'
تَجَلَّدْ يَا أَخِي وَدعِ الأَسَى،
وَقُـمْ لِلْمَعَــالِي وَلَا تَيْـأَسَا..!

- المُهَـاجِر رَحِم الإلَٰهُ صَدَاه ..

تَذكّرتُ صَدىٰ المُهَـاجِر وهوَ يَقُول:

وربُّنا سُبحانه مالِكُ الضرِّ والنفع، وهو المتصرِّفُ في خلقِهِ بِمَا يشاء، لا مُعَقِّبَ لِحُكمِه، ولا رادَّ لِقَضَائِه، وهوَ الذي خضعتْ لهُ الرِّقاب، وذلَّتْ لهُ الجبابِرَة،

وعَنَتْ لهُ الوُجُوه، وقهرَ كلَّ شيء، ودانَتْ لهُ الخلائِق، وتواضعتْ لِعَظَمَةِ جلالِهِ وكِبرِيائِهِ وعُلُوِّهِ وقُدرَتِه، واستكانَتْ وتضاءلتْ بينَ يَدَيه، وتحتَ قهرِهِ وحُكمِه،

وهوَ الحكيمُ في جميعِ أفعالِه، الخبيرُ بمواضِعِ الأشياءِ ومَحَالِّها، فلا مانِعَ لِمَا أعطى، ولا مُعطِيَ لِمَا منع.

يَا رَجَائِـي

-
﴿لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ﴾

ْ
تعلُّم العَقيدَة أولىٰ الوَاجبَات المُتحتِّمات علىٰ المُسلم فِي مِثل هٰذا الزَّمن الذِي اندَرست فِيه كثِير مِن مَعالم الدِّين وصَار الكُفر إيمانًا والإيمَان كُفرًا؛

ذٰلك أنَّ اللّٰه سُبحانه وتعالىٰ قَال فِي كِتابه ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ﴾، وقَال ﴿فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ ﴾ وقَال ﴿وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ أي كلمَة التَّوحيد جَعلها سُبحانه دَائمةً في ذريَّة إبرَاهيم علَيه السَّلام يَقتدِي به فِيها مَن هدَاه اللّٰه.

فمِن المُؤسِف حقًا أن نرىٰ مُسلمِين -اسمًا- يَستمِيتُون فِي إدخَال اليهُود والنَّصارىٰ إلىٰ الجنَّة لمُجرد كَونهِم مُحسنِين أو أفادُوا البَشرية، بل الأدهىٰ دِفاعهُم عَن المُلحدِين وإصرَارهم علىٰ أنَّ اللّٰه سُبحانه وتعالىٰ سيَغفِر لهُم ويُدخلهم الجنَّة!

فهُناك شرخٌ عظِيم وفَجوة عمِيقة بَين المُسلمين وعقِيدتهم؛ فلَا يدرُون معنىٰ لٰا إلٰه إلَّا اللّٰه التِي يقُولونها صُبح مسَاء ويلُوكون بهَا ألسَنتهم، ولا يدرُون ما يُناقضُها بل ويزعُمون أنَّ المُسلم لا يَصير كافرًا مَهما فعَل فهُو يقُول ”لٰا إلٰه إلَّا اللّٰه“ ويُصلي ويصُوم، ولَا يدرُون أنَّ أعظَم الظُّلم هُو الإشرَاك باللّٰه، بَل يحصُرون الشِّرك في مُجرَّد السجُود للصَّنم ولا يعرفُون أنَّ الكُفر يكُون حتَّى في مُجرد القَول!

فترىٰ الشِّرك متفشٍ بكلِّ أنوَاعه، فهٰذا شركُ القبُور وذٰاك تحاكمٌ لغَير اللّٰه وذٰاك سبٌ للّٰه ولدِينه واستِهزاءٌ بشعائِر الدِّين وسُنة رسُول اللّٰه ﷺ، وتِلك مُوالاة الكُفار وإعانَتهم وحربُ المُسلمين، وذٰاك سحرٌ وتكهُّن ودَجلٌ، وذٰاك إلحادٌ ونظرَياتٌ كُفرية مَا أنزَل اللّٰه مِن سُلطان.. والقائِمة تطُول!

أليس ذٰلك كافٍ حتَّى تُشمِّر يَا طَـالب العِلم لتَذب عَن حيَاض العقِيدة وتتعلَّم وتُعلِّم؟!

ألستَ ترىٰ جُهد الكُفار لطَمس مَعالم دِينك وجَعل البَاطل حقًا والحَق باطلًا؟!

