قناة احمد علي على تيليجرام ( شروحات تقنية ، تطبيقات ، أفلام ومسلسلات ، خلفيات ، و المزيد )
Last updated 4 weeks ago
يرمز تيليجرام إلى الحريّة والخصوصيّة ويحوي العديد من المزايا سهلة الاستخدام.
Last updated 1 day, 1 hour ago
- بوت الإعلانات: 🔚 @FEFBOT -
- هناك طرق يجب ان تسلكها بمفردك لا اصدقاء، لا عائلة، ولا حتى شريك، فقط انت.
My Tragedy Lies With Those Things That Happen in One Second And Remain
- @NNEEN // 🔚: للأعلانات المدفوعة -
Last updated 2 weeks, 6 days ago
هذا البوست ليس دفاعًا عن السعودية..والمتابعون القدامى يعلمون مواقفي منها..لكن هو حديث عن الهند...وسبق أن تحدثت عنها في حلقة منذ عشر أشهر..وكانت رحلة طويلة عن الرأسمالية وصناعة الفقر في عشر دول..وكان للهند نصيب لمدة 25 دقيقة من الحديث..لمن لا يحب القراءة
ومثلها ألوف الحالات من الفتيات اللواتي يتم بيعهن كعبيد لسد نقص الإناث في ولايات أخرى يتم فيها وأد البنات أو حرقهن وهن عرائس..بل أحيانًا يتم تزويج التفاة المخطوفة لذكور أسرة كاملة..تخيل أن تتعرض فتاة للخطف، ثم تصبح عبدة لخمس أو ست شباب إخوة..وأصبح لتلك الظاهرة اسمًا جديدًا في الهند، وهو ‘‘دروباديس‘‘ نسبة إلي الشخصية التي تحمل ذاك الإسم في فيلم ‘‘مهابهارتا‘‘ والتي كانت متزوجة من الأخوة بانادرا الخمسة.
هذه مجرد نماذج فقط من الهند الحقيقية..الهند التي لا نشاهدها في وسائل الإعلام..الهند الديمقراطية التي تسحب الجنسية من المسلمين، الهند التي يحتقر فيها الهندوس هندوسًا لأنهم فقراء، والهند التي ليست كأفلام السينما حيث ترقص الفتيات وتمرحن، بل هي جهنم النساء، حيث تصدرت الهند وفقًا لدراسة مجلة لانسيت البريطانية عام 2019 قائمة انتحار النساء في العالم..هذه عينات بسيطة من الهند..المجتمع المبني على الكراهية والاحتقار..والتمييز والسحق..ثم تنتج الهند فيلم سينما عن هندي تعرض للعبودية في السعودية..وهي الهند نفسها التي تؤئد فيها البنات ويتم بيعهن كعبيد على مرأى ومسمع من الحكومة..انتقد أوضاع العمالة الهندية في الخليج كما تريد..لكن يا أخي..انتقد ما لديك أولًا.
وأتمنى من الهند - صديقة إسرائيل الحميمة وداعمها الأول في آسيا - أن تنتج فيلمًا عن كل هذا الرعب القاطن بداخلها..وأن تصلح أوضاع أهلها أولًا..لأن من يُهان في منزل أبيه، لن يجد الرحمة أبدًا من غيره.
صباح عادي..مزارع يتجه إلي عمله في السابعة..وفجأة يستوقفه بعض الأطفال ويصيحون فيه قائلين..‘‘أخي: هناك شخص دفن طفل هنا‘‘..ينبش المزارع الأرض، ويجد طفلة مدفونة..لحسن الحظ كانت علي قيد الحياة..بدأت الشرطة في البحث عن الأهل لإبلاغهم..لكنها صُدمت بهوية الفاعل..من كان هو؟..أبوها..الوالد دفن الطفلة حية ويفتخر بذلك أمام الشرطة..بل ويبرّر قائلًا..‘‘لدي 7 بنات..ماذا أفعل بهن؟‘‘..ثم يسأله الشرطي ‘‘هل تريد استعادة طفلتك؟‘‘.فيجيب الأب. ‘‘لا، أعطوها لشخص آخر‘‘..في الأخير أخذت أسرة محرومة من الإنجاب الطفلة..وأسموها..بولاكشمي.
كان حظ بولادكشمي جيدًا..لأن عشرات ألوف الفتيات في الهند يتم وأدهم شهريًا دون أثر..عام 2007 قامت الشرطة بتفتيش إحدي المناطق المملوكة لعيادة أشعة فوق صوتية..لماذا؟..هل تتهرّب العيادة من الضرائب مثلًا؟..لا..بل استأجرت منطقة مجاورة وفيها دفنت مئات الفتيات اللواتي قتلن بعد ولادتهن فورًا..مدّ رجال الشرطة حبالًا إلي بئر ضحل مجاور للعيادة، ثم التقطوا عشرات الأجنة المدفونة، وكذلك جثث فتيات قُتلن فورًا عند الولادة..لن أنسي ما حييت تلك المشاهد التي رأيتها في وثائقي BBC تحت عنوان India's Missing Girls..كان الأمر حقًا أشبه بمقبرة جماعية لقرابة 40 فتاة.
هل تتخيّل؟..خلال آخر 30 سنة تم التخلص من 12 مليون جنين أنثي، بحسب دراسة البروفيسور بارافات جاها من مركز الصحة العامة في تورنتو..تُعرف هذه الممارسة في الهند باسم ‘‘ Gender Selection‘‘..عندما تعلم الأم بحملها، تذهب لإجراء اختبار تحديد الجنس، وإن كانت المولودة فتاة..فإنها في الأغلب سوف تُقتل بإحدى طريقتين..الأولى هي إجهاضها..أما إذا فات أوان الإجهاض..تقوم الأسرة بالانتظار حتي ولادة الطفلة ثم تفعل أحد أمرين..إما خنقها بوسادة أو دفنها حية..كم طفلة تُقتل في الهند، إما بالإجهاض أو القتل بعد الولادة؟..مانيكا غاندي وزيرة المرأة والطفل سابقًا تُجيب برقم صاعق..2000 يوميًا.
