أُمومَتي جعلت مني إنسانة أكثر كرمـًا وصبرًا وحزمًا وإيثارًا ولُطفـًا...
ولَكـن زادتني خوفًا وتفكيرًا وجُبنًا

صدق الحبيب إذ قال: الولَدُ ثمرةُ القَلبِ، وإنَّه مَجبَنةٌ، مَبخلةٌ، مَحزَنةٌ."

فاللهم احفظ لي ولدي ولا تفجعني فيه واصنعه على عينك وارضني بهِ يا رب.

و قلب الإنسان غريبٌ، رحّالٌ في سفرٍ، أينما هامَ أو حلَّ يتقصَّى مواطِن الأُلفة..

فتارةً يلقاها في روحٍ، أو في سكنٍ، أو في صورةٍ، أو في كتابٍ.. و

تارةً يأنسها في نفسه.
ومرّاتٍ يفتقِدُها في أيّامه الحاضرة، فيستحضِرها حِينًا في خياله، ويرْثِيها حينًا في مَباكِيه.

لم أعرف لوجودي معنًى أسمى من كوني أمًّا، ولم أشعر بامتلاء روحي وقلبي إلا حين احتضنت صغيري لأول مرة.

شعورٌ يجعلني أدرك أنني المحور الآمن لعالمه الصغير، وأن صوتي، ونبضي، وحتى دفء يديّ، هو كل ما يطلبه ليطمئن.

هو لا يغفو إلا بين ذراعيّ، ولا تهدأ أنفاسه إلا حين يلتصق بي.

نظراته حينما يلتقي عينيّ تخبرني أنني كل عالمه، أنني السكينة التي لا تعوّض، والوطن الذي لا يُستبدل.

لقد نما بداخلي، عاشت أنفاسي داخله، وعاش نبضه في صدري، وما بين تلك الرحلة من أول لحظة خُلق فيها إلى أن صار قطعة مني بين أحضاني، أدركت أن الأمومة ليست مجرد دورٍ نؤديه، بل هي رسالة عظيمة تلامس أعمق أعماق الوجود.

الأمومة هي سرٌ من أسرار الخالق، تظهر في كل أم في البشر، والطير، وحتى الحيوانات هي رسالة سامية يغمرها النور والرحمة، وهي برهانٌ على القوة والحنان الذي زرعه الله في قلب كل أم.

يكفيني من هذه الحياة أنني أُم، أنني السند، الحضن، والأمان. فهذا هو جوهر وجودي وزينته.

خَدِيجَة النّابُلسي.

واهدِ قلبي،
وسَكّن مواجعي،
وتَلطف بِأمري..

أنا العبدُ الضّعيف،
وأنتَ.. أنتَ الله القويُّ العزِيز..

أشدُّ ما قد تتجرَّعهُ في هذه الدُّنيا = الفقد!

اي وربي! هو الدَّاءُ العُضال.. الَّذِي لا محل لهُ مِنَ الشِّفاء.. إلَّا باقترابِ ذي المودَّةِ والإخاء..

إنّ سعيك وراء رغباتك والأشياء التي تتمناها وبذل جهدك من أجل الحصول عليها، ثم في نهاية المطاف تكون لغيرك ويحظى بها بلا مقدمات،

هناك في المقابل أشياء أخرى لم تظن يومًا أنك ستملكها، تأتيك على طبقٍ من ذهب لتمحوا تلك الرغبات، وتزيل ما خلفته من حسرات،

هذا ما يسمّى بالنصيب، لن تنال إلا نصيبك وما قدره الله لك،

فاترك كل شيء ولا تسعى وراء شيء وتوقف عن القلق المبالغ فيه؛

فالله لا يُقدر لعبادهِ المؤمنين الشقاء، بل لو فُتِحَت لهم أستارُ الغيب لحمدوا الله كثيرًا أنه حصل ما يعانون ويتألمون منه الآن!

إذَا شعرتَ بالضِّيقِ لأنَّ يومَكَ يَمضِي دونَ إنجاز، احرص على الذِّكرِ ماشيًا وراكبًا وجالسًا، إنجازُ الموفِّقين؛ ومن الإنجازات اليومية الكبيرة، قولك:

"لا إلَه إلَّا الله، وحدَه لا شريك له، لهُ المُلك ولهُ الحَمد، وهو على كلِّ شيءٍ قدير"
فمن قالهَا مئة مرَّةٍ في اليومِ كانت لهُ عدل عشرَ رقاب، وكُتبَ له مئة حسنة، ومُحيت عنه مئة سيِّئة، وكانت له حرزًا من الشَّيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأتِ أحدٌ بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك!

ارحمني كمَا رَحِمتَ أبا ذَرّ، فإِنِّي أمشي وحدي، وأكَادُ أَمُوتُ وحدي.

تحتاج قارورة دموعٍ صغيرة تسكبها في عينيكَ حين تريدُ أن تبكي ولا تستطيعُ، يحدثُ يا صاحبي أن تنزَّ الدموع من كلِّ خليةٍ فيك إلا من عينيك! ولا شيء يريحُ المرء مثل أن يبكي، ولكنه أحيانًا لا يستطيع!

تحتاجُ ضمادًا لكل الجروح التي لا يراها الناس، تلكَ الجروح الغائرة التي تتحسسها وحدكَ بين لحظةٍ وأخرى، تمرُّ عليكَ لحظاتٌ تعتقدُ فيها أنكَ شُفيتَ من كثرة ما تناسيتَ، ولكن ما إن تخلو بنفسكَ، ستتفقدُ جرحكَ لتجده ما زال رطبًا ونازفًا، أوجعُ الجروح يا صاحبي هي التي تكون في الروح!

كلما ألممتُ بخطأ تخبرني أمّي أن الإحسانُ فيما بقِيَ يغفرُ ما مضَى. ولا تملُّ تكرارَها.
وهذه رحمةُ أمّ بوليدها، كيف برحمةِ خالقِ بعبادِه، لا يملّ حتى يملّوا.

كلّ نفسٍ يدخلُ ويخرجُ هِبةٌ للبدأِ من جديد.

اللهم أعنّا علَى نسيانِ الزلّات، وشر الوساوسِ التي تُقعِدُنا عن استكمالِ السّعي.