إن تبديل أحكام الله وشرائعه بأحكام وقوانين من وضع البشر ، وجعلها حاكمة على عقائد الناس ودمائهم وأموالهم وأعراضهم ، وإماتة شريعة الله كاملةً هو الكفر البواح والشرك الصراح ، وهي من المحادَّة لله ورسوله ، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئكَ فِي الْأَذَلِّينَ . كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [المجادلة ٢٠] .

قال الطبري : " يقول تعالى ذكره : " إن الذين يخالفون الله في حدوده وفرائضه ، فيجعلون حدودًا غير حدوده وذلك هو المحادَّة لله ولرسوله " ، ثم قال بعدها: ﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ [المجادلة ۲] ، فلن تجد مؤمنًا بالله يوادّ هؤلاء المبدِّلين ويواليهم ، وقال أبو زيد في قوله: ﴿ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ﴾ " لا يعملون بما في التوراة والإنجيل ، بل حرفوهما وأتَوا بأحكام كثيرة من قِبَل أنفسهم " .

وصورة التبديل ليست محل نزاع بين السلف البتة ولا من جاء بعدهم ، بل لم يقع في تاريخ الأمة هذا التبديل العام إلا ما يُحكى عن التتار ونُقل فيه الإجماع على كفرهم ، وفي مثلها نزلت آيات المائدة كما جاء في حديث البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ ، قَالَ: هِيَ فِي الْكُفَّارِ كُلُّهَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَوَّلُ مَنْ أَحْيَا أَمَرَكَ إِذْ أَمَاتُوهُ ، فَأَمَرَ بِهِ فَرُجم» ، فعبَّر النبي عن فعل اليهود بالإماتة لحكم الله ، كما هو حال طواغيت هذا الزمان الذين بدَّلوا دين الله بزُبالات عقول الفلاسفة وسلكوا سنن أهل الكتاب نحو القذة بالقذة .

وصدَق فيهم حذيفة في قوله: ﴿ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة : ٤٤] ، قال: " نِعمَ الإخوة لكم بنو إسرائيل ، إن كانت لكم كل حلوة ولهم كل مُرَّة !! ولتسلكن طريقهم قدى الشراك " ، وقال : " أَوَّلُ مَا تَفْقِدُونَ مِنْ دِينِكُمُ الْخُشُوعُ وَآخِرُ مَا تَفْقِدُونَ مِنْ دِينِكُمُ الصَّلَاةُ وَلَيُصَلِّيَنَّ النِّسَاءُ وَهُنَّ حُيَّضٌ وَلَيُنْقَضَنَّ الْإِسْلَامُ عُرْوَةً عُرْوَةَ ، وَلَتَرْكَبُنَّ طَرِيقَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ وَحَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ لَا تُخْطِئُونَ طَرِيقَهُمْ ، وَلَا يَخْطَأُ بِكُمْ " .

كتاب الهداية (ص٨١) | الشيخ محمد الأندلسي.

| الحرص على الولد الصالح |

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :

" والله إِنِّي لَأُكره نفسي على الجماع؛ رجاءَ أن يُخرج الله منِّي نسَمةً تُسبِّح الله " .

? السنن الكبرى، للبيهقي (٧/ ١٢٦)