لماذا تُقتل الفتيات علي هذا النحو في الهند؟..المهر..أسرة الفتاة هي التي تدفع المهر للعريس..وكلما كانت الأسرة فقيرة، كلما عجزت عن تزويج البنت..تصبح الإبنة عبء..تأكل وتشرب وربما تتعلم..لمَ كل هذا إذن؟..قتلها وهي جنين أو رضيعة أسهل من دفع مهرها..هناك أسر فقيرة تتمكن من دفع المهور..تبيع مواشيها وربما كوخها لتدبير ألوف الروبيات..لكن الزواج ليس أبدًا حبل النجاة..لأن أسرة الزوج لن تتوقف عن طلب المال..هناك قصة قرأتها في التليجراف قبل سنوات..عن فتاة دفع أهلها مهرها..حماتها كانت دومًا تُعايرها بلون بشرتها الداكن..لم تتوقف الأمور هنا..الحماة ذهبت لوالد الزوجة وطلبت تعويض عن بشرة ابنته..ليس تعويض وإنما ابتزاز.
لكن الأب باع واستدان لدفع ما يُعادل 2500 سترليني حفاظًا على زواج ابنته..لكن الحماة كانت ترغب في زوجة أكثر بياضًا لابنها، وبالطبع مهر جديد..ماذا فعلت؟ استدعت زوجة ابنها..أغلقت الباب..وأشعلت فيها النيران حتي الموت..في نفس فيلم ال BBC إن لم تخني الذاكرة..شاهدت قصة عروسة اسمها ‘‘ريشاما جانيش‘‘، حماتها كانت تكرهها وترغب في زوجة أخرى بيضاء لابنها..فما كان منها إلا أن أحرقتها حيّة..وإلى الآن لا أنسى ذلك المشهد وأنا أشاهد العروسة ريشاما والحروق تُغطي جسدها ولا تنقطع عن البكاء، بينما تمسك بورقة تُلون عليها بعض الرسومات..هذه الظاهرة تُسمي في الهند ‘‘حرق العرائس/ Bride burning‘‘..كم زوجة تُحرق حتي الموت سنويًا؟ الأرقام الرسمية تقف عند 9000، وتقديرات المنظمات غير الحكومية تذهب لأربعة أضعاف ذلك الرقم.
ماذا تتوقع أن يحدث عندما تُقتل الفتيات عند الولادة؟ بالطبع خلل ديموجرافي فادح..قدّرته نيودلهي رسميًا في إطار عملية المسح الإقتصادي الفائت للسكان في يناير 2018 بنحو 63 مليون فتاة..نعم 63 مليون فتاة اختفت من السجلات..وهناك ولايات مُعينة انخفضت فيها نسبة الإناث عن الذكور بصورة جلية.. في هاريانا وصلت مثلًا ل 928 أنثي مقابل كل ألف ذكر، والأمر أسوأ في البنجال الغربية ب 700 فتاة فقط..هل سُيعدل المجتمع مساره؟..لا مزيد من المهور التي تؤدي لفتل الأجنة والرضيعات وحرق الزوجات؟..لا..المرأة ستدفع الثمن مجددًا..والثمن هذه المرة هو ‘‘العبودية‘..لكنها عبودية لا تود الهند الحديث عنها في الأفلام..عبودية الخليج تبدو أكثر إغراءً..
ما زلت أذكر قصتها..اسمها ماكليشا..والداها تُوفيا وهي في عمر الثالثة..عمتها التي كان يُفترض بها رعايتها..قامت ببيعها..والخاطف باعها للزواج..زوجها الأول تُوفي بعد 3 سنوات..بيعت ماكليشا ثانيةً..تلك المرة لزوج لم يكن يتوقف عن ضربها..ماكليشا جائعة؟ حسنًا يأخذها للحقل ويُطمعها كثيرًا من روث البهائم..ماكليشا ستُصاب لاحقًا بأمراض عقلية من الرعب الذي عايشته، حتي تكاد تعجز عن البوح وترتيب الكلام..شاهدت ماكليشا في وثائقي الجزيرة الإنجليزية الذي حقق 1,7 مليون مشاهدة..تحت عنوان India's Slave Brides..
ألف ضعف تلك القصص حكيناها هنا في تلك الحلقة من بودكاست ألف باب على يوتيوب..هل فعلا من وُلد فقيرًا يُمكن أن يصبح غنيًا؟، أم أن قواعد المنظومة الرأسمالية تمنعه؟..وما الحل..من تجارب 10 دول..شاكر جدًا
في الهند أيام الحكم البريطاني..الإنجليز لعبوا لعبة حلوة..وهتكبر بعد كده لغاية ما تبقى أنت جزء منها..ادي للناس الأمل..أنت يا فلاح في ولاية أوتار براديش عايز فلوس..الإنجليز هيدوك لما تشبع..بذور ولا سماد طبيعي..اؤمر يا أبو الهنود..الهندي ياخد..ميعرفش يسد..يشتغل أكتر..بعد ما اتداين للأنجليز..يسد الدين..فوائده..طيب لسه الأصل..محتاج أشتغل..طيب عايز محاصيل..اتداين..سد الأصل الجديد..والفائدة الجديدة..حسبة برمة..الشغل هنا فقط بيكون لسد الديون..فظهر بعد كده مصطلح اسمه ‘‘عبودية الديون‘‘.
