تناقش هذه الورقات التي كتبها الشيخ أبو قَتادة في سجنه بين عامي (٢٠٠٢/١٤٢٣-٢٠٠٤/١٤٢٥)، أمرًا قديمًا متجددًا في الحركة الإسلامية وهو الاستغراقُ في شأنٍ واحدٍ وتضخيمه «تضخيمًا سرطانيًّا» كما يصفه، وتعطيلُ غيره من شؤون وإن كان واجب الوقت، دون إغفال مَن يضطرب في تقديم واجب الوقت حقًّا ونبذ كل ما عداه فيعودُ على الأصل بالإبطال.
وعلى اختصارها وقليل عددها، فإنَّ مقاربتها مكثَّفة، يحسنُ البناء عليها وجعلها نموذجًا تفسيريًّا.

جزءٌ من المعالِم - أبو قَتادة الفلسطيني

بسم الله الرحمن الرحيم
كان الرافضة وما زالوا أهل ضغينة وفساد، وإن تسربلوا -تَقيةً- سربال الوحدة والاتفاق، فلا يلبثون إلا قليلًا حتى ينضحَ إناؤهم بما فيه من خديعةٍ وخبثٍ وبُغضٍ. فلم يمضِ زمن بعد ثورتهم «الإسلامية» التي قدَّموها مثلًا يُحتذى، حتى سارعوا في نصرة أمريكا في غزوها لأفغانستان والعراق، ولم تنقضِ سنوات قلائل على دعوى «الممانعة» حتى كشفوا قبيحَ نفوسهم في الشام.
وقبل هذا كله، عقيدةٌ مستحكمة في التنقُّص من الصحابة الأكارم ، وتربُّصٌ بأهل السنة يُثبته تاريخنا وأرشيفهم.
وهنا، يعرِض الشيخ أبو قَتادة -ناصحًا ومذكِّرًا- لَمحةً من كتب أحد مقدَّميهم الذي حرَّف في سيرة النبي ﷺ، وطعن في أصحابه غاية الطعن، وحطَّ من أقدارهم كما لم يفعله أصرحُ الأعداء اليوم، ليُنبِّه الشيخ أنَّ دعاوى الوحدة والتحالف لم يُقِم عليها أصحابها بيناتٍ فهم أدعياءٌ أبدًا.
هذا، وقد عملنا على نقل هذه المقالة من أصلها الخطي المَرقوم -على غلبة الظن- بين عامي (١٤٢٣/٢٠٠٢-١٤٢٥/٢٠٠٤)، وتهيئتها للنشر بعد تحريرها وتدقيقها. وقد ألحقنا في خاتمتها صورًا من الأصل.

ألا لعنة الله على الكاذبين - أبو قَتادة الفلسطيني

إن مراحل الجهاد الصريحة مع أمم الكفر سبيلٌ من سبل كشف كفر الطواغيت ووجوب قتالهم، فإن الحرب متى ما دارَت مع رؤوس الكفر خاصة أمريكا، لن يتخذ الطواغيت موقفًا ينصر الإسلام، ولا حتى موقفًا محايدًا في الغالب، إنما سيناصرون طاغوتهم الأكبر على المسلمين (بشكلٍ وقحٍ صريحٍ، أو بشكلٍ خفيٍّ موهِم)، عندها يظهر كفرهم وعمالتهم، وهذا ما ينبغي استغلاله في معركة الطوفان لتوسيع دائرة الجهاد وإدخال عامة المسلمين فيها، وهذا هدف مرحلي كبير.
وَلِنَكُونَ أكثر واقعيةً وعملية، لا بد من استهداف مصالح الصليبيين في الدول صريحة العمالة لهؤلاء، على رأسهم مهلكة آل سعود وإمارات الشَّرِّ، وكذلك مصر والأردن، وهذه الخطوات ستكشف للمسلمين كثيرًا من المفاهيم التي إن لم نعمل عليها ستبقى مسطورةً في الكتب يتناقلها بعضٌ عن بعضٍ في كل جيل.

