إن الثناء من العظيم.. عظيم.

"ثم أقبل على الفقه ودقائقه وقواعده وحججه والإجماع والاختلاف حتى كان يقضى منه العجب إذا ذكر مسألة من مسائل الخلاف، ثم يستدل ويرجح ويجتهد، وحُقّ له ذلك فإن شروط الاجتهاد كانت قد اجتمعت فيه.
فإنني ما رأيت أحداً أسرع انتزاعاً للآيات الدالة على المسألة التى يُوردها منه، ولا أشد استحضاراً لمتون الأحاديث وعزوها إلى الصحيح أو إلى المسند أو إلى السنن منه، كأن الكتاب والسنن نصب عينيه وعلى طرف لسانه، بعبارة رشقة، وعين مفتوحة، وإفحام للمخالف.
وكان آية من آيات الله تعالى في التفسير والتوسع فيه، لعله يبقى في تفسير الآية المجلس والمجلسين.
أما أصول الديانة ومعرفتها ومعرفة أحوال الخوارج والروافض والمعتزلة وأنواع المبتدعة.. فكان لا يُشَقُّ فيه غباره ولا يُلْحَق شَأْوه.
هذا .. مع ما كان عليه من الكرم الذي لم أشاهد مثله قط، والشجاعة المُفْرِطَة التي يُضرب بها المثل، والفراغ عن ملاذ النفس من اللباس الجميل والمأكل الطيب والراحة الدنيوية.
ولقد سارت بتصانيفه الركبان في فنون من العلم وألوان، لعل تواليفه وفتاويه في الأصول والفروع والزهد واليقين والتوكل والإخلاص وغير ذلك تبلغ ثلاث مئة مجلد، لا بل أكثر.
وكان قوّالاً بالحق، نهّاءً عن المنكر، لا تأخذه في الله لومة لائم، ذا سطوة وإقدام وعدم مداراة الأغيار.
ومن خالطه وعرفه قد ينسبني إلى التقصير في وصفه، ومن نابذه وخالفه ينسبني إلى التغالي فيه، وليس الأمر كذلك"

الإمام الحافظ الذهبي الشافعي واصفاً شيخ الإسلام ابن تيمية.

👆🏻 شكر الله لفضيلة الشيخ أ.د. إبراهيم المديهش تنويهه بكتاب (مسرد الدراسات عن ابن تيمية)، وقد سبق أن عرّف بكتاب الموازنة العقدية أيضاً.
فرضي الله عنه وأرضاه.

طُبع قبل ٩ سنوات = ١٤٣٨هـ
أورد فيه د. بدر الغامدي - جزاه الله خيراً - ٩٨٤ رسالة وكتاباً وبحثاً عن شيخ الإسلام - رحمه الله -.
وأجزم بأن العدد الآن ١٤٤٦هـ زاد كثيراً، أتمنى من الشيخ بدر تحديث الكتاب.

#خاطرة
يحتاج المرء أحياناً للتوقف عن السعي، ليتأمل أين هو، فينظر حوله ويحدد قصده، فالحياة بسرعتها قد تأخذك وأنت لا تدري إلى الطريق الخطأ، فالكل يسعى ويجري، ويفقد المرء هنا مساره مع كثرة الساعين.
وكم رأيتُ من النابهين من تدحرج فلا زال في سقوط من هاوية إلى أخرى وكان يكفيه لو توقف أول مرة!

أعلن الشيخ عبدالمحسن القاسم حفظه الله- إمام المسجد النبوي- عن صدور شرح العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية ت1389هـ على العقيدة الواسطية لابن تيمية، وقد جمع الشرح والده: محمد بن عبدالرحمن بن قاسم، رحم الله الجميع.

وقد جاء في الغلاف: "أول شرح مدون على الواسطية منذ زمن ابن تيمية"

فهل سبق شرح السعدي ت1376هـ التنبيهات اللطيفة؟

لم يشر الشيخ عبدالمحسن لذلك في المقدمة، ولكن يحتمل أن ابن إبراهيم سبق لكونه اشتغل بالتدريس لمدة 40 سنة تقريباً، وأعاد شرح بعض المتون أكثر من ثمان مرات خلال هذه المدة، فلعل الواسطية كانت من ضمنها، وتكرر شرحها، وكان أول شروحها مبكراً قبل شرح السعدي.

