كان من عادتنا أن نقرأ كل ليلة، وكنا نختار ذلك الوقت بعد صلاة العشاء في محاولة لاسترجاع ذلك الهدوء الهارب من صخب اللعب وصوت الضحكات العالي، كجزء من الاستعداد لنهاية اليوم.

وكنا قد اشترينا مجموعة قصصية جديدة شارفنا على الانتهاء منها لم يتبق لنا إلا كتابان أو نحو ذلك.
سألتهم أي الكتب سيختارون ؟ ولدهشتي اختاروا نفس الكتاب الذي قرأناه في الليلة السابقة !!

بعدما انتهينا سألتهم عن سر رغبتهم في إعادة نفس القصة بالرغم من علمي بحرصهم على البدء في الكتاب الجديد،

وكانت دهشتي أكبر لمعرفة السبب، فبطل القصة كان مهملاً لدرجة تسببت في كسر لعبته المفضلة، وهو ما أثار التعاطف في نفوسهم تجاه بطل قصتهم والعزم على ألا يكرروا ذلك الخطأ.

وربما كانت عودتهم إلى نفس القصة من باب الوقوف على التفاصيل ونقد وتحليل أحداث القصة والظفر بالعبرة والوسيلة، ولكنهم كانوا أصغر من أن يدركوا كل تلك المعاني الكبيرة.

تعاني أمتنا -أمة إقرأ- من أزمة هوية كبيرة، ويتجلى ذلك بوضوح في اللغة المستخدمة بين عموم المتعلمين، من فقر الكلمات، وضحالة الفكر، وغياب للثقافة العامة، والبوصلة الصحيحة للخطأ والصواب.

يعد تسطيح المدخلات المقدمة لأبناءنا وقصورها على مواد مرئية خالية من الفائدة في أغلبها -إن لم تضر- وتراجع أهمية القراءة وعدم اهتمام الأهل بتعويد الأبناء عليها، أحد أبرز أسباب تلك الأزمة.

فالدعوة إلى القراءة هي أول ما بُدئ به الوحي، وذلك لعظم أهميتها وأثرها.

ليست القراءة وسيلة فقط لتنمية المهارات اللغوية لأبناءنا، وزيادة حصيلة مفرداتهم،  ولكنها أيضاً وسيلة للتعرف على العالم من وجهات نظر مختلفة، وفرصة لتجربة واختبار العديد من المشاعر وكيفية التعامل معها، والتعرف على كثير من الخبرات الحياتية.

كذلك تسهم القراءة في تكوين الفكر النقدي والتحليلي لدى الأبناء، فلا يقبلوا الأفكار المعروضة عليهم دون تحليل، ونقد ونقاش وعرض على منظومة القيم الخاصة بهم.

الاهتمام بالقراءة لأبناءنا في سن صغير تساعد على تقوية الرابطة الوالدية بيننا وبين أبناءنا، فالاحتواء والقرب في لحظات القراءة تجعل الأبناء أكثر تقبلاً للرسائل والقيم التي يريد الآباء غرسها.

فالقراءة غرس ونماء ووقاية.

ومما يساعد على جعل القراءة تجربة ماتعة، هو مشاركة الأبناء في اختيار محتوى الكتب بما يتناسب مع ما يمر به الأبناء في مراحل نموهم المختلفة و الموضوعات التي تثير شغفهم.

عودي أبناءك البحث عن إجابات الأسئلة في الكتب، واحرصي على تحليل، ومناقشة محتوى الكتاب، وطرح الأسئلة النقدية ببساطة، كلٌ حسب مرحلته العمرية، وبشكل لطيف حتى لا تتحول القراءة الحرة إلى واجب مدرسي.

حدثي أبناءك عن تاريخ العرب والمسلمين، والمكتبات والمؤلفات العريقة في أرجاء الخلافة الإسلامية، من بغداد مروراً بدمشق والقاهرة وصولاً للقيروان وقرطبة ، التي أضاءت للبشرية النهضة الشاملة في كل العلوم والآداب.

🖋بقلم ا/ نهى حجاب

#لنقرأ_معا
#أكاديمية_التربية_الرحيمة

جلسنا في ركن الحديقة نتجاذب أطراف الحديث، وعيوننا تلاحق الأطفال وهم يلعبون.

أراها حائرة عبثاً تحاول إقناعه باللعب مع باقي الأطفال، تتركه وتبتعد ثم مايلبث أن يعود ليجلس إلى جوارها.

