في مثل هذا اليوم ٩/٩ من عام ٢٠١٤، وبينما كنت أقوم بجولةٍ على نقاط الرباط في ريف حلب، رفقةَ الأخوين -الشهيدين بإذن الله- الشيخ أبو الفرج المصري والشيخ يونس شعيب أبو الحسن رحمهما الله؛
إذ جاءني ذلك الخبر المفجع، حيث حصل تفجير مقر الصفر نواحي #رام_حمدان، والذي أدى لاستشهاد معظم قيادة الصف الأول من #حركة_أحرار_الشام_الإسلامية، نسأل الله أن يتقبلهم، ويعلي منزلتهم، ويجمعنا بهم في الجنة.

منهم من عرفته قبل هذا الجهاد وهذه الثورة، كالإخوة: الشيخ فراس السخني أبو سارية، والشيخ أحمد بدوي أبو يوسف، والأخ موسى بدوي أبو أيمن رام حمدان. رحمهم الله وتقبلهم في عليين.

وللشيخ أبي سارية -في نفسي- حظوة كبيرة، إذ ربطتني به صداقة وأخوّة لدى تعرّفي عليه في سجن حلب، حيث أمضينا معًا عدة أشهر، ومن محبته لي أنه أصرّ عليّ يوم عقد نكاحه (كتب كتابه) أن أكون المشرف على عقد زواجه، كما أصرّ عليّ بإلقاء كلمةٍ في تلك المناسبة.
والحديث عن أبي سارية طويل جميل، أتركه لغير هذه المناسبة، وأسجل هنا ملاحظة: وهي أني أعتقد أنه أثقل شخصية علمية في الأحرار، رغم عدم شهرة ذلك عند كثيرين.

ومنهم من عرفته خلال الجهاد والثورة كالشيخ حسان عبود أبو عبد الله الحموي صاحب الأخلاق السمحة، والشيخ أبو يزن، والشيخ أبو عبد الملك، والأخ أبو طلحة الغاب، والأخ أبو حمزة شرقية، والأخ أبو الزبير الحموي، والأخ أبو أيمن الحموي (الحلبي).
رحمهم الله جميعًا وتقبلهم في الشهداء.

ويبقى "محمد خير.. أبو الخير.. أبو عبد الرحمن" هو الأول وهو المفضّل لديّ، فهو أخي وشقيقي وحبيبي وخليلي وصديقي، ومن لا أزال أشعر بفقده كل يوم، ومن ترك فقده فراغًا لا أظنه يمتلئ إلا في دار الخلود إن أكرمنا الله بها، ونرجو ذلك، حيث نلقى الأحبة محمدًا صلى الله عليه وسلم وصحبه..
وألقى حينها الأحبة -إخوتي الشهداء-: (محمد خير وأحمد وعبد الله) رحمهم الله وجمعني بهم.

لقد أمضيت سائر حياتي، منذ وعيت على هذه الدنيا بصحبة وأخوّة محمد خير -تقبله الله-.. كبرنا معًا، ودرسنا معًا.
فرقني عنه السجن أول مرة، ثم قدّر الله لنا أن نلتقي في السجن، ثم أنعم الله علينا بفكاك الأسر، فخرجنا -بفارق شهر بيننا- وتابعنا في الجهاد في سبيل الله، حيث كان يجاهد تحت راية #حركة_أحرار_الشام_الإسلامية، وكنت تحت راية #جبهة_النصرة.
وبرغم جهاد كل واحدٍ منا في جماعة، إلا أن علاقة الأخوة والصداقة استمرت -عكس ما يروّج بعض المخالفين غفر الله لهم- استمرت حتى غيّب الثرى أخي وحبيبي الذي قدّر الله لي أن لا أستطيع إلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليه. بحكم مسافة الطريق التي كانت تفصل بين سماعي للخبر الفاجعة، وبين دفنه هو وأخي عبد الله الذي توفي معه في نفس التفجير حيث كان مرافقه.
رحمهما الله رحمة واسعة، وأسكنهما وأحمد الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وجمعني بهم في الجنة إخوانًا على سرر متقابلين.

