أنت أمي يا رَغد ²⁵ . في عينيه ألف دمعة تأبى السقوط .. تأملت براءته حيث وضع كيسًا يحتوي على غزل البنات والذي يعتبر رأس ماله الصغير على أرجوحة بجانب أرجوحته، يتأرجح و عينيه تنحرف لاشعوريًا تجاه بضاعته التي يتنقل بها بين الأرجاء ويبيعها لأطفالٍ _يضمّهم آباؤهم_…

أنتِ أمّي يَا رَغَد ²⁴ . نزَل بجمود إلى القبو، أشعل الأسرجة و تقدّم خطوات، براميل قد أكلها الصدأ ملقاة هنا و هناك، أقمشة ممزقة متفرّقةٌ في المكان بإهمال، مقاعد بلاستيكية بعضها مكسور و البعض الآخر مرتبٌ فوق بعضه، قطع من أخشاب منشورة، و مقعد خشبي يضمّ عدي بقهرٍ…

حتى طريقه كان وعر، كل ما مرّ به لم يكن سهل، ثبت أمام الغربلة والمطامع وكل ما قد يجعل الإنسان يهتز، اجتاز عدة اختبارات إلهية وفي الأخير نجح بتقدير شهيد .

- آيات

أتهرّب دومًا من مواجهة ما أمرّ به بكل مصداقية، دائمًا ما أحرّف مذهب أدمعي نحو أيّ شيء غير ذلك السبب الذي جعلها تسقط.
لا أعلم أي نوعٍ من الكبرياء هو، لكنّه حقًّا يهلكني.
- إيناس

الصفعة رقم 101 ..

هل تعرف عنها؟

أن تكون قد تلقيت مائة صفعة عنيفة؛ لكنك نهضت بصبر بعدها.
ثم أتتك أخرى، بسيطة، يمكن حتى للطفل تحمّلها، لكنّك انهرت بها، يعتقد البعض أنها السبب، لكنها ليست كذلك.
إنما المائة التي قبلها.
هذه ما تسمى بالصفعة رقم 101.

كذلك عندما يغادرك أحدهم لخطأٍ تافه ارتكبته في حقّه؛ رغم أنك قد ارتكبت الأسوأ من قبل ولم يدر ظهره لك؛ هو لعدم قدرته على تقبّل المزيد.

لذا يا عزيزي المتابع؛ رصيدك ينفد شيئًا فشيئًا، لكن إشعار انتهاءه يأتيك بعد انتهاءه.
وشكرًا.

هذا الذي ينزف في غزّة ولبنان ليسَ سيلًا من الدماء!
هذا غربالٌ دقيق،
هذا "تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ"
هذا بابُ الجنّة ،
هذا بارُ النار،
هذا المحشر ،
هذا الضمير ،
هذا الخبيثُ وهذا الطّيب..
نحنُ أمام أمرِّ اختبارٍ في التاريخ ، امتحانٌ حتى يفوقُ امتحان كربلاء!
في كربلاء لم يكن هناك تغطية إعلامية ، لم يكن العالم يُشاهد ما يحدث..
في كربلاء لم يكن أحد يملكُ أبوابَ الإنفاقِ ليدعمهم بالسلاحِ وبالطعام ، ولم يكن هناك من يعرفُ الحقيقةَ كاملة ، وبعضهم لم يعلموا بكربلاء إلّا بعد حدوثها ..
هذا الّذي يحدث ليس عجزًا مِنّا !
هذا تواطؤ ، تكاسُل ، نفورٌ من الحقّ ومن المشهد!
وتالله سنُسأل ، وسنُسأل ، وسنُسأل ..
وسنرى غدًا من سيرفعُ الله ومن سيضع ،
من سيتخلّد ومن سيُجلد ،
من سيكسب ومن سيخسر ..
من ستقودهُ ظنونه ومن ستقودهُ أعماله ،
من سيُفضح ومن سـيُعزّ ،
هناكَ فقط سيبدو الحقُّ بأنصعِ صوره وبنورهِ الذي سيكسِر أنظارَ الطغاةِ والمجرمين والسّاكتين بصمتٍ مخزٍ مُذِل ، وللهِ عاقبةُ الأمور..

_دُرّة .

إن كلمة (غدًا) في جملة (سأفعل هذا غدًا)؛ ممكن أن تتحول في الواقع إلى عام. ?
@E_A_G11

أكثر الأمور حساسية لا تلتقطها العدسات ..
رأينا مشاهد إحراق الخيام الأخيرة في غزة ..
لكن من مِنّا استمع لشهقاتهم الحرّى والنيران تتلحّف أجسادهم
من منّا تمعّن في ذوبان جلودهم!
و استمع لنبضاتهم الأخيرة!
خلجات مشاعرهم .. أملهم ويأسهم .. طريقهم القاسي نحو الخلود!
رأيناهم
لكن مَن مِنّا استوعب تفاصيل تلك اللحظات!
- إيناس

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف حال الجميع ؟

أولًا مأجورين باستشهاد سماحة السيد حسن نصر الله ، لقد كان بالفعل شوكة في حناجر الأعداء ، و خنجرًا صقيلًا في خواصرهم ، ولقد اصطفاه الله كما اصطفى الأولون من الشهداء ، وكما اصطفى الإمام الحسين عليه السلام .
..
ثانيًا كلما عدت لأنشر هذه الرواية ؛ أمرّ بظروف خارجة عن إرادتي تمنعني من ذلك ، و الآن عدت من جديد على أمل إكمالها .