تسأله إحدى الصديقات لم لايريد اللعب؟!

ينظر بخجل إلى الأرض، ويتورد خداه بلا إجابة.

يهمس لإمه أنه يريد بعضا من تلك الحلوى المعروضة هناك على بعد خطوات،
تعطيه المال ليذهب ويشتريها إلا أنه يفضل الجلوس عن الذهاب وحده.

من منا لم يلتقِ بذلك الطفل الخجول الذي يجد صعوبة في الترحيب وتحية الأشخاص الذين لا يعرفهم جيداً حتى من الأقارب؟!

هادئ جداً في الصف الدراسي،
يفضل الجلوس في الخلف لدرجة تشعر معها أنه غير موجود،
فهو يفضل دائماً أن يبقى بعيداً عن دائرة الضوء.

تتساءل محبطة 😞

"ماهو الخطأ الذي ارتكبته معه؟
وماذا يمكن أن أفعل كي أساعده ؟
هل هناك أمل؟ أم أن الخجل طبع جبلي لايمكن تغييره؟"

الشعور بالخجل يختلف بالتأكيد عن الحياء.

فالحياء كما قال ابن حجر" هو خلق يبعث صاحبه على اجتناب القبيح، ويمنع من التقصير في حق ذي الحق".

بينما الشعور بالخجل هو شعور بالتوتر والقلق من مواجهة المواقف الاجتماعية المختلفة أو الأشخاص الذين لا يعرفهم جيداً، أو يتعرف عليهم للمرة الأولى.

إذن،
فالخجل يعيق الإنسان، وقد يمنعه من الخير في أغلب الأحيان،
وربما يورثه الجبن ومجاراة أصحاب السوء في ظروف أسوأ.

ولكن هل الخجل صفة وطبع لا يمكن تغييره؟

الخجل هو صفة يولد بها الإنسان، في الأغلب نتيجة عوامل وراثية.

ولكن طرق التربية والتوجيه الصحيح تساعد في التغلب بشكل كبير على الكثير من الآثار السلبية لذلك الطبع.

ومن أهم الأسباب التي تساعد في التغلب على شعور الطفل بالخجل هي البيئة السوية التي ينمو فيها.

فشعور الأبناء بالقبول والحب والمودة والتواصل الدائم مع ذويهم يعزز الشعور بالأمان و القيمة،

وكذلك التعامل المتزن مع أخطاء الطفل بدون مبالغة أو تهوين والابتعاد عن النقد الهدام.

وهو ما ينعكس بالضرورة على تصرفاتهم وثقتهم بأنفسهم، وبالتالي يقل الشعور بالقلق من التعرض للمواقف المختلفة.

الثقة بالنفس هي أقوى سلاح في مواجهة الخجل.

كما أن ثقة الأبناء في أنفسهم هي فرع من ثقة الوالدين فيهم،

فاحرصي عزيزتي على تعليم أبناءك المهارات المختلفة سواءا الاجتماعية أو الحياتية، وتدريبهم عليها بالتدريج، والاهتمام بنقاط القوة عند طفلك وتعزيزها، والعمل على تحسين نقاط الضعف بدون التركيز عليها.

كذلك الابتعاد عن المثالية الشديدة فهي من نواقض الثقة وأدعى إلى زيادة القلق والتوتر عند الطفل.

تدريب الطفل على المواقف الاجتماعية المختلفة، وكيفية الرد على الأسئلة التي تسبب له التوتر عن طريق لعب الأدوار.

دعيه يقوم بدور الشخص الكبير الذي يوجه الأسئلة، وقومي أنتِ بأداء دوره ثم تبادلوا الأدوار حتى يشعر بالاسترخاء ويستطيع الرد.

البعد عن التدليل المفرط والقسوة الشديدة، فذلك مما يساعد على انزواء الأبناء، والهرب من المواقف المختلفة ومن تحمل المسؤولية خشية التعنيف.

وأخيراً،
التشجيع على خوض تجارب جديدة في بيئة آمنة للطفل،

وذلك بالتدريج مما يزيد من قدرته على التعامل مع المواقف المختلفة و اكتساب مهارة حل المشكلات، وهو مايعزز ثقته بنفسه ويساعد على تقليل شعوره بالخجل.

بقلم/ ا. نهى حجاب 🌷

#أكاديمية_التربية_الرحيمة
#خجول_ولكن