عزيزتي غصون ..
استيقظت للتو، وشيءٌ ما سحبني من مزاجي لأكتب لكِ الآن. قبل حتى ملامسة الماء لوجهي ...
الصباح هو الجزء الأهم في اليوم كله ولا أعرف كيف فاتتني صباحات الأيام الماضية التي قضيت أغلبها نائمة ...
أظن بأنه الهروب المناسب لأمثالي - أقصد النوم - حيث لا مشاعر تفور ولا دماء تغلي ولا أفكارٍ تدور.

لعدة أيام كنت أبحث عن كتابٍ يجعلني أشعر بالغربة إذا ما أغلقته أو انشغلت عنه، تقودني رغبة محمومة في الانتماء لشيءٍ ما، ليس شخصًا، أردت كتاب.
أردت بشدة قراءة ما يدفعني للخارج - خارجي - بالفعل أصبحت مسجونة داخل نفسي، أنا كل جدراني، والتسكع بداخلي لا يجلب إلا المزيد من الألم.

عندما وقعت عيني - صدفة - على عنوانه قلت : لابد من أنه يفضح فاجعة ما، ويعري هزيمة ما. قضيت الوقت مع بومة عمياء تتحدث عن شخصٍ يحمل نفسه في داخله يتحدث بروحه ... إلى الآن لا أعرف من يحمل أساه؛ أنا أم الصفحات وصادق هدايت الكاتب الإيراني الذي قال عن نفسه :

"إن الحدیث عن حیاتي لا یضم أي ملاحظة بارزة فلیس هنالك من حدث لافت للنظر قد وقع فیها، كما لم یكن لي أي عنوان، ولا أحمل أي شهادة مهمة، ولم أكن أیضا تلمیذًا متمیزًا في المدرسة".

ما جذبني نحوه جملة تقع بالمنتصف :
" لم يكن لي أي عنوان "
إنها الجملة التي تسحب يدي إلى الخارج، إلى عالمه، لأربعة أيام، في اليوم الواحد خمس ساعات متتالية أسمع فيها صوتِ فتاةٍ تقرأ " البومة العمياء" رغم أنني قرأتها لنفسي وبصوتي مرتين ! حتى أصبحت كلماتها مألوفة بالنسبة لي.

صوتٌ ما خفي، كان يتردد على مسمعي من الحين إلى الآخر خلال الأيام الماضية :

إن الذي يرتجف هنا، في عروق هذا الرجل؛ هو دمكِ :

"عثرتُ على حقيقة؛ أن ورطة هائلة توجد بيني وبين الآخرين، وفهمت أنه ينبغي علي أن أخلد إلى الصمت إلى أقصى حد ممكن، إلى الحد الذي يجعلني أحتفظ بأفكاري لنفسي، وإذا كنتُ الآن قد قررت الكتابة فهذا راجع إلى أنه يجب أن أُعرفَ نفسي لظلي . . الظل المنحني على الحائط وكأنه يتجرع كل ما أكتبه باشتهاء بالغ".

-رُبى✨️
- ٨ يناير

أدعوك
‏ألّا أتعلق بشيءٍ ليس مُقدرًا لي،
‏أن أقع
‏في كل ما يُشبه قلبي،
‏ويألف وجودي.

1:26

‏هل أتيت لأني أنا؟
أم لأنك تائهٌ
ولا تعرف سوى عنواني؟

-مجددًا.

يود الكلام لو يخرج إلى فراغٍ  شاسع، حيث لا يمكنه الاصطدام بجسدٍ أو بجبلٍ أو بجذعِ شجرة حتى لا يعود يائسًا كالصدى.

في الليل، أستيقظ من يقظتي.. أحلم بعينٍ مفتوحة، أدخل من تحت الأبواب ومن شقوق الجدران أسفل النوافذ. نملة!
لا أحد يراني.

الأيام الماضية فقدت قدرتي على المشي فوق الماء، لكنني اكتسبت مهارات أخرى في فنون الغرق وخسارة الأصدقاء فأنا بارعة في الخسائر...

