الأنظمة الجمهورية في العراق وهياكلها البيروقراطية لم تنجح بتخريج قادة أو مدراء عامين أو سياسيين أو دبلوماسيين على مستوى عالي، بل خرَّجت موظفين، من منظور عملي، موظفين فقط لا أكثر، يؤدون ساعات العمل الرسمية ويقبضون رواتبهم وينصرفون.

دقق مثلًا في الجيل الأول والثاني من الساسة العراقيين، وربما حتى الجيل الثالث؛ توفيق السويدي، ناجي السويدي، نوري السعيد، عارف السويدي، انطوان شماس، محمد فاضل الجمالي، موسى الشابندر، صالح صائب الجبوري، وغيرهم كثيرون، كل هؤلاء ستجد لديهم مؤلفات أكاديمية أو إضافات قانونية أو سياسية أو عسكرية أو أكاديمية ساهمت مساهمة فعالة في مجالاتها وميادينها.

أما ما بعد هؤلاء - أي العهد الجمهوري - فأجيال بعد أجيال من الموظفين الكسالى والعشوائيين. يتجلى هذا الأمر في العشوائية والفوضى المطلقة المنتشرة في كافة أقسام وهياكل الدولة والحكومة، من رأس الهرم الحكومي إلى قاعه.

يضاف إلى هذا عامل السوق، السوق الذي جرى تجفيفه من عناصر الطبقة الوسطى وعوامل نشوئها وديمومتها، لتحل محلها طبقة «محاسيب السلطة» التي تعتاش على أموال السلطة ورواتب الحكومة.

فليس من المستغرب إذن أن تتحول «مشاريع الإعمار» الحكومية إلى مشاريع خراب، وخطط «التنمية» إلى خطط تضخم وأورام، وسياقات «التنظيم الحكومي» إلى سياقات تعديب نفسي بحق المواطنين.

ولا ننسى تحول مشاريع «فك الاختناقات» إلى مشاريع خلق اختناقات أكبر 😁

اللي صفى محمد باقر الصدر ضابط بوزارة الداخلية، واللي صفى هشام الهاشمي ضابط بوزارة الداخلية، وكلاهما استعمل ىىىلاح الواجب.

حين عرضهم على التلفزيون، وصِف الأول بأنه «مـ ـجرم» ووصِف الثاني بأنه «ملازم أول»، مع أن كلاهما مـ ـجرمين، وكلاهما اعترف بجنايته.

الضابط الذي صفى الهاشمي خرج بقرار إفراج، أما الضابط الذي صفى الصدر فتحول إلى قصة ملحمية لبطولة الجماعة وتفانيهم.

كل ما في الأمر أن الصدر علامة تجارية شيعية رابحة..

اعلم إن حب التعلم عند المرء ينبُت فيه ثمرة صالحة تورثه طِيب الخصال وحُسن المآل.
فما رأيت امرءاً محبًا للتعلم إلا وعَرف قدر نفسه، وتدارك
عيب نقصه.

ومن أجاب عن كل ما سُئِل فاستدِل بذلك على جهله، وإن الرجل لا يزال يطلب العلم في قرارة نفسه، حتّى إذا خُيل له إنه اكتفى، أعلن بذلك جهله، وضآلة عقله، وأُخِذ آثِمًا بجريرة ما تقدم من عِلمه.

-2024

جيف بيزوس: مش انا والمصحف!

وديتو الشعب فين يا جوحي؟

في معرض سعيك نحو الفضيلة والرغبة بحياة كريمة رغيدة، فلتضع، في المقام الأول، نفسك رقيبة على ذاتك، وليكن ذلك الصوت الداخلي المقارع في داخلك هو قاضي الأمور حين تبغي الفصل والبتّ فيها.

يطيب العيش رغم مرارته إن أنت مسكتَ زِمام نفسك ولم تُسلِمه للآخرين وتدع لهم سلطان عليك حتّى في أبسط الأمور وأضئلها.

ليكن حسيبك ورقيبك وناهرك وزاجرك ورادعك هو نفسك أنت قبل أي أحد وكل شيء، فإن عزَّت عليك نفسك فقد أعزك الخلق، وإن هانت عليك فقد هُنت عليهم، وإن وقّرتها وَقُرت في أعينهم، وإن حقّرتها حَقُرت.

مسألة مدرب المنتخب الوطني الأجنبي تختزل الكثير من واقع العراق الجمهوري على مستوى الإدارة والتخطيط. ففي حين نذرت الجمهورية على نفسها تأميم وتوطين كافة المؤسسات الربحية والترفيهية، وروَّجت لشيطنة الأجنبي إجمالا ودون مقدمات، بات استقطاب العاملين والمتعاقدين الأجانب في مثل هذه المؤسسات أقرب للمستحيل.

فيما بعد، جعلت الأسباب أعلاه العامل أو المتعاقد الأجنبي يأتي وهو ضامن مسبقًا أنه صاحب اليد العليا والحق المطلق في إبرام العقود والصفقات -هكذا على الأقل سيضمن حقه في بيئة تشيطن التعامل معه ولا تضمن حقوقه القانونية ولا حقوق الملكية، هذا كله في حال فكر الأجنبي بالمجيء من الأساس.

أما الشق الآخر من المسألة فهو الحسد والغيرة والكِبَر. ففي حين استعانت العديد من الدول المجاورة بالخبرات الأجنبية لتراكم خبراتها المحلية على مر عقود من الاستثمارات واستقدام العمال والمتعاقدين الأجانب، ظلّ سكّان (أبو نهرين) يعدون أنفسهم أفهم الخلق وأعلم الناس وأذكى الأمم.

شُحِنَت هذه «الأنا» بالحسد والغيرة من نجاحات وتفوقات الآخرين، مضاف إليها خطاب شيطنة الأجنبي، لتنتج موقف عدائي تمامًا لا يستند سوى إلى أتفه الأسباب وأوهن الحجج: «الفقير وين يروح» و«المحلي أفضل» و «راتبه عالي» وغيرها من السخافات.

وفي حين لم يراكم «أصحاب الفهم» أي خبرات أو تجارب إيجابية من الأجنبي، وكذلك لم تولي الحكومات المتعاقبة الاهتمام الكافي لإعادة النظر بصيغ التعاقد مع الأجنبي، أو ظلت في أفضل الأحوال تستقدم الأجانب في حالات الضرورة القصوى -مثل الحالات التي تتطلب فيها مشاريع الطاقة استقدام الأجانب نظرا للضرورة الملحة- ظلّ سكان (أبو نهرين) منغمسين في محليتهم الفاخرة.

الأجنبي -وهو المدرب في هذه الحالة- وخلال مدة عمل استمرت سنة واحدة على أسس صحيحة وخطط سليمة، فضحهم وعرّاهم وأبان لهم قصورهم الفاضح ونفض من تحتهم البساط، لذلك تراهم يتهافتون على ازدراءه والانتقاص منه والتقليل من شأنه، فاضحين حسدهم وغلهم وخيبتهم.