جلد الذات وتحقيرها في هذا الوقت هو إضافة ضعف إلى ضعفك، وهو من الأثرة التي تثير الاشمئزاز؛ لأنّه بحث عن الخلاص الفرديّ النفسيّ بالاستسلام في أوج الحاجة إلى تضافر جميع الجهود، هذا زمن نحتاج فيه إلى عصر أنفسنا بحثًا عن آخر قطرات الصبر والقوّة التي نستطيع حيازتها. وبصرف النظر عن هذا العالم المليء بالقبح والنفاق والإجرام، فإنّ علينا واجب الثبات والصبر، ومحاولة ما نقدر عليه، وإن كان لا يكفي.

#محمد_شباط

من وراء نِقاب..

قال حكيمٌ يومًا لصاحبه: قد مرّ النهار بسَبْحِه، وحلّ الليلُ بركوده، ومن العَجَبِ أن ترى النفس ساكنةً في أوقات السعي، متحرّكةً مضطربةً في ساعات الركود. فقال صاحبه: زِدني؛ لقد أبهمتَ! فقال الحكيم: حدّثني عن الجمال، ما هو؟ فأطرَقَ الرجُلُ ساعةً ثمّ قال: لعلّه وهمٌ يلبَسُ الوجوه، ويكسو الخلائق، فإذا وقع بصر راءٍ كثرت الحُجُبُ على بصيرته استحسنه، وسما قدره في قلبه، ونزعت إليه نفسُه، وأمارة ذلك أنّك ترى الواحد يستحسن ما لا يستحسنه غيره، وأبصارهما في العافية سواء، ولكنّ المحجوب مفتونٌ متخيِّل، والمبصر عارفٌ أنّه سرابٌ، ومطمئنٌّ إلى أنّه عَرَضٌ غير ثابت. قال الحكيم لصاحبه مازحًا: تالله لأنتَ آيةٌ من آيات الله؛ تقلب الحقَّ باطلًا، والحلوَ ملحًا، فضحك صاحبه وقال: عوضًا عن أن تهزّئني، كنت تقدر على أن تخبرني، فَجُدْ بما عندك، يا حكيم الجمال!

قال الحكيم: الجمال حقٌّ أبلج، وضياءٌ ساطع، لا يمتري فيه عاقل، ولا يخلو منه قلبٌ شاعر، وإلّا فكيف تقول في وصف الجنان ذوات الأفنان؟ التي تخترق خيوطُ النور ورقها وفروعها، وتضيف إلى مشهد الظلّ المُعجِبِ جلالَ النور المُشرق؟ أليس هذا من أسنى صور الجمال؟ وأبهى تعابير النعيم؟ وهل يصف الله في الآخرة جمالًا تشربه القلوب الحيّة، ثمّ لا يكون منه في الدنيا ما تستروِحُ برؤيته النفوس، وتقصر دون تعريفه الألسنة؟

قال الصاحب: زِدني. فقال الحكيم: إنّ الجمال سرٌّ من الأسرار، والأسرار راقدةٌ في مكامنها، لا يُبصرُها إلّا من جلا الله الغشاوة عن قلبه، فإذا وقعت عليها عينُ مبصرٍ تجلّت له، وأظهرتها له صِلةُ نفسه بالجمال، وعِلمُها بِهِ، فانقلب السرّ علنًا، وتجلّى الجمالُ بخفّته وسعته وإشراقه.

وقد ظهر لي من غير قصدٍ منّي إليه، في عينين مفردتَين كأنّهما نجمتان في وجهٍ من لمعان ذلك السرّ فيهما، قد تنقّبت صاحبتهما من عفّة، واستترت؛ سترها دينها، غير أنّ الله أبى للجمال إلّا أن يظهر في تلك الأعيُنِ، وما رأيتُ غيرهما، ولا عرفتُ صاحبتهما، ولا أردتُ بها ريبة، ولكنّ المرءَ يُنفق ممّا عنده، والإناء بما فيه ينضح، فقد داخل هذا الجمال نفسي، فرأيت الإنفاق منه، والإدلال عليه؛ عسى يُعرف الجمال كما هو على التحقيق: قيمةً سماويّةً توَعبُ في الأشخاص والأشياء، وتستتر فيها عن عيون الأطفال والجهّال، حتّى إذ مرّ بهم مجدودٌ اقتدحت تلك الأسرار في مكامنها، وبرز ذلك الجمالُ بِأُبّهَتِهِ، بريئًا من كلّ دنس، بعيدًا عن كلّ عيب.

#محمد_شباط

https://t.me/shamsfayyad

أمامك أيها العربي يومٌ 
تشيب لهوله سود النواصي 

مناهج للإبادة واضحات 
وبالحسنى تنفذ والرصاصِ

لنا خصمان ذو حول وطول 
وآخر ذو احتيال واقتناصِ

تواصَوا بينهم فأتى وَبالًا
 وإذلالًا لنا ذاك التواصي

• إبراهيم طوقان | ❤️‍?

قال بعضهم: إنّ الثابت الوحيد في الدُّنيا هو تحوّلها من حال إلى حال، وفي مثل هذا المعنى قال الشاعر:

ثمانيةٌ تجري على الناس كلّهم
ولا بُدّ للإنسان يلقى الثمانيهْ

سرورٌ وحُزنٌ واجتماعٌ وفُرقَةٌ
وعُسرٌ ويُسرٌ ثمّ سقمٌ وعافيهْ

وقد كنت محبًّا لمجلس الفجر، أُشرب قلبي صفاءه، وأنهل من بركاته النازلات مع شدو الطير وضياء الصبح.

أضع كأس القهوة، وأُطلق بصري إلى السرو والجبل، وجاءت هذه الحرب مشمّرةً تحصد الناس حصدًا، فضاق بها الصدر، وجرت لها الشؤون، وحار فيها القلب، فصار لمجلس الفجر غير شأن.

وفي الفجر السابع من أكتوبر للعام ٢٠٢٤م، هذا الصبح، جلست مجلسي هذا، ووضعت قهوتي بجانبي، وأطلقت فكري مع البصر، وإذا بصياح الصواريخ يشقّ السكينة، وإذا بالعين تبصرها تنزل في مجال النظر، ودخانها يعلو إلى السماء، وإذا بالموت يطلّ برأسه، ويتنحنح مُعلمًا بحضوره، وتغيّر مجلس الفجر الساكن؛ غيّرته الحرب.

٧.١٠.٢٠٢٤

من قراءة التاريخ نعلم أنّ عددًا من الإمبراطوريات العظيمة (في الجانب العسكريّ) وقعت فجأةً وأمست خبرًا بعد عين في عزّ جبروتها وانتصاراتها المتعاقبة، منها فرنسا نابليون، وألمانيا شبيه تشارلي شابلن، وغيرها، والله غالب على أمره.

كلام عظيم، جزى الله صاحبه خيرًا

مقاطع مصورة للصواريخ في سماء البلاد: