فَاحَ شَذاها العَذِبُ
وذاعَ للمَلأ بِشْرُ
في آلِ أحمَدٍ قَد وُضِعَت
اليَومَ رُقيّة أغَرّت وأزْهَرت

بِسْمِ الله؛

بالسّمَا شَعَّ سِراجٌ واستَقَر
إنّه المَهديُّ أقبَلَ بِالسُّرَر
ساطِعًا كالشَّمسِ بِضياهُ مُنتَشِر
كُلَّ نُورٍ بِقُدومهِ آضَ مُستَتِر

بِسْمِ الله؛

في دُجى الأيّام تأتي لفظةُ "يا علي"
وضّاءةً بازغةً على أرواحنا
فنحن حالما نُردّدها
حتّى يأتي المَدد
مُسرعًا مُلتفًّا على قُلوبنا
لأنّها هي هكذا هذه اللَّفظة
مقرونةً بِكل معاني السّلام
وهي مصداقٌ للرحمة الإلهية
الّتي تُرافق العباد في عُسرهم
فنحنُ لا نزال نُردِّد "يا علي مَدد"
ما إن طرقت الشدائد أبوابنا
حتّى نشعر بأن الشَديدة
أصبحت سَرابًا
لذلك اعتادوا أبوانا على أن يَقرنون
هذه اللَّفظة بألسنتنا
منذُ الصِّغر لِتبقى رفيقةً لنا
مِداد العُمر لذا أصبحنا
لا نعرف لله وسيلةً غير "يا علي"
حتّى أنّها أصبحت هذه اللفظة
عنوانٌ لصلة المُؤمن بربّه
وقد قال تعالى: "وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ"
فابتغينا "يا علي"

بكرمكِ أُمّاه، لا بِجُهدي

وأنا يا سَيِّدي عليلةٌ
وعِلَّتي الإشتياق
فهَلَّا تَحنّنت عليّ
بِترياق الوِصال

!?

الخامِسُ من صَفَر..
بِرفقةِ قَصيدة خطّار إجانِي،أُحاوِل أن أصِف ما أشْعُرُ بِهِ،
فَيوقِفُني البيتُ الشِعريّ الذي بِعنوان: أحچي شَأحچي بعض المُصايب صَعبة تِتفَصَّل.
آهٍ إنَّه المَوعد الذي يَأتي كُلَّ عامٍ يَختلِسُ منّي رُوحِي، بَل وأنامِلي وقَلَمي،
فَكيفَ لي أن أشرحَ هَوْل مُصيبةً أكبَر من أن تَحْتويها أبْجَديّة،
وأكبَر من أن تُصوِّرَها الكَلمات،
فَلا شِعرٍ ولا نَثرٍ يُمكنَه أن يَفيهَا حقَّها،
تِلكَ المُصيبة التي اختَطَفت قَلبَ طفلةً، لا تُدرك مَعنى للحَنْين ولا لِلفِراق،
طفلةً لِلتوِّ شُوهِدَت نُعومَةَ أظافرَها،
طفلةً تَرى الأمان على هَيئةِ أبيهَا،
طفلةً لها عينانِ بريئتانِ لَمْ تَشْهَدانِ يَومًا مَنظرًا دامِيًا،
فَكيف لهَا الآن أن تَرى كفَّيهَا خَشِنتانِ من شدَّةِ احتكاكِهِما بالقُيود،
وكَيف لهَا أن تُذْعن أنَّ أمانَها قد سُلِب، وكَيف لمُقْلَتيهَا اللّامِعتان أن تَشهدانِ رَأسًا مَنْحورًا،
مُجرَّحًا، مُضَرَّجًا بالدِماء، مُغطّى بالتُراب،
طفلةً اعتاد خَدُّهَا النّاعم على لثْماتِ فَمَ أبيهَا، والآن باتَ هذا الخَدُّ أزرقًا من سَطراتِ الأعداء.

هُنا أصبَحت أنْفاسِي تَضطرب وتَلتهِفُ حُزنًا، إذ بَدأت صُورة المَوقف تَتوسّع في ذِهْني، فَلهفي لهَا إنِّي أراهَا تَحتضنُ الرَّأس وكُلَّما أزاحَت عنهُ تُرابًا،
فُوجِئت بَجرحٍ مَملوءٍ بالدِماء،
والآن شَاهَدت شَفتاهُ مُتَخشِّبة من شِدّة الظَّمأ،
ويلاه ما الذي يَدورُ في ذِهْنهَا الآن،
ويلاه إنَّ دُموعَها بَدأت تَفيضُ على شِفاهِهِ،
فَلعلَّها تَظِنُّ أنَّ الدُّموع تَستطيع أن تَروي ظَمأه، ولَرُبّما إن زالَ العَطش الآن قَد يُكلِّمُهَا، ولكن لَم يَحدثَ ذلك،
وهَا هِيَ الآن بَدأ يَعلو صُراخهَا، وبَدأت آهاتُهَا تَخنُقُ أنفاسهَا الصَّغيرة،
آهٍ يبدو أنَّها الآن بَدأت تَعْي ما يَحدُث، وبّدأ المَوقف مُهْوَلًا لهَا أكثر، فأصبَحت تتساءلُ بِصوتِها الشَّجي، الخائِف المُرتجِف، أبَتي من الَّذي أيتَمني على صُغرِ سِنِّي؟
فيا لِلأسَى!
قَد أدرَكت رُقيَّة أنَّها تَيتَّمَت،
وهذا ما لا يَحتمِلَه قَلبُها الصَّغير، فَبدأت الآن تَنقطِعُ أنفاسَهَا،
وتَخمِدُ صَراخاتِهَا،
أخيرًا إنَّها التحَقت بِمَحبوبهَا،
وتركَت خلفَهَا..
رِوايَةً تتْرَحُ لهَا الأنفُس
عُنوانُها:لا حَيَاة بِلا حُسَيْن.

تَاللّهِ طالَ الفراقُ ولَمْ تعد الرُّوح تَقواهُ يا سيِّدي!