"كلّ الكروب والهموم والمضائق تهون عندما ترفعها لعلاّم الغيوب وترجو كشفها ممن هو قادر على إجلائها وإزاحتها.."

"ما لا يقدر عليه إلا الله؛ فلا تطلبه من سواه"

"مسألة تربية الله لعباده واستخراج العبادات منهم إنما تكون بالأقدار التي تجري عليهم؛ فحين يريد الله أن يزيد إيمانك ويقويه يبتليك بأمر تحتاج فيه إلى الصبر، فتلجأ إليه، وتتعلق به، وترتفع عنده."

-
التّداوي بالقُرآن من أنفع ما يحصل به الشّفاء من عِلل الأحداث الجارية، أرجوك تأمّل موقع هذه الآية في ما يحصل في زماننا، من سقوط الظالمين، وتبدّل المَوازين، وأعِد قراءتها مرارًا وتكرارا: ﴿أفرءَيتَ إن متَّعناهُم سِنين ۝ ثمَّ جآءَهُم مَا كانوا يُوعدون۝ ما أَغنى عَنهُمْ ما كانوا يُمتَّعون﴾.

‏(ما أهون الخلق على الله إذا هم تركوا أمره)
لما فُتحت قبرص سنة (٢٨هـ) جلس أبو الدرداء -رضي الله عنه- يبكي، فقيل له:
يا أبا الدرداء، ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله.
قال : "ما أهون الخلق على الله إذا هم تركوا أمره، بينا هي أمة قاهرة ظاهرة، لهم الملك، تركوا أمر الله، فصاروا إلى ما ترى".

من تداعيات هذا الفرح الذي شمل أهلنا في سوريا؛ أنّه أحيا معنى الجسد الواحد لهذه الأمّة المحمّدية، وربطتهم رغم التّباعد المَكاني بين ديارهم؛ بميثاق العروة الوثقى، وإنّ من التداعيات التي يظهر أثرها جليّا في مشاهد مثل تلك؛ أنّها رسّخت في القلوب معنى اليقين الذي لا يُخالطه شكّ، فعدله قائم، وفرجه قريب، والله لا يُمكّن عباده حتى يبتليَهم، فالاستضعاف الذي حصل سنوات طويلة؛ أعقبه عزًا وتمكينا، وهذه سنّة الله في الأرض التي لا تُبدّل، وسننه باقية إلى قيام السّاعة، ومن أعظم التجلّيات المُشاهدة؛ مشهد القُدرة، ومشهد العزّة، فالله عزيز، والله غالبٌ على أمره، ويتّضح من هذا المشهد مشهدًا آخر، وهو مشهد الرحمة، فبرحمته فُتحت ديار الشام على يد أهل السنّة، تمكينًا لهم، وفي هذا المشهد دخلوا الجوامع ركّعًا سُجّدا، قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا!

غرفة عمليات ردع العدوان تعلن انتظار البلاد جميع أبنائها المهجرين من كل أنحاء العالم!

الله أكبر والعزة لله..

حجاب القدر كثيف لا يمكنك أن تطلع على ما وراءه، كما أنه ليس لك حيلة في تغييره ولا الفكاك منه، وإنما غاية ما تملكه التسليم والرضا بما كتبه الله لك، وأما الشرع فمحجة بيضاء واضحة لا لبس فيها ولا غبش، وقد أمرك الله ونهاك، ولم يكلفك إلا وسعك.

فلا تشغل نفسك بما ليس لك به إحاطة ولا لك عليه قدرة عما بيَّنه الله لك غاية البيان، وجعل لك الخيار في فعله وتركه؛ فإياك والتقصير في المشروع ومغالبة المكتوب فتخسر دنياك وآخرتك، وما كان من أمر دينك ودنياك في حدود قدرتك فلا تعجز عنه، وما هو فوق استطاعتك فلا تجزع منه.

• د. عبدالله القرني

فائدة | في أنَّ تقديم العبد للَّه سببٌ لكفايته التامَّة، وسرِّ ذلك وأسبابه.

اعلم أنَّ العبد إذا رتَّب قلبه فجعل اللَّهَ فيه أعلى والناس فيه أدنى، واستعانَ باللَّه القدير في الدَّقائقِ استعانتَه به في الجَلائل، وسألَهُ الشِّسعَ والمِلحَ كما يسأله الثقيلَ والكبير، فاعلَم أنَّ مثلَه يُكفَى ما أهمَّه دائمًا وأبدًا، وذلك لعلَّتَيْن: أوَّلهما أنَّ تقديمَ العبدِ الإيمانَ باللَّه وهو لا يراه على الإيمانِ بالمخلوقِ الظاهرِ وهو يراه ؛ هو إحسانُ ظَنٍّ منه برَبّه مع أنَّه لم يَرَ رَبَّه، وثانيهما أنَّ سؤالَه اللَّهَ في الدَّقائق كما يسأله في العظائم هو أمارةُ احتياجٍ منه للَّه في الحالتَين، وحُسنُ الظَنِّ والافتقارِ هذَان هُما مَفَاتِحُ استجابة الرَّحمن دعاءَ من يحقِّقهما.