منظومة العمل الحديثة خدت الفكرة وجرتها للعالم الجديد أبو بدلة وكرافتة وجيبة..خد أجر..مش هيكفي..محتاج قرض عربية، تلاجة قسط، تكييف بتخفيض، اشتري..اشتري تاني..الأجر مش هيكفي..فتفضل تلف في الساقية..ومش هتعرف تسيب الشغل لأنه على حسه بتعرف تسدد التزاماتك للبنوك والدائنين..والشغل مش هيديك مرتب زي الناس..لأنك لو اتغنيت هتسيب الشغل لأصحابه..مينفعش..عبد بالدين..8 ساعات يبقوا 16 ساعة في وظيفة تانية..وتفضل من شغل لشغل عشان تكفي أهل بيتك أساسيات مولتها بالدين لأن المرتب مش بيكفي..وعدّ كام واحد منّا بيشتغل عشان الأقساط..كام مليون واحد؟.
بس الماكينة الأميركية-الأوروبية التي اخترعت اللعبة وبتعرف ازاي تدورها..بدأت تبطل الكلام ده..غرب أوروبا الاسكندنافي مثلًا محكوم بقواعد الرفاه الاجتماعي..الساعة شغل بكذا..وعدد ساعات العمل اسمها كذا..وعلماو حاجة اسمها lebensqualität أو جودة الحياة..زمان نيتشه كان لهم مقولة أن العبد هو من لا يمتلك ثلث يومه للتصرف بحرية..ورجعوا يطبقوها..جودة حياة يعني صحة وتعليم، يعني وقت فراغ وسينما ومسرح ورياضة، يعني تأمين يغطي مصريف ولادك وشيخوختك..وبقى الوقت المخصص للترفيه جزء من أساسيات الحياة..ولزامًا على الدولة أن توفره للناس.
لكن لما الأوروبيين يخرجوا بره بلادهم..لأ..شغل بقى العمال في بنجلاديش 40 ساعة في الوردية لغاية ما مصنع رانا بلازا يقع في رأسهم سنة 2013 ويفنى 1300 إنسان في دقيقة..اللي بنعمله لأهالينا حاجة..واللي ينعمله في العالم اللي بناخد منهم أيدي عاملة رخيصة..حاجة تانية..نفتح بقى مصانعنا عندهم، ونشغل ولاد بلدهم بأجور رديئة، ونراكم الأرباح ونصدرها لوطننا الأم، ندفع هناك ضرايب للحكومة، فتعمل طرق ومستشفيات ومدارس..بس الأوروبي دايمًا محتاج منظرّ..شخص تافه يصدر قيم عمل هما بنفسهم رموها من فوق كتافهم عشان صحة ورفاه شعوبهم..شخص بيتأجر في إيفنتات للشركات اللي بتشتغل الموظفين بتوعها..أنك هتاخد أجر قليل بس بكره تكبر..ده أنت ابن الشركة..خطاب تحفيزي فيه 40 ألف كلمة إنجليزي تعليم الشارع بس بيتقالوا بتفخيم كده..لازم حد يشربهم الذل بمعلقة فضة..زي السيدة التي كانت تخطب في فلاحات قطف أوراق الشاي في الهند.
أهو ده بالظبط اللي أشكال التنمية البشرية المطلوقة علينا على فيسبوك بتعمله عشان تزود اسمها في الترند..تمرير الذل في هيئة شخص كاتب كلام على صورته وهو قاعد في مكان 5 نجوم..وفي الآخر هتتغني لما تشتغل 16 ساعة زي ما بيقولك؟..لأ...لأن مينفعش تتغني..ولا ينفع تعيش آدمي..لازم يحولك لماكينة جمع فلوس..جمع فتات..تلضم اللقمة في اللقمة وفي الآخر متلاقيش رغيف عيش كامل..لأنك لو لقيته..هتشبع..والشركة هتخسرك، وهو هيخسر الساعة اللي ب 800 $ تدريب..والأسوأ..الرسالة الأردأ..أنها هتشيلك ذنب فقرك وقلة حيلتك..لأنك لم تقبل تكون عبد على مقاسه..
والأكثر سوءً..أنها هتدي مبرر لأصحاب العمل أنهم يرموك ويجيبوا ألف غيرك..لأن ثمنك اتخفض جدًا بعد ما غيرك قبل شروط العبودية بالألوف..فلما تيجي تقول عايز كيلو لحمة..زيادة 400 جنيه..هيبقى مصيرك زي الموظف اللي بدأت به الحكاية.
الخطاب مش ليك..أبدًا..ألخطاب لتدجين أجيال من الشباب..ولمخاطبة أرباب العمل..شوفوا أنا بجيب بضاعة رخيصة ازاي..زودوا ثمن الساعة بتاعتي..هي دي قصة ال 16 ساعة !
لو اشتغلت 16 ساعة هتبقى مليونير كما تعدك الرأسمالية؟..لا والله..ولا عمرك هتكون..
مرة كنت في مكان ما -أتحفظ على ذكر اسمه - وكان مُلاك المكان ماسكين أحد الموظفين انتقادات ليل نهار..ليه يا عم؟..عايز 400 جنيه زيادة على مرتبه..أنا فعليًا تخيلت أن مرتبه مثلًا 6000 جنيه شهريًا ( الحد الأدنى للأجور ) وطمع في 400..أتاري مرتبه 2300 جنيه..دول شاملين كل حاجة..يعني أكله وشربه ونومته وقومته..وقسمًا بربي الواحد من أصحاب المكان لو صرف 10 آلاف جنيه يوميًا، ما يكون صرف حاجة..الراجل طلب ثمن كيلو لحمة بس..ورفضوا..ومسحوا بكرامته الأرض..وفي الآخر طردوه..كانت من ضمن الحجج اللي سمعتها - أنا وإنسانة عزيزة جدًا مصدومة من الموقف - أنه خلف 3 عيال..واحنا مالنا..هنربيهم مكانه؟..طيب ما يشتغل شغل تاني يجيب منه فلوس؟ ولا احنا هندفع ثمن أكل وشرب ولاده؟..ولما حد سأل الجمهور المعرتض على الزيادة..طيب الراجل أصلًا بيشتغل كل حاجة حرفيًا، وبينما 5 ولا 6 ساعات..هيشتغل إيه تاني؟..كلوه حي..يبقى يعيش على قد اللي معاه وميوجعش دماغنا..واتطرد فعلًا.