وفي مثل هذا اليوم ٩/٩ من عام ٢٠١٦ ارتقى شهيدًا بإذن الله الأخ الصاحب القائد أسامة (أبو عمر سراقب، ابن إدلب البارّ. رحمه الله رحمة واسعة.

عرفته في السجن، عندما تم تحويلنا من فرع (٢٣٥) المعروف باسم: (فرع فلسطين) إلى فرع (٢١٥).
قضينا في ذلك السجن تسعة أشهر، بعضها في زنزانةٍ معًا.
ثم منّ الله عليه بالخروج من السجن قبلي، رغم أن مدة سجنه تفوق مدة سجني.
التقينا في رحاب الجهاد عقب قيام #الثورة_السورية، وأمضينا معًا الكثير من الأوقات، واستمرت الأخوة والصحبة، حيث عشنا معًا تفاصيل فتنة #الخوارج -قبحهم الله-، ثم عشنا معًا فترة تشكيل #جيش_الفتح وانتصاراته، خصوصًا ملحمة #فتح_مدينة_إدلب.. مدينة أبي عمر رحمه الله.
ولما جاءت #حملة_الريف_الجنوبي تصدى لها أهل الجهاد بقيادة أبي عمر عسكريًا، وكانت ملحمةً عظيمةً من ملاحم أهل الإسلام.. أهل السنة.. على ثرى الشام الطهور.
وأثناء #معركة_فك_حصار_حلب كنت أتردد إليه في غرفة العمليات، خصوصًا ليلة دخولنا الكليات العسكرية الثلاثة (الجوية والمدفعية والتسليح)، وهكذا استمر الحال، حتى فجعنا بخبر استشهاده رحمه الله إثر غارة غادرة جبانة نفذها التحالف الدولي بقيادة أمريكا.

رحم الله قادة الأحرار..
رحم الله إخوتي: محمد خير وأحمد وعبد الله..
رحم الله القائد أبا عمر سراقب..
رحم الله جميع شهداء الجهاد الشامي..

عزاؤنا أنهم شهداء، وأن المسيرة مستمرة حتى النصر أو الشهادة..
عزاؤنا حين تتخرج الدفعة الأولى من ضباط #الكلية_العسكرية في شهر ذكرى استشهاد هؤلاء القادة.. وحين تحمل الدورة الأولى اسم قائد من قادات الجهاد الشامي المبارك.. وحين نرى ضمن الخريجين: ضباطًا تابعين لـ #هيئة_تحرير_الشام، وآخرين -في نفس الدفعة- تابعين لـ #حركة_أحرار_الشام_الإسلامية.

هذا اليوم ٩/ ٩/

في مثله من عام ٢٠١٤م: فُجعنا باستشهاد كوكبة من قادة الجهاد في الشام، حيث استشهد معظم قادة الصف الأول في #حركة_أحرار_الشام_الإسلامية، ومعهم عددٌ من الإخوة المرافقين، تقبل الله الجميع، وجمعنا بهم في الفردوس الأعلى، مع النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا..

وفي مثله عام ٢٠١٦م استشهد الأخ القائد، الصديق الصاحب: "أسامة نمورة" ابن مدينة إدلب، الشهير بلقب أبي عمر سراقب، رحمه الله وتقبله في عليين.

معظم هؤلاء الإخوة الذين نزلوا بجوار الرحمن، بينما لا نزال نحن في هذه الدنيا، كانوا لي أصحابًا وأصدقاء، ما يزيد الفراق لوعة، وحسبنا وعزاؤنا أنهم قضوا شهداء..

فقد عرفت الأخ المهندس موسى بدوي (أبو أيمن رام حمدان) منذ عام ٢٠٠٤م، عن طريق أخي وحبيبي محمد خير -تقبلهما الله-.

وعرفت الأخ الشيخ أحمد بدوي (أبو يوسف البنشي) قبل ذلك، بحكم القرب الجغرافي بين طعوم وبنش، وزرته في بيته، ثم عرفته عن قرب أكثر خلال الثورة.

