قَالَ الْحَسَنُ بْنُ سَعِيدٍ الْبَاهِلِيُّ :

لَمْ يَقُلْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ رَحِمَهُ اللَّهُ مِثْلَ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ :

تَعَاهَدْ لِسَانَكَ إِنَّ اللِّسَانَ
سَرِيعٌ إِلَى الْمَرْءِ فِي قَتْلِهِ

وَهَذَا اللِّسَانُ بَرِيدُ الْفُؤَادِ
يَدُلُّ الرِّجَالَ عَلَى عَقْلِهِ

( الصمت وآداب اللسان لابن أبي الدنيا 691 )

مَا هَكَذَا تُرْوَىٰ يَا سَعْدٌ الإِبِلُ

قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ :
18292 - عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ :
أَنَّ رَجُلًا قُتِلَ فَادَّعَى أَوْلِيَاؤُهُ قَتْلَهُ عَلَى رَجُلَيْنِ كَانَا مَعَهُ
فَاخْتَصَمُوا إِلَى شُرَيْحٍ وَقَالُوا :
هَذَانِ اللَّذَانِ قَتَلَا صَاحِبَنَا
فَقَالَ شُرَيْحٌ : شَاهِدَا عَدْلٍ أَنَّهُمَا قَتَلَا صَاحِبَكُمْ
فَلَمْ يَجِدُوا أَحَدًا يَشْهَدُ لَهُمْ
فَخَلَّى شُرَيْحٌ سَبِيلَ الرَّجُلَيْنِ

فَأَتَوْا عَلِيًّا فَقَصُّوا عَلَيْهِ الْقِصَّةَ
فَقَالَ عَلِيٌّ : ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا شُرَيْحُ
لَوْ كَانَ لِلرَّجُلِ شَاهِدَا عَدْلٍ لَمْ يُقْتَلْ

فَخَلَا بِهِمَا فَلَمْ يَزَلْ يَرْفُقُ بِهِمَا وَيَسْأَلُهُمَا حَتَّى اعْتَرَفَا فَقَتَلَهُمَا

فَقَالَ عَلِيٌّ :
أَوْرَدَهَا سَعْدٌ وَسَعْدٌ مُشْتَمِلُ ... مَا هَكَذَا تُرْوَىٰ يَا سَعْدٌ الإِبِلُ

وجاء عن علي أنه قال فيها :
" إِنَّ أَهْوَنَ السَّقْيِ التَّشْرِيعُ "

قال أبو عبيد القاسم بن سلام :

قَوْلُهُ : " أَوْرَدَهَا سَعْدٌ وَسَعْدٌ مُشْتَمِلْ "

هَذَا مَثَلٌ , يُقَالُ إِنَّ أَصْلَهُ أَنَّ رَجُلًا أَوْرَدَ إِبِلَهُ مَاءً
لَا تَصِلُ إِلَى شُرْبِهِ إِلَّا بِالِاسْتِقَاءِ
ثُمَّ اشْتَمَلَ وَنَامَ وَتَرَكَهَا وَلَمْ يَسْتَقِ لَهَا
يَقُولُ : فَهَذَا الْفِعْلُ لَا تُرْوَى بِهِ الْإِبِلُ حَتَّى يُسْتَقَىٰ لَهَا

وَقَوْلُهُ : " إِنَّ أَهْوَنَ السَّقْيِ التَّشْرِيعُ "

هُوَ مَثَلٌ أَيْضًا , يَقُولُ :
إِنَّ أَيْسَرَ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَ بِهَا
أَنْ يُمَكِّنَهَا مِنَ الشَّرِيعَةِ أَوِ الْحَوْضِ
وَيَعْرِضَ عَلَيْهَا المَاءَ دُونَ أَنْ يَسْتَقِيَ لَهَا لِتَشْرَبَ

فَأَرَادَ عَلِيٌّ بِهَذَيْنِ المَثَلَيْنِ
أَنَّ أَهْوَنَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لِشُرَيْحٍ أَنْ يَفْعَلَ
أَنْ يَسْتَقْصِيَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَالنَّظَرِ وَالْكَشْفِ عَنْ خَبَرِ الرَّجُلِ
حَتَّى يُعْذَرَ فِي طَلَبِهِ وَلَا يَقْتَصِرَ عَلَى طَلَبِ الْبَيِّنَةِ فَقَطْ
كَمَا اقْتَصَرَ الَّذِي أَوْرَدَ إِبِلَهُ ثُمَّ نَامَ