مرة - مش فاكر حكيت القصة دي ولا لأ قبل كده - كنت بشوف وثائقي على دويتشه فيله عن أغلى شاي في العالم..شاي دارجيلنج المزروع على جبال ولاية آسام الهندية..البنات اللي بيطلعوا يقطفوا ورق الشاي..على ارتفاع 2000 متر فوق سطح البحر..بياخدوا 30 ولا 40 سنت يوميًا..وكيلو الشاي بيتباع في ألمانيا في نوادي الأثرياء ب 1600 يورو..لما البنات اعترضوا بعد تعرض مئات منهم لأفعال غير أخلاقية من المزارعين..وبعضهم تُوفي من الإجهاد البدني..كان رد فعل الألمان المشغلين والهنود أصحاب الأرض..أنهم لفقوا تهم ل 4 ولا 5 ينات وديتهم ورا الشمس عشان الباقي يخاف.البنات دي كانت مش بتشتغل 16 ساعة..لا..مفحوتين أسابيع بنوم نص ساعة يوميًا لغاية ما جالهم انهيارات عصبية وانتهى بعضهم بالفعل في حفرة متر في متر.
كان ملاك الأراضي عاملين حيلة لطيفة كده..زي بتوع التنمية البشرية..ما هم عايزين يخلوا البنات تقبل أجور مخيفة في ردائتها..عبودية بمعنى الكلمة..فجابوا واحدة تكلمهم أنها كانت فلاحة زيهم واشتغلت وسمعت الكلام وبقت شطورة..ودلوقتي هي مالكة حيازة في أحد مرتفعات آسام..فالبنات ينبهروا أووي بالكلام ده..ويشتغلوا 16 ساعة..وأصحاب الأراضي يكسبوا، والألمان يشربوا ويستمخوا من الشاي..والسيدة المتحدثة كان متأرة بالساعة وملبسينها هدوم كويسة ومألفين لها قصة كفاح..عشان البنات يقبلوا يبقوا عبيد من غير ما يفتح فمهم بكلمة..والنتيجة اغتنوا؟..لأ..ليه؟..لأن مينفعش يغتنوا..مينفعش يشتغلوا 16 ساعة ويكون معاهم فلوس..لأن لو بقى معاهم فلوس، محدش هيقبل الذل ده..لازم العمل يتحول لماكينة..توعدك بالجنة..ولا عمرك تشم ريحتها..توعدك بالأجر العادل مقابل المجهود..ومش هتاخد غير المجهود..والأجر يكنزه صاحب العمل في جيبه.
شركة شل البريطانية-الهولندية راحت بقى دلتا النيجر في نيجيريا..فليمرح السكان ويفرحوا..أتتكم الاستثمارات الأجنبية..طردوا السكان من بيوتهم..خدوا الأراضي..مدوا أنابيب النفط..الناس زعلت..أراضينا وحقنا..فين الجنة اللي وعدتونا بيها..ساعتها شركة شل جابت مناديب ( الكلام ده كان سنة 94-95 ) يقنعوا السكان بالعمل الجاد والدؤوب..هنلبسكم موظفين وتشتغلوا حراس أمن وتقعدوا على كراسي..والناس صدقت والمشروع دار..2000 إنسان بقوا موظفين فجأة..سابوا حقولهم ومزارعهم السمكية ومهنة الصيد اللي كانت عاملة مركزهم الاجتماعي..وبقوا حراس أمن وعمال رصف..
16 ساعة مين؟..ده الوردية كانت 4 أيام في بعض...بقوا أغنياء؟..لأ..اللي اتغنى الانجليزي في لندن والهولندي في أمستردام والنيجيري في مبني الولاية..والعيال اللي صدقت..في الآخر..اترموا في الشارع..ولما فتحوا فمهم بكلمة يطلبوا مستحقاتهم..شل علقتهم في الحبل..5 أفراد ذهبوا لعدل ربنا فوق في السما..لكن حظ الشركة أن كان بينهم ناشط بيئي اسمه كين سيريرو..إزهاق روحه عمل ضجة واتكشف التلاعب..وقتها في حملة العلاقات العامة..كان رد فعل الشركة..معلش..آسفين..بس كده..الأسف لأنك صدقتهم..الأسف لأنك صدقت أن العمل الشاق هيخليك غني..الأسف أنك اتكلت ع الله..عادي نشوف غيرك.
زمان في القرن ال 18 كان الانجليز يحضروا الأفارقة للعمل كعبيد في مزارع قصب السكر في أميركا اللاتينية..كان شيء واضح تسهل إدانته جدًا..شخص نسرقه من قارته، لقارة تانية، ويعمل بلا أجر..العبودية قعدت 200 ساعة وانتهت..بس اللي استجد مكانها عبودية جديدة..عبودية الأجر..ودي مراوغة جدًا..أنت أهو في بلدك، بتشتغل مقابل راتب، ومحدش بيجبرك على شيء..عبد منين بقى؟..عبد لأن صاحب العمل خلاه يلف في ساقية آخرها عدم الاكتفاء..تشتغل مهما تشتغل ومدخراتك بسيطة..لا هتعرف تبني بيت ولا تجيب أرض ولا تستغنى عن شغلك لأن مفيش غيره..فتفضل تلف في الساقية لغاية ما تطلع معاش وأنت مستهلك تمامًا..ومعملتش حاجة.
