[[ البر الذي به تنالون الجنان و تستحقون بها الغفران و الرضوان هو هذا الاعتقاد ]]

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدْ وَ آلِ مُحَمَّدْ وَ عَجِّلْ فَرَجَهُمْ وَ أهْلِكْ عَدُوَهُمْ

قال إمامنا الحسن العسكري صلوات الله عليه في تفسيره :

**{ لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ لَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ الْمَلَائِكَةِ وَ الْكِتَابِ وَ النَّبِيِّينَ }

أنزل الله تعالى : قل يا محمد صلى الله عليه و آله { لَّيْسَ الْبِرَّ } الطاعة التي تنالون بها الجنان و تستحقون بها الغفران و الرضوان .
{ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ } بصلاتكم .
{ قِبَلَ الْمَشْرِقِ } أيها النصارى .
و قبل { وَ الْمَغْرِبِ } أيها اليهود .
و أنتم لأمر الله مخالفون و على ولي الله مغتاظون .

{ وَ لَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ } بأنه الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، يعظم من يشاء و يكرم من يشاء ، و يهين من يشاء و يذله ، لا راد لأمره ، و لا معقب لحكمه .

و آمن ب‍ { وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ } يوم القيامة التي أفضل من يوافيها محمد سيد المرسلين و بعده علي أخوه و وصيه سيد الوصيين ، و التي لا يحضرها من شيعة محمد أحد إلا أضاءت فيها أنواره ، فسار فيها إلى جنات النعيم ، هو و إخوانه و أزواجه و ذرياته و المحسنون إليه ، و الدافعون في الدنيا عنه .
و لا يحضرها من أعداء محمد أحد إلا غشيته ظلماتها فيسير فيها إلى العذاب الأليم هو و شركاؤه في عقده و دينه و مذهبه ، و المتقربون كانوا في الدنيا إليه لغير تقية لحقتهم منه .
و التي تنادي الجنان فيها : إلينا ، إلينا أولياء محمد و علي و شيعتهما .
و عنا عنا أعداء محمد و علي و أهل مخالفتهما .

و تنادي النيران : عنا عنا أولياء محمد و علي و شيعتهما .
و إلينا إلينا أعداء محمد و علي و شيعتهما .

يوم تقول الجنان : يا محمد و يا علي ، إن الله تعالى أمرنا بطاعتكما ، و أن تأذنا في الدخول إلينا من تدخلانه ، فاملآنا بشيعتكما ، مرحبًا بهم و أهلًا و سهلًا .

و تقول النيران : يا محمد و يا علي ، إن الله تعالى أمرنا بطاعتكما ، و أن يحرق بنا من تأمراننا بحرقه ، فاملآنا بأعدائكما .

{ وَ الْمَلَائِكَةِ } و من آمن بالملائكة بأنهم عباد معصومون ، لا يعصون الله عز و جل ما أمرهم ، و يفعلون ما يؤمرون ، و إن أشرف أعمالهم في مراتبهم التي قد رتبوا فيها من الثرى إلى العرش الصلاة على محمد و آله الطيبين ، و استدعاء رحمة الله و رضوانه لشيعتهم المتقين ، و اللعن للمتابعين لأعدائهم المجاهرين و المنافقين .

{ وَ الْكِتَابِ } و يؤمنون بالكتاب الذي أنزل الله ، مشتملًا على ذكر فضل محمد و علي عليهما السلام سيد المسلمين و الوصيين ، و المخصوصين بما لم يخص به أحدًا من العالمين ، و على ذكر فضل من تبعهما و أطاعهما من المؤمنين ، و بغض من خالفهما من المعاندين و المنافقين .

