على الإطلاق..
لا تخلو ذاكرة سوريّة معاصرة من قصّة مأساة، طحنَت على مدى قرابة عقد ونصف معنى الحياة العاديّة داخلها.

هذه الذّاكرة الجريحة تفهم مآسي العالم كلّه - ولو أنّها ليست بذات القدر - وتعرفها.

تعرف رائحة الموت..
واللّيلة الأولى لأمّ الفقيد، بعد تلقّيها للخبر..

تعرف صرخة الأطفال..
وماهيّة الرّعب الذي ينتهي بزهق الرّوح.

تعرف تفاصيل آلاف الصّدمات التي لا تستطيع تقبّل الحقائق الملطّخة بالدّماء، فتقتضمها على هيئة أنباء.

إنّها تعرف الأيادي المبتورة، كما الألسنة..
والظّهور المقصومة، كما لو كانت أعواد خيزران.

البيوت المهدّمة..
والنّزوح.

تعرف الطّرقات المقطوعة..
كما شبكات الاتّصال.

تعرف الوداع..
الذي لا يملك عن اللّقاء ثانيةً أيّة فكرة..
تعرف الفقد.

إنّها تعرف الجوع..
تعرف البحث في الحاويات عن قشورٍ للطّعام.

تعرف التّدفئة والطّهي على دفتر "باربي"..
لأنّ صغيرة البيت لم يعد لديها مدرسة.

ذاكرة بلادي تعرف القهر..
بشكل مرعبٍ جداً..
و"على الصّامت .. بدون عزاء".

#حسام_العيسى

في حلب..
لن تستغرب ممّن كان من المفترض أن يستجدوا دعاء النّاس لهم بالأمن والأمان، أن يقولوا لك في ختام منشوراتهم على الفيس بوك:
"لا تنسَ غزّة".

عندما تعيش أعواماً من المِحن، هنا في حلب، ستفهم الفارق بين أمّة تَعرف الإيمان، وأمّة تُعرَف به.

#حسام_العيسى

في عِلم الطّبّ..
قبل زراعة الأعضاء، لا بدّ من إجراء ما يعرف بالتّوافق النّسيجيّ.
إذ تؤخذ عيّنات من دم المتبرّع ودم المتلقّي، يُستخرج منها الحمض النّوويّ، تُجرى عليها عمليّات التّحليل اللّازمة، تُسجّل القراءات، تُحلّل البيانات، ليُؤخذ بعدها القرار في زراعة العضو أم لا.

هذه العمليّة المعقّدة في تفاصيلها، والتي تستغرق وقتاً جيّداً، تكفل للمتلقّي سلامته، وتضمن له قيام العضو المزروع بوظائفه.
ومن الجهل الأحمق بمكانٍ، أن يُقدَم على إجراءٍ كهذا، دون اكتراثٍ لنتائج التّوافق النّسيجيّ.

إذ سنكون أمام خيارين:
إمّا فشلٌ مطلَق، يتمثّل باستنفار الجهاز المناعيّ، ورفض العضو الجديد، ولفظه عن المنظومة الفيزيولوجيّة ككلّ.
أو انتشار إنتانيّ مترقٍّ، ينجم عن إعطاء المريض مثبطّات مناعيّة، تكفّ الجهاز المناعيّ عن ممارسة دوره الرّافض للعضو الذي لا يراه موائماً.

هذا مثالٌ فحسب.
قِس عليه مفترقات الطّرق الخطيرة التي تقف عليها في حياتك.
وسَل نفسك..
هل أنت ممّن يدرسون وقْع الخطوة الأولى "التّوافق الحياتيّ"، أم لا؟

احتفِظ بالجواب عندك.

#حسام_العيسى

"كلّ دموع الأرض لا تستطيع أن تحمل زورقاً صغيراً يتّسع لأبوين يبحثان عن طفلهما المفقود."

هو مجرّد مشهدٍ يصوّر فيه غسّان كنفانيّ حالة الفقد المحتومِ بدموعنا وبدونِها.

إذاً، هي ليست قضيّة حاجة..
بل قضيّة وجدان، لكلّ من يعلم أنّ ما باليد حيلة..
لكنّه أراد أن يغيّر شيئاً بلسانه أو بقلبه، وذلك أضعف الإيمان.

لا بدّ من قلوبٍ ترى وتسمع وتفهم، معنى أن يعيش أهل غزّة - إلى الآن - حياةً ليست كالحياة..
ولن يدرك حقيقة الأمر أحد سواهم..
وحدهم من اجترعوا طعم الموت هواناً..
أكبر أمنياتهم أصبحت ربّما أن يأتي الموت بصورته الاعتياديّة التي تأتي للبشر في بقاع الأرض الأخرى..
دون أن يخطف - على حين غرّة - صوت أب أو أمّ أو طفل..
أو أن يمحي من سجلّات البشر هناك أحلاماً يعتبرها غيرهم روتين حياة.

#حسام_العيسى

ونعوذُ بك من أن نكون ممَّن خالَطوا النِّعم وألِفوها فأنكروها، بدلاً من أن يشكُروا.

#حسام_العيسى

جرِّب مرّةً واحدةً أن تبقى كما أنت، أمام حدثٍ تغيّرت معطياته ومفرداته مع الوقت..
ستبدو غريباً جدّاً..
غريباً عن نفسك على الأقلّ.

باعتقادي، حتّى الثَّبات أمام متغيّرات الحياة، يلزمُه تغيير..
ولا أقصد بهذا التّغيير أكثرَ من "ديناميكيّةٍ" تصون المبدأ على تعدّد واختلافِ ظواهره.

#حسام_العيسى

ثمّة حدٌّ فاصلٌ بين الانتظار والاستهلاك..
على اعتبار أنّ الانتظار سِمةٌ شبه مُطلقة في حياتنا.

إنّ تجاوز هذا الحدّ سهلٌ جدّاً..
يكفي من أجله أن ينسى الواحد منّا كيف يعيش!

#حسام_العيسى

لا يُمكن لإنسانٍ أن يُعطي وردةً واحدةً، بعد أن قدَّم باقةً؛ لم تكلِّف متلقّيها أن يشكُر له عبقها..

إذ يُمكن للمرء أن يعطي بلا مقابل..
لكنّه لن يتمكّن - مهما بلغ إيثاره - من أن يستمر..
هكذا، وكأنّه وصيٌّ على العباد والبلاد.

هذه المعادلة بسيطة جدّاً..
ومنطقيّة..
ولا مجال للتّنظير فيها أعتقد.

#حسام_العيسى

أعتذرُ عن إيقاف الكتابة حتّى إشعارٍ آخر..
نلتقي على خير، إن شاء الله أن نلتقي ثانيةً.

#حسام_العيسى