فقط أخبرونا بوقتِ خروجِ اليماني بأنّه يكونُ مع خروجِ السفيانيّ والخراساني، وبيّنوا تكليفَ الشيعةِ تجاهِ اليماني حينما يظهر.. أمّا قبل ظُهورِهِ فالروياتُ لم تدفع الشيعةَ لمعرفةِ اليماني.
مع ملاحظة أنّنا حين نُسلّطُ الضوءَ على شخصيّةِ اليماني.. فليسَ ذلك لأهميّةِ شخصِ اليماني، وإنّما الأهميّةُ ترجعُ إلى صِحّةِ المنهج الذي عليه اليماني، وقبولِ إمامِ زمانِنا لهذا المنهج،
أمّا اليمانيُّ أَصَعَدَ أم نزل فهو مِن شيعةِ إمامِ زمانِنا.. ونحنُ لا نُصنِّمُ الشيعيَّ مهما كان،
اليمانيُّ له خصوصيّةٌ بحُدودِهِ، ولهُ منزلةٌ بحَسَبِهِ.. أمّا الأصلُ كُلُّ الأصل فهو إمامُ زمانِنا،
ولذا فإنّ اليمانيَّ بعد الظُهورِ لا ذِكر له في الروايات.. هذا لا يعني أنّه سيُقتَلُ أو سيموتُ.. إذ لم يَرِد ذكرٌ بهذا الخصوص.. ولكنّ الروايات تُريدُ أن تقول أنّه لا قيمةَ لِكلِّ الأشخاصِ مهما كانوا مع وجودِ إمامِ زمانِنا.. فيبقى الذِكرُ الأوّلُ والأخيرُ والظاهرُ والباطنُ لصاحب الأمر صلواتُ اللهِ عليه فقط وفقط
:#الثقافة_الزهرائية

**أليس هذا سؤالٌ مُهمٌّ جدّاً جديرٌ بالتفكّر؟

علماً أنّ هناك روايات عندنا تُصرّحُ بهذا المعنى؛ بأنّ هناك مِن زعماءِ الدينِ الهاشميّين (يعني السادة) يدعونَ إلى أنفُسِهِم، كحديثِ إمامِنا الصادقِ الذي يقول فيه: (لا يَخرجُ القائمُ حتّى يخرُجَ قبلَهُ اثنا عشرَ مِن بني هاشم، كُلُّهم يدعو إلى نفسِهِ).
[الإرشاد]

فقولُ إمامِنا الباقر بأنّ السبب في أنَّ رايةَ اليمانيّ هي الرايةُ الأهدى هو أنّه يدعو إلى صاحبِكم.. هذا الجوابُ يُشيرُ إلى أنّه حتّى الخراساني -الذي هو رايةٌ مُهتدية- لا يدعو إلى الإمامِ الحُجّةِ بشكلٍ مُطلق، وإنّما بشكلٍ إجمالي.. فالخراسانيُّ أيضاً يدعو إلى نفسِهِ،
فالفارقُ بين اليماني وغيرِهِ مِن الزعاماتِ الشيعيّةِ هو أنَّ اليمانيَّ يدعو إلى الإمامِ الحُجّةِ فقط، ولا يدعو إلى نفسِهِ ولا يدعو إلى أيّ شخصٍ آخر.. فقط يدعو الناس إلى إمامِ زمانِهِم ويربطهُم بإمامِ زمانِهِم.
هذه صِفةٌ واضحةٌ في اليماني، جَعَلتْهُ الرايةَ الأهدى في نظرِ أهلِ البيت.

