•••

لن تُوَلّد الأُمّة العظماء دون ثَمَن..

ولن يُخَلّد التاريخ أسماء الفارغين، ولن يسير في درب اللّه أيّ خائفٍ مرتجف! الأيّام القاسية تَصقل نُفوسًا صَلبة، وشدائد الامتحان تُثَبّت الإيمان، مَن رامَ المَعالي يُدرِك شَوكَ الطّريق، والذي يَلزَم ثَغره كأنّه الأمل الوحيد فيه؛ لن يقف! يا طول البَلاء أعدَدنا لك نَفَسًا يَسبِقُك، ويَقينًا يَغلِبُك، نحن اليوم نُعَدّ، وغدًا نَشتَدّ، يقينًا باللّه؛ فجر الأُمّة اقتَرَب.

•••
يَا وحدنَا ؛ إذ تُركنَا وحدَنا …

للمَوت، للجُوع، لاحتِضَان أحزَانَنا
للدّم النّازف عِزًا نتوضّأ بِه للصّلاة

يَا وحدنَا..
كُل الجِراح الّتي بِنا، مَا كَانت إلّا لترسُم عِزَّنا
كُل الدّموع الّتي بِنا، مَا كَانت إلّا لتُنبِت زَهرنا
كُل الدّماء الّتي بِنا، مَا كَانت إلّا لتُشعل ثأرنَا

نَرجُوا رِضاكَ وأن تُعجّل نَصرنَا .

•••

أمّا بعد…

وألّا نتعَب هُنَاك
بَعد كُلّ ما قاسَيناهُ هُنا ..

•••

أمّا بعد…

ما قُدِّرَ سَيَمضي؛ شِئنَا أم أبَيْنَا، رَضِينا أم سَخِطنا ونحن إما أنْ نَصبِرَ فنَربَحَ، وإما أنْ نَضجَرَ فنَخسرَ، والسوقُ قائمٌ، ربِحَ مَنْ رَبِحَ، وخَسِرَ مَنْ خَسِر .

**•••

أمّا بعد…**

وكلَّ يومٍ نزدد يقينًا، أنَّ ﴿مَنْ قَضَى نَحْبَهُ﴾ هو السَّعيد والله!، ونحن أُسارىٰ خوف الخواتيم بقينا نسأل أنفسنا من بعدهم ألف مرةٍ عند ذكراهم -ولم ولن ننساهم-
كيف نالوا الشَّهادة ورجعنا!
وكيف وصل الشُّهداء وحُرِمنا!
لقد أدركنا أن القوم كان فوزهم بالصدق..
عبروا لدار النّعيم علىٰ الأشواك والجمر..

أمَّا نحن لا تزال أقدامنا طريَّة..
لا تتحمل وخز الشوك، ولسع الجمر!

وغدًا نُبدِّلُ مِيمًا في "مَتى" ألِفًا
يا ربِّ صَبرًا وحَقِّق ذلِكَ الأملَ.

أمّا بعد…

نَدُّقُ أَبوابَ رَمَضَان ونحنُ نَجمَعُ بَينَ فَرِيضَتِينِ عَظِيمَتِين ، فقد فَرضَ اللهُ على المُؤمِنِين الصِّيَام فَأتبَعَ آياتُ الصِّيَام مُباشَرةً بِآياتِ الجِهَاد.

"كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيَامُ"
فأتبعها بِِـ "وقَـٰتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ" ثُمَّ
"كُتِبَ عَلَيكُمُ القِتَالُ"

فما أعظَمَ أن يَلتَقِي الصِّيَام بِالجِهَادِ فِي شَهرِ الفُتُوحَاتِ العَظِيم، ما أعظَمَ أن تكون صَائِمًا وأنت مُرابِط وصامِدٌ فِي أرضِك ، وأنتَ تُصهِرُ آليات خَيبر وتُثخِنُ فِي أَعدَاءِ الله.

هَنِيئًا لِمن يَرتَقِي صَائِمًا مُجَاهِدًا صَابِرًا وجَائِعًا فِي سَبِيلِ اللهِ!
فاللَّهُمَّ تقبل منّا صِيَامَنا وصَبرنَا وجِهَادَنا خَالصاً لوجهِك الكَريم ، وأكرِمنَا شَهَادةً فِي سَبِيلِك تَكُون بِإقبَالٍ غير إدبَارٍ…

**وَلَا تَهِنُوا
وَلَا تَحْزَنُوا
وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ
إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (139)

إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ

وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا
وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ
وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140)

وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ
آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141)

أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ
وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142)!**