- البَنكام ||

لكل قلب عدّاد ، و لكل شعورٍ مخزون قد لا يَفنى لكنّه من المؤكد لا يستحدثُ من العدم ، لكل مَن أرادك إرادة و لكل من سعى إليك سِعة قد تتمدد بفعل حرارة الشوق لكنها حتما ستنكمِش مع حلول أوّل درجات البرودة ..

الخمِــيس ، الرابعة عصراً و المصادف لليوم الأول من شهر يونيو الذي فيه يكلّل حبّ صديقتي و يُختم آخيراً بحفلِ زفاف -جعل الله ذات الخِتام تتويجا لكلٍ قلبين تمنيا ذات المنال- ، انقضى شهرٌ اشتكى الأغلبُ من ثِقلهِ و تعدّد الأحداث التي دارت فيه ، مايو الذي يملكُ واحدا و ثلاثين يوماً كغيره من الأشهر لكنهُ من فرطِ تفاصيله قد حَمل على عاتقه ذنب ثِقل تقلّب المزاج و الشعور ، اندفعت جداً عزيزي مايو فَـ قابلوك بخيبة النّفور .. يونيو الذي جاءني فيما سبق بأجمل ما عرفت عاد مجدّدا مفعماً بنداءات 'لطّف ما أثقلهُ سابِقك .. و كأن الفارق بين آخر مايو و آول يونيو يمثّل سراب قُرب أمانينا من الواقع الذي بهِ نعيش ،

مضَت أشهرٌ متعاقبة راثيةً أجمل ضَحِكات العمر ، انقضت السّاعات و انتهت المواعِيد فَـ تعَنْوَنت اللحظات بِـ لفظِ الذكريات ، رحل من رحل آخداً الحديث و الضّحِكات و جمال اللحظات ، الكُل يُنسى و نقشهُ باقٍ ، النقش لا يُنسى ، ما يُنقش بِـ جِدار الروح لا يُنسى .. لا يُنسى آبداً!
من حفرت كلماتهُ نذوباً شوّهت دواخلنا لن ننساه و إن تناسينا الألم المنقضي فَـ الأثرُ تِذكار ، من رسم جمال مبسمهِ قشعريرةً في أفئِدتنا لن تمحاه الذاكرةُ و إن هرِمت ، من بنى لخاطرنا عرشاً جنودهُ محبي جعلنا لوجودهِ الأبد و أبدُنا نعيم ، من اتخدنا قوةً في خِضم وهنِ قلوبنا أخدنا بيدهِ لمواطنِ محبتنا فهو آمن و من إختار أن يبصم بحبرِ الخيبة عقد معرفتِنا زيّنا صفحتهُ بتوقيع الغُرباء دون سرور اللقاء ،
لسنا ممن يقامرون بِـ قلوبهم لكننا لا نخوضُ فيما لم تزكّه قلوبنا ، لا نُحب أن نتولى أمراً لم يباركهُ الشعور و إن لم نكن ممن يذهبوا حيث تدفعهم عواطِفهم و ما أصعب جمعَ النّقيضين!
مَن عاد سيعتاد و من اعتاد ضَمِن و مَن ضمنَ هان و من هان بِئس عليه و لا اسف ، مَن راقب الناس مات همّا و من راقب القريب ازداد بُعداً و من أراد الهَم و البُعد فليعلم الناس عن قريب قلبه .. لا تضع بؤرة تركيزك خارج حـدود ذاتك ، لا تسعى خلف شيء سوى راحتك و لا تُكثر تقليب بَنكـام شعورك لأحبابك إن أوشك رصيدهم من الرمال أن ينفذ ، الرمل لن يتضاعف و عُنق البنكام لن يتغير فقط تُضاعف حجم وقتك الضائع و خيبةِ أملك .

‏لطالما كان الولاء قضيتي الأولى لذلك تعنيني الأمور بقدر انتمائها لي ، لا أنافس على ود ، لا أستبقي كتفًا تحت مسميات مواربة ولا يزيدني تعدد الوجوه إلا زهدًا .

العَبره حال عدوّك بعد تبقـى فـ السّنون .

وانا يا صاحبي إن لم أقربك الى الله
بئس الصاحب انا ، فلا ترافقني .

لا أحب أن أنساك أبدًا، لا أحب لزحام يومي أن يُنسيني الصلاة عليك، أريد أن يلهج لساني بالساعات محبة وشوقًا، لأن أحدنا يدرك كم قصر من ناحيتك، وكل واحد منا يعلم جيدًا، في أي موضع خان الله ورسوله.

صلى الله عليك، بمقدار ما نحتاج وجودك معنا، وبلغك منا سلامًا، بمقدار شوقنا لأن نلقاك.
نُشهدُ الله على حبنا، ورغبتنا باتباع السنن، ومحاولاتنا الدائمة لتطبيق ما جئت به، ونعلم أننا نخطئ أحيانًا، ولكننا والله على الدرب.

من قال حزنك مسألة شخصية؟ حزنكِ مسألةٌ لِـ قلبين .

كُلّما مضَى بك الزمن ستُدرِك أنّ المرونة ركيزة أساسيّة لتحيا بهناء وسلام ، و أن لا شيء يستحقّ أن يُعَكِّر صفو لحظاتك الثمينة ، أن إعطاء كل شيء حجمه الحقيقي يحفظك عن الكثير من الشقاء و أنّ الأمور قد تكبر أو تصغر وفقًا لتقييمك وتعاملك ، فَـ اختَر لنفسك ما تشاء و إحتفظ فقط بما يحفظك .

و مثلك لذيذٌ في فَمِ الذاكِرة .