{ وَ النَّبِيِّينَ } و من آمن بالنبيين أنهم أفضل خلق الله أجمعين .
و أنهم كلهم دلوا على فضل محمد سيد المرسلين ، و فضل علي سيد الوصيين .
و فضل شيعتهما على سائر المؤمنين بالنبيين .
و بأنهم كانوا بفضل محمد و علي معترفين و لهما بما خصهما الله به مسلمين .
و إن الله تعالى أعطى محمدًا صلى الله عليه و آله من الشرف و الفضل ما لم تسم إليه نفس أحد من النبيين إلا نهاه الله تعالى عن ذلك و زجره و أمره أن يسلم لمحمد و علي و آلهما الطيبين فضلهم .

📚 المصادر و المراجع**

📗تفسير الإمام العسكري|600 📗التفسير الصافي|1|217 📗بحار الأنوار|24|384

#المعرفة_بالنورانية
واتسآب
https://chat.whatsapp.com/EA7i1AL2Nb94xSZ85BOk9b
تلغرام
http://telegram.me/almarefablnoraneya

هيهات أن ندرك شيء من فضلها و مقامها و هي التي كما قال ابنها الصادق صلوات الله عليه : إنه ما تكاملت نبوة نبي من الأنبياء حتى أقر بفضلها و محبتها .(2)

و لعل هذا معنى قوله عز و جل ( غضوا أبصاركم يا أهل الموقف حتى تجوز الصديقة سيدة النساء فاطمة الزهراء )
و هو إشارة إلى أن لها صلوات الله عليها مقام : لا تدركها الأبصار و هي تدرك الأبصار .

✍️ #عبدهم_مصطفى

📚 المصادر و المراجع

(1) 📗الدر النظيم|459  📗حلية الأبرار|2|11 📗الموسوعة الكبرى عن فاطمة الزهراء|1|274 📗شرح العينية الحميرية|122

(2) 📗العوالم، السيدة الزهراء|1|16 📗مجمع النورين|40 📗الأسرار الفاطمية|36

#المعرفة_بالنوراية
تلغرام
http://telegram.me/almarefablnoraneya
واتسأب
https://chat.whatsapp.com/EA7i1AL2Nb94xSZ85BOk9b

[[ سيدة النبوة و الإمامة الراكبة فوق بهاء الله و عظمته لا تدركها الأبصار ]]

اللهم صل على محمد و آل محمد و عجل فرجهم و أهلك عدوهم

عن سليمان الأنصاري قال : كنا جلوسًا في مسجد النبي صلى الله عليه و آله ، إذ أقبل علي صلوات الله عليه فتحفى به النبي صلى الله عليه و آله و ضمه إلى صدره و قبل ما بين عينيه ، و كان لزواجه أيام منذ دخل بفاطمة صلوات الله عليها ، فقال : ألا أخبرك عن عرسك شيئًا ؟
قال عليه السلام : إن شئت فافعل صلى الله عليك .
قال صلى الله عليه و آله : هذا جبرئيل يقول : تشاجر آدم و حواء في الجنة فقال آدم : يا حوا ، ما هذه المشاجرة ؟!
فقالت : يقع لنا من خلق الله أحسن مني و منك .
فأوحى الله إليه : أن يا آدم ، طف فانظر ماذا ترى .

فبينما آدم يطوف في الجنة إذ نظر إلى قبة بلا علاقة من فوقها و لا دعامة من تحتها ، و بداخل القبة شخص ، على رأسه تاج ، في عنقه خناق و في أذنه قرطان . فخر آدم ساجدًا لله .
فأوحى الله إليه : يا آدم ، ما هذا السجود ، و ليس موضعك موضع سجود و لا عبادة ؟
فقال آدم : يا جبرئيل ، ما هذه القبة التي رأيتها و ما رأيت أحسن منها ؟
فقال : إن الله عز و جل قال لها : « كوني » فكانت .
قال : فمن هذا الشخص الذي داخلها ؟
قال : شخص جارية حوراء إنسية تخرج من ظهر نبي يقال له محمد .
قال : فما هذا التاج الذي على رأسها ؟
قال : هو أبوها محمد .
قال : فما هذا الخناق الذي في عنقها ؟
قال : بعلها علي بن أبي طالب عليه السلام .
قال : فما هذان القرطان اللذان في أذنيها ؟
قال : هما قرطا العرش و ريحانتا الجنة ، و لداها الحسن و الحسين .
قال : فكيف ترد يوم القيامة هذه الجارية ؟
قال : إن الله يقول : ترد على ناقة ليست من نوق دار الدنيا ، رأسها من بهاء الله ، و مؤخرها من عظمة الله ، و خطامها من رحمة الله ، و قوائمها من خشية الله ، و لحمها و جلدها معجون بماء الحيوان .
قال لها : « كوني » فكانت ، يقود زمام الناقة سبعون ألف صف من الملائكة كلهم ينادون : غضّوا أبصاركم يا أهل الموقف حتى تجوز الصديقة سيدة النساء فاطمة الزهراء .(1)

