زِيـدِي مُـرَيِّـــمُ إن أَفطـرتُ عنـدَكمُ
من حُلوِكم في فَطورِ الصائمِ الثَمِلِ

وَيحًا لبَسبُوسَةٍ من سُكَّرٍ صُنِعتْ
وبَعضِ سَمنٍ وأكوابٍ من العسلِ

لا تَعجَبي أن رأيتِ الحُلوَ قاتِلَنا
وقَتلُكم جاء من ثُومٍ ومن بَصَلِ

المِلحُ من يَدِكم حَلواءُ في فَمِنا
يا حُلوَةً حُلوُها يُطهَى على مَهَلِ

كعادته في رمضان يطل عليكم ابن الوردي ببيتيه البديعين 😄

عجبتُ في رمضانٍ من مُغنِّيةٍ
بديعةِ الحســن إلا أنَّها ابتدعتْ

قامت تُسحِّرنا ليلًا فقلتُ لها
كيف السحورُ وهذي الشمسُ قد طلعتْ

كل عام وأنتم بخير، نلقاكم بعد رمضان إن شاء الله.

أذكر أيام الصف الثاني الابتدائي، حين كان رمضان يأتي في الشتاء، كنت ابن سبع سنوات، فعزمت على الصيام، وكان لي زميلة في الصف تُسمَّى إسراء، آه يا صديقي لقد كانت بارعة الجمال، حوارء، وشعرها ناعم لونه الحِنَّاء، وقد نشرت منه ضفيرتين طويلتين، وعيناها عسليتان، وهي أيضا عسلية، وكلامها معسول، أذكر حين جاءت إليَّ في صباح يوم دراسي لنتعاهد على صيام اليوم كله، فضحكتُ ساخرا وقلت لها: إني أصوم من قبل أن تولدي يا فتاة. لا أدري كيف قلت هذا الكلام وقد كانت تصغرني بعدة أشهر فقط! ثم حان وقت الفسحة، وكنت أتضور جوعا، فاستسلمت لمعدتي الفارغة وذهبت إلى "الكانتين" لأشتري كيسا من المقرمشات، فإذا بإسراء أمامي تنظر إليَّ شزرا وتقول: تصوم قبل أن أولد هه! فقلت لها: لا تُهوِّلي الأمر، أنا فقط أتَقوَّى على الصيام. آه يا إسراء لو أراكِ اليومَ لأخبرك أنني صرت أصوم رمضان كله.

فمن مُخبِرٌ إسراءَ عني رسالةً
بأنيَ صرتُ اليومَ للشهرِ صائما

وأني مشتاقٌ إليها كما ترى
وأَذكُرُ أيامًا بها كنتُ هائما

فإن لم تزل إسراءُ تَذكرُ عَهدَنا
بعثتُ إليها من ضلوعي حمائما

من ليَ أن أقيمَ في بلدٍ
أُذكَرُ فيه بغير ما يَجبُ

يُظَنُّ بيَ اليُسرُ والديانةُ والعلـ
ـلمُ، وبيني وبينها حُجُبُ

كلُّ شهوري عليّ واحدةٌ
لا صَفَرٌ يُتَّقَى ولا رجبُ

أقررتُ بالجهل وادَّعى فَهَمي
قومٌ، فأمري وأمرُهم عَجَبُ

والحقُّ أني وأنهم هَدَرٌ
لستُ نجيبا ولا همُ نُجُبُ

والحالُ ضاقتْ عن ضمِّها جسدي
فكيف لي أن يضمّه الشَّجَبُ؟

ما أوسعَ الموتَ يستريح به الجسـ
ـمُ المُعنَّى ويَخفِتُ اللَّجَبُ

- أبو العلاء

خليليَّ من سُعدَى، ألِمَّا فسَلِّمَا على مريمٍ، لا يُبعِدُ اللهُ مريما وقولا لها: هـذا الفـراقُ عَزَمتِه فهل موعدٌ قبل الفراقِ فيُعلَما؟ - الأَسوَد بن عُمارة النَّوفَليّ.

