القدرُ لا يُعانَد!

فإنّي أرخيتُ يديّ استِسلامًا وتسلِيمًا وتصبُّرًا وخفضتُ رأسِي خشيةً وتذلُّلًا ودعوتُ أنّي كنتُ أريدُ هذا الإتِجاه.. وبِقدرِكَ سُقتُ لِهذا..

اتساءلُ في نفسِي أن كيف لِي العودة؟! وكيف لِي الرِضاء؟! وكيف لِي الصبرُ؟!

فيأتِي كلامُكَ سُبحانكَ مُواسِيًا ومُهوِّنًا يحمِلُ عنّي ويرأفُ بِي ويرحمُ حالِي: "إنّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءوفٌ رَحِيمٌ!" فأسكُتُ وأتأدّبُ وأنتظِر..

اللهُم كُل أيّام عُمرِي انتِظار لِدقيقةِ فرَج.. وأنتَ الرحِيمُ المُستعان!

التسليمُ لِأقدارِ اللّٰه تعالى وحُسنُ الظنّ فِيه تجعلُ المرء يألفُ البلاء ويُهوِّنهُ على نفسهِ لا يحتاجُ مؤنِسًا ولا مُربِّتًا على كتفهِ ولا يخشى وِحدتهُ ولا يستوحِشُ مِما ينتظِرهُ!

إن وقرَ في قلبهِ الإيمان بِاللّٰه تعالى وبِقضائهِ رُزِق اليقِين.. واليقِينُ يأتِي بِالرِضاء.. والرِضاء مُفتاحُ كُل بابٍ مُغلقٍ..

ولا عجبَ إن رأينا مُحِبًا لِلبلاءِ (في بلائِهِ) يستأنِسُ بِكُل قدَرٍ مهما كانت شِدّتهُ وبِكُلِ مُصِيبة مهما كانت عُسرتها.. لأنّ قلبهُ قد عرِف اللّٰه تعالى بِهذا وسكنَ وصبرَ لِأجلِ اللّٰه تعالى وحدهُ!

فاستحوذَت عليهِ المعيّة واستغنى عن الناسِ أجمعهُم!

وعلى قدرِ الإيمان يأتِي البلاء وعلى قدرِ حُبّ اللّٰه تعالى يكُونُ الصبرُ والرِضاء بِالقضاء..

وكُل ما يأتِي مِن الحبيبِ يُحَبّ.. فلا يُرسِلُ المحبوبُ إلا الحُبّ!")

الحمدُ لكَ أنّكَ ربّنا ولكَ الشُكرُ أنّنا عِبادُك.

كُل ما ساقَ جوارِحَ المرء لِطرِيقِ اللّٰه تعالى خَير..

مهما اختلفَت المُسمّياتُ بين مصائِبٍ وابتِلاءاتٍ وبلاءاتٍ ونِعَمٍ وفرحٍ وحُزنٍ وضِيقٍ ووَحشَة..

كُل شُعُورٍ شدّ على كتفِ صاحِبهِ لِيصِل بهِ لِبدايةِ الطرِيق خَير.. وكُل ما قُدِّر لابنِ آدم خَير..

ومَن استشعرَ ذلِك في بِدايةِ الابتِلاءات أورثهُ اللّٰه تعالى في قلبهِ الصبرُ الجمِيل على تحمُّل باقِي مشاقّ الطرِيق..

ومِن نِعَم اللّٰه تعالى وفضلهِ أن يُنزِّل البلاءُ على المرءِ مُعطِي خلفهُ الصبر والتسلِيم لِقضاءِ اللّٰه تعالى! فيزِيدُ الألم ويزِيدُ الصبرَ معهُ وترتفِعُ درجتهُ ويبلُغ منزِلةً لم تأتِ بِبالهِ يومًا!

السُلوانُ يا إخوة الذي لا يغِيبُ عن بالِي أبدًا والذي لا أنساهُ أبدًا (أنّ كُل ما قدّرهُ اللّٰه تعالى لِعبدهِ خير وإن جهِل ذلِك!)..