🔴 بيان :

من هذا الحديث  النوراني الشريف نفهم بعض من مقام مولاتنا الصديقة الكبرى فاطمة صلوات الله عليها بالنسبة إلى المعصومين الأطهار النبي و آله صلوات الله عليهم ، ففيه مقامات نورانية معرفية لمولاتنا الصديقة الشهيدة لا يدركها إلا العالمون العارفون بحديث آل محمد ، و الفاهمون للدراية من قولهم صلوات الله عليهم :

الحديث يتكلم عن قبة داخلها شخص ، و هذا الشخص مولاتنا فاطمة ، لكن القبة بلا علّاقة من فوقها و لا دعامة من تحتها ، ما المقصود من عدم وجود شيء يسند القبة لا من الأعلى و لا من الأسفل ؟!
المقصود أن الوجود قائم بمولاتنا الصديقة الشهيدة و هي ركنه و سنده ، و ليست مستندة في وجودها إلى شيء ، هي قائمة بقيومية الله و كائنة بكينونته عز و جل فقط لقوله : إن الله عز و جل قال لها : « كوني » فكانت .

و هذا ما جعل آدم يسجد لما رأى من عظمة الله و إعجازه و قدرته عز و جل لما رأى في القبة فقط ، و ليس في مقام مولاتنا فلم يدرك منه شيئًا .

قال ( على رأسه تاج ، في عنقه خناق ، و في أذنه قرطان )
لاحظ أن المحور و القطب و الركن للأنوار المعصومين الأطهار هي مولاتنا الصديقة الشهيدة صلوات الله عليها ، فهي جسد هذا الوجود كله ، و النبي الأعظم تاج على رأسها ، و الأمير صلوات الله عليه قلادة في عنقها ، و الحسنان صلوات الله عليهما قرطين في أذنيها .

👈و هو معنى قول الله عز و جل ( و لولا فاطمة لما خلقتكما )

👈و هو معنى قول الله عز و جل في حديث الكساء ( هم فاطمة )

👈و هو معنى قوله صلى الله عليه و آله ( أم أبيها )

👈و هو معنى قول أمير المؤمنين صلوات الله عليه ( أنها ركنه الذي انهد بوفاتها )

👈و هو معنى قول أمير المؤمنين صلوات الله عليه ( و أما فاطمة من محمد كمكان القلب من الجسد )

👈و هو معنى قول إمامنا الحسن العسكري صلوات الله عليه ( و أمنا فاطمة الحجة علينا )

👈و هو معنى قولهم صلوات الله عليهم فيها ( أم الأئمة الهادين )

قال ( هما قرطا العرش ) إشارة إلى أنها عرشهم صلوات الله عليهم .

ثم لاحظ قوله صلوات الله عليه و آله أنها صلوات الله عليها تركب يوم القيامة ناقة رأسها من بهاء الله ، و مؤخرها من عظمة الله ، و خطامها من رحمة الله ، و قوائمها من خشية الله ، و لحمها و جلدها معجون بماء الحيوان .
إن كانت هذه صفة ناقة الزهراء ، و هذا صنع الله عز و جل بناقة تركبها مولاتنا الصديقة الشهيدة فاطمة !!
فأي مقام لها عند الله صلوات الله عليها و آلها ؟!!