✦قولِهِ: (فإذا خرج اليمانيُّ حَرُمَ بيعُ السلاحِ على الناس وكلِّ مُسلم) قد يكونُ هذا التحريمُ مِن مجلسِ الأمن الدولي مثلاً، أو مِن الدولِ العُظمى الّتي تُصنِّعُ السِلاح.
✦ قولِهِ: (وإذا خرج اليمانيُّ فانهض إليه فإنّ رايتَهُ رايةُ هُدىً) الإمامُ هُنا يُبيّنُ التكليفَ الشرعي للمُنتظرين إذا ظهر اليماني، ما الذي عليهم أن يفعلوا؟
فالإمام يقول: (وإذا خرجَ اليمانيُّ فانهض إليه..) انهض إليه؛ يعني عليك أن تبذلَ قُصارى جُهدك تحتَ رايتِهِ،فهو لا يأخذُكم إلى الضلال.. وهذا التكليفُ جديرٌ بالتفكّر، فهو يكشِفُ عن منزلةٍ عاليةٍ لليماني عند أهل البيت.
إذ لم يَصدُر مِن الأئِمةِ تكليفٌ للشيعةِ بحقِّ أيّةِ شخصيّةٍ عِبرَ تأريخِ الغَيبةِ الكبرى كهذا التكليف بخُصوصِ نُصرةِ اليماني.
فحتّى الخُراسانيُّ الذي هو رايةٌ مُهتديةٌ وممدوحةٌ بنظرِ أهلِ البيت.. إلّا أنّه لم يصدر مِن الأئمة بأن يُوجِّهوا الشيعةَ لِلنهوضِ إلى الخراساني، كما تُبيّنُ الروايةُ التاليةُ عن إمامِنا الباقر والتي يتحدّثُ فيها عن راية الخراساني، فيقول:
(كأنّي بقومٍ قد خرجوا بالمشرق يطلبونَ الحقَّ فلا يُعطونَهُ، ثُمّ يطلبُونَهُ فلا يُعطونَهُ.. فإذا رأوا ذلك وضعُوا سيُوفَهُم على عواتِقِهِم فيُعطونَ ما سألوهُ فلا يقبلونَهُ حتّى يقوموا، ولا يدفعونَها-أي الراية-إلّا إلى صاحبكُم، قتلاهُم شهداء.. أما أنّي لو أدركتُ ذلك لاستبقيتُ نفسي لصاحب هذا الأمر)
[الغيبة للنعماني]

هذه الرواية تتحدّثُ عن رايةِ الخراساني، وتُبيّنُ أنّها رايةُ هدى، فالإمامُ يصِفُ قتلى الخراسانيّين بالشُهداء.. فرايتُهُم ممدوحة، ولكن رغم ذلك نجد الإمام في نفسِ الرواية يقول: (أما أنّي لو أدركتُ ذلك -يعني لو عشتُ تلك الأحداث-لاستبقيتُ نفسي لصاحب هذا الأمر)
فالإمامُ هنا لم يأمر الشيعةَ بنُصرةِ الخراساني.. بينما حين تحدّث عن اليماني أمرَنا بنُصرتِهِ، فقال: (وإذا خرجَ اليمانيُّ فانهض إليه فإنّ رايتَهُ رايةُ هُدىً، ولا يَحِلُّ لِمُسلمٍ أن يلتويَ عليه،‌ فمن فعل ذلك فهو مِن أهل النار، لأنّه يدعو إلى الحقِّ وإلى‌ طريقٍ مُستقيم)
✦ قوله: (ولا يَحِلُّ لِمُسلمٍ أن يلتويَ عليه) أي لا يحِلُّ لِمُسلمٍ أن يُخالفَ اليمانيَّ إذا ظهر أو يحتالَ في التعاملِ معه؛ بأن يُظهِرَ لهُ النُصرةَ وهو ليس بناصرٍ له، أو أن يصطنعَ الأعذارَ كي لا يكون تحت رايتِهِ.. فمَن فعلَ ذلك، أي التوى عليه، فهو مِن أهلِ النار.. والسبب يُبيّنهُ الإمام فيقول: (لأنّه يدعو إلى الحقِّ وإلى‌ طريقٍ مُستقيم) يعني يدعو إلى الحجّة بن الحسن،
لأنّ هذا العنوان(الحقّ)هو مِن أسماء إمامِ زمانِنا، كما نُخاطِبُ إمامِ زمانِنا في زيارتِهِ: (السلامُ على الحقِّ الجديد)
وقوله: (ويدعو إلى طريقٍ مُستقيم) يعني أنّ اليمانيَّ صاحبُ منهجٍٍ مُسدّد، فهو على صِلةٍ بإمامِ زمانِهِ.. وليس الحديثُ هنا عن صِلةٍ جليّةٍ بالإمام، فنحنُ لا نملكُ عِلماً بذلك،
ولكن هناك صِلةٌ بين اليماني وبين صاحب الأمر، ولذا قال إمامُنا الباقر: (ولا يَحِلُّ لِمُسلمٍ أن يلتويَ عليه،‌ فمن فعل ذلك فهو مِن أهل النار، لأنّه يدعو إلى الحقِّ وإلى طريقٍ مُستقيم)
الحقُّ والطريقُ المستقيم الذي يدعو إليه اليمانيُّ هو إمامُ زمانِنا.. إنّها ولايةُ عليٍّ وآلِ عليّ
وقولُ الإمام: (ولا يَحِلُّ لِمُسلمٍ أن يلتويَ عليه‌) لأنّ حركةَ اليماني ضروريّةٌ جِدّاً جِدّاً في مُقدّماتِ ظُهورِ إمامِ زمانِنا.. فاليمانيُّ هو أبرزُ شخصيّةٍ مُمهِّدةٍ للإمامِ الحُجّة، ولذلك يكونُ المُلتوي عليه مِن أهلِ النار.
هل لاحظتم كيف يكونُ الموقفُ مِن الخراساني، وكيفُ يكونُ الموقفُ مِن اليماني؟!

