا لم تصادف جالت في آفاق النفوس دائبةً إلى أن تجد مكانها اللائق بها. وإذا نطق بها من لا ينتفع بها فذاك أيضًا لتبرّؤها عن صدر الناطق وقلة رضاها به وقلقها إلى غيره.

#الإشارات_الإلهية للتوحيدي (ت٤١٤)

إن العبد ليذنب الذنب فما يزال به كئيبًا حتى يدخل الجنة.

الحسن البصري (ت١١٠)

قال أعرابي: العذر الجميل أحسن من المطل الطويل، فإن أردت الإنعام فأنجح وإن تعذرت الحاجة فأفصح.

#البصائر_والذخائر للتوحيدي (ت٤١٤)

ذكر أبو العباس النحو يوما فقال: هو عيار الأشياء وحلي الألسن وجلاء الأسماع.

#البصائر_والذخائر للتوحيدي (ت٤١٤)

روى الترمذي وأحمد عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: (من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من الخير ومن حرم حظه من الرفق فقد حرم حظه من الخير).

• كان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرُغ منه.

[صحيح البخاري]

❁ مجالس السلف

ساوم أشعب بقوس بندق فقيل له: هي بدينار، فقال: والله لو كنت إذا رميت عنها الطائر سقط مشويا بين رغيفين ما اشتريتها بدينار :)

#البصائر_والذخائر للتوحيدي (ت٤١٤)

أخرج مسلم من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: سمعت النبي ﷺ قبل وفاته بثلاث يقول: (لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن بالله الظن).

قال العتبي: لا تنازع الرأي من لا ينازعك الحظ.

#البصائر_والذخائر للتوحيدي (ت٤١٤)