[[ كل من زار سيد الشهداء الحسين فهو من أهل الجنة يقيناً ]]

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدْ وَ آلِ مُحَمَّدْ وَ عَجِّلْ فَرَجَهُمْ وَ أهْلِكْ عَدُوَهُمْ

ورد عن آل محمد صلوات الله عليهم العشرات من الأحاديث الصحيحة أن زائر الحسين يُغفر له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر ، بمعنى أن الزائر في الجنة حتماً و بلا حساب .
هذا الكلام يبدو غير مقبول أو غير مفهوم للكثير من الشيعة ، بحيث يتساءل : هل من المعقول بأن الإنسان يزور سيد الشهداء ثم يدخل الجنة !!
ماذا عن دينه و عقيدته و معرفته و ولايته و عبادته و أخلاقه و ..
هل كل هذه الأمور ليست مهمة و لا تؤثر على ميزان أعماله يوم الحساب إذا زار الحسين ؟!

الجواب : إن كل تلك الأمور التي فرضها الله عز و جل موجودة جميعها في زيارة الحسين صلوات الله عليه .

فعن أبي جعفر صلوات الله عليه قال : من أراد أن يعلم أنه من أهل الجنة فليعرض حبنا على قلبه ، فإن قبله فهو مؤمن ، و من كان لنا محباً فليرغب في زيارة قبر الحسين عليه السلام ، فمن كان للحسين عليه السلام زواراً عرفناه بالحب لنا أهل البيت ، و كان من أهل الجنة ، و من لم يكن للحسين عليه السلام زواراً كان ناقص الايمان .(1)

لاحظ معنى قول الإمام صلوات الله عليه أن زيارة الحسين هي مصداق للإيمان و للحب ، فالإمام يعرف شيعته و محبيه بزيارتهم لسيد الشهداء صلوات الله عليه .

و عن الرضا صلوات الله عليه : إن لكل إمام عهداً في عنق أوليائه و شيعته ، و إن من تمام الوفاء بالعهد و حسن الأداء زيارة قبورهم فمن زارهم رغبة في زيارتهم وتصديقاً بما رغبوا فيه كان أئمتهم شفاءهم يوم القيامة .(2)

فالزائر في زيارته للحسين معناه أنه مؤمن مصدق بما أتاه عن إمامه ، و أنه على الوفاء بالعهد الذي أُخذ عليه في الذر و البيعة و الطاعة .

أما في العبادات و الطاعات فلا ينظر الله عز و جل إلى كثرتها بل إلى أحسنها ، قال تعالى { لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا } و لم يقل أيكم أكثر عملاً .

و زيارة سيد الشهداء أفضل و أحسن الطاعات و العبادات و أقصر الطرق إلى رضا الله تبارك و تعالى و ليس يضاهيها شيء من الأعمال قليل أم كثير ، لأن زيارة الحسين صلوات الله عليه توفيق من الله ، و زائر الحسين صلوات الله عليه هو زائر الله و في ضيافته سبحانه في عرشه كما في الرواية عن الصادق صلوات الله عليه ، و الله سبحانه هو الذي يختار زواره و يدعوهم لضيافته ، و هو قول الصادق صلوات الله عليه : من أراد الله به الخير قذف في قلبه حب الحسين عليه السلام و حب زيارته .(3)

فزائر الحسين صلوات الله عليه جمع الكمالات الإيمانية إن كان في العقيدة أو العمل ، لذلك يتجاوز الله عز و جل عن جميع ذنوبه أو اللمم الذي يرتكبها في حياته ، حتى لو فاسقاً شقياً في الظاهر فإنه يتحول إلى الطهر و السعادة ببركة الزيارة ، و ذلك قول إمامنا صلوات الله عليه في فضل زيارة الحسين : إن كان شقياً كتب سعيداً و لم يزل يخوض في رحمة الله .(4)

و هذا بعض ما ورد على لسان أئمتنا الأطهار في الروايات الشريفة من فضل الزيارة و ثوابها و ما يضاهيها من الأعمال و العبادات :
*✅*أفضل ما يكون من الأعمال .