✸ لفتة:
في ثقافةِ أهلِ البيت.. ليس مُهمّاً أن نعرفَ مَن هو اليماني.. لأنّ الأئِمة لو كانوا يُريدونَ مِنّا أن نعرفَ شخصيّةَ اليماني لَذكروا لنا اسمَهُ وبيّنوا لنا أوصافَهُ، ولكنّ أهلَ البيتِ لم يُحدّثونا عن ذلك..**

وقفة عند أبرزِ شخصيّةٍ مُمهِّدةٍ للإمامِ الحُجّةِ وهي: اليماني
لماذا كانت رايةُ اليماني بنظر أهلِ البيتِ أهدى الرايات؟
:
❂ مِن حديثٍ طويلٍ لإمامِنا الباقر "صلواتُ اللهِ عليه" يتحدّثُ فيه عن العلائمِ الحتميّةِ لظهورِ إمامِ زمانِنا، جاء فيه:
(خروجُ السفيانيّ واليمانيّ والخُراسانيّ في سنةٍ واحدةٍ، في‌ شهرٍ واحدٍ، في يومٍ واحدٍ.. نظامٌ كنظامِ الخَرَز يتبَعُ بعضُهُ بعضاً، فيكونُ البأسُ مِن كلِّ وجهٍ، ويلٌ لِمَن ناواهم.. وليس في الراياتِ رايةٌ أهدى مِن رايةِ اليماني، هي رايةُ هُدىً، لأنّهُ يدعو إلى صاحِبِكُم‌.. فإذا خرجَ اليمانيُّ حَرُمَ بيعُ السلاحِ على الناسِ وكُلِّ مُسلم،
وإذا خرجَ اليمانيُّ فانهض إليه فإنّ رايتَهُ رايةُ هُدىً، ولا يَحِلُّ لِمُسلمٍ أن يلتويَ عليه،‌ فمَن فعل ذلك فهو مِن أهلِ النار، لأنّهُ يدعو إلى الحقِّ وإلى‌ طريقٍ مُستقيم)
[الغيبة للنعماني]
〰*〰*〰〰〰
[توضيحات]
الإمامُ في هذه الرواية يُحدِّثُنا عن بعضِ العلاماتِ الحتميّةِ التي تُشيرُ إلى قُربِ الظهورِ الشريف، وهي: (علامةُ السُفياني، واليماني، والخُراساني)
هذه ثلاثُ راياتٍ ذَكَرَها الإمام، تخرجُ في سنةٍ واحدة وهي السنةُ التي تسبقُ سنةَ الظهور، وفي شهرٍ واحد وهو شهرُ رجب مِن تلك السنة كما بيّنت رواياتٌ أخرى، وفي يومٍ واحد
✦قولِهِ: (نظامٌ كنظامِ الخَرَز يتبَعُ بعضُهُ بعضاً) يعني نظامٌ يُشبهُ نظامَ الخَرَز مِن جهةِ التتابعِ الزماني.. يعني أنّ هذهِ العلاماتِ المحتومة تقعُ مُتتابعةً في زمنٍ مُتقارب،
وعبارةُ الإمامِ دقيقةٌ جدّاً.. فإنّ نظامَ الخرزِ في المِسبحة مثلاً.. إذا قُطِعَ خيطُ المِسبحة، فإنّ الخرَزَ سيبدأُ بالتساقطِ بشكلٍ مُتتابعٍ الواحدةُ بعد الأخرى
بحيث تكونُ الخَرَزات الأولى تسقطُ مُتلاحقةً في نفس الوقت، لأنّ مسافةَ الخيطِ التي تفصلُ بينها ليست طويلة،
ولكن حينما يكثرُ تساقطُ الخَرَز.. فإنّ الخَرَزاتِ المُتأخّرةَ تحتاجُ إلى وقتٍ أطولَ بقليل لِسقوطِها،
فعلامةُ السفيانيّ والخراسانيّ واليمانيّ تقعُ في وقتٍ واحد.. أمّا العلاماتُ المحتومةُ الأُخرى تحتاجُ مدّةٍ زمانيّة لتقع، ولكنّها مُدّة ليست طويلة
هذه العلاماتُ يبدأُ وقوعُها في شهرِ رجب مِن السنةِ التي تسبِقُ سنةَ الظُهور، وهي سنةٌ زوجيّةٌ في قيمتِها العدديّة.

