‏

والعبد الأوّاب الذي يذنب فيتوب ويستغفر
هو في عداد المتقين وأعدّ الله له الجنة

" وأُزلفتِ الجنَّة للمُتقين غيرَ بعيد هـذا مَا تُوعـدونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفيظ"

- لا تملّ من تكرار التوبة أبدًا ،
فلعلّك تبلغ الجنّة بنفسك الأوّابة ..

قال تعالى: ﴿يوصيكُمُ اللَّهُ في أَولادِكُم لِلذَّكَرِ مِثلُ حَظِّ الأُنثَيَينِ فَإِن كُنَّ نِساءً فَوقَ اثنَتَينِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ وَإِن كانَت واحِدَةً فَلَهَا النِّصفُ وَلِأَبَوَيهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنهُمَا السُّدُسُ مِمّا تَرَكَ إِن كانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَم يَكُن لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كانَ لَهُ إِخوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعدِ وَصِيَّةٍ يوصي بِها أَو دَينٍ آباؤُكُم وَأَبناؤُكُم لا تَدرونَ أَيُّهُم أَقرَبُ لَكُم نَفعًا فَريضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَليمًا حَكيمًا﴾ [النساء: ١١]

يقول السهيلي: ثمّ إني نظرتُ فيما بيّنه الله -سبحانه- في كتابه من حلال وحرام وحدود وأحكام، فلم نجده افتتح شيئًا من ذلك بما افتتح به آية الفرائض، ولا ختم شيئًا من ذلك بما ختمها به، فإنه قال في أولها: (يوصيكُمُ اللَّهُ في أَولادِكُم) فأخبر -تعالى- عن نفسه أنّه موصٍ؛ تنبيهًا على حكمته فيما أوصى به، وعلى عدله ورحمته، أمّا حكمته فإنه علم -سبحانه- ما تضمنه أمره من المصلحة لعباده، وما كان في فعلهم قبل هذا الأمر من الفساد،
فلو وكلهم الله إلى آرائهم وتركهم مع أهوائهم، لمالت بهم الأهواء; وأدّى ذلك إلى التشاجر والتباغض والجور وقلة النصفة، فانتزع الوصيّة منهم، وردّها إلى نفسه دونهم، ليرضى بعلمه وحكمه، ولذلك قال: -تعالى- حين ختم الآية (وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَليمٌ حَليمٌ) وقال مثل ذلك (فَريضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَليمًا حَكيمًا).

كما كشف عند استخدام حرف الجر (في) في (أولادكم) بدل الباء مُبينًا أن استخدام (في) أعلى من استخدام الباء؛ لما في ذلك من زيادة حثّ على التسويّة والعدل فيهم، والتحذير من الجور عليهم، وجاء بلفظ الوصيّة عامًا غير مقصور على الميراث أو غير ذلك، ليدل بذلك على أن العدل غير مقصورٍ على باب دون باب.

وجاء بلفظ الأولاد دون الأبناء؛ لأن لفظ الولادة هو الذي يليق بمسألة الميراث، ففي تخصيص هذا اللفظ فقهٌ وتنبيه، وجاء بالاسم الظاهر (يوصيكُمُ اللَّهُ) ولم يقل: أوصيكم، ولا نوصيكم؛ تعظيمًا لهذه الوصيّة، والترهيب من إضاعتها.

نقلًا عن: د. إبراهيم الهدهد
أثر السياق في اصطفاء الأساليب دراسةٌ بلاغيّة