«فقُطِعَ دابِرُ القومِ الذينَ ظلموا، والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.»

«الزمن عموماً معنى سائل، التقويم السنوي وجدولة الأوقات، هي محاولة للقبض على معنى الزمن. أن تشعر بأن لكل شيء بداية ونهاية، وأن هذا العيش المُنساب لا يمكن أن يكون مُنفلتا من عقال، إنها فكرة ذكية من الإنسان ليُطمئن نفسه بأن للحزن نهاية، وأن للبغي والفساد نهاية.

بمعنى آخر، لو قيل لنا بأن الحادي والثلاثين من ديسمبر ٢٠٢٤، قد لا يختلف كثيرا عن الأول من يناير ٢٠٢٥ من حيث هو زمن لأصاب الإنسان الفزع! ولكن الإنسان يراوغ مخاوفه، ويخاتل قلقه، بأن يجعل التقويم، حتى على مستوى الثانية، ليشعر بأن ثمة شيء مختلف دوما!

أردت أن أقول: لا يُؤرَخ للموت في غزة! فالموت هناك ينساب كانسياب الزمن، ولكن الفلسطيني هناك هو معنى التاريخ.. في صموده وبسالته، في حزنه وأنينه، في خذلان العالم له، لقد اختزلنا معنى الإنسان وتاريخ البشرية كله في غزة! "آدم" إذ يأكل من الشجرة ويهبط إلى الأرض، و"يوسف" متروكا في قعر الجُبّ بعدما تآمر عليه إخوته، و"يعقوب" في انتظار البشير يزفُّ له الفرج، و"زكريا" إذ يطلب أمارة البُشرى! و"محمد" إذ يضرب على الصخرة مكبرا: لقد فتحت كسرى! لقد فتحت قيصر!

اللهم يا مَن أنت "كل يوم في شأن".. فرّج عن غزة وأهلها، ورُدّ الباغي من يهود ومَن عاونهم، وأبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل الكفر، وائذن بوعد الآخرة.»

- أ.حاتم

كان الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم يخجلون أن يسألوا الله العافية في حضرة المبتلى؛ لذلك أحب التنويه على جماعة ماذا فعلت وحققت في سنة ألفين وثلاثة وعشرين أن يحتفظوا بانجازاتهم في رُزنامتهم الخاصة بهم بين طيات دفاترهم.

احفظوا ما تبقى من ماء وجوهنا أمام إخوة لنا قد خذلناهم.

حسبُنا أنها دنيا لا تعدل عند الله جناح بعوضة.

منذ 2014 عشت من عمري عمرًا أحمل في داخلي خيبة أثقلت كاهلي، لكن اليوم وبحمد الله تبددت، اللهم أتمم الأفراح وهيئ للأمة أمرًا رشدًا.

‏الفلسطيني كائن مدهش..

يُهجّر من أرضه في نكبة 1948، ويعتقد العالم أنه أصبح قضية منسيّة، فينشيء حركة فتح التي أشبعت الإسرائيليين خطفًا للطائرات واقتحامًا للحدود واستهدافًا للجنود..تُطبّع ‘‘فتح‘‘ وتبيع القضية وتقبل المذلّة في مدريد أوسلو، فيسوق الله المقاومة الإسلامية في ثوب حماس والجهاد، فتنقل العمل الفدائي من الحدود للداخل المحتّل، باصات وشاحانات تنفجر، فدائيين يضحوا بأرواحهم في تجمعات الجنود وثكناتهم..جدار عازل يا فلسطيني حتى لا تعبر لحدودنا؟..

إذن فلتكن الصواريخ، صاروخ بدائي مداه 3 كيلو أضحى مرمى لهيبه 150 كيلو في 15 عامًا من حكم حماس..قبة حديدية إذن؟..فلتصنع حماس طائرات مسيرة وشراعية، تقتحم الغلاف وتحقق أكبر انتصار في تاريخ العرب في آخر نصف قرن..إبادة وتدمير وتهجير في غزّة؟..فليحوّل المقاوم القسّامي حطام البيوت وأطلال المساكن لأفخاخ قاتلة لميركافات العدو..غزة مستباحة وأيدي العدو باطشة على المدنيين العزّل؟..فليظهر من قلب الداخل المحتل بطلًا يدهس خمسين خنزيرًا ويمزقهم تحت عجلات شاحنته..ويرد الصاع ألف صاع.

تموت حركة فتظهر الأخرى، يستشهد قائد فيغرس الله دعوته في ألف..برصاصة وهاون، بمسيرة وصاروخ، وحتى لو بعصا في وجه مسيرّة..يقاوم الفلسطيني حتى نفسه الأخير، ويخلفُه من يأخذ ثأره ويبقى جذوة القضية مشتعلة في الصدور..ثم يحدثني أحدهم عن الاستسلام، عن الفلسطيني الذي يخافون أن تتحول سيرته لما يشبه ‘‘الهنود الحُمر‘‘..والله ثم والله..ليس في سيرة الشعوب من يُشبه الفلسطيني..تمسكًا بأرضه، وحفظًا لشرفه، ودفاعًا عن مقدساته، وصونًا لعقيدته..ليس في سيرة الأمم، أمّة مزعوا أبناءها بين الأقطار، وفرقوا دمائها على رؤوس النواصي والأشهاد، وظنوا أنهم لصوتها مخرسون، وعلى سحقها إذ هم بكل حشودهم العسكرية مقبلون..ثم يُخرج الفلسطيني لسانه هازئًا للعالم..مرددًا جملة واحدة..لأبد الدهر هنا باقون.

«يا مِثلَهُ لاجئًا يا مِثلَهُ تَعِبًا
كُن مِثلَهُ فارِسًا كُن مِثلَهُ نَجُدَا

على النَّبيِّ وآلِ البيتِ والشُّهدَا
مَولايَ صَلِّ وسَلِّم دائمَاً أبدَا.»

إن صحّ:
«لَعمرُكَ هذا مماتُ الرجالِ
ومن رامَ موتًا شريفًا فذَا.»

"وإذ يمكُرُ بكَ الذينَ كفَروا ليُثبِتوك أو يَقتُلوك أو يُخرِجُوك ويمكُرونَ ويمكُرُ اللهُ واللهُ خيرُ الماكِرين."

آمنت بالله