صور المقابر الجماعية في غزة مرعبة..
مئات البشر تعرضوا للتعذيب وسلخ الجلود ونزع الأعضاء وقطع الرؤوس ودفن بعضهم أحياء حتى الموت في مجمع ناصر الطبي في قطاع غزة..الواحد كان يعتقد أن هذه الأمور انتهت من العالم..انتهت منذ الإبادة في رواندا سنة 1994 لما قتل الهوتو أبناء عرقية التوتسي، أو مجزرة سربرينتشا في البوسنة أو مع الحرب العالمية الثانية لما قتل السوفييت عشرين ألف بولندي في مجزرة غابة كاتين.
لكن اليوم نشاهد تلك الصور على البث الحي..كيان استيطاني هجين يسلخ رؤوس البشر ويدفنهم أحياء..كيان مدعوم من الدول ‘‘الديمقراطية‘‘ يستجوب الناس ويعدمهم دون محاكمة..فقط لإرضاء غريزة القتل والعقاب الجماعي..عالم بأكمله يتآمر على غزة..عالم اهتزت كل أركانه من أقصى الأرض لأدناها، لدرجة تخلت فيها أميركا عن حياء الديمقراطية الزائف، وبدأت في اعتقال أساتذة جامعيين بطرق وحشية من الضرب والتكبيل وسحق اعتصامات ألوف الطلاب، فقط لأنهم يرفعون اسم غزّة في مظاهراتهم.
غزة، مع الوقت نكتشف، أنها لا تحارب نيابة عن أهلها بل نيابة عن قيمة يرغب العالم في محوها..الحرية..فكان جزاء أهلها التنكيل والتقتيل والدفن أحياء..اذكروا مساويء عدوكم..احفظوا المجازر، ورددوا في قلبوكم كل الأدعية المُسالة على ألسن المغدورين وهم يساقون إلى المذبحة..الهزيمة سوف تبدأ بالتعود والنسيان..كم من شعب سامح في حقه ونسى أهوال المجزرة فكان مصيره الإبادة والفناء..واسألوا أهالي أميركا الأصليين، وقد أصبحوا أثرًا بعد عين..اسألوا شعوًبا كانت تحيا بيننا لقرنين خلوا، ثم أصبحوا كلمة في سطر في ورقة في كتاب التاريخ.
كل ما يرغب به الصهاينة هو تحويل الفلسطيني لذكرى بعد محو آثاره..وقتها فقط..حين يسكت صوت الفلسطيني الأخير..سوف يفتحون دفاتر الاعتذارات..‘‘عفوًا..أبدناهم لضروة تاريخية وها نحن نعتذر‘‘..يحب الغرب المتقدم الاعتذار جدًا بعد إفناء البشر، لكنه سوف يسحقك ما دمت تقاوم..وغزة تقاوم عنّا، عن أولادنا وأهلينا وأموالنا وأخلاقنا..وغزة أبدًا ليست نهاية شرهم..سيبدأون بالغزاوية وسينتهون بكل بيت عربي..احفظ أعدائك..وقبل الصهاينة الذين داسوا على الزناد، تذكّر الأميركي الذي دفع إلى اللحظة مبلغ يفوق 40 مليار $ لقتلك..حتى عندما يحين وقت الحساب، لا يلومنا لائم على رد الدين !
والنزوح الإسباني..ولن يصادق يومًا فتاة برونزية البشرة كاللواتي يمرحن على شواطيء الكوبا كابانا..مش هيقدر يعيش زي الأغنياء..بس ممكن يبقي شبههم في حاجة رخيصة..الفانتا..وماتت الجوارانا المفيدة وعاشت الفانتا المهلكة المميتة..وفي المنتصف باعت كوكاكولا الوهم..والفقراء اشتروه.
ذلك بالتحديد ما تفعله الشركات الكبرى..نستله تدمر صحة أطفالنا..وكوكاكولا تدمر الزراعة المحلية بالوهم..وألمانيا تدمر زراعة القمح في السنغال..وفرنسا وألمانيا يدمرون صحة الأطفال بالبيتزا المجمدة..ثم عندما تخر تلك الدول الفقيرة راكعة، وتنمحي صحة أبنائها بالتدمير الأوروبي الممنهج..ماذا يحدث؟..فلتكن إذن القروض المشروطة ..ليس بغرض المساعدة..بل من أجل سرقة إضافية ضخمة..ضخمة جدًا..وسأحكي لك هنا قصة مروّعة بمعنى الكلمة..عن واحدة من أكبر جرائم البنك الدولي..مسرح الجريمة؟..تشاد.
دائمًا ما كان يُنظر إلي تشاد بإعتبارها كمًا مهملًا، ندرة مياه وشح موارد ونزاعات قبلية، وعندما يهتم العالم بها، يكون السبب فقط موقعها الملاصق لليبيا حيث تختمر أحلام العقيد القذافي التوسعية..لكن كل شيء تغيّر في منتصف التسعينات حينما اكتشفت إكسون موبيل مليار برميل من الإحتياطي النفطي في حوض دوبا في جنوب تشاد..بدأ تايكون النفط الأميركي المهمة من الصفر، شيّد مدينة ومدّ خطًا من الأنابيب بطول 660 ميل من جنوب تشاد إلي ميناء كريبي علي خليج غينيا مُخترقًا غابات الكاميرون المطيرة.
لم تكن إكسون موبيل بمفردها..في منتصف التسعينات كانت شركات النفط الغربية تواجه أزمة علاقات عامة في إفريقيا، بعد تواطؤ شل مع الحكم العسكري في نيجيريا علي إعدام الصحافي والناشط البيئي كين أو ساريرو المعارض لجرائم شل البيئية في دلتا النيجر..لم ترغب إكسون موبيل في تصدر المشهد التشادي بمفردها..كانت تبحث عن غطاء دولي يمكّنها من تحييد النقد..ستجد شريك الجريمة..البنك الدولي.