وعرفت الأخ الحبيب الودود الشيخ "فراس السخني" (أبو سارية الشامي الحلبي) مذ كنا في معتقلات الأسد المجرم، وصحبته مدةً قويت فيها علاقتنا، حتى أنه أصرّ رحمه الله أن أتولى عَقْدَ عقدِ نكاحه، وأُلقيَ خطبةً بهذه المناسبة، وكان ذلك حينما قرُب موعد خروجه وفكاك أسره.
ثم استمرت علاقتنا خلال الثورة حتى استشهاده.
وأنا -على الصعيد الشخصي- أعتبره من أهم طلبة العلم الذين خسرتهم ساحة الجهاد في الشام.

وعرفت الأخ القائد أسامة نمورة (أبو عمر سراقب) خلال فترة السجن، وقضينا سويًا عدة أشهر، منها مدة في الزنزانة.
ثم استمرت علاقتنا قويةً حتى استشهاده رحمه الله.

وعرفت خلال الثورة: الأخ القائد الشيخ حسان عبود (أبو عبد الله الحموي)، والأخ الشيخ (أبو عبد الملك) والأخ الشيخ (أبو يزن الشامي) والأخ (أبو أيمن الحموي) والأخ (يوسف عاصي) والأخ (أبو حمزة شرقية) والأخ (أبو الزبير الحموي) والأخ (أبو طلحة الغاب) رحمهم الله جميعًا.

وقبل كل هؤلاء، وأعزّ على قلبي من كل هؤلاء -على ما في قلبي من الحب والتقدير لهم-؛
أخي الأكبر الشقيق وصديقي وصاحبي وخليلي: "محمد خير عطون" أبو عبد الرحمن.. أبو إبراهيم الأبيض رحمه الله، الذي عرفته مذ فتحت عيني على هذه الدنيا؛ أخًا صديقًا صدوقًا، حنونًا عطوفًا، شفوقًا رحيمًا..
فقدته في ذاك اليوم مع إخوانه، ومع أخي الثاني "عبد الله" الذي كان يرافقه.

إني أحدّث نفسي عندما أخلو بنفسي عن "محمد خير" رحمه الله، وأضن بهذا الحديث أن أذكره ههنا أو لأي أحد..
فاللهم ارحم وتقبل محمد خير، وعبد الله، وأحمد، والإخوة القادة الذين استشهدوا في مثل هذا اليوم، وسائر شهداء هذا الجهاد المبارك.. وألحقنا بهم شهداء، غير خزايا ولا ندامى، ولا مغيّرين ولا مبدّلين، واجمعنا بهم اللهم في جنات النعيم، إخوانًا على سررٍ متقابلين، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، في ظل رضوانك عنا يا كريم.

قال الإمام ابن تيميّة رحمه الله:

"ومما ينبغي أن يُعلَمَ أنَّ اللهَ تعالى بعث الرسلَ وأنزل الكُتُبَ ليكونَ الناسُ على غايةِ ما يُمكِنُ من الصلاح، ولا لرفع الفسادِ بالكليّة؛ فإن هذا ممتنعٌ في الطبيعةِ الإنسانيّة؛ إذ لا بدَّ فيها من فسادٍ".

? منهاج السنة النبوية - ط. دار الفضيلة (٣ / ٦٠٦).

