وقَد تبدو سعيدًا كلَّ يومٍ
‏وفي أعماقِكَ الشيءُ النقيضُ
‏ يَلُفُّ الليلُ دربَكَ..أينَ تَمضي؟
‏ولا نورٌ يَشُعُّ ولا وَمِيضُ.

صباح يوم النفحات..
صباح يوم عرفة?

هب أنك تهيأ لك موعد مع ذي جاه ومنصب تبوح له ببعض ما عندك وتلقي عليه شيئاً من همك، فلما خرجت من عنده ذكرت كيت وكيت مما كنت نسيت، وليتك قلت كذا، وليت الزمان يرجع بك فتنطق بكذا.. فإن تهيأ لك معه موعد ثان، فأي شيء كنت تصنع؟ وأي كلام كنت تقول؟
ولله المثل الأعلى.

هذا الوقت لجمع المطالب وحصر الغايات وعشية عرفة وقت نثرها وعرضها على أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.

أعدَّ عدتك واجمع حوائجك كلها، ودوِّنها إن شئت في ورقة تدعو بها، فلن ينفعك ندمك على نسيان حاجة، ولا تنس من دعائك إخوتك المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.

قال تعالى: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ}
قال ابن عباس: "لم يفرضِ الله تعالى فريضةً إلا جعل لها حدًا معلومًا، ثم عذر أهلها في حال العذر، أما الذكرُ فإنه لم يجعل له حدًا ينتهي إليه، ولم يعذر أحدًا في تركه، إلا مغلوبًا على عقله، وأمرهم به في كلِّ الأحوال"

"أنت لا تعلم إلى أي درجة الله رحيمٌ بحالك, لا تعلم عن ألطاف الله الخفية التي تحفّك دائماً, لا تعلم كيف يُسخّر لك الأشخاص والمواقف والأحداث وحتى الصدف والمفاجآت, لا تعلم كيف يُبعد عنك ما تحبه لشرّ لا تدركه, وكيف يقرب لك ما لا تحبه لخيرٍ لا تعرفه, فاحمد الله على ما لم تُحط به خبراً"

"ومن رحمة ﷲ بأهل البلاء أن يتابع عليهم نفحات الفرج كلما أجدبت أرواحهم وقلّت موارد صبرهم, فتكون كالغيث الذي يحيي آمالهم ويملأ حياض الصبر في أرواحهم, وهي رياح البشرى التي يسوقها ﷲ بين يدي رحمته, فمن أحسها فليستبشر, فالله أكرم من أن يُذيق عبدَه نَفْحَةَ الفرج ثم لا يبلُّغه إياه”

"هاتان الليلتان الشريفتان الأخيرتان يذكراني بغزوة أحد إن صحّ التشبيه.
‏يثبت فيهما الصادقون، ويستعجل فيهما المتعجلون؛ فينزلون لجمع الغنائم، فيفوتهم شرف الخواتيم.

‏اثبتوا يرحمكم الله؛ فإنما هي ساعات قلائل، ولا يدري المرء بأي ساعة يكون فيها قبوله وعتقه.*"

عجيب حال عباد الله الأبرار في ليالي العشر!
شدّو المئزر وأقاموا ليلتهم يرتلون كلام الله خاشعين
وعندما سألوا ربهم طلبوا عفوه..

قال ابن رجب -رحمه الله-:
"وإنما أمر بسؤال العفو في ليلة القدر بعد الإجتهاد في الأعمال فيها وفي ليالي العشر لأن العارفين يجتهدون في الأعمال ثم لا يرون لأنفسهم عملا صالحا ولا حالا ولا مقالا فيرجعون إلى سؤال العفو كحال المذنب المقصر"

في ليلتك؛ تذكّر أن في الأرض من هو أعظم قياما، وأكثر تلاوة، وأشدّ اجتهادًا ودعاءً، ويسأل الله أن يكتبه فيمن يعفو عنهم!

في ليلتك؛ احمل في قلبك ذلك الذلّ وأكثر!
ولا ترَ في نفسك عملًا صالحًا ولا حالًا!
وسلّ الله العفو والعافية..

مما يُعلي الهمم للاجتهاد في هذه الليلة "ليلة ٢٣":
استنتاج الباحث ممدوح الجبرين -رحمه الله- أن ليلة القدر تكون دائمًا ليلة الثلاثاء من العشر.

-وخلاصة بحثه: أن القرآن أُنزل في ليلة القدر، والقرآن نزل يوم الاثنين "ليلة الثلاثاء" وقد قام بالبحث لمدة ١٠ سنين وتحرى فكانت ليلة القدر في ١٠ سنين "ليلة ثلاثاء"
واليوم يوم اثنين وليلة ثلاثاء و وافقت ليلة وتر " ٢٣" .
طبعًا لا نجزم بها المهم أننا نُري الله من أنفسنا خيرًا هذه الليلة..
وفقنا الله لقيامها وجعلنا و والدينا وأحبابنا من عتقائه من النار?

عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: "إنِّي لو عرفتُ أيَّ ليلةٍ ليلةُ القَدْرِ؛ ما سألتُ الله إلَّا العافيَةَ".

قال ⁧ ابن رجب⁩: "لما كثرت أسباب المغفرة في رمضان، كان الذي تفوته المغفرة فيه، محروماً غاية الحرمان".