خليليَّ من سُعدَى، ألِمَّا فسَلِّمَا
على مريمٍ، لا يُبعِدُ اللهُ مريما

وقولا لها: هـذا الفـراقُ عَزَمتِه
فهل موعدٌ قبل الفراقِ فيُعلَما؟

- الأَسوَد بن عُمارة النَّوفَليّ.

توهمتُ خيرا في الزمانِ وأهلِه
وكان خيالا، لا يصحُّ التوهمُ

فما النور نوَّارٌ ولا الفجر جَدوَلٌ
ولا الشمس دينارٌ ولا البدر درهمُ

- أبو العلاء.

غير أن المرء مرآة ترى فيها صاحبه، تُعدِّد فيها مساوئه ومناقبه، فإنه يدفعه إلى طريقه دفعا، فإما ضرا وإما نفعا. وقد قيل إذا أردتَ أن تعرف فلانا فانظر إلى أصحابه. وتقول العامة: الصاحب ساحب. وما أبلغَه من قول! ففي اللغة سحبتُ ذيلي أي: جررتُه. كأن المرء ذيلُ صاحبه يجرُّه معه أينما ذهب. وما أصدقَ قولَ النبي -صلى الله عليه وسلم-: "المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل"!

يقول بعضهم: لي صاحب غاب لقاؤه، وتباعدت أرجاؤه، غفلتُ عن شغلي به بالا، وعن سعيي إليه وصالا، حتى هاتفني ذات ليلة وأنا على حرج منه. يقول: ففاجأني بتودده وسؤاله، متغافلا عن لومه وتعذاله، وما سمعتُ صوتَه حتى انبلجت في قلبي عتماتُه، وتولت عنه حسراتُه، وما لبثتُ أن شمَّرتُ وتوضأتُ وقمتُ إلى الصلاة.

وقد قلتُ قديما في رسالة إلى خليل:
يا دارَ خِلِّيَ هـل جـاءتكِ أخبــارُ
عن الخليل الذي شَطَّتْ به الدارُ

عسى خليليَ فـي خيــرٍ وعافيةٍ
مـــا دام للـدار أحــبـــابٌ وزُوَّارُ

هــلَّا بَعثـتِ إلــى خلي بتَـذكِـرَةٍ
أنَّـا على العهـد حُـفَّـاظٌ وأبَـــرارُ

وقلتُ أيضا:
إذا الخِلُّ لم يَعذُر أخاه على النوى
فمـن للفتـى دونَ الأخِــلَّاء عــاذرُ

ستبقى خليلي وابنَ أمي وخالتي
إلى يــوم أن تُطوَى علينا المقابــرُ

المتطرف في عاطفته وآرائه لا ينظر بعين الإنصاف ولا يزن بميزان العدل، أجل بدا من تميم فساد معتقده، لكن لا يجعلنك ما رأيتَ من ضلال آرائه تنكر شاعريته؛ فتميم شاعر مجيد، ولا ينكر شاعريتَه إلا جاحد أو جاهل، فإن أبيتَ إلا النكران فأنت بذلك تجور على نفسك ولا تجور عليه، والعاقل من يأخذ من بني آدم ما يحب ويطرح ما لا يحب.

الحَلُّوف في العامية المصرية هو الشخص البارد بلا مشاعر ولا يراعي مشاعر الناس. وفي الاصطلاح هو نوع من الخنازير البرية، من سماته أنه طفيلي ومزعج، وفي الأساطير اليونانية القديمة يمثِّل رمزا للشر والكره. وقيل: لعلهم أسموه بهذا الاسم؛ لأنه يستسيغ الإهانة والضرب، حيث يُضرَب مرارا لداء في بطنه، ولا يأنف من ذلك مثل بقية الماشية.