نقدّم لكم هدية بداية العام، في ذكرى عروجه المبارك والمفجع، ملفّ "قاسم سليماني: العارف المقاتل" للأستاذ الموفق هادي قبيسي

يا جار النور
يا مبعوث الملكوت
يا أنس وجود الموجود وغربته

يا دية الهدى والخلود
في نفحة العطر الإلهي

يا خيط الولاية من قم إلى مشهد
يا أخ الولي إن العِدا احتشد

يا ضمان طلوع الصبح للعين الساهرة
يا ضمان بزوغ فجر القدس المحاربة

يا هدية الله بين خطّي الخلافة والشهـ/دة
يا فتنة الزمان إن تعلق القلب بحبة رمانٍ
ونسي الزّارع

يا محقق حلم الأنبياء
مشروع ثورة الإسلام
المكتوب بخط خامناء
يا صانع المجتمع الأنموذجي
لإمام الزمان

يا كوز ماء الحسين بعد غصص الدهر
يا أشترًا عمل بوصية الرعيّة من عليّ
يا تنفس الأرض بعد جور المحتلّ
يا قبول العمل إذ بينهم العبد المُصلح

يا آية الرب الذي حفّه بالسرّ المقدّس
رغم ذلك لم تبخل
فتلوت علينا من أين، وفي أين، وإلى أين
حتى نلاقيك في الأخيرة
تحت راية من دللت على عباءته
وقبلُ نواريك في قلوبنا
ونقول: ما زال يسيرُ معنا

الآن يسمعُ أشواق المفتونين
الآن يقرأ رسائل المخلصين
الآن يجيب دموع الملكومين
بالنظرة
بالبسمة
بالدعوة
بالقبلة
من أعلى عليّين

أحبُّك يا بقية بيتي
وتراث أرضي
وصَنّاع أمجادي
وضمانًا في الدنيا لسعادتي
وفي الآخرة لنجاتي

-زينب

من يعرف معنى الولي، يعرف كم تعني كلمة أبنائي
فهنيئًا لنا
فلنجتهد لنصير مبعث افتخارٍ له كما كان سيّدنا..

زينب

تخيّل، صار يمكنني أخيرًا، مناداة حُسين زماني
قائد ثورتنا ووليّ أمورنا بـ "أبتي"
وهذا في حياتي، وليس في آخرتي!
لقد كان وقع هذه النعمة عليّ كلحظة أبي الفضل العباس الأخيرة
عندما أذن للسانه أن يفي قدر عشقه ويقول للإمام الحُسين أخي
وكأنّها الكلمة التي كنا دهرًا نتعطش لها
وكأنّ يدًا تضمُّ الأمة كلها إلى صدرها وتمسح عن رؤوسنا غبار السّنين
وكأنّ عباءةً تضعنا وسطها، وتحمينا من مكائد الدهر
فالآن لن آسف على الشمس إن لم تطلع عليّ في الغد.

خلقك الله بأحاسيس مؤجّجة
وفطرةٍ شفّافة جليّة، وقلبٍ رقيق
وعينين جاريتَي السبيل، وبالٍ أرِق
وكنت تظن -أيها العبد- أنّك بهذه المواهب ستسطيع حملَ
-ولو بعد عدة مئات من السنين- ما هطلت لأجله السماء دمًا،
وبكت عليه حتى الوحوش.
وكنت تظن أنّك حين تكبُر، ويشتدُّ عودك
ستصير أقدر في التعامل مع مشاعر الألم والكبد هذه.
اجتمعت آية الألم كلها في كربلاء {لقد خلقنا الإنسان في كبَد}
وتجلّت في انكسار الوجود، منذ حدوثه.
تخاطبه وتقول: أيها الوجود الحزين، أنا مثلك، كنت أظن أني إن ذرفت وجزعت، سيمكنني تحويل المعادلات وتغيير الواقعات
كتبتَ على ورقة "حُسَين، العالم كلّه فداءٌ لك"
مشيت فيها مئات الأميال، وظننت أنك تكتبها على لوح الوجود
وأنه بذلك، لن يكون الحُسين بعدها هو نفسه فداءَ الوجود
على الأقل حظيت السيدة زينب والسيدة رقية(س) بوداع
أمّا أنت أيها المسكين، بم حظيت؟
وهل لو كنت هناك، لاستطاع الحُسين الرحيل وتأدية تكليفه؟
بماذا تلهيه، وهو يعلم تكليف الساعة وحاجة الإنسان؟
لم تنفع يدا رقية الصغيرتان، وتوددها الطفولي
لم تنفع رؤيته للسيدة مغشيًا عليها
يا دهرُ أفٍ لك من خليل، كم كان لك إلى المولى سبيل
تجلس في عزاءٍ فارسيّ، كالصغار غير المدركين لا تفقه حرفًا
لكنّك ترى النساء تنوح نوح الوجود والرجال تضرب على أفخاذها،
يعني ماذا؟ يعني رحل!!
يقول أستاذي أنّ الحُسين دفع دية وجود الإنسان في الدنيا
وأنت تقول: سلام من لو كان معك في الطفوف..
وتقول: وامحمداه، صلّى عليك مليك السماء..
وتقول: ليت الموت أعدمني الحياة.. العفا على الدنيا..
أيها الوجود المنكسر والمحتاج للحُسين، هل يقرأ الحُسين رسائلك؟
إذا كان لا يفعل، فكيف يجيب عليها كلّ آن؟
أيها الوجود الذي ترنو لحفظ الحُسين والخلوة معه،
كم مرةً سمعت "سلامٌ عليك" من فمه؟
وكم آنست رائحته منافذ كيانك
بحثتَ وبحثتَ في مجالس الرزية عن سلوان
يا أخي، من الذي يأخذ الحلوى من غير يد الحبيب؟
ومن الذي تسلّيه أطلال الأشعار، إن لم تكن عن لسان الحبيب؟
أتصبر بغير أحرفه أيها الأبله؟
وهل مسح على نواة كيانك شيءٌ غير قوله:
أختاه، تعزّي بعزاء الله، واعلمي أنّ أهل الأرض يموتون، وأهل السماء لا يبقون...
ثم تذكر أنّ السيّدة(س) لم تقنع وأجابت المولى: اليوم ماتت فاطمة، اليوم مات محمد، اليوم مات علي، اليوم مات الحسن..