أسلم نفسي إلى رأسي، أتركها بالداخل لتتسلى بفكرة البقاء وركل فكرة الموت بمنتصف الشارع علها تلتصق بحذاءٍ يفضل الركض عن النوم الطويل فوق الأرصفة.

معزولة...
أزرع أصابعي في شاشة الهاتف.. طوال الوقت ألتقط بها خبرٌ أو صورة أو جثة.
من حينٍ إلى آخر أتفقدها، أمسح الدماء الملتصقة بها...

دماءٌ غير مرئية تحشو مخيلتي بذنبٍ لم أرتكبه وفي الوقت نفسه يزداد شعوري بأنني شريكة في الجريمة ويجب أن تتلقى يدي بعض العقاب.

حواسي تحرك روحي،
ولم أجد جسدي يومًا في مكانه المناسب.

-رُبى✨️

١١/١١

خُذني الى حيزك للأبد
إلى كل جهاتك .. من شمالك
إلى جنونك
من شرفتك
إلى غربك
اصطحبني ف زيارة إلى حافة الماء
أو جزء من غابة طبيعية
منبوذة !
أبعدني من سوء طبعي
الذي يسبق الطمث لأسترد دورتي العظمى !
من الذهاب
إلى الرجوع
أو المضي
أو العودة
منذ العشق حتى الأمومة
منذ الفجر حتى الأرض
قبلني قبلة الحياة
أو الموت !
بث بعضاً من أنفاسك بين اللاوعي وأضلاعي
بين واقعي اليوم وأمسي البعيد
بين قيمتين
او فكرتين
أو نهدين
أو ما هو أكثر !
كي نبث الرياح
أو الحنين في رئتينا
كي نغني أغانينا بين الأضداد
بين الظلال في المعاني
في الفناءات
علمني كيف اقترب من إبداعاتك
كيف أمتليء بك وقت ان تفيض
ووقت أن أفيض !
وأغرق
أغرق ... أغرق
ثم أفيق
لأجدني مملوءة بك
بك وحدك
وحدك تغمُرني
لطالما طفح الآخرون
على وجهي .

-رُبى✨️

تعال نبكي سويًا
أو أنام على كتِفِكَ بطريقة
أن تتوسد رأسي بعدها..

بشكلٍ يجعلنا لا نحتاج من
الدنيا شيئًا بعد الآن..

يدي في يديك..

يكفي لعب الغميضة
وتعال نبني بيتًا
بعناقٍ طويل

رأسي التي كانت ملتهبة بالنيران،
جوارك، كحربٍ هامدة
كهدوءِ عتمة الليل..

تلك الراحة حين أفكر بك
كيف تكون حين ألمحك فعلًا؟

-رُبى✨️

- رسائل رُبى و هُدى | الجزء السادس ✨️

إلى رُبى، فقط عزيزتي رُبى...
ها هو منزلي (رسائلكِ) يفتح أبوابهُ لقلبي، يُحوط روحي بحنان حروفكِ، فيُنظم أنفاسي المُرهقة أثر غُربتي وهَجر حروفي والقلم...
حبيبتي رُبى، أعرف أن كلماتي وحروفي هذه ليست سوى طبطبةٍ بعيدة أحاول إيصالها كيدًا تضمكِ أو تَلتف حول قلبكِ لتُنبض به الحُب مجددًا...
أبدو عاجزةً أمام هذا القط المشاكس الذي رُبما خَدش روحكِ، أو هذه الأفعى محرومةٌ من نور البصر قد تلدغكِ أو رُبما قامت بذلك!
عاجزة أمام كُل شُعور يُباغت أيامكِ، فتوهنُ لحظاتكِ وتعتكفين حول نفسكِ...
عاجزة؛ لأن يدي بعيدةٌ لأنتشالكِ، وأن حروفي لا يسُعى سوى الكتابة، الكتابة لكِ فقط...
ردًا على الهامش في رسالتكِ:
ما رأيكِ أن يكون فلمًا من غيبلي؟
أعرف أن له شُهرة، لكن ليست بالكثيرة وما أعرفه حقًا وكثيرًا أن غيبلي تنتشل طفولتي، فتَرسم لي أحلامًا ستغدو يومًا حقيقة...
ما رأيكِ أن نلتقي في حكاية غيبلي بأحد أفلامها؟
أن أجلس في غرفتي، وأنتِ في أحب مكان لكِ رُبما غرفتكِ مثلي؟
لنشاهد فلمًا ونأكل ما يُزيد متعته، لنضحك ونبكي رُبما على أحداثه، من بعيد، حتى نكون معًا...
بالقرب معًا يا رُبى.رد على هامشٌ آخر:

