هل يرصد المرء، وقع خطواته الأخيرة؟ وهل يتحسس صدره كلما تغير النبض معلنا قربه من دقة واحدة يتبعها صمت طويل، هل يشعر بطعم تغيّر في فمه، وتفشل ذاكرته في استدعائه أو تشبيهه لأنه لا مثل له كان قد جربه من قبل، هل تقرع -بعيدة- في أذنيه أجراس الوداع ثم تقترب شيئا فشيئا.. حتى تعلن أجلا كنا نفهمه غير مسمى، والآن آن، هل يعلم المرء أنه راحل؟

لا تحتمل خوفي أكثر..
ولا تباهي الحب
بثبات قلبك الآمن،
وصدرك مثقوب
كله..

يساقط صبرك
يود لو تحيا على إثره
مدن ماتت
لكنها لا تقبل الري
لو أمطرت السماوات
كلها

لا تتلو القصيد
أمام الثقة المصلوبة
فوق ترددي..
ولا تحمل رسائلي الثقيلة
ترهق كاهليك
لو تلتقط أنفاسك..
لا تعود موجودة

إنها..
بحبر رقيق
مثل شعور قلبي بالأمان
يبدده صرير الريح
أو خبر العاصفة

عينان
اعتادتا مراقبة
شق الباب
انتظارا
تعلمان أن الغياب
قادم
لا ترصدان الحضور
بل انقطاعه

إنها تحصي الأيام
وبضع صدف صغير
يلقي به المد ليلا
تفكر أن تعيده
لعله..
لا يحتمل الجفاف

لا تفوتوا مطلع القمر اليوم 💛

إن الله موجود فينا ونحن تحت الأبنية العالية والمنيعة، وموجود فينا ونحن نعد شوادر الخيمة، وهو معنا ونحن نعبر الطرق السريعة، ومعنا كذلك ونحن نركض تحت مرمى القذائف، والله نحمده ونحن آمنون، ونحبه ونحن خائفون، ونصلي إليه في الرخاء، ونصلي إليه في الشدة.. ونناديه، لا ينقطع نداؤنا إليه، مثلما لا تتوقف استجابته أبدا.

لا شباك في الحياة، معلق فوقه "صكوك الغفران" نمرر عبره أوراقا ومستندات بانتظار قبولنا، ولو وجد.. لن يستوفي أحد شروطه، لأنه في الدنيا التي نعرفها.. لا صك غفران مجد، فجميعنا مذنبون.

لا قاض كفء، نقف أمامه مدافعين عن أنفسنا لو تكالبت علينا أسباب الاتهام، ولو وجد.. لن يحكم قاض ببراءتنا، لأننا في عرف الناس، مذنبون.

لأننا واقفنا على عرضنا للحكم، ونحن نعلم، أنه لا حق لأحد أن يحكم.. علينا.

الحقيقة أننا لو سألنا غير خبير، تأتي الإجابات خاطئة، والأحكام غير عادلة، والحقيقة الأخرى، أنه لا خبير مؤهل لسؤاله، غير الذي أذن للروح أن تسير في طريقها وصرف لها أسباب الحياة.

الذين ملكوا ما يظنون أنه يشفع لهم لنيل صك الغفران، يضطرون لنزع هذه الأقنعة لالتقاط أنفاسهم، يعلمون حينها.. أنهم لم ينجحوا، ولكنهم تمكنوا من تجنب الفشل والمواجهة.

لو لم يدفعك الحب لدور ما، لا تركض نحوه، ولو لم يجذبك الشغف لقتال ما، لا تخضه، ولو طال الوقت.. لا تظن أن أحدا خلق دون حرب يكون الفارس فيها، المهم أن ننتقي ما سنحطم من أجله كل الميادين.

أسباب كثيرة، ليس القبول ولا الغفران واحدا منها، ولا الأمان من الناس، كلها خيارات غير متاحة حتى لو خضنا الحروب كلها ورفضنا السلام كله.

الراية الوحيدة التي ترفعها بينما تخرق عباب الحياة، ويجوز لها أن تظل مرفوعة عند كل النتائج هي السعي، لا ألقاب العلم ولا درجات العمل.

وددت لو أكون مثل "آنا" الصغيرة في رواية "بعد حلول الظلام".. عندما تسوء الأمور، ويحدث أمر ما لا تطيقه، وهي المصابة بالتلعثم، تصمت تماما، فيدرك من حولها أن خطبا ما قد جرى، أو تملأ حقيبة الظهر الخاصة بها بالكثير من الطعام، "طعام للأبد" وتهرب إلى بيت الشجرة، تبقى هناك وهي تعلم أن الحشرات الصغيرة والسناجب الوادعة في نومها تحبها وستهتم بها في الصباح الباكر بينما تلتقط لها صورا جميلة بهاتفها المبلل بعد أن شربت حبات الأرز الصغيرة منه الماء كله.

لكن الحقيقة أن الحياة تحتاج الكثير من الكلام والصوت العالي والمواجهة، والهرب لن يضعك إلا في ورطة أكبر دون حبات أرز كافية لتشرب منها كل سوء الحظ هذا.

واعني أن أضرب في بحر الصعاب طريقا يبسا..

#عاشوراء

أشعر بالفراق.. يسري في بدني، يدب مثل السم، وبينما يتجول.. يطفئ أنوار قلبي ويتلف أركانه، يحطم الصور ويمزق الرسائل، يتجول بعبث، ثم يشرع الباب والنوافذ لتتطاير أحلامي، يترك المكان مغارة موحشة لن تزاورها الشمس.

تقرض الأيام قلبي مثل قطعة خبز يابسة، تحتمل الطحن بغير شعور، بغير اعتذار.. ذلك أنها لا تغني ولا تنفع، قشة تنبئ بالغرق، وسراب ينذر باستحالة النبع، وحلم يفضح مرارة الأيام..