نسأل اللّٰه تعالى أن يُدبِّر لنا كُل أُمُورِنا ويُهيّئ لنا مِن أمرِنا رشدًا وألا يترُكنا لِأنفُسِنا.

لقد دعوتُ ربِّي بِالكثِير مِما أتمنّى وكان يحدُثُ العكس تمامًا.. ومع ذلِك أجِدُ في صدرِي راحةً وسَكِينة!

رُغم أنّهُ مَن حولِي يتألّمُون لِألمِي وكُنتُ على كثرةِ الألم هادِئٌ قلبِي ساكِن!

أُحِبُّ اختِياراتِ اللّٰه تعالى الواسِع..

وأخشى الإلحاحَ بِأمرٍ بِعينهِ! فكُلما دعوتُ اللّٰه تعالى بِأمرٍ وحدثَ عكسهِ سعدتُ ولو بِألمٍ وهدأتُ ولو بِقلةِ صبرٍ! لِأنّي أثِقُ في تدبيرهِ ورحمتهِ وحِكمتهِ..

أتخيّلُ أنّي على ضآلتِي وعجزِي وضعفِي ينظُرُ اللّٰه تعالى في أمرِي! فيُّجنِبُنِي أمرًا ويُيسِّر لِي غيرهُ.. وهذا مِن أعظمِ ما يقعُ في قلبِ المرء..

أنّ اللّٰه تعالى يُدبِّرُ لهُ!

الحمدُ للّٰه تعالى على منعهِ والعطاء.

أرجُوك دائِما أن تُشفِّع فيّ ألمِي الذي نالنِي وأملِي الذي لم أنلهُ..

يا ربِّ!

إنّ المرء يكُونُ في أشدِّ حالاتهِ عِندما يشتدُّ بهِ كَربٌ ما ويستثقِلُ أفكارهُ وحدهُ ويُواجِه خواطِرهُ بِمُفردهِ..

ولا يُسلِّيه في ذلِك إلا أنّ لهُ ربًّا رحِيمًا سمِيعًا بصِيرًا يسمعُ ويبصِرُ مِنهُ ما لا يسمعهُ ولا يُبصِرهُ أحَد!

وهذا سِلوانُ المرء في هذهِ الدُنيا.

السلام عليكُم ورحمة اللّٰه وبركاته، مَن تمسّك بِحبلِ اللّٰهِ لم تضُرّهُ الدُنيا و"لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفسًا إِلَّا مَا آتَاهَا.. سَيَجعَلُ اللَّهُ بَعدَ عُسرٍ يُسرًا".. سأتوقف عن النشرِ مؤقتًا بإذن اللّٰه تعالى إلى ما شاء اللّٰه بِدايةً مِن الليلة إن…

السلام عليكُم ورحمة اللّٰه وبركاته،

مَن تمسّك بِحبلِ اللّٰهِ لم تضُرّهُ الدُنيا و"لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفسًا إِلَّا مَا آتَاهَا.. سَيَجعَلُ اللَّهُ بَعدَ عُسرٍ يُسرًا"..

سأتوقف عن النشرِ مؤقتًا بإذن اللّٰه تعالى إلى ما شاء اللّٰه بِدايةً مِن الليلة إن شاء اللّٰه تعالى..

نسأل اللّٰه تعالى ألا يكتُبنا مِن جُنودِ الظالِمين أو أعوانِهِم.. لا تغفلوا عنّا بِالدعوات واذكُرونا جزاكُم اللّٰه خيرًا..

اللهُم إنّي أستودعكَ دينِي ونفسِي وأمانتِي وخواتِيم عملِي وجمِيع ما أنعمتَ عليّ بهِ فاحفظهُم بِحفظِكَ الذي لا يُرام وعينِك التي لا تنام وابقِهِم لِي سالِمين مُعافِين..

لا حَول ولا قوة إلا باللّٰه واللّٰه المُستعان وعليه التِكلان.