لقمان بن عبد الحكيم/ هدم الحضارة

وليت السياسيين والباحثين والمهندسين والأطباء عندنا يفهمون أنَّ تنظيرهم المُجرَّد دون انخراطٍ في المعركة لا قيمةَ له في الجملة، فقد كان مَن يقود المعارك هناك عساكر معماريون لتغيير الجغرافيا وتفسير الفضاء والهيمنة عليه، وآخَرون فلاسفة -ككوخافي- يُفلسفون الحركة العسكرية بعد أن يعيشوا في ثكناتها وعلى ثغورها ثم هم أنفسهم يقودون المعركة ويضعونَ تدابيرها، وسياسيون يحمونَ هذا كله من الميدان الذي يرونه ميدان أرضهم لا عند عتبات فنادق العدو نفسه! فليس معنى «كلٌّ على ثغر» أن تنفردَ في عيادتك أو مخبرك أو مرسَمك لا تُقدِّم شيئًا حتى التنظير لا تُحسنه لانعزالك! وليس معنى «كلٌّ مُيسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ» أن تترك ساحة المعركة ثم تتباكى على فعل كذا وترك كذا، وأنت لم تفعل شيئًا سوى مُداراة خُذلانك وقلة فهمك لواقع المعركة بنصٍّ، فلم تفرَّ من الجامية كما كنت تبغي!

مويلك الشامي/ سلاح العمارة

أيها المستضعفون من المسلمين!
إنّ الذي بشّر سلفنا، وهم في أشد حالات الاستضعاف، بتحول أعظم بيتين مقدسين إلى مساجد هو الذي بشّرنا بالجوس خلال الديار ودخول المسجد الأقصى، وإنّ الذي أنجز وعده لسلفنا منجز لنا وعده لا محالة.. فلنسوءنّ وجوه اليهود، ولنحررنّ الأرض المباركة، ولندخلنّ المسجد الأقصى، إن شاء الله.

حسين أبو عمر/ بعض ما سورة الإسراء

محاكاة المدن العالَمية خطيئةٌ كبرى، إذ أنه لا يستمدُّ عمرانًا مجرَّدًا، بل يستمدُّ نموذجًا أجنبيًا له رؤية كونية وفلسفة خاصة، فالعمران الغربي -كسلعه الحضارية- يتَّسم بالبساطة لا التركيب، والسهولة لا الجمال، وليس فيها ما يحمل الإنسان على التأمُّل، حسب وصف المسيري. فالمدينة العالَمية التي صارَ نموذج طوكيو ونيويورك وشيكاغو مرجعيةً بصريةً لها يكمنُ فيها نموذج حضاري يعبِّر عن الصفات السابقة، التي ليست بأيِّ حال صفةً للنموذج الإسلامي ولا حضارته العمرانية!
وتعظمُ الخطئية وتكبُر، عندما يُراد لمكة أن تكون مجرد مدينةٍ عالَميةٍ، فهذا يعني نزعَ قداستها، وتنميطها بنمط الأبراجٍ والكتلٍ الإسمنتيةٍ المُصمتة، ثم -زيادةً في التلفيق- زخرفتُها بزخارف إسلامية وإكساؤها بمُنَمنمات شرقية.

مويلك الشامي/ سلاح العمارة

هذه ورقات كتبها الشيخ أبو قَتادة بعد مرور أربع سنوات على سجنه، أي في سنة ١٤٢٦/٢٠٠٥م، يحكي فيها عن «فقه الابتلاء»؛ فضائله وضرورته ولزومِه لطريق الدعاة والمُجاهدين.
ومادتها عند التأمُّل لم تبلُ رغم تعاقب السنين عليها، إذ ما زال «الابتلاء» واقعًا على المستضعفين في الأرض من المؤمنين، بل توسَّعت رقعته وازداد وَقعُه. وما زال أهل الجهاد في ثغورهم من فلسطين وسورية إلى الصومال ومالي تتجدد معاني الإيمان في نفوسهم ويُعرَضون على تنور «الابتلاء» حتى تمتازَ الصفوف وتتطهَّر النفوس في طريقها إلى التمكين. فما في هذه الورقات من فقه وبشريات وتسلية جاءت في وقت أحوج ما نكون إليه.
وقد تبدو المسائل باديَ الرأي قريبةً مما جاء في كتاب «حكمة الابتلاء» الذي كتبه الشيخ في نيسان/أبريل من عام ٢٠١٤م، ولكنها تختلف في مقاربة الموضوع وإن جمعها خيطٌ ناظمٌ هو دأبُ الشيخ أبدًا عند حديثه عن «الابتلاء» الذي يصحبُ نصرةَ الدين والسعي في تمكينه وإصلاح حال البلاد والعباد، وهو: التنبيه على مواقع الحكمة الربانية فيه، والتبشير بوعد الله جلَّ جلاله بالنصر والتمكين.

الابتلاء - أبو قَتادة الفلسطيني