https://www.facebook.com/share/1D7sv22tW2/?mibextid=wwXIfr

الإخوة الكرام انتهى القسم الثاني عند درس رقم (٢٢٠) وبهذا نكون قد انتهينا من ربع المعاملات من المختصر للإمام المزني، وبعد نهاية التسهيل نستأنف التدريس للكتاب بحول الله من كتاب النكاح، وهو القسم الثالث سائلين المولى ان يمن علينا بإتمام الكتاب، ونحن جميعا على…

خاتمة التسهيل

بعد الانتهاء من شرح الكتاب أود أن أسطر في هذه المناسبة بهذه الكلمات عن الكتاب فيما يلي:
أولاها: أنني أحمد الله سبحانه وتعالى أن منَّ عليَّ بإتمام هذا الكتاب بعد تسعة وتسعين ومائة درس، ولولاه لم يكن بمقدوري القيام بتدريس هذا الكتاب الذي يُعَدُّ أهم مصدر في علمي النحو والصرف على الإطلاق بشهادة المختصين، فله عليَّ المنة والفضل أولاً وآخراً.
ثانيا: إن عدد دروس الكتاب كثيرة حسب الترقيم، ولكنها قليلة إذا عُلم أن معدل الدرس الواحد منها في حدود نصف ساعة إلى أربعين دقيقة، وهذا يعني أن كل درسين منها عبارة عن درس واحد في عُرف دروس الحلقات العلمية في المساجد، والتي كان الدرس الواحد منها يستغرق في الغالب ساعة ونصفا.
ثالثا: كما أسأله تعالى أن يمنَّ عليَّ بالقبول، كما منَّ عليَّ بالإتمام، ويضاعف المثوبة عليه، فإنه وعَد أن يُعطِي على العمل القليل الكثيرَ من الأجر، فهو الجواد الكريم. ( وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما).
رابعاً: كذلك أسأله تعالى أن يغفر لي ما زلَّ به اللسان، أو زاغ عنه البصر، أو طغى به القلم، فالإنسانُ مُعرَّض للخطأ، وقد غلب الضعفُ على جملة البشر لا سيما من كان مثلي في ضعف الهمة، وقلة البضاعة في العلم، ولا أملك إلا أن أعتذر للمصنف إن كنتُ قد حملتُ كلامَه على غير قصده، فذاك مني جناية عليه في كتابه لكن عزائي فيه أن ذلك إن وُجِد مني، فعن غير قصد مني، إن أردت إلا الاصلاح ما استطعت.
خامساً: إن قيامي بتدريس (كتاب تسهيل الفوائد) لابن مالك كان بالنسبة لي تجربة لم تخلُ من مغامرة من مثلي في مثله، ولكن لم يكن لي منها بد من الخوص فيها إذ ليس من المقبول أن تكون تلك الكنوزُ المدفونةُ فيه محجوبةً عن طلبة العلم في قُطرنا إلى الأبد، وهم بأمسِّ الحاجة إليه وإلى مثله، أقول ذلك لأن الاستفادة من الكتاب انقطعت، أو قلت في الآونة الأخيرة لما في الكتاب من الصعوبة فهو خميص من الألفاظ، بطين من المعاني من جهة، ولقلة الرغبة لدى طلبة العلم وقصور الهمم في عصرنا من جهة أخرى، فكان لا بد من تصحيح المسار بتحريك الهمم نحو هذا الكتاب وإدخاله ضمن الكتب المعتمدة في التدريس في الحلقات العلمية في مساجدنا في البلاد.
ولا أزال أذكر، وأكرر أن المصنف في الكتاب فريد في أسلوبه، متميز في طرحه إذا شرع في عرض المسألة يُخيَّل إليك أنها تُعرض عليه عرضاً، فيؤصِّل للمسألة من غير التقليد، ويحررها من غير الاكتفاء بمجرد النقل، ويرجِّح بين الأقوال بصرف النظر عن قائليها، فإذا خلُص إلى النتيجة التي ترضيه نظر إلى أقوال الأئمة لمعرفة من وافقهم عليها ممن خالفهم فيها، فهذا دأبه وديدنه في كل المسائل يكرره، ولا يعجز عنه، ومن قام بدراسة الكتاب، وعَلِم ما فيه الدُرر والفوائد لم يحتج إلى مطالبتي بإقامة الشواهد على ما قلناه عنه.
وعلى الطالب أن يبذل بما وسعه جهدُه في فهم الكتاب إذ لا يقدر على سَبر غور ما فيه إلا من جاد لأجله بكثير وقته وجهده، وأكثرّ من النظر في مراميه، وأجال الفكر في مقاصده، وقد أدرك المؤلف ما في كتابه من الصعوبة، فبادر إلى شرحه بما أزاح اللثام عن كثير من غوامضه، وحلِّ مشكلاته، ولو اكتمل شرحُه لم يُحتج إلى غيره لكن المنية عاجلته، فمات قبل أن يُكمله، ولكن بحمد الله تعاقب مِن بَعده على شرح الكتاب أئمةٌ لهم رسوخ في العلم، فأدلى كلٌ بدلوه بما جادت به قريحته، فبمجموع شروحهم تتحصل المطالب، وبالمقارنة بينها يتضح مقصود المؤلف.
واللهَ أسأل أن يَجزيَ المؤلفَ، ويُثيبه على ما بذله من جهود جبارة في خدمة اللغة العربية، التي هي الوعاء للشريعة الإسلامية، فلا يصل طالب العلم مبتغاه من الشريعة إلا من خلال تعلم اللغة العربية التي نزل بها القرآن الكريم ونطق بها نبي الإسلام.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
وكتبه شارح الكتاب/ عمر إيمان أبو بكر
يوم الخميس تاسع شهر شوال عام (١٤٤٥هـ)