وَفِي هَذَا الحَدِيث من الحكم
أَن عليّا امْتَحَنَ فِي حَدٍّ , وَلَا يُمتَحن فِي الْحُدُود
وَإِنَّمَا ذَلِك لِأَن هَذَا من حُقُوق النَّاس
وَكُلُّ حَقٍّ مِنْ حُقُوقهم فَإِنَّهُ يُمتَحن فِيهِ
كَمَا يُمتحن فِي جَمِيع الدعاوي
وأمّا الْحُدُود الَّتِي لَا امتحان فِيهَا
فحدود النَّاس فيمَا بَينهم وَبَين الله تَعَالَى
مثل الزِّنَا وَشرب الْخمر
وأمّا الْقَتْل وكلّ مَا كَانَ من حُقُوق النَّاس فَإِنَّهُ وَإِن كَانَ حدّا
يَسْأَلُ عَنهُ الإِمَام ويستقصي لِأَنَّهُ من مظالم النَّاس
وحقوقهم الَّتِي يدّعيها بَعضهم على بعض
وَكَذَلِكَ كلّ جِرَاحَة دون النَّفس فَهِيَ مثل النَفْس
وَكَذَلِكَ القَذْفُ فَهَذَا كُله يُمْتَحَنُ فِيهِ إِذا ادّعاها مُدَّعٍ

وَفِي المثلين تَفْسِير آخر , قَالَ الْأَصْمَعِي :
يُقَال إِن قَوْله : " أوردَها سعدٌ وسعدٌ مُشْتَمل "
إِنَّه جَاءَ بإبله إِلَى شَرِيعَة لَا يحْتَاج فِيهَا إِلَى استقاء المَاء
فَجعلت تشرب وَهُوَ مُشْتَمل بكسائه
وَكَذَلِكَ قَوْله : " إِن أَهْون السَّقْي التشريعُ "
يَعْنِي أَن يُوردَها شَرِيعةَ المَاء وَلَا يُحتاج إِلَى الاستقاء لَهَا
قَالَ أَبُو عبيد : وَهُوَ أعجب الْقَوْلَيْنِ إليّ

( غريب الحديث لأبي عبيد 704 )

جَلَسَ فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ
لَيْلَةً إِلَى الصَّبَاحِ يَتَذَاكَرَانِ النَّعَمَ

فَجَعَلَ سُفْيَانُ يَقُولُ :

أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْنَا فِي كَذَا فَعَلَ بِنَا كَذَا فَعَلَ بِنَا كَذَا

( الشكر لابن أبي الدنيا 114 )

عَنْ قَيْسٍ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ :

جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ
فَأَخَذَتْهُ الرِّعْدَةُ حِينَ قَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ

فَقَالَ : هَوِّنْ عَلَيْكَ إِنِّي لَسْتُ بِمَلِكٍ

إِنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ كَانَتْ تَأْكُلُ الْقَدِيدَ

( جزء علي بن محمد الحميري 44 )

قال الدارقطني :

وَرَوَاهُ هَاشِمُ بْنُ عَمْرٍو الْحِمْصِيُّ عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ
عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ وَجَرِيرٌ
وَكِلَاهُمَا وَهِمَ
وَالصَّوَابُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ مُرْسَلًا عَنِ النَّبِيِّ ﷺ

( العلل للدارقطني 6 / 195 )

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبارَكِ :

كُنْتُ عِنْدَ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَهُوَ يُحَدِّثُنَا
فَجَاءَ الْعَقْرَبُ فَلَدَغَتْهُ سِتَّ عَشْرَةَ مَرَّةً
وَمَالِكٌ يَتَغَيَّرُ لَوْنُهُ وَيَتَصَبَّرُ وَلَا يَقْطَعُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ
فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْمَجْلِسِ وَتَفَرَّقَ النَّاسُ قُلْتُ :
يا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ مِنْكَ عَجَبًا
قَالَ : نَعَمْ أَنَا صَبَرْتُ إِجْلَالًا لِحَدِيثِ رَسُولِ الله ﷺ

( المدخل إلى السنن الكبرى 698 )

- منقول -

قَالَ مَالِكُ بْنُ ضَيْغَم بن مَالِك :