ذهب مسئولو إكسون موبيل إلي البنك الدولي، وطلبوا الدخول في شراكة في حوض دوبا النفطي..أتت موافقة البنك بعد تردد..اتفق الطرفان علي خطة عمل..عائدات النفط التشادي لن تدخل الخزينة التشادية أبدًا، عوضًا عن ذلك سوف يتم إيداعها في حساب ضمان في ‘‘سيتي بنك‘‘..10% من تلك الأموال سوف يستثمرها البنك في ‘‘صندوق الأجيال القادمة‘‘ تحسبًا لنفاذ النفط من تشاد مستقبلًا.
ماذا عن ال 90% الباقية؟..يتم التصرف بها علي النحو التالي..80% تُنفق علي القطاعات الحيوية مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية، بواسطة لجنة مشتركة من الحكومة والمجتمع المدني والنقابات والكنائس، 15% لصالح النفقات الحكومية مثل الرواتب، و5% لتنمية حوض دوبا النفطي..عالم وردي جميل..البنك الدولي سيمنع الحكومة التشادية الفاسدة من إضاعة أموال النفط، وسوف ينفق الجانب الأكبر منها علي الصحة والتعليم.
تخيّل..أن يكون هناك نفط في أرضك..ثم تنتظر عوائده لتنمية الصحة والتعليم..لكن الشركة الأميركية والبنك الدولي يستخرجوا النفط ويسرقوا الأموال ويضعونها في صندوق خاص..ويُحرم منه ملايين التشاديين الجائعين..تخيّل..كم كان الثمن؟..تقاسموا الأموال مع الرئيس الفاسد إدريس ديبي..له ولأسرته النصف والباقي للبنك الدولي..ولتحيا القروض باسم التنمية..صحيح نسيت أن أخبرك..البنك الدولي شيّد 4 مزارع من عوائد النفط..لا تكفي لإطعام عشرة آلاف تشادي لوجبة واحدة..ومنّوا عليهم بالغذاء المسروق من قوتهم.
ثم يسألني أحدهم عن لماذا الرجل الأبيض أصل مشاكل الكون..لأنه ببساطة يقتلك في استعمار، ثم يهندس منظومة شيطانية لتكبيلك بالديون بعد الاستقلال..ثم يسرق أرضك، مالك وزرعك..ثم لا يكتفي بل يصدر الموت لأطفالك الصغار..شركاته الكبرى نستله وكوكاكولا وألف غيرها..دوله العظمي المتشدقة بالإنسانية..ألمانيا وفرنسا..مؤسساته النقدية التي تحكم الكون..البنك والصندوق..ثم تستغرب عندما يسمحون بقتل الفلسطيني؟..لا والله..بل هي على طول الطريق..قصة إنساننا وإنسانهم..إنسان العالم الأول الذي يحافظون على صحته..وإنسان العالم الثالث الذي يقتلونه تارة بالسكر في حليب أطفاله..وتارة أخرى بالرصاص يخترق رؤوسهم..
وهل ما زلت تسأل نفسك بعد ذلك هل يتوجّب عليك المقاطعة أم لا؟..نستله التي تستعد لغزو الأسواق بمنتجات الآيس كريم في الصيف وكذلك كوكاكولا..إن لم يكن من أجل إخوانك في فلسطين..فلأجل صحة أطفالك على الأقل..هذه منتجات لا يُرجى منها ولا من صنّاعها خيرًا..هو قتل..إما مباشر بالاموال التي تذهب للصهاينة..أو مؤجل بأمراض تصيب الأطفال منذ الصغر..وباستهلاكك لتك المنتجات..تتخيّر فقط إما ميتة سريعة لإخوانك أو ميتة بطيئة لأطفالك..وأرجو ألا تختار واحدة منهما !
شركة ‘‘نستله‘‘ في فضيحة مدوية كُشف النقاب عنها حديثًا..تضع السكّر في حليب الأطفال والسيريلاك الذي يُباع للأطفال الفقراء في العالم الثالث..بينما في الأسواق الأوروبية لا تستخدم السكر حفاظًا على صحة الأطفال الأوروبيين..سأحكي لك في السطور التالية..كيف يُدمّر الرجل الأبيض صحة أطفال الفقراء ويسرق ثرواتهم بطريقة شيطانية..من أين نبدأ؟..أكيد ألمانيا..
ألمانيا ابتكرت لعبة دنيئة جدًا..هي بلد منتج للقمح، لكن لديها فائض محلي كبير جدًا يقارب (40%) وترغب في فتح أسواق جديدة لصادراتها..ماذا تفعل؟..تدعم المنتج المحلي بشكل كبير، فيصبح سعره أكثر تنافسية في الأسواق العالمية عند التصدير..يعني لو تكلفته على الفلاح الألماني مثلًا 1000 يورو في الفدان..يستطيع بيعه في الخارج بعد دعم الحكومة الألمانية ويصبح ثمنه 500 يورو..إلى من تبيعه ألمانيا؟..لدول إفريقيا التي ترتفع فيها أسعار المواد الزراعية من سماد وخلافه..ف سعر القمح السنغالي مثلًا للفدان مثلًا يكون 1500 يورو..
من يكسب إذن عند المستهلك السنغالي؟..أكيد القمح الألماني..وبالتالي دمرت ألمانيا زراعة القمح تمامًا في السنغال لصالح منتجها المحلي..وياليتها تقف عند تلك النقطة..لأ..القمح الألماني المُباع للسنغال يكون من الأسوأ بعد خلطه بمواد أخرى ومليء بالحشرات نتيجة لسوء التخزين..وتدفع الحكومة الألمانية رشاوي للمسئولين المحليين في السنغال لقبول القمح..أو تهددهم بقطع المعونات الغذائية.