وقد ذكر الشيخ عبدالمحسن في مقدمة الكتاب لطائف ونوادر قَلَّ من يهتم بإثباتها، في ترجمة والده محمد، وفي ترجمة شيخه مفتي الديار.
ومن ذلك:
أن والده محمد بن عبد الرحمن بن قاسم يعتمر كل عام عن والده عبدالرحمن بن قاسم -جامع فتاوى ابن تيمية-
وأن الشيخ عبدالمحسن منذ وفاة والده محمد صار يعتمر عنه كل شهر!

النجاشي الذي بعث إليه النبي ﷺ عمرو بن أمية الضمري وأسلم بعد ذلك وكان عالماً بالإنجيل؛ ليس هو (أصحمة) النجاشي الذي صلى عليه النبي ﷺ صلاة الغائب.

✍? ابن القيم

في مسألة (العذر بالجهل):
يميل بعض مانعي الإعذار إلى أن الزمن تطور والمعلومات متاحة ومنتشرة، ولذلك كيف يمكن تصور العذر بالجهل والحال هكذا؟

لكن ماذا لو قيل:
إن زيادة الانفجار المعرفي زاد من الشبهات والالتباس وتشوش المعلومات، ولذا من المفترض أن يزيد الإعذار بالجهل لا أن يقل.
وهذا التأثير مُلاحَظ حتى على بعض طلاب العلم من جهة اضطراب المفاهيم وارتباك التصورات حتى في الواضحات.

نشر أحدهم منشوراً عبر شبكات التواصل يقارن فيه النتائج بين (قوقل العالمي) و (قوقل الشرق الأوسط) نفس الأسئلة كانت إجابتها ونتائجها مختلفة!

بل حتى الذكاء الاصطناعي، سبق أن قمت بتجربته وسؤاله عن الإجابات: هل هي موجهة بحسب لغة السائل ومكانه ومعتقداته...؟
الإجابة: غالباً نعم.
لا توجد موضوعية هنا، لا سيما في المسائل المشكلة والحساسة، تقدّم محركات البحث -وليس مصادر المعلومات لأن هذه المحركات ليست منتجة للمعلومة- معلومات متفاوتة: القدس، الشذوذ، الإجهاض، النبي ﷺ وعيسى ﷺ ، الكنيسة والمسجد …الخ.
وإذا كانت هذه الوسائط تقوم بهذا الدور بقصد تجاري بحت لأجل مراعاة المستخدمين؛ فكيف لو وُجهت عبر أجندات معينة دون علمنا؟!
ماذا لو كانت النتائج العالمية جميعا تطلق على الفتوحات الإسلامية مسمى: الإرهابية، وتظهرها بمنتهى الوحشية.
بينما نتائج البحث عن الحروب الصليبية أو الاستعمار تظهرها بمظهر المنقذ الحضاري؟

ماذا لو كانت نتائج بلد من البلدان كلها تظهر لهم مواد شيعية أو صوفية، وتحجب عنهم المادة السنية؟
وماذا لو كانت خوارزميات شبكات التواصل واليوتيوب تقودك إلى اتجاه فكري محدد سلفاً حتى لا تظن وجود غيره؟
ماذا لو بحثت عن اسم عالم مسلم فخرجت لك نتائج من يشتمونه فقط؟!
وهكذا إلى ما لا نهاية.

الأمر يشبه أن يقوم برنامج الخرائط بإزالة محل ما، أو طمس طريق ما، وسوق الجميع عبر طريق آخر، النتيجة: لن يمر أحد، ولن يعلم بوجوده أحد، لقد أماتوه وهو حي يرزق!

إن توغل التقنية بهذا الشكل يزداد خطورة على تراثنا الإسلامي، فنحن أسرى للغرب، حتى وإن توهمنا انتفاعنا ببعض الوسائط، وسبق أن حذّرتُ بأن نتاجنا المعاصر كله مهدد بالفناء في لحظة!

فلعل مثل هذا التصور يتيح إعادة النظر.