﴿ سُورَةٌ ٱلۡكَهۡفِ ﴾
"وَ خُلِقَ الإنسانُ ضَعيفًا"
أحيانًا تمرّ بالإنسان فتراتٌ يستَغرب فيها من ضعفه أمام الظروف ، رغم أنّه مرّ بالأسوَء لكنه صَبَر وأحتَسَب ، وتأقلَم ، وَ واسى نفسهُ بحمدِ الله على كلّ حال ، لكنّها نفس الإنسان ، ضعيفة مهما حاول ، لا يملكُ الإنسان في نفسه أو أقدارهِ شيئًا سِوى الدعاء والإيمان ، يخوضُ دروبًا صعبة في حياته ، ينطَفئ تجاه الأيام ، يتمَنى لو أن له جناحًا ليبتعد عن كل ما يُرهقه ويستهلك روحه ، يتعب مِن شِدّة التَعب !
تراودهُ مخاوف أنّه لن يستطيع ، ولن ينجح ، وأنّ الطريق مسدود .. ثم سرعان ما يجبر قلبهُ قول الله تعالى :
﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ .
لكُل إنسان اختبارهُ في الحياة ، اختبارٌ يكفيه ويأخذ الكثير من وقته وجهده ومشاعره وطاقته ، الجميع يفتقد شيئًا ما ويتذكر ذلك كلّ يوم ، يؤلمه ذلك لكن يتذكر أن هذا اختبارهُ ، والفائز من يَخرج منه وقد صَدَق يقينه بالله ، وادّخر الأجور مِن صبره على ما كسر خاطرهُ وآذى قلبهُ ..
نتعَب ، ولكن الحمدُلله ، فلنا في الابتلاء أجور .
لبيك ربّي فالجموعُ غفيرةٌ
كلٌ أقـر بما جنتهُ يـداهُ
لبيك ندعو والدعـاءٌ وسيلةٌ
ماخابَ عبدٌ قد سمعتَ دعاهُ
{فَأَسَرهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ}
بعض العتبِ لا طائل منه ، لأنَّ النَّاسَ يُدركون جيداً ما يفعلون وبعضُ المعارك ، الفوز فيها بعدم خوضها أساساً ، ليس كلُّ النَّاسِ يستحقون أن يَكُونُوا خَصُوماً ، عمرُكَ أثمن من أن تقضيه في معارك جانبيّة تافهة ، وأعصابكَ أغلى من أن تُتلفها في نزالات وضيعة وقلبك أعزُّ من أن يتسخ بلوثة البغضاء ، ترفع عن الوضيع وإلا أنزلك إلى مستواه ، وتغافل عن الكريم لأنه سيُقدِّرُها لكَ ، وفي نهاية الأمر الطريق واحدة ليس كل ما يُعرفُ يُقال
قال تعالى ( لَا تَمُدَّنُ عَيْنَيْكَ)
لا تمد عينيك فتُورث في نفسك حسرة وحسدًا وتمنيًا.. أرزاق الله في الدنيا متعددة وكثيرة ، ولكن يظل الإنسان تركيزه فقط على الرزق المادي ، في حين إن الله عزوجل رزقة بأشياء أخرى غيره يتمناها! الأرزاق ليس لها تصنيف معين ممكن يكون رزقك انك بكامل عافيتك ، بيت يأويك ، عائله حنونه ، قلب طيب ، نفس مُسالمة راضية وقنوعة ، لا تحصرون الارزاق على الماديات بس. فو الله لو استشعرت نعم الله عليك لن تستطيع ان تحصيها فقل الحمد لله دائماً فا بالحمد تدوم النعم وتزيد. وتذكر دائما أن المشغول بالمقارنة محروم من السكينة"
﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ۖ﴾
هُوَ الَّذِي يَرعَى مَا فِي السَّمَاوَات والأرضِ، أتَظُنُّهُ غَافِلًا عَن قَلبكَ ؛ فَاصبِر عَلَى مَا تَمرُّ بِهِ، إنَّ عِينَ الله تَرعَاك
الحياة مواقف عِزّ
وثمة مواقف على الإنسان أن يقف فيها شامخاً ، لأنه إذا انحنى فقد لا يُسعفه عمره كله ليقف بعدها! إنها عبادة الموقف الواحد التي إن أقمتها استقام بعدها كل شيء وإن أهدرتها سينفرط ثوب إيمانك خيطاً خيطاً ثم ستكتشف في لحظة ما قبحَ عُرِّيكَ
(لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ)
لا يُوجَدُ فُرَصٌ ضائعة كلُّ شيءٍ فاتكَ لم يكُن بالأصل لك
ولو تأملت كل ما أردته فلم تتله
لوجدت أنَّ الخير كله كان في ألا تناله
إن النجاة أحياناً في أن تفوتكَ الأشياء! إن رحمة الله في المنع لهي أبلغ منها في العطاء
ذلك أن العطاء اختيارك لنفسك وإن كان بكرم الله
أما المنع فهو اختيار الله لك بحكمته
وخيرة الله لعبده خيرٌ من خيرة العبد لنفسه وكل اقدار الله خير وإن أوجعتك!