هل قلت معونات؟..تلك قصة أخرى..ألمانيا وفرنسا يشتركان في تقديم المعونات الغذائية للشعوب الإفريقية..لبن وخلافه من منتجات صحيّة؟..يا رجل صلي على النبي..ده طفل إفريقي لازم نرسل له حثالة المنتجات..اللبن الصحي ذاك للأطفال الشقر البيض..إنما الأفارقة؟..نرسل لهم الموت مغلفًا بورق فاخر..وكالة التعاون الدولي الألمانية ونظيرتها الفرنسية لديهم شركة اسمها ‘‘بروباركو‘‘..وهذه الشركة تمول صندوق اسمه ‘‘فانيسي‘‘..وهذا الصندوق لديه شركة خيرية اسمها ‘‘الأغذية الأوروبية لإفريقيا‘‘..
الشركة الخيرية تقدم مساعدات غذائية..صح؟..طبعًا أومال..المساعدات للأطفال الأفارقة الفقراء في كينيا والسنغال هي بيتزا..اسمها بيتزا أوتيكر..البيتزا الوحدة ثمنها 3 يورو داخل ألمانيا..تبيعها أوتيكر للصندوق الخيري ب 9 يورو..45 مليون يورو من البيتزا المجمدة ذهبت لأطفال العالم الفقير..وأهي اسمها إحسان وصدقة وتبرع..وهم فعليًا يدمروا صحة الأطفال الأفارقة..وأهو منها يشغلوا شركاتهم..ويحسبوها أمام العالم مساعدة تنموية.
هل ألمانيا تتوقف في الفساد الغذائي عند تلك النقطة؟..لأ..تخيل..ماذا يفعلون بشعب زامبيا؟..البلد يعاني من أزمة مياه حادة..ولديه مساحات شاسعة تحتاج للري ولإطعام السكان المحليين..جاء الألمان أهل الخير والبر والإحسان..عرضوا تمويل زراعة الصويا في مزرعة ضخمة شمال العاصمة لوساكا..الحكومة الزامبية أعطت لهم الأرض بالمجان..هل يحترم الألمان النعمة؟..لأ..قاموا بالتحايل على القانون الزامبي وسجلوا الشركة في دولة موريشيوس للتحايل على الضرائب..وصدّروا كافة إنتاجها للخارج بعد أن استغلوا الدولة..
وليس هذا أسوأ ما في الأمر..حدث ذات مرة أن تعرّضت طفلة محلية للدغة ثعبان، فذهب الأب يترّجي إدارة المزرعة لفتح باب العيادة..الرد؟ رفضوا حتي مجرد السماح له حتي بتجاوز الأسوار، والنتيجة أن الرجل تكبّد ساعة ونصف من السير للوصول لعيادة أخري، ولما بلغها كانت الطفلة قد تُوفيت..تلك هي ثمرة المساعدات الغذائية..سرقة أهل البلد وقتل سكانها وحرمانهم من العلاج.
هذا هو الغذاء الأوروبي..الموت لفقراء العالم الثالث والنجاة للأوروبي..دعني أحكي لك والله قصة إضافية أو قصتين..تلك المرة عن شركة ‘‘كوكاكولا‘‘..هناك كتاب لطيف قرأته قبل عشر سنوات وهو من تأليف فرانسيس مورالييه وجوزيف كولينز تحت عنوان ‘‘صناعة الجوع: خرافة الندرة‘‘ ويحكي - إن لم تخني الذاكرة- في الباب الثامن (جوع العالم بوصفه نشاطًا اقتصاديًا ضخمًا).. عن فاكهة تنمو بصورة طبيعية في حوض الأمازون وهي ‘‘الجوارانا‘‘..كانت فاكهة الفقراء من سكان البرازيل، لغاية ما كوكاكولا قررت تقضي عليها..والموضوع لن يتكلف أكثر من لافتات موزّعة علي طرق ترابية لا تعرف السيارات إليها طريقًا..عليها صورة شاب وسيم، يفصل بينهم وبين شلّة من الفتيات الجميلات، باب سيارته المرسيدس..وفي يده زجاجة فانتا برتقال.
الفقير البرازيلي أسود البشرة من نسل الأفارقة الذين جلبهم الإنجليز في القرن الثامن عشر عبر رحلة مهلكة في المحيط الأطلنطي، علي متن سفنهم المبحرة من ليفربول (ميناء العبيد الأشهر في العالم) والراسية علي شواطئ خليج غينيا لمبادلة الأسلحة والمنسوجات الإنجليزية مع شيوخ القبائل بالعبيد، ومن ثم نقلهم للعالم الجديد ( أميركا الشمالية واللاتينية والوسطي والكاريبي) للعمل في صناعة مخدرات ذلك العصر ( السُكر)..هذا الفقير لن يستطيع شراء سيارة مثل البرازيلي الأبيض وارد الإستعمار البرتغالي
حركة الجهاد الإسلامي التي أسسها فتحي الشقاقي أدارت عملياتها الكبرى بدعم إيراني مثل عملية بيت ليد..كان الشقاقي نفسه يذهب لطهران ويقيم في دمشق بعد إخراجه من قطاع غزة..وهنا تستطيع مشاهدة وثائقي الجزيرة ‘‘اقتلوه خارج دمشق‘‘..وبالفعل قُتل الشقاقي في قبرص في عملية اغتيال إسرائيلية، لكن الدعم الإيراني لحركة الجهاد لم ينقطع..حركة حماس كذلك..حوصرت من العرب أجمعين، ووجدت مبتغاها في ‘‘معسكر المقاومة‘‘..وشواهد الدعم الإيراني بالتأكيد كبيرة..لكن على سبيل المثال يمكنك الرجوع لوثائقي الجزيرة عن ‘‘الزواري‘‘ مهندس الطائرات المسيرة لحركة القسام..والذي تلقى قسطًا من التدريب في إيران.