مَا سَمِعْتُ أَبِي يُنْشِدُ مِنَ الشِّعْرِ شَيْئًا إِلَّا هَذِهِ الْأَبْيَاتِ :

قُلْ لِلْمُؤَمِّلِ وَالْمَنَايَا شُرَّعُ
مَاذَا يَغُرُّكَ يَا ابْنَ مَنْ لَمْ يَخْلُدِ

يَا ابْنَ الَّذِينَ تَقَطَّعَتْ أَوْصَالُهُمْ
تَرْجُو الْبَقَاءَ وَأَنْتَ غَيْرُ مُخَلَّدِ

وَأَبُوكَ مَالِكُ كَانَ يَأْمُلُ مَا تَرَى
حَتَّى أَتَتْهُ مَنِيَّةٌ لَمْ تُرْدَدِ

قَالَ : فَإِذَا قَالَهَا بَكَى وَأَبْكَى

( قصر الأمل لابن أبي الدنيا 82 )

سنا بنت أسماء بن الصلت السلمية

ذكر أبو عبيدة معمر بن المثنّى
أنها ممن تزوجها رسول اللَّه ﷺ فماتت قبل أن يدخل بها
وروى ذلك عن حفص بن النضر وعبد القاهر بن السري السلميين

وحكى الرّشاطيّ عن بعضهم
أن سبب موتها أنه لما بلغها بأنّ النبي ﷺ تزوّجها
سرّت بذلك حتى ماتت من الفرح

( الإصابة في تمييز الصحابة 11344 )

وقد اختلف في اسمها على أقوال كثيرة
فقيل سنا وقيل وسنا وقيل أسماء وقيل سبا وقيل أنسا

عَنِ ابْنِ أَخِي الْحَسَنِ قَالَ :
رَأَيْتُ فِيَ النَّوْمِ كَأَنَّ الْقِيَامَةَ قَدْ قَامَتْ وَكَأَنَّ النَّاسَ يُعْرَضُونَ عَلَى اللَّهِ فَرَأَيْتُ أَمْرًا عَظِيمًا فَبَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكُ
إِذْ دُعِيَ بِي فَابْتَدَرَنِي مَلَكَانِ فَأَخَذَا بِعَضُدِي
فَتَوَجَّهَا بِي إِلَى اللَّهِ فَأَمَرَ بِي إِلَى النَّارِ ثُمَّ قَالَ :
رُدُّوهُ هَذَا رَجُلٌ كَانَ يُوَاظِبُ عَلَى الْجُمُعَةِ
قَالَ : فَخُلِّيَ عَنِّي فَمَكَثْتُ زَمَانًا وَأَنَا أَجِدُ أَلَمَ عَضُدِي

عَنْ ثَابِتٍ :
أَنَّ رَجُلًا رَأَى فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنَّ النَّاسَ
يُعْرَضُونَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
فَأُتِيَ بِامْرَأَةٍ عَلَيْهَا ثِيَابٌ رِقَاقٌ فَوَقَفْتُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ ﷻ
فَهَبَّتْ رِيحٌ فَكَشَفَهَا فَأَعْرَضَ عَنْهَا ﷻ وَقَالَ :
اذْهَبُوا بِهَا إِلَى النَّارِ فَإِنَّهَا كَانَتْ مِنَ الْمُتَبَرِّجَاتِ
ثُمَّ جَعَلُوا يُعْرَضُونَ حَتَّى أُتِيَ عَلَيَّ فَأَخَذَ بِضَبْعِي فَوَقَفْتُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ فَقَالَ :
دَعُوهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُؤَدِّي حَقَّ الْجُمُعَةِ
قَالَ : فَكَانَ يُبَكِّرُ إِلَى الْجُمُعَةِ

( المنامات لابن أبي الدنيا 96 - 259 )

عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ :

مَا عَبَدَ الْعَابِدُونَ بِشَيْءٍ أَفْضَلَ مِنْ تَرْكِ مَا نَهَاهُمُ اللَّهُ عَنْهُ

( الورع لابن أبي الدنيا 8 )

عَنِ الزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ :

{ فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ
تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً } [ النور : 61 ]

قَالَا : بَيْتُكَ إِذَا دَخَلْتَهُ فَقُلْ : سَلَامٌ عَلَيْكُمْ

( الجامع لمعمر بن راشد 19447 )