يا لانقبيَّ اللون، ما أعجزك عن درك الحبيب.. وأنت تقول:
يحدِّثني قلبي بأنّك مُتلفي، وما لي حياةٌ إلا أن تكون دونك مُهجتي

السلام على السيدة كلّما انكسر الوجود، وذبُلت السماوات والأرضون، وجزعت الممكنات، وبكت الحيتان
لأنّها
وحدها
حملت هذا الكبد.

زينب

سمعتُ عن بكاء العين، عرفتُ بكاءَ الوجود
انكسار الوجود بكاء الوجود
تكتنز الشمس والقمر، آلاف آلاف من الدموع
إنها موجوداتٌ مسيّرة
تبكي عجزها عن فعل شيء
وهي ترى ابن الأمين عليها
يفعل به كذا وكذا
إنها تعرف الحُسين، ومقام الحُسين عند الله
ونحن الموجودات المخيرة
نبكي عجزنا، رغم حريتنا وقدرتنا
عن فعل شيء
إذ كنا ممكناتٍ في الأصلاب وشهدنا المصيبة
وأين بكاء الوجود السماوي، من بكاء وجود الإنسان؟
وأين معرفة السماوات الحُسين، من معرفة العاشق العاقل؟

بكاء وجود الإنسان تناغمه مع بكاء عالم الوجود
مثلًا البارحة نظرتَ إلى الهلال، إنه قمر السابع من محرم
يعني قطعوا الماء!
ستبكي بكاءً، يدرّ الماء من تحت رقية، في الصحرا
بكاء وجود الإنسان ليس بكاء عينه
إنه صراخ جوارحه
إنه فزع جوانحه
إنه تقلبّه في المضجع
إنّه التذلل على الأرض
قالت صديقة: النوم على البلاط، نستشعر به كربلاء
إنه تعفير الخد
آهٍ كم كان الكرماني يضع يده على خدّه
آهٍ من يد الحُسين على خده، فتلك أدنى مراتب السجود
آهٍ من الحُسين الذي قام بأقصى مراتب السجود
من سجد مثلك بلا رداءٍ ثلاثًا
من سجد سجدةً حتى حين موته
حينما كان وجهه، إلى الأرض

بكاء وجود الإنسان
هلاك العينين
تقرّح القلب
انشداد الأيدي ورخاؤهما
بكاء عقل الإنسان، إنكار الحدث
والدخول في دوامة ال"ليت، والليت"
أما بكاء دم الإنسان، فبذل الدم
كذا تكون:
"أبكينّ عليك" لا أبكيك
بكاءٌ يليق بالعشق

قالت صديقة: الحُسين قضية الله، ففي الزيارة "يا ثأر الله"
بكاء مصير الإنسان، أنّ عاقبته حسنة، حسينيّة
بكاء سرّ الإنسان الخفي، فناء وجود الإنسان في آية الإحسان
وهل أحسن من الحُسين؟
إنّ اسمه حسنٌ مفخّم

وأخفى بكاءٍ للإنسان
بقاؤه بعد فنائه، قبلةً عن يمين العرش
حيث كُتب
"إنّ الحُسين مصباح الهُدى وسفينة النجاة"
يا إلهي كم من القبلات سنطبع، بلا رأس..

زينب

كلمة من القلب للمعزّين والمشاركين بمجالس الإمام الحسين عليه السلام، اللي عم يحضر، واللي ناوي يحضر، واللي ناوي بس مش قادر، وحتى اللي مش ناوي يحضر كمان.

حضورنا بالمجالس مش لنقوم بالواجب ونرجع متل ما جينا..
حضورنا هو مشاركة بدورة روحيّة وفكريّة بمستوى رفيع، ونحن فيها مش مجرد متلقّي. نحن منقدر نكون مساهمين بصناعة هيدي الدورة بشكل أو بآخر.
إنت شو هواجسك؟ شو هي المواضيع اللي بتشوفها مهمة وبحاجة تسمع عنها بالمحاضرات والمجالس؟ على أي أساس عم تختار المجلس اللي بتحضر فيه؟

إحياء عاشوراء كل سنة عم يتطوّر ويزدهر عن السنة اللي قبلها، بركة السيدة زينب وأبو الفضل العباس واضحة إلا لأعمى البصيرة. إذا لازم نعتل هم شي بهالإيام المباركة، هو إنه تفوتنا الفرصة ونمرق عالمجالس عابري سبيل.

هيدي الأسئلة قدامنا، خلونا نطرحها على انفسنا وعلى اللي منحبهم، خلونا نحكي بهيدي الأمور ونفتح قلوبنا وعقولنا على حقيقة عاشوراء: النهضة الحسينية.

#مقر_عمار