قابلته هذا المساء ودار بيننا حديث حول ورده من كتاب الله تعالى فقال : خمسة أجزاء، فقلت له: كم مرة تعثّر هذا الورد اليومي في حياتك؟ وكم مرة لم تتمه ؟ فقال لي : لا أعرف أنه تخلّف ولا يوماً واحداً، فقلت له : الإنسان يسافر، يمرض، يواجه أزمات!! فقال لي : نعم، وقد أخذت على نفسي ألا أنام إلا وقد أوردته النهاية حتى لو تلوته نظراً، ثم قال لي من الغبن يا صديقي لمن منّ الله تعالى بهذه النعمة أن يفرّط فيها ولو يوماً واحداً في حياته!

عوائد الزواجات اليوم مكلفة إلى أقصى مدى (دعوات، وأوقات، ومواقف ، وجهود) وهي في حقيقتها ديون متفرقة على مناطق متعددة ومتباعدة، ولو أن المتزوج في أسوأ حالاته أخذ ديناً من جهة ما لكان دائنه واحد وأسلم له ألف مرة من شتات وديون لا نهاية لها مدى العمر.

حدثني أحد الفضلاء أنه دعى الناس لمناسبة زواج ابنه وبعد مدة من الزمن جاءه اتصال وقال له : أين مالي الذي أعطيتك؟ فقال له : أي مال ؟ قال : دعوتني وحضرت زواج ولدك ودفعت كذا من المال ودعوتك بعد ذلك ولم تحضر، يقول فقلت له : كنت مريضاً وكبر علىّ أن أعده إليك دون مشاركتي لك وأرتب لزيارتك، والاعتذار منك، فقال له : تكرماً أعد مالي أعجل ما يكون. فقلت له ماذا فعلت؟ قال : ذهبت إلى بيته واتصلت عليه ولم أجده وقال لي : ضعها عند صاحب البقالة المجاورة (بعض مشاهد وأسر العادات في حياتنا)

أخطر اللذات (لذة الفشل) كما يقول رجاء النقاش، حين تستلذ القعود وتتكون لديك قناعات أنه لا سبيل للإصلاح، وتتضخّم لديك ثقافة العقبات والظلام والمشكلات والأزمات والصعاب، ويصبح المستحيل جزءاً لا يتجزء من حياتك، وتعود ثقيلاً مكلفاً في بيتك ومع زوجك وولدك، ومن حولك من العالمين، ولا تكاد ترى شروق الشمس وتستلذ ألف مرة بالغروب والظلام، هذه يا صديقي لذة الفشل باختصار!!