كَيفَ السَبيلُ إِلى السُلُوِّ وَِلى حَشاً
أَضحى يَقومُ بِها الغَرامُ وَيَجلِسُ

فَلَيتَكَ لَو بَقيتَ لِضُعفِ حالي
وَكانَ الناسُ كُلُّهُمُ فِداكا

"القرار يؤخذ بالعاطفة، والعقل يتولى تبريره"

كانت هذه الجملة محور الحديث دوما في محاضرات التسويق التي أخذتها، وأيضا تلك التي كنت أشرحها، لكن لم يمنعني عقلي من التفكير فيها خارج سياق البيع والشراء، إلى مجال الفكر والمعتقدات.

كيف أن فلسفتك ورؤيتك للعالم ومذهبك وفرقتك وطائفتك بل ودينك ومعتقدك لا تقوم باكتساب أي منهما بعد تفكير عقلي، أنت تولد في مجتمع وبيئة لأب وأم ودائرة من المحيطين تكبر وتصغر بمرور الوقت، وكل ما تعتقده يتأثر بها، نظري أو عملي، متفاءل أو متشائم، سني أو شيعي، مسلم أو مسيحي أو غير ذلك.

وليس هذا هو المثير، المثير حقا أنك تظن أن هذا المعتقد قد اكتسبته بمجهود منك وتفكر وقناعة تامة وتقطع أنه الحق وكل ما سواه باطل، وكيف لا وكل منا حين يسمع ما يقوي معتقده يكون تابعا للفظ حجة، وأما ما يضعفه يكون تابعا للفظ شبهة، وقد تم تلقين الفرد أن هذه حجة منطقية وتلك شبهة لها رد عندنا أكيد، دون حتى أن يكون هذا الفرد على أي درجة من درجات العلم بما هو المنطق حتى فضلا عن أي من قواعده.

والأكثر غرابة أن هذا الفرد حين يتعامل مع فرد آخر مغاير له في الفكر والمعتقد يتعامل معه من منظوره الذاتي، هو لا يحاول حتى أن يضع نفسه أو أن يتصور نفسه في مكان هذا الفرد التي تأثرت أفكاره بما أحاط به من بيئة ومجتمع، فحجة الأول عند الثاني شبهة ويتعامل هذا الثاني معها تعامل الأول مع حجة الثاني على أنها أيضا شبهة لها رد منطقي.

والحجج والشبهات والردود عليها التي يظن الشخص أنها قناعة عنده وحجج تزيد اطمئنانه لمعتقده ماهي إلا تلقين مما حوله، هو لم يتفكر ويستنتج ويتشكك ويتحير، فقط سمعها من محيطه ورآها تتفق مع أفكاره التي هي أيضا وليدة هذا المحيط فقطع بصحتها، ثم هو يتعامل مع المغاير له في الفكر المماثل له في طريقة تحصيل الفكر تعامل من أعفاه الله من الجريمة مع المجرم فيزدريه ويسبه.

وهو في تعامله ذلك يخالف معتقده نفسه الذي يخبره أن هدايته وصلاحه وطاعته وتوفيقه نعمة من الله، فهل يقابل هذه النعمة بالشكر؟ هل يسعى لأن يكون هذا الشخص الذي لم يحظ بهذه النعمة مشمولا بها؟

فلا يكون هذا الشكر إن رفعت نفسك بهذه النعمة التي لا يد لك فيها، ولا يكون هذا السعي إن كان مصحوبا بتعالي وتقبيح ومعاداة من تسعى ليكون مشمولا بالنعمة إذ هذه المعاداة تنفره منك فلا يسمعك، وهيهات أن تحسب أنك قد فعلت ما في وسعك ولكنه أبى إن كانت طريقتك في هذا الفعل منافية لهدف الفعل أصلا.

••عمر مجدي

فَعَلَيّ الجَمَالُ قَد ولَّاكا

ومتى أشكُ جِراحاً بالحشا
زِيدَ بالشكوى إليها الجُرحُ كَي

دَهَتني بِوِدٍّ قاتِلٍ وَهوَ مُتلِفي
وَكَم قَتَلَت بِالوُدِّ مَن وَدَّها دَها

مَرَرتُ عَلى دارِ الحَبيبِ فَحَمحَمَت
جَوادي وَهَل تَشجو الجِيادَ المَعاهِدُ

وَما تُنكِرُ الدَهماءَ مِن رَسمِ مَنزِلٍ
سَقَتها ضَريبَ الشَولِ فيها الوَلائِدُ

أَهُمُّ بِشَيءٍ وَاللَيالي كَأَنَّها
تُطارِدُني عَن كَونِهِ وَأُطارِدُ

وَحيدٌ مِنَ الخُلّانِ في كُلِّ بَلدَةٍ
إِذا عَظُمَ المَطلوبُ قَلَّ المُساعِدُ

وما كُنْتُ لَوْلا الْحُبُّ أَخْضَعُ لِلَّتي
تُسِيءُ وَلَكِنَّ الْفَتَى لِلْهَوى عَبْدُ

فَعُودِي صُلْبٌ لا يَلِينُ لِغَامِزٍ
وَقَلْبِيَ سَيْفٌ لا يُفَلُّ لَهُ حَدُّ

وَإِنَّا أُنَاسٌ لَيْسَ فِينَا مَعَابَةٌ
سِوَى أَنَّ وادِينَا بِحُكْمِ الْهَوَى نَجْدُ

نَلِينُ وإِنْ كُنَّا أَشِدَّاءَ لِلْهَوَى
وَنَغْضَبُ في شَرْوَى نَقِيرٍ فَنَشْتَدُّ

حامِلُ الهَوى تَعِبُ
يَستَخِفُّهُ الطَرَبُ
إِن بَكى يُحَقُّ لَهُ
لَيسَ ما بِهِ لَعِبُ
تَضحَكينَ لاهِيَةً
وَالمُحِبُّ يَنتَحِبُ
تَعجَبينَ مِن سَقَمي
صِحَّتي هِيَ العَجَبُ
كُلَّما اِنقَضى سَبَبٌ
مِنكِ عادَ لي سَبَبُ

أَصبحتُ أَطوَعَ خَلقِ اللَهِ كُلِّهِمِ
لأَكثَرِ الخَلقِ لي في الحُبِّ عِصيانا

-العباس بن الأحنف.