سبحان الحي الباقي الذي لا يموت..

أتأمّل مُستعجبةً في أثر الخيّرين الرّاحلين إلى الرّفيق الأعلى، السابقين للاحقين، كيف تظل سيرتهم وآثارهم من بعدهم بابًا عظيمًا منفتحًا لهم من هذه الدّنيا إلى مقامهم الأخير، تنهال عليهم الأجور وهم متوسّدين الثرى، تجري الصدقات باسمهم وهم تحت التّراب، فلا يسعني ها هنا إلا التّسبيح والحمد والشكر والثّناء على الغفور الرّحيم الذي جعل للخيّرين سبيلًا من الأجر والأثر حتّى بعد مماتهم!

وأجدني واقفة متأملةً هذا الشأن في جدي (جد والدتي) عبدالغني الباجقني -رحمه الله- كانت قد وافته المنيّة منذ نصف قرن وأزيَد، لم أعهده عيانًا ولكن عهدته فيما قيل عنه وأخبر عنه من بعده.

يُخبرني عنه من عاشروه ورافقوه، كيف أنه قد كان رجلًا شديد التواضع رغم ما حباه الله من علم وفير وفهم جليّ وفقهٍ ودرايةٍ ولغةٍ وفصاحةٍ وبيان، كان للشام منها النّصيب الأعظم بين كتب ودروس، ولكنه كان زاهدًا متواضعًا أن يكون محط النّظر وكثير الذّكر في الكتب أو المجالس، ونحسبه في حياته يرجو أن يكون ممن قيل فيهم «وكم من مجهول في الأرض معروفٍ في السماء!».

وعلى قدر ما نوى المرء لوجه الله من خير كان له من الله هدايا وعطايا منها ما يكون في حياته ومنها ما يكون في أخراه، ومنها ما يأتي محفوفًا بالرحمة هبةً للعبد على ما كان منه في معاشه، وهو يُهداها في الدنيا ولكن بعد رحيله عنها، وهذا ما أتوقف عنده كثيرًا متأملة في أثر الرحمة الربانية للعبد الصالح!
وفي هذا المقام، وبعد مضي أكثر من نصف قرن على وفاة جدي -رحمه الله-، وانقطاع خبره إلا عن اليسير، يسعى ساعٍ في أرض الله الواسعة -مُسخّرًا من الرحمن جلّ جلاله- باحثًا عن خبره مقتفيًا أثره، راجيًّا جمع سيرة الشيخ المربّي بُغية نشر علمه ومناقبه وآثاره، وعلى مثل هذه الصور تكون العطايا للعبد، ويُفتح باب عظيم من الأجور السيّالة بالخير للميزان.
ـــــ
بعد أسابيع معدودة -بإذن الله- سيصدر كتاب في سيرة جدي -رحمه الله- وهو بعنوان: العالم المُربّي محمد عبدالغني الباجقني هديّة طرابلس للشام.
تأليف: الأستاذ محمد عكره النويري.

سيصدر الكتاب عن دار الوليد للطباعة والنشر.

وسيكون الكتاب حاضرًا في معرض القاهرة للكتاب (الجناح الخاص بمكتبة دار الوليد)، ثمّ يصلنا إلى طرابلس -إن شاء الله- بُعيد المعرض في مقر مكتبة دار الوليد ذاته.
ــــ
رحم الله جدي الشيّخ المربي وغفر له وجمعنا به في الفردوس الأعلى.

جزى الله كلّ من سعى ومدّ اليد عونًا، وكلّ من كان له دور وأثر في جمع أو تدوين أو طباعة أو نشر.

والله ولي النّعمة المُستحق للحمد والشّكر.

«ستألفُ فقدانَ الذي قَد فقدتَهُ
كإلْفكَ وجْدانَ الذي أنتَ واجدُ

على أنّه لا بدّ مِن لذْع لوعةٍ
تهبُّ أحايينا كَما هبَّ راقدُ»

• ابن الرّومي

الإصلاح هو الغاية الكُبرى لرسالات السّماء، والمقصد الأسمى للقرآن، فكان ظاهرًا في بعض آيِه، ولائحًا في أُخراها: ﴿وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا ۚ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [الأعراف: ٥٦].

هو مناط نجاة الأُمَم وبقاء الدّول والحضارات، جاء صريحًا في قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ﴾ [هود: ١١٧] نصًّا غيرَ قابلٍ للتأويل، وظاهرًا غير مرجوح، وحقيقية لا مجازًا.

فالمَناط بالإصلاح ولَيس بالصّلاح، والإنسان الذي يُريده القرآن هو المُصلح لا الصّالح المُنزوي، والحياة تشرقُ بالمُصلحين وتسعد بهم، الذين هم روّاد الأمة وطليعتها.

• مشارِق الآي | عبدُاللّطيف بن عبدالله التُّوَيجري

وبعد فأي مزاياك يا دمشق أذكر، وإلى أي معاهدك أشتاق، وأيها أحن إلى حسنه وأهيم بجماله، وفيك الدين وأنت الدنيا، وعندك الجمال وعندك الجلال، وأنت ديار المجد وأنت ديار الوجد، جمعت عظمة الماضي وروعة الحاضر، وسيكون لك المستقبل... المستقبل لك يا دمشق، عشت وعاشت بنوك.

•من مقال دمشق لعلي الطنطاوي عام 14-7-1941

الله أكبر، نداءٌ واحد، صوتٌ واحد
الله أكبر، هُتافٌ كامل، عقيدة ثابتة
الله أكبر من كل طاغٍ متجبر، الله أكبر!

ما ظننتُ أن أبقى حيَّا لشهود هذه اللحظة التاريخية! فيا ربنا لك الحمد كله.

ما ظننتُ أن أبقى حيَّا لشهود هذه اللحظة التاريخية!
فيا ربنا لك الحمد كله.

2024/12/8
دِمَشق صَديق، دِمَشق حُرّة!
الحمدلله.
——
الله يعمّرها بالإسلام، الله يعمرها بما يرضيه، الله يعمرها بالأمن والأمان.

«ليلة جمعة طيبة.
عسى جرح كل جريح أن يطيب، وعسى قلب كل حزين أن يهدأ.

أعتقد أنه لا يحفظ الإنسان قائمًا رغم توالي القاصمات عليه مثل أن يعيش الحياة بنفسية الناجي لا الضحية، يخرجُ من المصيبة فيقول «أنجاني الله من كذا» بدل أن يظل حبيس الشفقة على نفسه ورثاء ذاته.

لا يساعد المرء شيءٌ على التمسك بمعنى النجاة أكثرَ من أن يقول لنفسه عند كل حادثة وهو يضغط الضماد على جرحه: كان بالإمكانِ أسوأ مما كان، ولكنَّ الله سلَّم».

• شيماء هشام سعد