ألَم يَأتِ بعدُ أوَان نفضِ الغُبار وإزَالة الغشاوَة عَن عَينيك؟!

إنَّما الفِتن مُغربلةٌ حتَّى يَصير فُسطاطَان لَا ثَالث لهُما؛ فُسطاط إيمانٍ لا كُفر فِيه وفُسطاط كفرٍ لا إيمَان فِيه.. فاسعَ لتتعلَّم عَن عقِيدتك وثبِّت رَكائزَها حتَّى لا يَجرفك تيَّار البَاطل فتَهلك!

وخُذها من النَّبع الصَّافي، وإيَّاك ودُعاة السُّوء
الذِين يُسوِّغون للطُّغاة واحذَرهم أن يَفتنُوك!

-
التَّوحِيدُ أوَّلًا .

•
وقول الشيخ:
(ومن آياتِهِ الليلُ والنهارُ والشمسُ والقَمَر، ومن أعظمِ مخلوقاته، السمٰوات السبع والأرضون السبع وما فيهن وما بينهما)

أي من أعظم آياته المُشاهدة بالأبصار هي الليل والنهار، و الشمس والقمر كونهما يجريان بهذا الجريان المُتقن، والسموات السبع، والأرضون السبع، كلها تدلُّ علىٰ وحدانية اللّٰـه وبراهين خلقه و تفرُّده سُبحانه.

والدليل، قال تعالى:
(وَمِن آيَاتِهِ اللَّيلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمسُ وَالقَمَرُ لَا تَسجُدُوا لِلشَّمسِ وَلَا لِلقَمَرِ وَاسجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنتُم إِيَّاهُ تَعبُدُونَ) "فصلت: ٣٧"

فإن المتأمل إذا تأمل الليل والنهار، وجد هذا يدخل في هذا، وهذا يطول وذاك يقصر، والشمس إذا أتت بضيائها صار نهارًا، وإذا ذهبت الشمس أتى القمر فصار ليلًا،  والذي خلقها وسيَّرها على هذا النحو الدقيق العجيب هو رب العالمين.

وقوله تعالى:
(إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) "الأعراف:٥٤"

فهو سبحانه خالق هذه العوالم، و هن مخلوقات،
وآيات؛ أي: علامات علىٰ خالقها وصانعها ومُحكم نظامها.

•
وقول الشيخ: (فإذا قيل لك بمَ عرفت ربك؟ فقل بآياته ومخلوقاته.)

وهذهِ الجملة تتضمن (الآياتُ الدالةُ علىٰ التَّوحِيد)

-إذا قيل لك بما استدللت علىٰ معرفة ربك وخالقك ومعبودك؟

-فقل: بآياته ومخلوقاته التي نصبها دلالة علىٰ وحدانيته وتفرده بالربوبية والإلهية.

الآيات: جمع آية، الآية: العلامة والدلالة والبرهان.

المخلوقات: جمع مخلوق وهو ما أُوجد من العدم.

وآيات الرب سبحانه وتعالى: هي دلالاتهُ وبرهاينهُ التي بها يعرفهُ العباد ويعرفون أسمائهُ وصفاتهُ و(توحيده) وأمرهُ ونهيه.

الآيات نوعان:

١- الآيات العَيانيّة الخَلقية:
هي التي تدل عليها الفطرة والعقل.

٢- الآيات القولية السمعية:
وهي التي تدل عليها النصوص الشرعية.

فالرُسلُ تُخبرُ عن اللّٰـه تعالى بكلامهِ الذي تكلم بهِ وهو الآيات القولية، ويستدلون علىٰ ذلك بآياته العَيانية، والعقل يجمع بين هذه وهذه، فتتفقُ شهادةُ السمعِ والبصر، والعقل والفطرة وكلُّ شيءٍ في الوجود يَدلُّ على وَحدانيته وتفرُّدهِ بالرُّبوبية.

•

فَإذا قِيلَ لَك: بِمَ عَرِفتَ ربَّك!، فَقُل: بِآيَاتِه ومَخْلوقَاتِه، ومِنْ آيَاتِه اللَّيلُ والنَّهارُ والشمسُ والقَمرُ، ومِنْ مخْلوقَاتِه  السَمَواتُ السَبع والأرضونَ السَبع، وَمَن فيهنَّ وَمَا بَينَهُمَا.

والدليلُ قولُه تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ۚ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) [فصلت: ٣٧].

وقولُه تعالى: (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ ۗ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ۗ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) [الأعراف: ٥٤].