✅أحب الأعمال إلى الله تعالى .

✅كمن زار الله في عرشه .

✅كمن حج ثلاث حجج مع رسول الله صلوات الله عليه و آله .

✅كتب الله له ألف حجة متقبلة .

✅و ألف عمرة مبرورة .

✅و أجر ألف صائم .

✅و ثواب ألف صدقة مقبولة .

✅و ثواب عتق ألف رقبة أريد بها وجه الله .

✅و كمن حمل على ألف فرس في سبيل الله مسرجة ملجمة .

✅و أعطي أجر ألف شهيد من شهداء بدر .

✅إن كان شقياً كتب سعيداً و لم يزل يخوض في رحمة الله .

✅يغفر له ذنوب سبعين سنة .

✅محصت عنه ذنوبه كما يمحص الثوب في الماء .

✅غفر الله له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر .

✅يخرج من الدنيا و ليس عليه ذنب .

✅سبعين ألف ملك يعبدون الله ، الصلاة الواحدة من صلاة أحدهم تعدل ألف صلاة من صلاة الآدميين ، و ثوابها لزوار قبر الحسين .

✅لا يبقى أحد يوم القيامة إلّا تمنى يومئذ أنّه كان من زوار الحسين .

✅يكون قد وصل رسول الله صلوات الله عليه و آله و وصل آل الله .

✅يصافحه رسول الله و أمير المؤمنين صلوات الله عليهما و آلهما و يقولون له : ألزمنا .

✅كتب في أعلى عليين .

✅يصبح مقدساً عند الملائكة .

✅يرفع بعد ثمانية عشر يوماً إلى حظيرة القدس .

✅يباهي الله به الملائكة المقربون و حملة عرشه .

✅يكون مع محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين في درجتهم .

✅يشفع يوم القيامة لمائة رجل كلهم قد وجبت لهم النار ممن كان في الدنيا من المسرفين .
✍** #عبدهم_مصطفى

[[ بين الكعبة و الحج ، و كربلاء و زيارة سيد الشهداء ]]

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدْ وَ آلِ مُحَمَّدْ وَ عَجِّلْ فَرَجَهُمْ وَ أهْلِكْ عَدُوَهُمْ

الكعبة أفضل و أطهر بقاع الأرض لكونها بيت الله ، قال عز و جل { وَ عَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَ إِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَ الْعَاكِفِينَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ }

و هي حرم الله الآمن و موضع بركته و هدايته قال عز و جل { إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَ هُدًى لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَ مَنْ دَخَلَهُ كَانَ آَمِنًا }

و زيارة الكعبة واجبة بل من فروع الدين لقوله تعالى { وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا }
لكن هذا بالظاهر ، أما في الباطن و الحقيقة فإن كربلاء أشرف و أعظم ، بل لكربلاء الفضل على الكعبة بنعمة الوجود ، فلولاها ما خلقت و لا كانت ، و ذلك ما ورد عن أبي عبد الله صلوات الله عليه قال : إن أرض الكعبة قالت : من مثلي و قد بني بيت الله على ظهري يأتيني الناس من كل فج عميق ، و جعلت حرم الله و أمنه .
فأوحى الله إليها أن كفي و قري ما فضل ما فضلت به فيما أعطيت أرض كربلا إلا بمنزلة الأبرة غرست في البحر فحملت من ماء البحر ، و لولا تربة كربلاء ما فضلتك ، و لولا من تضمنه أرض كربلاء ما خلقتك و لا خلقت البيت الذي به افتخرت ، فقري و استقري و كوني ذنباً متواضعاً ذليلاً مهيناً غير مستنكف و لا مستكبر لأرض كربلا و إلا سخت بك و هويت بك في نار جهنم .(1)