أعضاء قناتي الأعزاء ، سواء القارئين بصمت أو المشاركين عبر بوت التواصل والمتفاعلين ، أحب تواجدكم ويشرفني ذلك بشدة .
دمتم بودّ ?
- إيناس الغولي

يا إلهي لقد عاثت برأسي هذه المزعجة التي أتى بها والدي ..
للمرة الرابعة هذا الأسبوع تقتحم خلوتي في وقت لا يستقبل فيه مزاجي أي مخلوق.
لقد كان خطأي حيث أبديت إعجابي بمظهرها قبل شهر، بالفعل كانت لطيفة ولكنني جاملتها أكثر كي أرفع من معنوياتها المحطمة بسبب تعامل السيد بابا معها، لكن النتائج كانت عكسية وسلبية، حيث بدا لي أنها تعاني من الشك المزمن والخوف الشديد مما يسمى بـ «العين والحسد و .. و .. »، فطلبت مني بعدها أكثر من مرة أن أتوضأ لها لأنني قد أكون سببًا في شفاءها، قالت هكذا بدلًا من أن تقول(سببًا في مرضها).

لم أستطع إقناعها أننا نمر بتغيير جويّ وأن ما يحدث لها الآن ماهي إلا أعراض الانفلونزا التي تجتاح حاليًا ثلاثة أرباع سكان العاصمة صنعاء!

المهم لقد دخلَت الآن وهي تعصب رأسها بقماش من القطن ما جعلها تبدو متعَبة ومحطّ رحمة، التفتت إليها بشقّ ابتسامةٍ وأنا أكاد أرميها بجهاز تحكم التلفاز وسألتها بهدوء: سلامات .. اي خدمة ؟
تلعثمت وبدى عليها الإحراج قبل أن تقول: العفو منك بس ممكن تتوضا لي، توضت لي رغد باقي انت.

كتمت غيضي وانا لا أزال أحدق في أهدابها المرتجفة بنظرة تعني أنني مللت من هذا الأمر ..
يبدو أن صمتي أربكها فلهذا هي تلعب بأظافرها وتكرر الكلام بصيغة دينية: هي سنّة وردت عن النبي، عادي يعني و لك أجـ ...

- اشرايش يعني اسير اتغطس كلّي داخل التانكي ومن مرة كن تحممي كل يوم لنّ ماهي معقولة أجلس أتوضأ كل يومين، وتدخليلي وأنا في عز روقاني منشان أتوضأ ياخالة!

يبدو أنني انفعلت كثيرًا وخرجت عن طوري حتى قلت: وبعدا على ويش تصيبش عيني ؟ على عروقش الي بتبان من ورا الجلد والا على وجهش الي مافيه حواجب؟

احمرّت وجنتاها ، واستدارت بحنق لتعود أدراجها ..
لا إله إلا الله ، حساسة بشكل مفرط هذه المرأة ، لكن المهم الآن أنها أغلقت الباب خلفها .
...

رجلٌ واحدة تكفي لصلة الرحم ..
قلت هذا وأنا أنهض متجهة إلى والدي بعد أن مللت من الجلوس بمفردي في غرفتي الصغيرة، حيث كنت أعاني من ألمٍ في قدمي اليمنى سبّبه لي شقيقي الحنون ياسر وهو يمازحني طبعًا.

ها قد وصلت إلى باب غرفة والدي مع أنه من المفترض أن (انقبر مكاني) في هذا الوقت من النهار، طرقت الباب بهدوء للمرة الأولى، الثانية، الثالثة، نويت أن ارجع بعدها لولا صوت والدي الذي استوقفني بقوله: من؟
قلت على استحياء و أين الحياء من وجهي وأنا أطرق باب والدي وزوجته في وقت راحتهما: أنا يابه.

لم يلبث أن فتح لي الباب بنفسه مقطبًا حاجبيه بشيءٍ من القلق: خير يا رغد؟

تمنّيت لو أن الأرض انشقت وبلعتني قبل أن آتي إلى هنا، بدوت غبية جدًا، ما الذي سأقوله الآن لأبي!!
تمتمت بخجل مستأذنة للدخول: جيت أسلم عليك.
تهلّل وجه والدي، وانفرجت أساريره، و رحّب بي قائلًا وهو يشير بيده نحو أريكة بالغرفة: يالله حيّها.
ابتسمت ابتسامة صادقةً وزال عني الحرج، جلست وتبادلنا الحديث والابتسامات وبعض الذكريات، و على الرغم من هذا كان في صدري شعور لم أستطع تجاهله، يحثني على الخروج.

لو كانت أمي مكان هذه المرأة لما شعرت بهذا، حتى و إن كانت خالتي طيبة القلب وحنون، لكن هناك ثغرة لا تسَدّ.
هل يا ترى سأشعر بهذا عند زيارتي لياسر في غرفته بعد زواجه؟

إننا نتفرّق ببطئٍ دون أن نشعر ،
و يأخذ كل فرد منا طريقًا بعيدةً عن البقيّة دون أن نشعر أيضًا ، نتفرّع و نصبح أبعد بمجرد ارتباط كلِّ منّا بشريك لحياته ، وهذا مؤلمٌ لي ، لأني لا أجيد التجاوز بسرعة .. تظل عالقة في قلبي أعمق الذكريات وأحقرها .
...
- عَودَة
- أنتِ أمّي يا رغد ..
@E_A_G11