✦ قولِهِ: (فيكونُ البأسُ مِن كلِّ وجهٍ، ويلٌ لِمَن ناواهم) كلمةُ البأس تُطلَقُ على الحرب، وعلى الشِدّة، وتُطلقُ على الخوفِ وعلى الفتنِ المُتتابعة.. تُطلَقُ على حالةِ عدمِ الاستقرارِ في المجتمعات، حيثُ تجتمعُ المخاطرُ مِن كلِّ جهة.. لاسيّما في العراق كما بيّنت روايات أخرى بأنّ الناسَ في العراقِ سيكونون في حالةِ خوفٍ مُستمر!
وقوله: (ويلٌ لِمَن ناواهم) يعني ويلٌ لمَن دخل في مواجهةٍ مع هذه الرايات (مع السفياني، ومع الخراساني، ومع اليماني) لأنّها راياتٌ قويّة.. وتلك إشارةٌ إلى أنّ اليمانيّ حين يخرجُ مِن اليمن سيخرجُ قويّاً
والروايةُ حين تتحدّثُ عن رايات.. يعني أنّ اليمانيَّ صاحبُ راية، وهذا يعني أنَّ جُموعاً كثيرةً في طاعتِهِ، وهناك تواصلٌ وارتباطٌ وبرنامجٌ فيما بينهُ وبينَهم.

✦ قولِهِ: (وليس في الراياتِ رايةٌ أهدى مِن رايةِ اليماني)
هذه الصيغةُ (أهدى) هي صيغةُ تفضيل.. وصيغةُ التفضيل وُضِعتْ في أصلِها للمقارنة بين جهتين يشتركانِ في نفسِ الموضوع الذي بُنيتْ منه صيغةُ التفضيل
فتعبيرُ (أهدى) بُني مِن الهُدى.. فلابُدّ أن يُستخدَمَ للمُقارنةِ بين جهةٍ مُهتدية وجهةٍ أكثرُ هدياً منها.. وهذا يعني أنّ هناك رايةً مُهتديةً وهي رايةُ الخراساني، ورايةٌ أهدى منها وهي رايةُ اليماني،
لأنّ الإمام ذكر ثلاثَ رايات، منها:
• رايةُ السُفياني، وواضحٌ أنّها رايةُ ضلال،
• ورايةُ الخُراساني وهي رايةُ هدىً وليست رايةَ ضلال، ولكنّها ليست الرايةُ الأهدى والأقرب لمنهج أهل البيت،
لذا استعمل الإمامُ صيغةَ (أهدى) بخُصوصِ الرايةِ الثالثةِ وهي رايةُ اليماني، لأنّ السُفيانيّ على ضلال، أمّا الخُراسانيُّ فلو كان على ضلالٍ لَما قال الإمامُ أنّ رايةَ اليماني هي الأهدى، لأنّ كلمةَ "الأهدى" يكونُ في مقابلِها ما كان على هُدىً.. فهُناك مَن هو على هُدىً وهناك الأهدى.. وإلّا فلا يُقالُ إنّها أهدى مِن رايةِ السُفياني إلّا على سبيلِ التجوّز، لأنّ رايةَ السُفياني رايةُ ضلالٍ كما مرّ.

✸ لماذا رايةُ اليماني هي الرايةُ الأهدى؟
الإمام يُجيب، فيقول عن راية اليماني: (هي رايةُ هُدىً لأنّه يدعو إلى صاحِبِكُم) يعني يدعو إلى الإمامِ الحُجّةِ فقط، ولا يدعو إلى نفسِهِ أبداً
وعبارةُ الإمام هذه خطيرةٌ جدّاً..! لأنّها تُبيّنُ أنّ أكثرَ زعماءِ الدينِ في واقعِنا الشيعي يدعونَ إلى أنفُسِهِم وإن لم يُصرّحوا بذلك.. لو كانوا يدعونَ إلى الإمامِ فعلاً.. إذاً لماذا لم تخرج الرايةُ الأهدى منهم؟ (أعني لماذا لم تخرج الراية الأهدى مِن النجف أو كربلاء أو قُم التي هي مراكز معروفة للحوزات)؟
لماذا تخرجُ الرايةُ الأهدى مِن اليمن؟!**

الخطوط العامة لبرنامج العترة الطاهرة في صناعة الأجيال

علی صيغة PDF.

ملاحظة: هذا المطبوع يعرض ما قاله الشيخ عبدالحليم الغزي في الجزء الثاني من برنامج (الغدير الزهرائيّ والغدير الطوسيّ)، وليس صادراً عن مؤسسة القمر للثقافة والإعلام ولا عن الشيخ عبدالحليم الغزي.

رابط قناة التليجرام - https://t.me/valleyofali/17819

#الشيخ_الغزي
#قناة_القمر_الفضائية

ازحفـــــــــــــــوا ❤️‍??