« نعمتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ منَ النَّاسِ الصِّحَّةُ والفراغُ »

لا طالما مرَّ علي هذا الحديثُ كثيرًا، ولم أكـن أستشعر قيمته الحقيقية ولا أجد في قلبي له أثًرا، أُضيِّعُ الوقت، وأصرفُ صحتي عن كل ما هو مُفيد، ألهو وأعبثُ بها؛ إن تألمت كتمت الألم، وإن احتاج هواي لمشربٍ أو مأكلٍ هرولتُ إليه رغم علمي بأنه ضار!
وهاهي سنواتٌ كنت أصرفها هكذا، أهمل صحتي، ألهو في فراغي ولا أشعر به إلا وقد انقضىٰ، ويا ليتني بعدها أتعظُ، بـل أكرر الكرة مراتٍ ومراتٍ، ومضت سنون حياتي هكذا، بينَ مُتمنٍ ومُسرفٍ بما أنعم الله علي به من نعم، وظللت هكذا حتى ذقت لباس المرض -وشيئا قد يَقول الناسُ عنه ابتلاء، وإنه والله ليسَ هكذا أبدًا؛ فعندما أنظر لمن يجاورني في نفسِ الغرفة وأرى أمراضهم مقابل مرضي أبكي من رحمة الله، وعندما أتفكر قليلا في قدرة الله ورحمته أحزن على نفسي وعلى ما كنتُ أظنه بلاءً وهو خيرُ النِعم، فسبحان الله وليمحص الله الذين آمنوا حقًا وأسأل الله أن أكون منهم،- فهذا الذي رزقنيه الله من مرضٍ رزقني معه فراغ الوقت ليجتمع غيابُ النعمتين في آنٍ واحدٍ فأعرف قدرَ غفلتنا وقدر لهونا في هذه الدار الفانية؛ فهذا المرض رغم وجود العلاج إلا أنه مؤلم ومُحيِّرٌ لا يستطيع الأطباء حتى اليوم أخذ القرار المُناسب، ونفسي مُعلقةٌ هنا تنتظر إما الشفاء التام مقابل بلاءٍ مؤقت وألم مؤقت، أو بقاءُ هذا الألم لأجلٍ غيرَ معلوم، فأذوق في اليوم الواحد تارةً الألم وتارةً الصحة وفرقٌ بينهما ومن رحمة الله بي أنه الليلة يُذيقني شيئا من مرضِ مريضةٍ بجواري رغم اختلاف المرضين تماما إلا أن الأقدار شاءت وأصبحت أتألم شيئا من ألمها وأرفع يدي مثلها لأجل أن أرتاح ولا أرتاح، وهذه هي الحياة!
ومع المرض أذوق فراغ الوقت وسهر الليل دونَ فائدة ليومين متتاليين فهذا جسدي به آلام والناس نيامٌ والخارج ليسَ بأمـانٍ؛ لذا لا أستطيع إشعال الضوء أو الخروج؛ لأجـل أن أقرأ كتابًا أو آية من المصحف غيرَ محفوظي!
لأعرف بعدها فضل حفظ القرآن أكثر ومدى حاجتي له، وأعـرف أن النِعم قد تُسلب من العبد في غمضة عينٍ، وأعرف أن هذه الأربع وعشرون ساعة ليست بالقليلة أبدًا لننجز شيئا ونصنع مجدًا بل كثيرةٌ لكننا نُضيعها ونتحجج ونختلق الحِجج إن لم نجدها، ترى أحدنا يمسك هاتفه كل ثانية ليرى جديد الأخبار ثم يشتكي من تراكمات الكُلية والعلم الشرعي، ومدى صعوبة الجمع!
ونرى أنفسنا ننام الليلَ ولا نقومه ثم نشتكي كثرة النوم، وضياع الليل ولو أن أحدنـا همَّ بنفسه لفتح تطبيقٍ من تطبيقات العصر لوجد عنده القدرةَ على السهر للصباح!
وهذه إن كانت لا تكون إلا ضعفَ همةٍ وقلةُ تصديقٍ بالآخرة وإيمانٌ ناقصٌ بدأ يضيع؛ لأن المرء لو كان ينظر لعين الآخرة لتقوت همته وازداد إيمانه؛ فما فترت همته أبدًا وما نام الليل إلا منجزًا لما قد رامه من حلمٍ لا يعرف متى يُحقق إلا أنه سيُحقق -الجنة-، واهٍ من الألم على هذه الليلة التي تسهر فيها رُغمًا عنك إما لهمٍ أو مرضٍ ولا تذكر الله فيها إلا قليلا وتضيع عليك ولا تنتفع بالسهر الذي سهرته!
أشدُ أنواع العقوبات أراها هذه أن يكون العبد فارغا ولكنه لا يوفق للعبادة والطاعة مؤلمة لو تدبرناها أكثر من هذا المرض الذي لا تجد له علاجًا.