فقد خص الله عز و جل كربلاء بكرامات لم يخص بها الكعبة و لا غيرها من بقاع الأرض ، فكانت مكان تجلي الله لموسى فكلمه من الشجرة ، ذلك قول صادق آل محمد صلوات الله عليه في حديثه مع المفضل : يا مفضل ، إن بقاع الأرض تفاخرت ، ففخرت كعبة البيت الحرام على بقعة كربلا ، فأوحى الله إليها أن اسكتي كعبة البيت الحرام ، و لا تفتخري على كربلا .
فإنها البقعة المباركة التي نودي موسى منها من الشجرة .
و إنها الربوة التي أويت إليها مريم و المسيح .
و إنها الدالية التي غسل فيها رأس الحسين عليه السلام .
و فيها غسلت مريم عيسى عليه السلام و اغتسلت من ولادتها .
و إنها خير بقعة عرج رسول الله صلى الله عليه و آله منها وقت غيبته .
و ليكونن لشيعتنا فيها خيرة إلى ظهور قائمنا عليه السلام .(2)

فبركات و فيوضات كربلاء ليست بحدود الدنيا و أهلها ، بل حتى أهل السماوات ينزلون إلى كربلاء لنيل الفيوضات و الرحمات و إستجابة الدعوات كما في الحديث الشريف عن الصادق صلوات الله عليه قال : و ليصيرن الكوفة أربعة و خمسين ميلاً ، و ليجاورن قصورها كربلا ، و ليصيرن الله كربلاء معقلاً و مقاماً تختلف فيه الملائكة و المؤمنون ، و ليكونن لها شأن من الشأن ، و ليكونن فيها من البركات ما لو وقف مؤمن و دعا ربه بدعوة لأعطاه الله بدعوته الواحدة مثل ملك الدنيا ألف مرة .(3)

فإنَّ أرض كربلاء لقداستها و كرامتها و شرافتها عند الله تعالى لا تزول و لا تفنى بزوال و فناء الدنيا بل ترفع إلى الجنة و تكون أفضل رياضها و مسكن أنبيائها و أوليائها ، قال علي بن الحسين صلوات الله عليه : اتخذ الله أرض كربلاء حرماً آمناً مباركاً قبل أن يخلق الله أرض الكعبة و يتخذها حرماً بأربعة و عشرين ألف عام ، و إنه إذا زلزل الله تبارك و تعالى الأرض و سيرها رفعت كما هي بتربتها نورانية صافية ، فجعلت في أفضل روضة من رياض الجنة و أفضل مسكن في الجنة ، لا يسكنها إلا النبيون و المرسلون " أو قال : أولو العزم من الرسل " و إنها لتزهر بين رياض الجنة كما يزهر الكوكب الدري بين الكواكب لأهل الأرض ، يغشي نورها أبصار أهل الجنة جميعاً ، و هي تنادي : أنا أرض الله المقدسة الطيبة المباركة التي تضمنت سيد الشهداء و سيد شباب أهل الجنة .(4)

أما من الناحية العبادية و القرب من الله تعالى لا شك أن كربلاء الطريق الأقوم و الأقصر و الأسرع لنيل رضاه تعالى ، بل و لا تقاس الكعبة بكربلاء ، فما الكعبة سوى القبلة في الظاهر و الوجه و الصورة ، أما القبلة على الباطن و الحقيقة و الواقع فهي كربلاء ، فمثال أنك حين تقف للصلاة فإنك تتوجه إلى الكعبة بوجهك أي تعطيها جسدك ، أما توجهك بقلبك و عقلك و باطنك و وجدانك إلى كربلاء ، لأن الحسين روح الدين و حياة الدين و جوهر الدين بل هو كل الدين كما فهمه أبو الفضل صلوات الله عليه حيث قال : إني أحامي أبداً عن ديني ، يقصد الحسين صلوات الله عليه .

لذلك ورد في الروايات أن زيارة الحسين في كربلاء تعدل عشرون حجة أو سبعون حجة أو ألف حجة و التفاوت في العدد بحسب معرفة الزائر و ما يستحق من الثواب .