لكن ولا مرّة خاضت إيران حربًا مباشرة مع إسرائيل..استطاعت خلق وتمويل بؤر توتر طويلة الأمد تستنزف إسرائيل على النطاق الحدودي..وتضمن توجيه الجهد التعبوي الإسرائيلي لمواجهة مخاطرها، دون الالتفات للبناء التراكمي الاستراتيجي لإيران في صناعة الطائرات المسيرة والصواريخ الباليسيتية والأهم البرنامج النووي..بل كانت تلك الساحات ميدانًا لتجربة القدرة العسكرية الإيرانية وإعادة بناء قوة وسمعة إقليمية تضمن لها مكانًا أفضل على طاولة المفاوضات مع القوى العظمي..أما تلك المرة فهي مختلفة.
قد لا يكون الرد الإيراني عملاقًا من وجهة نظر الكثيرين..طائرات مسيرة تُطلق وتصل بعد 9 ساعات..وكان الأجدى أن تستخدم إيران ترسانتها الصاروخية الكبيرة لتوجيه ضربة قوية لإسرائيل..صحيح..لكن استراتيجيًا هذا تطور هائل في الصراع..إيران تواجه لأول مرة إسرائيل بصورة مباشرة..إيران تقصف إسرائيل من حيزها الإقليمي..إيران لا تعتمد على الحلفاء..بل قادرة على وضع المنطقة كلها في حالة تأهب وجرّ المنطقة كلها بل والعالم لحرب عالمية..وهذا وضع فُرض على إيران..لم يكن بإمكانها تجاهل الرد وفي نفس الوقت لا تستطيع الرد بصورة ساحقة..لأنها سوف تكون سياسة الأرض المحروقة..ستوجع إيران إسرائيل وسوف تفتح عليها حربًا هائلة من كل الجبهات..لكن في المقابل حرب أميركية-إسرائيلية شاملة تدمر القوى العسكرية الإيرانية..فكأنها وقتئذ عندما ترد عن نفسها فإنها تدمر نفسها كلية..وهذا تكتيكًا واستراتيجيًا غير منطقي.
إسرائيل تحاول منذ عقد ونصف استعداء أميركا ضد إيران..حاولت مرات وفشلت..وربما أرادت من قصف القنصلية الإيرانية إحداث حالة إرباك تدفع لرد إيراني قياسي، يسقط مئات وألوف القتلى الإسرائيليين، فتعيد إنتاج الوحدة الداخلية الإسرائيلية المفقودة من حرب غزة، ومن طرف آخر تستجلب أميركا للصراع، فتحقق هدفها الأكبر بإسقاط نظام الحكم في إيران..وتكون حرب غزة قد حققت أكبر أهدافها..قطع منبع التمويل والسلاح..وليس فقط مواجهة حركة حماس الصامدة..ولا يمكن لصانع القرار الإيراني الإنجرار لمثل هذا الفخ..فكانت الضربة بأهدافها المحدودة..إيصال رسالة بأننا نستطيع الوصول للعمق الإسرائيلي..نستطيع تجاوز الخطط الحمر بالضرب من أراضينا..نستطيع استنفار تلك المنطقة وجرها لخراب دائم..فإمان ضبط أميركي للسلوك الإسرائيلي وإما حرب الكل ضد الكل.
من ينتظر حربًا إيرانية شاملة..لن يجدها..ومن يقيس الحرب بضربات ساحقة مدمرة..فتلك مقاييس غير دقيقة..القوة أن تستمر في مشروعك..تستثمر في بناء قوتك الداخلية والإقليمية..وتكون ضرباتك على وزن الحدث..لا أقل منه ولا أكثر..وتنتظر..ذات مرة سئل الزعيم الصيني دينج شياو بينج عن الصمت الصيني في مواجهة العقوبات القاسية على الصين بعد أحداث تياننمين..فردّ وقال ‘‘ راقب بحذر، تمسَّك بالأرض التي تقف عليها، كن هادئًا، من السيئ بشدة أن تفقد الصبر، كن هادئًا من جديد، وحينما تسنح الفرصة، يجب أن ننقض لتحقيق شيء كبير لأنفسنا؛ للصين‘‘..وهذا بالظبط ما تفعله إيران..إيران تصبر ولا تنجر..تتحرك ببطء في حين يسرع الآخرون ويخطئون..تراكم قوتها في حين تفقد دول جوراها قوتهم تدريجيًا..بدأت ثورة منبوذة إقليميًا وانتهت لإحدى القوى الكبرى في الإقليم..وبالتأكيد ألف مرة..سوف تكتسب موقفًا أقوى حين تكون أول دولة منذ 40 عام تستهدف العمق الإسرائيلي من قلب أراضيها..وتلك خطوة لها ما بعدها.
قناة احمد علي على تيليجرام ( شروحات تقنية ، تطبيقات ، أفلام ومسلسلات ، خلفيات ، و المزيد )
Last updated 4 weeks ago
يرمز تيليجرام إلى الحريّة والخصوصيّة ويحوي العديد من المزايا سهلة الاستخدام.
Last updated 1 day, 1 hour ago
- بوت الإعلانات: 🔚 @FEFBOT -
- هناك طرق يجب ان تسلكها بمفردك لا اصدقاء، لا عائلة، ولا حتى شريك، فقط انت.
My Tragedy Lies With Those Things That Happen in One Second And Remain
- @NNEEN // 🔚: للأعلانات المدفوعة -
Last updated 2 weeks, 6 days ago