ولقد علِمتُ أنّهُ يكُونُ في الدُنيا مِن الحُزنِ ما يُثقِلُ القلب حدّ تمنِّي الموت.. وأنّهُ قد يذهبُ بِالقلبِ كُلهُ فلا يبقى فِيه شيءٌ هادِيء مُرتاح..

وعلِمتُ أيضًا أنّ الدُنيا حقِيرة دنِيّة لا تُساوِي عِند اللّٰه تعالى جَناح بعُوضة وأنّ النبيّ صلى اللّٰه عليه وسلم أمرَ بِأن يكُون المرءُ فِيها كأنّهُ غرِيب أو عابِر سبِيل استظلّ بِظِلّ شجرةٍ ثُم راحَ وتركَها..

وأنّ الدُنيا كُلها بِأفراحِها إنّما نقُولُ عنها غدًا بِهذا اللِسان المُبتلى: لبِثنا يومًا أو بعضَ يوم.. وسيعلمُ المرءُ يقِينًا كَم تُساوِي الدُنيا عِندما يُغمس غمسةً واحِدة في الجنّة..

غمسةٌ واحِدة فقط! لا أقُولُ أنّ المرء يتنعّم ويرى النبيّ صلى اللّٰه عليه وسلم ولا أقُولُ يسكُنُ القُصُور ويدورُ حيثُ أرادَ راجِيًا ما شاء!

ولا أقُولُ أنّنا سنرى اللّٰه تعالى أو سنسمعُ ذلِك النِداء الذي يرحمُ الأفئِدة المُتعَبة: السلام عليكُم يا أهلَ الجنّة! أو يتلُو علينا اللّٰه تعالى القُرآن بِصوتهِ!

أقولُ فقط غمسةً واحِدة تُنسِي المرء ما أوجعهُ وأحزنهُ وأشقاهُ وأتعبهُ!

فصبرٌ جمِيل واللّٰهُ المُستعان.

مِن أكثر ما أسكنَ قلبي..

يقولُ أبو سنان رضيَ اللّٰه عنهُ: (دفنتُ ابني سنانًا وأبو طلحة الخولاني على شُفير القبرِ.. فلمّا أردتُ الخُروج أخذَ بِيدي وهزّ كتفِي فأنشطَني وقال: ألا أُبشِّركَ يا أبا سنان؟!

قد حُدِّثنا عن أبي موسى الأشعري أنّ رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم قال: "أنّهُ إذا مات ولدُ العبدِ قال اللّٰه لِملائِكتهِ: أقبضتُم ولدَ عبدِي؟ فيقولون: نعم..

فيقول اللّٰه: أقبضتُم ثمرةَ فؤادهُ؟! فيقولون: نعم..

فيقول اللّٰه (وهو أعلم) ماذا قال عبدِي؟ فيقُولون: حمدَكَ واسترجعَ يا ربِّ..

فيقول اللّٰه: ابنوا لِعبدِي بيتًا في الجنّةِ وسمُّوه: بيتَ الحمدِ!"..

ويُكمِل أبو سنان: فلَم يزَل بِي حتى سكنَ قلبِي!")

ولطَالما كانت رِفقة الصالِحين أثرًا ممدُودًا نحو الجنّة..

يقولُ عبد الرحمن بن كعب بن مالك رضيَ اللّٰه عنهُما:
كُنت قائِد أبي عِندما كُفّ بصرهِ.. فإذا خرجتُ بهِ إلى الجُمعة فسمِع الأذانَ لها رأيتهُ يستغفِرُ اللّٰه لِأسعد بن زرارة!

وكان أسعد بن زرارة قد مات!

سُبحان اللّٰه.. مِن رحمةِ اللّٰه تعالى بِعبدهِ إذا بلّغهُ عفوهُ سخّرَ لهُ أنِيسًا رفِيقًا في وجعهِ يشُدّ بهِ أزرهُ ويُسكِّن بهِ قلبهُ فلا يتشتّت مِن أمرهِ شيئًا!