وهذا هو الإنسان لا يعرف قيمة النِعمة إلا عندما يفقدها يتحسر ويندم لكن هناك يومٌ سيأتي لن ينفع فيه الندم -يوم القيامة- ولن ينفعك إلا عملك فإن كان خيرا فخيرا وإن كان شرا فشرا، ووقتها ليسَ هناك ألوان؛ فأصحاب الألوان هناك لا نعميا أخذوا ولا عذابًا حصدوا -أصحاب الأعراف- ووقتها هم كذلك يندمون، ولكن أكثرنا ندما هم أصحاب اللون الأسود -أصحاب لنار- فهؤلاء قد خاب سعيهم وصل مسيرتهم ووقعوا ولن ينفعهم لا مالٌ ولا بنون!
وأما أهل النور وأهل اللون الأبيض -أهل الجنة- فهؤلاء نالوا جنة الدنيا والآخرة، صبروا على أنفسهم وهذبوا هواهم استغلوا نِعم الله وما تركوها تضيع هباءً ففازوا ونُعموا نعيمًا أبديًا خالدًا سرمديًا جعلنا الله منهم يارب!

فيا بُنيَّ آدم لا تنتظر البلاء حتى تتأدب مع الله وتُهذب نفسك فقد لا تأتيك فرصة البلاء، وقد لا تصبر أساسا على البلاء، أو قد تأتيك فتصبر وتعرف قيمة ما كنت فيها ولكن لن تملك فرصة البدء من جديد بعده؛ لأنك لا تدري متى تحل المنية؛ فاعمل من الآن واسعى لله ولا تكن مغبونًا في صحتك ووقتك فوالله هو ﷺ ليسَ بناطقٍ عن الهوى؛ بل وحي أوحيَ إليه؛ لذا من الآن جاهد من الآن ابدأ من الآن اصنع آخرتك.

موضوع الصحبة لأنه تكرر كثيرا. المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل صحبتك مش زيك ماشية في طريق الله عز وجل والدين إبعدي عنهم نهائيا حتى ولو كانت أعز الناس لك مش هفرح بوجود واحدة أهزر وأفزر معها في الدنيا ولكن تضيع لي ديني وأروح في الآخرة النار! ابعد…

موضوع الصحبة لأنه تكرر كثيرا. المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل صحبتك مش زيك ماشية في طريق الله عز وجل والدين إبعدي عنهم نهائيا حتى ولو كانت أعز الناس لك مش هفرح بوجود واحدة أهزر وأفزر معها في الدنيا ولكن تضيع لي ديني وأروح في الآخرة النار! ابعد…

أعتقد أن عندي شيئا سيفرحكم ويشحن همتكم..
«تم إخراج صدقة في أول يوم للتحدي نيابة عنكم، وعن كل جهد ستبذلونه، وسنفعل ذلك إن شاء الله مرة أخرى، لمن سيتم التحديات ويُجاهد أكثر...»

أعلم أنه تحدٍ قاسٍ بعض الشيء، ولكنه يسير على طالبي الجنات!
الغرض من هذا التحدي هو بذل النفس، وإعدادها فيما تبقى من شعبان؛ لأجل رمضان؛ فلا تتكاسلوا، ولا بأس أن يكون الجهاد صعبا في أول يوم -وهو المتوقع-، ولكن ابدؤا بدايات صادقة محرقة؛ تكن نهاياتكم مشرقة، وتذكروا أنكم تتنافسون على الجنة ودرجاتها؛ فكيف نركن، ونترك للشيطان مساحةً في قلوبنا..؟!
جاهدوا أكثر يا طالبي الجنات؛ فكل مجاهد حتما سيصل.

أتَصبّرُ بالكلمـات، وأمسـح دمعيَ بالدعواتِ؛

فيا رب فـرجا قريبا...!
دثروني بصدقٍ في دعواتكم كـرما؛ فلقد ضاقت بقلبي كثيرا...

«إذا لم تَملأِ الأوقاتَ سعيًا
ستملؤها السَّفائفُ لا محالَة!

فصُن أوقاتَ عُمرِكَ في المعالي
لِئلّا تنتشلكَ يدُ الجهالة»

#شعر.

#تلاوات

هُنالك ابْتُليَ المؤمنون وَزُلْزلوا ( ما تيسر من سورة الأحزاب ) | القارئ محمد رفعت.

«لِـمن كان له قلبٌ».

كـانت الكلِمـات طوال الفترة الماضية، تحمل رسائلا غيرَ مباشرة لمن كان له قلب، لمـن ألقىٰ سمعـه وبصـره لمُصاب الأمة، ولـكن هل يا تُرىٰ تلقَّاها القاريء والسـامع والمُبصر، أم تَولوّا وهم يعلمون؟!

فهذه الكَلمـات لمن كان له قلبٌ، لمـن تحرك في قلبه شيء من مُصاب الأمة؛ فأراد أن يـنصر دين الله، أراد أن يبيع نفسه، وماله وولده؛ لأجـل الله، وفي سبيل الله، لمـن أراد أن يُهاجر بـما ءاتاه الله من نِعم، لمـن أراد الجنة، ورَغبَ في أن يسعىٰ لهـا سعيهـا؛ فالكلام لم يَعد يُجدي نفعـا تكلمنا وصرخنـا وبكيْنا، ولـكن… مجاعةٌ في الشمال، مجازرٌ في الجنوب، اغتصابٌ وتهجيرٌ، وفوقهم قتلٌ ودفنٌ للأبرياء في السودان؛ فماذا فعـل الكلام، وكثرةُ (الشير) !!

•عليْكَ بنفسك من الآن وحتىٰ الممـات.
أنسيت ذنوب الخلوات، وأتيت تدعو للجهـاد!
كم مرةٍ سمعـتَ فيها طربـا في الأشهـر الماضية، ناسيا مُصاب الأمة!! كم مرةٍ هجرت فيها القرآن، صارخـا في الشوارع غزة! غزة!
مُعلِّلا نُصرتك لهـم بالمُقاطعة!! يا أخي استغنىٰ الناسُ عنـها وأعرضوا أسـاسا، وهـل هذه حُجة!! هل هـذه نُصرة؟!
لا تملـك قرارا دُوليّا ولكـن تملـك قرارا لنـفسك، أما آن الأوان لنتوب!! مضىٰ رجب، وسيمضي شعبانٌ كذلك، وبعدهم رمضـان، ومواسم الطاعات تأتي وتَروح وأنت مازلت على الذنب مُقيم!! أين قَلبُكَ؟! من أمـاته!!! من ران عليه بالمعاصي والذنوب؟! من أَشربـه النُكَتَ السوداء!!
ألسـت أنت بطولِ أمدك!! بِـطولِ اعراضك وإسرافك؟!
ألسـت أنت من أماته بالصُحبةِ السيئة!!
لا تجد صُحبةً صالحـةً فعليْكَ بنفسِك، نفسَك يا أخي، التي أسرفت عليـها بالمعاصي، وبَخَلتَ عليها في الطاعات!!
ألهـذه الدرجة تراكـمت ذنوبك، وطـالت أمانيـك بحُسن خاتمةٍ، أنت لم تصنع لـها شيئا؛ فباتت التوبةُ ثقيلةً عليك، وعلى قلبك!!
ولكـن لا والله؛ فإنـه رحيمٌ ودودٌ توّاب، يقبلُ التوبةَ، ويعفو عن كثيـر، ويستر عليك لا يفضَحُكَ: «قُلۡ يَٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسۡرَفُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ لَا تَقۡنَطُواْ مِن رَّحۡمَةِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ»
نِعـمَ الربُّ ربُّنـا، هكذا هو يا أخي: «ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ»؛ فَتُب اليـومَ علَّـك تُقابله غدا!!
•اعرفْ ذنبك، ثم تُبْ منه، واندم لـه وتحسَّر عليه كيفَ فعلته؛ تجد الله «غَفُورًا رَحِيمًا».
قال-ﷻ-: أسرفوا، ولم يقلْ أذنبوا؛ يقصدك أنت يقصدني وإياكَ؛ فإلى متىٰ يطول الأمد!! تُبْ الآن يا أخـي، تُبْ!

«كُنتـم خيرَ أُمة أُخرِجت للناس»
•تُبتَ من الذنب، وندمت واستغفرت، أصلـحت نفسَكَ بالتوبة؛ إذا اخرج آمرا بالمعروف، ونـاهيا عن المُنكر، اجلس مع أصحابك وخُذْ بأيديهم إلى الله؛ تنجو أنت وهمْ معكَ!
•لا تَكـن واحدًا فقط، ولـكن كنْ واحدًا بأمة!
•وتَذكّر دومًا أن فعلكَ هذا خالصًا لله؛ «إذا لم يكن فعلك لله خالصًا؛ فَكُل بناءٍ قد بنيتَ خرابُ!»
•لا بأس أن تُخطيء مع التوبة، فالله رحيمٌ عالمٌ بضعفك وفَقرك فقط اذهب إليه!!
•استمر في طلبِ العلمِ الشرعي، واعمل بما تعلمت، ولا بأس أن تكونَ مُتأخرا؛ المُهم أنك على الطريق، وتُحاول دومًا، وتلوذ بالدعاء، الذي لا سلاح لك غيره في هذه الحياة.

•وَبعد كل هذا الجهـاد الشّاق، وبذل الأنفس، وإنفاق الأمـوال، والتّقربَ بالصومِ، وإكثار النَفل، وإقامة الليل، والأمرُ بالمعروف، والنهي عن المنكر، ومُجالسة الصالحين، والافتقار بالدعاء، بعد كل هذا الجهاد، أُبشـركَ وأُبشركِ بأنكمـا نصرتما الاُمة، وشـاركتم في إصلاحها، بل وبرحمةٍ من الله نِلتُمـا الجهاد في سبيله.

وَصَلَكمُ كلامي فلا تتجاهلوا
فإنني والله أريدكم أن تفلحوا
قوموا إلى الله ليلا وتضرعوا
فالأمة غَرقىٰ تريدكم أن تُجاهدوا

•أسأل الله أن يُوقعَ كلامي في نفوسكم؛ فلا ينـام أحدكم إلا وقد عزَم على التغيير وتاب قبل نومه.
تاب الله عليَّ وعليكم، وغفر لنا، وعفا عنّا.

-ضُحَىٰ.

أنا نمت، صحيت لقيت العدد ده (215)،
كُنّا (49) !!

-ولكن هذا الذي حدث أكد لي شيئا كُلنا نعرفه: بين ليلة وضحاها يُغيّر الله من حالٍ إلى حال؛ فسبحان الله!!

-نمتُ ساعاتٍ قليلةٍ باكية من أشيـاء، وقد كان بُكاءً بليغا، اصتحب ببعثرةٍ في الكلمات، وحشرجةٍ في الأنفاس، ثم بعدها استيقظ لأرى القناة بهذا العدد، وكنت أظن أنها ستبقى بعددها السابق سنوات!!
فسبحان الله لعلها رسالـةٌ من الله لقلبي!

«بين ليلةٍ وضُحاها يغيّر الله من حالٍ إلى حالِ؛ فلا رُكون بعد الآن للآلام دونما دعاءٍ للإله؛ لعلنا بعد البُكاء، نذوق حلاوة الجبر!
قيل: لذة الماء تشعر بها أكثر كُلما عطشت أكثر، ولذة الطعام كُلما جُعت أكثر!!
وكذلك جبرُ الله، كُلما قست الأقدار والحياة عليك كثيرا، وبكيت مرارا، منتظرا الفرج والجبر؛ كانت لحظةُ جبر الله لقلبك أبهى، وأحلى من أي لحظة! فاللهـم سعادةً طيِّبةً لقلوبنا.»

-إن بعد العُسر يسرًا، ولن يغلب عُسرٌ يسرين أبدا..
-ما تراكمت إلا لتُمطـر!!

من رآني أهلا للدعاء؛ فليَسل الله لقلبي الهداية، والراحة والسكينة، وأن يُؤتىٰ سؤله، ويصل لله، ويَلقاه على خيرٍ، بعد حُسن خاتمة، وإحسانٍ في الدنيا، سَلوا الله لي خيرا في الدارين، ولقاءه قريبا!!