والسبب في أنَّ من حقّقهما لا يُخذل، سببان: أوَّلهما أنَّ من أسرَعَ قلبُه إلى الرَّحمن قبل الخلائقِ لَا يتباطَأُ عنه الرَّحمنُ إنْ تباطَأَ عنه الخلائِق، وثانيهما أنَّ من قدَّمَ الرَّحمن في قلبِه لا يؤخِّره الرَّحمن عن معونَتِه ؛ لأنَّ عادةَ الرَّحمن المُماثَلَةُ والزيادة، ولا يعامل الرَّحمنُ المُحسِنين بالقليل أبدًا، بل بالكثير، إذ لا يجوز أن يكون العبد المخلوق أكثرَ من الرَّب الخالق، وهذه عادةُ الرَّحمن.

وأمَّا السبب في أنَّ حسنَ الظَنِّ به والافتقار إليه، والإسراعَ نحوه والتقديمَ لَهُ، ممَّا لا يُجازي -سُبحانَه- أصحابهم بالإعراضِ عنهم، فإنَّ الأمورَ تُعرَفُ قيمتُها إذا عُرِفَت أضدادُها، وذلك: أنَّ مَن احتاجَ للَّه في الدَّقيقِ والجَليل فإنَّما نَفَى عن نفسِه الاستغناءَ عن اللَّه العَظيم، وأثْبَتَ في نفسِهِ الحاجةَ إليه، أمَّا من احتاجَ اللَّهَ في الجَليلِ وحده فكأنّه ادَّعَى الاستغناءَ عنه في الدَّقيق، وأثبَتَ الاحتياجَ له في الجليل وحده ؛ ولا يستوي الحالان، كما لَمْ يستوِ البَحران، لأنَّ الذي احتاجك في أمرين أصدَق بشدَّة في إعلانِ فقرِه إليك ممَّن لم يحتَجْ إليك إلاّ في أمرٍ واحد. فافْطَن لذلك.

فمَن رتَّبَ قلبَه على هذا، وقدَّمَ اللَّهَ -سُبحانَه- على العالمين، فإنَّه يتولَّاه ويكفِيه ويُنقِذه ويُنجِيه ويُمنَحه ويُعطِيه، وابعثَ نظرَ فِكرِك في الدلائل والبراهين، تجد أنَّ كلَّ نجداتِ الرَّحمن لعبادِهِ تنزلُ مُسرعةً في الساعة التي يُقدِّمُ فيها العبدُ رَبَّه العَظيم، وهي الساعةُ التي يكون اللَّهُ في نفسِه أعلَى من منازلِ الناسِ في قلبِه، ولو ضُرِبَت الأمثلةُ الدالَّةً لسدَّت ما بينَ الأرضِ والسماء، فإبراهيمُ في وسطِ النار قدَّم قدرةَ الرَّحمن على جبريل، وموسى لدى البحر قدَّم قدرة الرَّحمن على فرعون، والصحابةُ ساعة الأحزاب قدَّموا وعد اللَّه على توعُّد الأحزاب.

والخِتام: إنَّ الأمرَ ليس بالتجريب بل باليقين، وليس بالرغبة ولكن بشدِّ الحيازيم، فإنَّ عادةَ الرَّحمن واحدةٌ، وإنَّما العبادُ هُم المُتَقَلْقِلُون، فالمتعاملُ مع الرَّحمن بالثقةِ مُعاملته مضمونة.

لمن يريد معرفة شيء من القضية السوريّة هذا المنشور وما بعده تحت وسم حرية مفيد:

https://t.me/jdmzn/394

﴿وَرَبُّكَ يَخلُقُ ما يَشاءُ وَيَختارُ ما كانَ لَهُمُ الخِيَرَةُ سُبحانَ اللَّهِ وَتَعالى عَمّا يُشرِكونَ﴾ [القصص: ٦٨]

"توكَّلْ على الرحمن في كلِّ حاجةٍ
... أردتَّ، فإن الله يقضي ويقدرُ
إذا ما يُرِدْ ذو العرش أمرًا بعبده
... يُصِبْه، وما للعبد ما يتخيَّرُ
وقد يهلك الإنسانُ من وجه أمْنِهِ
... وينجو بحمد الله من حيث يحذرُ

وقال آخر :
العبد ذو ضجرٍ، والربُّ ذو قدَرٍ
... والدَّهرُ ذو دولٍ، والرزقُ مقسومُ
والخيرُ أجمعُ في ما اختار خالقُنا
... وفي اختيار سواه: اللومُ والشومُ"