مَا زالَ قلبِي يُرَدِّد كُلَّ يومٍ صادِقًا
يا ربِّ اجعَلني مَشروعَ شَهيد!

«أعطَى الإلهُ النَّصرَ كُلَّ مُجاهدِ
وعليكَ صَلّى اللّٰهُ أوّلَ قائدِ»
ﷺ

لا تُسَمِّ بِلادَكَ،
يَكْفي بِأنْ يَنْظُرَ المَرءُ فِي
مُقْلَتَيْكَ
لِيَعرِفَ تِلكَ البِلادَا..

السّلامُ عليَكَ يا صَاحِبي
أكتبُ لَكَ مُجدّدًا
عَن صباحاتِ البِلادِ المِؤلِمة
المُعَبَّقةِ برائِحةِ الدَّم الزّكيّ
الّذي نزَفَهُ أَبطالُها الأشاوِس
دِفاعًا، فِداءً، وتَضحيَةً على دربِ التَّحرير
أكتبُ لَكَ عن آلامِ الأرض
عَن الأفئدةِ المَكلومة
عَن صَباحاتِ غَزَّةَ الّتي لا تَخلو من الفَقد
والأمعاءِ المُستَغيثة والعُيون المُتعَبة
وعَن رِجالِ العَصبةِ الخَضراء
وفُرسانِ الرّايةِ السَّوداء المُوشَّحةُ بذَهبِيّة القُبّة
المُهَلّلين المُكَبِّرين كُلَّما رَمى أحدهُم قَذيفةً يَخرقُ بِها صَدرَ العِدى
عَن بسالةِ أفعالهِم وقوّةِ إيمانِهم وبأسِ الأيادِي المُطلقةِ للياسِين
أكتبُ لَكَ مُجدّدًا
وأنا الّتي يشغلُ بالِها دَومًا
كيفَ يكونُ أوّلُ صباحٍ للشَّهيد في الجَنّة؟

- جُمان.

وبعدَ ساعاتٍ وتعبٍ وانتِظار طَويل
ها نحنُ نخطُو أولى خَطواتنا نحوَ الأقصَى وسَاحاته، أُبصرُ القُبّة البهيّة فتدمعُ عَينايَ وتغرقُ بالدُّموع، أُخاطب أُختي بحَماسة:
" إحنا في الأقصى! ولك وأخيرّا! مصدّقة؟
متأكدة إحنا بنعيش اشي حقيقي؟ متأكدة اني بحلمش!"
لا شُعورًا يُوازي ذاكَ الشُّعور، كم تمكّن الأقصى من قلبي وأسرهُ سريعًا!
يالِهذا الجَمال! يالِهذا البَهاء!
أتلمّس جُدران السّور بأنامِلي وأُردّد أبيات تَميم: "في القُدسِ لوّ صافحتَ شيخًا أو لمستَ بنايةً
لَوَجَدْتَ منقوشًا على كَفَّيكَ نَصَّ قصيدَةٍ
يا بْنَ الكرامِ أو اثْنَتَيْنْ" ، أشُمّ رائحَةِ المسك الزكيّة، أتجوّل بين أشجارها والأزهار، إلى القُبّة الذَّهبيّة وقُبّة السّلسلة، ألتقطُ لهُم صُورًا، أُحدّثُ الجَميع، أغرقُ في التّفاصيل!
أرَى قُبّة الصّخرة كإنّها أكوامٌ مِن جُمان!
لا الشِّعرُ ولا النُّصوص أو بَلاغة العربيّة وصرفِها ونحوِها ولا حتّى لُغاتِ العالم قاطِبةً في استِطاعتها الحَديثُ عن ما تحملهُ تلكَ القُبةّ وَحدها من صفاتِ الجِمال، فَريدة تتَسامى عن غيرِها في مَظهرها.
تصدحُ مِئذنةُ الأقصى مكُبّرة تُنادي: حيَّ على الصّلاة، فنهرعُ مُسرعين لنكونَ في الصُّفوفِ الأُولى.
أنهينا الصّلاة وتوجَّهنا للتّجوّل في أنحاءِ الأقصى وفي باحاتِه، شُعورٌ لا يُمكنُ وَصفه، أن تحظى بصلاةٍ في الأقصى وخلوةٍ مَع نفسكَ ثُمَّ مع عائِلَتك فيه!
نخرجُ من الأقصى حتّى أحياء القُدسِ جولةً سَريعة، ثُمّ إلى أحد الأسواق القَديمة هُناك ليحصل كُلٌّ منّا على تِذكارٍ يخُصُّه، و-كالعَادة- أكونُ الأطمَعُ دومًا وأشتري كِتابًا من هُنا وكوبًا من الفخّار هُناك وكوبًا آخَر وعِقدًا وثَوبًا مُطَرَّزًا وَوِشاحًا وبعضًا من القِطَع القَديمة.
بعد ذلك نخرُجُ من السّوق العَتيق ذاك برفقةِ ثروةٍ مُفَضّلة وبعض التوبيخات المُعتادة من الوالِدَين ولكن لا بأس، ما يَهُمُّني هو ما حصلتُ عَليه.
زُرنا مُخيّم شعفاط وحيّ الشّيخ جَرّاح وبلدة سلوان، ثُمَّ عُدنا لزيارة كَنيسة القِيامة ولأداءِ صلاةِ المَغرب في الأقصى مُجَدّدًا!
يَتبع..
- جُمان.

الأندلُس، كلمةٌ واحدةٌ تُوقظُ في دَمِ كُلِّ عربيٍّ تاريخًا من المَجدِ والجمال والعِلم والأدَب، وتُوقِدُ فيهِ نِيرانًا من الألَم والغَيظ والغضَبِ والحَسرة.

- مَحمود أبو فهر.

"فَريدُ حُسنٍ تَسامى عَن مُماثَلَةٍ
في الخَلْق والخُلْقِ والأَحكامِ والحِكَمِ
أعظِمْ بِهِ منْ نَبِيٍّ سَيِّدٍ سَنَدٍ
هادٍ سِراجٍ مُنيرٍ صَفوَةِ القُدُمِ
يا أَكرَمَ الرُّسُلِ سُؤلي مِنكَ غيرُ خَفٍ
وَأَنتَ أكرَمُ مَدعوٍّ إلى الكَرَمِ".

- اللهُمَّ صلِّ وسَلّم عليهِ وعلى آلهِ وأصحابِه الطّاهِرين ومن تَبِعهُ بإحسانٍ إلى يومِ الدِّين .