لا يخفى دور الإعلام في زماننا، ويكفي للتنبيه على ذلك الإشارة إلى أنه استطاع رفعَ الوُضعاء، ووضعَ الرُّفعاء، وقلبَ الحقائق عما هي عليه، ومَن قدر على قلب الحقائق كان على إظهارها بما هي عليه أقدر.
فكان متحتِّمًا على أهل الحق الاستعانة به وعدم تركه سلاحًا بيد أهل الباطل.
والإعلام كما هو معلوم وسيلة نقل، ولذا سمي إعلامًا؛ أي: إخبارًا.
من خلال الإعلام تُنقل وتُطرح جميع الموضوعات للناس من دينٍ وسياسية ورياضة واقتصاد وطب حتى طهي الطعام.
ولمَّا كان الإعلاميون وسيلةً لنقل هذه العلوم والفنون، وواسطةً بين أربابها والناس = ظن كثيرٌ منهم أنهم صارو من أهلها، ولهم الحق أن يتكلموا ويُنظِّروا فيها، بل قد يصل الحُمق ببعضهم إلى مناطحة أرباب تلك العلوم الذين قضوا حياتهم فيها! ومن هنا وقع مَن وقع منهم بالأغلاط والورطات، عندما أقحموا أنفسهم فيما لا يُحسنونه، ورُبَّ باحثٍ عن حتفه بظِلفه، كما قالت العرب.
وإني أحسب أنَّ الإعلام من أخطر المهن على القلوب، والداخل فيه إن غفل عن ملاحظة نفسه من الوقوع في مستنقعات تلك المهنة غرق في أوحالها، واجتمع فيه من العُجب والكذب واللغو والتصنع والتعالم وكثرة الخوض بالباطل ما الله به عليم، فضلًا عن حبِّ الشهرة الذي يرتضعه الإعلامي ويسعى إليه من أول الطريق.
لذا أُنبِّه إخواني الإعلاميين -وأحسب أنَّ كثيرًا منهم على خير- من هذه العثرات، وألّا يرتدوا أثوابًا ليست لهم، لاسيما ثوب العلم والدين، فإنَّ مَن ارتداه وليس من أهله أحرقه، وفي الحديث: "المُتشبِّعُ بما لم يُعطَ كلابس ثوبي زور"، وإذا رأيتَ أخي الإعلامي عالمًا أو طالب علم أخطأ في مسألةٍ ما فاترك الرد عليه لأقرانه وأهل فنِّه، ولا تتعجل النزول إلى ميدانٍ لا سلاح لك فيه، فإنه مَن أفتى بجهل أثِم ولو قال حقًّا، ومَن قضى بغير علم فهو في النار ولو كان مصيبًا، وقد قيل قديمًا: لا تجارِ البحارَ فتغمرك، ولا الجبال فتقهرك، واسترح من الاعتذار.

أسأل الله أن يرحم الشيخ أبا عبد الرحمن المكّي، وينزله منازل الشهداء، ويكتب له أجر هجرته وجهاده في سبيله، وأن يغفر له، ويرفع درجته.

النفسيات المأزومة بعُقَد الأحقاد والضغائن تخدع عقلَ صاحبها، فيحسب أحقاده حججًا وبراهين دامغة!!.. ويحسِب عُقَدَه النفسية تنظيراتٍ لم يُسبَق إليها!!..

رفقًا بأنفسكم..

نعوذ بالله من سخائم الصدور، ونسأله العافية منها.

من الملاحظ أن العديد من أصحاب البذاءات والسفهاء على وسائل التواصل الاجتماعي، نجدهم في الواقع حين اللقاء وجها لوجه جبناء أذلة، لا يجرؤون على توجيه أدنى إساءة لمن يسبونهم ليل نهار من وراء حجب، بل يحاول بعضهم الاستخفاء بهويته الحقيقية، فيبدو أنهم بهذا السلوك على النت يبحثون عن مساحات يعوضون فيها عييهم وعجزهم الذي يشعرهم بالصغار.

من توفيق الله للباحث أن ينجيَهُ من طغيانِ الفكرة الأولى:

قال الشيخ عبدالرحمن بن يحيى المعلِّمي (تـ١٣٨٦ هـ):

«وقد جَرَّبتُ نفسي أنني ربما أنظر في القضية زاعمًا أنه لا هوى لي، فيلوح لي فيها معنى، فأقرِّره تقريرًا يُعجبني، ثم يلوح لي ما يخْدِش في ذاك المعنى، فأجدني أتبرَّم بذلك الخادش، وتُنازعني نفسي إلى تكلُّفِ الجوابِ عنه وغضِّ النظر عن مناقشة ذاك الجواب.

وإنما هذا لأني لمَّا قررتُ ذاك المعنى أولًا تقريرًا أعجبني= صرتُ أهوَى صحتَهُ، هذا مع أنه لم يعلم بذلك أحدٌ من الناس؛
     • فكيف إذا كنتُ قد أذعتُه في الناس، ثم لاح لي الخدش؟
     • فكيف لو لم يَلُحْ ليَ الخدشُ، ولكنَّ رجلًا آخر اعترض عليَّ به؟
     • فكيف لو كان المعترضُ ممن أكرهه؟!».

التنكيل (٢/ ٣١٩)