كُنت أمسك هذه العيون أن لا تفيض، ولكن لهامشكِ الأخير رأي آخر...
سأحتفظ بهذه الكلمات بين حنايا قلبي، كان لهذا الهامش عزفٌ بنغمةٍ خفية تَغنت بها روحي أن أكون "دو" أنا؟
أن أكون موسيقاكِ وعَزفكِ وحروفكِ، أن أكون أنا وقلمي بانتظاركِ يا رُباي دائمًا...

سأنتظر دائمًا أن تأتي بكِ الحروف لي، وتلتهمين تيه روحي، وتَسكنين كالسكينة بين حناياي، هُدى تنتظركِ، دائمًا وللأبد.هامش صغير:
أحب أنكِ ناديتني في بداية رسالتكِ باسمي الأحب -هُدى ياسين- أحب هذه التفاصيل التي تُزينين بها رسائلكِ لي دائمًا...

- بغداد
-١٢ أغسطس
-من هُدى ياسين. ??

إلى هُدى ياسين ..
سأبدأ من حيث انتهت رسالتكِ:
كيف تشعرين أو ( كيف صرتي حبيبي ) ؟
الآن أشعر كأن جسدي ممددٌ فوق سعف النخيل، شعور غريب لكن لا أستطيع أن أتجاهل مشاعري التي سبقته. 

هناك لحظة تجيء تشعرين فيها بأنكِ ذائعة الصيت الكل يعرفكِ ويريد التودد إليكِ، هذه من اللحظات النادرة التي تتبخر سريعًا .. صنيعة الخيال أو الوهم المبرح. نعم، قلت المبرح لأن الوهم ضرب يسقطك أرضًا أحيانًا.

الحديث عن الشعور يطول تفسيره تجدينه معقدًا وسهلًا وبالغ الصعوبة أو مستحيلًا، بالنسبة لي لا أجده غير قطٍ مشاكس أو أفعى عمياء تلدغ في أماكنٍ لا تراها، أو عصفور وديع يغني من داخل القفص أو قرد يقفز أو كلب ينبح أو غراب ينعق أو فرسة هائجة أو لبؤة شرسة أو ... أشياء كثيرة لا يمكنني سردها الآن.
الفن في إيجاد ما يشبه شعورك لتستطعين ببساطة تفسيره للآخرين أو على الأقل لنفسك.

على الهامش:
راودتني قبل قليل رغبة في مشاهدة فيلم لم يتحدث عنه الناس .. أفعل ذلك من أجل الشعور بمتعة الاكتشاف، الغريب أن بعض الأفلام جيدة لكنها لم تنل الشهرة المستحقة لها مثلها مثل أشياء كثيرة من حولنا. سقطت في الزحام المزيف دون أن يشعر بها أحد.

هامش آخر :
لا أحد يا هُدى سيقدر على تحمل كآبتنا حتى هؤلاء الذين يقولون أنهم يحبوننا.  

إلى هُدى " دو " كما أسميتها أول نغمة في سلم الموسيقى .. الرسائل هي البيت الذي نعود إليه عندما يلتهم التيه أرواحنا بالخارج.

-رُبى✨️.
-١١ أغسطس.
- مكة المكرمة .