نكمل من الفصل الرابع على بركة الله 📖📌

⏳⏳⏳

أثنى الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم على عباده المجاهدين الثابتين فقال عز وجل: {وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [١]

أولئك الربيون كان معهم نبيهم، وكانوا ثابتين صابرين، وكانوا على ذلك أهل صلاح وخير (ربيّون)، ومع هذا لم يغنهم ذلك عن الابتهال لربهم والاستغفار من ذنوبهم والتعلق بالله سبحانه!.

قال السهيلي رحمه الله: "والجهاد تارة يكون بالسلاح وتارة بالدعاء" [٢]

وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم في الجهـاد (اللهم أنت عضدي، ونصيري، بك أحولُ وبك أصول وبك أقاتل)

فإن كان إخواننا اليوم في ميدان المعركة في سوريا وغزة، فليكن ميداننا محرابنا، فساعةٌ مباركة، في يوم مبارك، في معركةٍ مباركة، كيف للمؤمن أن يرضى ألا يكون له فيها صوت؟!

[١] سورة آل عمران
[٢] فتح الباري

في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ((أن النبي ﷺ كان إذا رفع رأسه من الركعة الآخرة يقول: اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة، اللهم أنج سلمة بن هشام، اللهم أنج الوليد بن الوليد، اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف)).
فالدعاء للمؤمنين بالنجاة ونصرتهم بذلك، والدعاء على أعدائهم من سنن رسول الله ﷺ الذي لا يكون صلاح حالنا اليوم إلا باتباع نهجه وبالاقتباس من نوره ﷺ.

واليوم، مهما بلغ عجز أحدنا عن نصرة إخوانه في غزة فلن يعجز عن الدعاء.
ومن قدر على الدعاء فقد قدر على عظيم!
فرابطوا في محاريبكم في هذه الساعة المباركة كما يرابط إخوانكم في ميادين الجهاد والدفاع عن مقدساتنا وشرفنا!

#غزة

? تأمل معي قول الله تعالى : ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾

? في تفسير السعدي لهذه الآية الكريمة : " ﴿من بعدِ خوفِهم﴾؛ الذي كان الواحد منهم لا يتمكَّنُ من إظهار دينِهِ وما هو عليه إلاَّ بأذى كثيرٍ من الكفار، وكون جماعة المسلمين قليلينَ جدًّا بالنسبة إلى غيرهم، وقد رماهُم أهلُ الأرض عن قوسٍ واحدةٍ، وبَغَوْا لهم الغوائلَ، فوعَدَهم الله هذه الأمورَ وقت نزول الآية، وهي لم تشاهد الاستخلافَ في الأرض والتمكينَ فيها والتمكينَ من إقامةِ الدين الإسلاميِّ والأمنَ التامَّ بحيثُ يعبُدون الله ولا يشرِكون به شيئاً ولا يخافون أحداً إلاَّ الله، فقام صدرُ هذه الأمة من الإيمان والعمل الصالح بما يفوقُ على غيرهم، فمكَّنهم من البلاد والعباد، وفُتِحَتْ مشارقُ الأرض ومغاربُها، وحصل الأمنُ التامُّ والتمكين التامُّ؛ فهذا من آيات الله العجيبة الباهرة، ولا يزالُ الأمر إلى قيام الساعة، مهما قاموا بالإيمان والعمل الصالح؛ فلا بدَّ أن يوجَدَ ما وَعَدَهُم الله، وإنَّما يسلِّطُ عليهم الكفار والمنافقين ويُديلُهم في بعض الأحيان بسبب إخلال المسلمين بالإيمان والعمل الصالح."

? إذًا فالعمل هو مفتاح التمكين والنصر بإذن الله تعالى، وهو الذي يجعل من المشاهد الأليمة ومشاعر القهر والحزن وقودًا يحركنا ويدفعنا نحو التغيير والإصلاح.
فإن كان الله سبحانه وتعالى يأمرنا بالعمل، فأي عملٍ ذاك الذي يكون سببًا في التمكين واستجلاب الفرج⁉️

تأمل معي الآيات التي تلت تلك الآية العظيمة :
﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ، لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾.

? نستنبط إذًا من هذه الآيات الكريمة أن العمل الذي يكون سببًا للتمكين له عدة صور.

1⃣ أولها: إقامة هذا الدين بفرائضه وواجباته ومستحباته، والانتهاء عما يضاده من المنكرات والمعاصي التي تؤخر النصر وتمكن للعدو وتضعف الصف!.

2⃣ ثانيها: العودة للمنهج النبوي بشموليته، واستخراج المنهج الإصلاحي منه والتأمل في مواقفه وأفعاله وصبره وجهاده صلى الله عليه وسلم، ثم تفعيل ذلك في النفس ابتداءً ودعوة الأمة إلى ذلك، بما يشمل الدوائر القريبة والبعيدة.
?وإنه لمن أظهر عمله صلى الله عليه وسلم في مقامات الجهاد هو الدعاء!
فهو الموعود بالنصر يوم بدر ثم مع ذلك لم يزل يهتف بربه ماداً يديه، مستقبل القبلة، حتى سقط رداؤه عن منكبيه صلى الله عليه وسلم!
فأولى بنا أن نمد يدي الضراعة لله سبحانه وتعالى ونلهج بألسنتنا نرجوه لطفه ونصره ورحمته!.

3⃣ ثالثها: الاستبشار بالوحي واليقين بوعد الله، وتثبيت المؤمنين وتبشيرهم وتذكيرهم بالمحكمات.
ومن سبل ذلك اليوم المحافظة والمرابطة على ثغر النشر والتوعية والجهاد بالقلم وباللسان!.

? وآيات الدعوة إلى العمل في القرآن عديدة ومحكمة، يهتدي إليها -بإذن الله- من يأوي لكتاب ربه تحاكمًا إليه وأنسًا به واستهداءً.

فمما يدعو إليه القرآن من العمل، قوله تعالى : {انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون}
فمن عجز اليوم عن الجهاد بنفسه، فتلك أبواب الجهاد بالمال قد شرعت بسواعد أهل الخير من هذه الأمة، فلا تتقاعس وقد أقيمت الحجة عليك!.

? ختامًا:
الإسلام قادم بك أو بدونك، ومن مات في سبيل الله فهنيئًا له الشهادة، والمجرمون مآلهم النار مهما اشتد ظلمهم وعلوهم..
ولكن أنت ماذا عنك؟.. ابحث عن نفسك في هذا المشهد، ماذا عملت وما جوابك يوم تُسأل؟.

➖➖➖➖➖
كل عام وأنتم بخير كثير..
تقبل الله منكم صالح الأعمال،
وكل عام والأمة الإسلامية أقرب للتمكين!

عظّموا شعائر الله وكبّروا وهلّلوا وأسعِدوا ذويكم وأحبابكم في غير سرف، وتواصوا بينكم بالدعاء والإنفاق لأحبابنا وإخواننا المستضعفين، الذين لهم علينا حق في دعواتنا وأموالنا.

عيدكم مبارك ?