يا حفّاظ القرآن، ويا مُحبّينه، ويا مُقبلين
يخصّكم هذا، اقرؤوهُ قراءة مُستهدٍ مُسترشد لا مُتخلّصٍ مُستنجد ):

-طريقة الحفظ التدبّري الذي ذكرتها الأستاذة حفظها الله وجزاها خيرًا، تبدأ من الصفحة ١١-

وبها أنصح وأشيد، في رمضان -بلّغناه الله- وقبله استعدادًا له، أعاننا الله على ذكرهِ وشكره وحسن عبادته

اليوم الثاني من شهر شعبان، نسأل الله أن يبلغنا رديفهُ رمضان، يسلّمه لنا ويسلّمنا له ويجعلنا ممّن قامه إيمانًا واحتسابًا، والمسلمين، وبعد:

فأكثر ما نرى انتشاره تداولًا وتناقلًا وتناصحًا، هو الاستعداد لرمضان بكثرة الختمات والركعات والعبادات وسماعِ اللقاءات، فيتنافس مُعدّوا الجداولِ والبرامجِ ويتسابقُ مصمّموها في سبيلِ الظفرِ بما يُظنّ تحقيقه بمثل هذا، وهذا ممّا لا يُنكرُ البتّة ولا يُعابُ بحال، فإنّ للتهيئةِ أثرًا ظاهرًا في تحسين العبادة ولا ريب، لكن..

وممّا أبثّه -لا استبدادًا برأيٍ إنما نقلًا عَن وعَن-:
أن تكثير العبادة وهمٌ يقع فيه من يحاولُ سدّ النقص في ذات العمل فيذهب إلى تكثيره، بينما عليهِ -إن أرادَ تحقيق ثمرة العمل فعلًا- إصلاح عطبِها بدلًا من البناء عليه! كما قال د.عقيل الشمري في كتابه عتبات العبودية:
"وبالمقابل، يُعوّض الناس هذا النقص في مفهوم العبودية بالإكثار من مظاهر العبادة إرضاء للنفس في تحقيق العبادة، فعادة النفس أنها إن كان أمامها أمران لا تستطيع التمييز بينهما، فإنها تأخذ أحدهما -الأسهل غالباً- وتكثر منه رغبة في تعويض الناقص، فمن هنا أصبح الناس يتنافسون في عدد ختمات القرآن، وعدد ركعات الصلاة ويسبحون بأرقام كبيرة جداً، ولا أقصد ذمّ ذلك إنما قصدت أن عدم تصور العبودية أدى إلى أن الأنفس عوضت نقصها في ذلك بالإكثار من مظاهر العبادة، وفرق بين العبودية ومظاهرها، كالفرق بين الشيء وجوهره" انتهى كلامه

فخُلاصة القول ما قال في آخره: فرق بين العبودية، وبين مظاهرها!
فلا يغرّنك المظهر على حساب الجوهر!

وهذه الحقيقة يصدّقها واقعك، أمَا ترى أنك تكدّ وتعدّ وتستعدّ، ثمّ تشكو مع الشاكين افتقاد اللذة وخفوت الهمّة وضعف العزم؟!
إذن، عُدْ وفكّر في حقيقة عملك لا في مظهره وعدده، انظر كيف تزيد حياة قلبك فيه؟ كيف تزيد إيمانك به؟
وأعظمُ مُعينٍ لك في تحقيق ذلك، بداية آنيّة فورية لا تقبلُ بعد قليلٍ ولا في غدٍ ولا بعد غد! سبحان الله، نريد النتائج قبل السّعي!

بداية في ماذا؟
[صاحب القرآن]
فقط؟
نعم! لكن عُدْ واقرأها، لم تحققها حتى تسأل بفقط! أما لو تحققتها لاكتفيت، لأنك بها ما اكتفيت!
لا نقولُ اقرأ، لا نقول احفظ، لا نقول ولا نقول..
إنما نقول: كن محسنًا يا أخي، كن محسنًا وسترى! كن محسنًا في صحبته، واللهْ واللهْ وسترى..

وستعلم أن صحبته مربوطة بتحسين الصلاة به، وتحسين العمل به، وتحسين العلم به، وتحسين الخلق به.. ستتحسّن أنتَ به!
دعْ عنك الوهم وامْض، وخفّف من سماع المواعظ وابدأ في العمل بها، ما أغفلك فالوقت يمرّ!

وليتكَ تقرأ ما سأحيلك عليه ولا تُمرّر ):
نفعك الله به نفعًا يتبعه العمل والقبول ??

"كُلَّما ضاق صدرك واشتدَّ همك فأقبل على القرآن، واقرأهُ قراءةً متأنيَّة ولا تعجل بتلاوتِه، وسترى من الفُتوح والتيسير والبَركة والانشراح ما يعجز اللسانُ عن وصفِه وتصويره.
‏ولا أقول جرِّب (فليس هذا مجالاً للتجرِبة) ولكن تيقَّن أن الله أنزلهُ هدىً ورحمة، وشفاءً لما في الصُّدور ."

"لو اتّخذتَ ما اتّخذت من أساليب استغلال الفراغ وتهذيب فوضى هذه الأيّام، مالم تفسح للقرآن زمنًا يليق به بين ركام مهامك؛ لن تلمس أثر وقتٍ قضيته في طلب غيره.. وإن لمِستَ، فطفيف أثرٍ زائل لم تعمِّق جذوره البركة."

"لا ينبغي لحامل القرآن أن يرى أحدًا من أهل الأرض أغنى منه ولو ملك الدنيا برحبها، وهو الذي أغناه الله تعالى بكلامه واصطفاه من بين أناس كثر..
فالإقبال على القرآن ليس بالأمر الهين، إنما هو رزق يؤتيه الله من يشاء، وكفى بصاحب القرآن عزةً وشرفًا ورفعةً بما وُهب"