لا زلت أذكر أول مرة بكيتُ فيها أولى انهزاماتي، تلك اللحظات التي تعدُّ أولى مراحل اكتشاف الذات، والسعي نحو النهوض الدائم مهما ازدادت التعثرات في الطريق، فنهضة العزِّ هي مصير كل شجاع.

هممتُ حينها بالبحث عن النجاة، وكانت وجهتي الأولية نحو فلسطين، من وجهٍ إلى آخر، ومن تشييعٍ إلى آخر، حتى جاءت الصدفة بي إلى "الباسل".

لطالما سعى الباسل لأن نبحث عمّا وراء الظاهر، إلى التحرر، والوصول السليم، دون انحراف. حتى وصلتُ أنا إلى تلك المعاني جميعها، واستشعرتُ التجذر الحقيقي في وطنٍ مسلوب.

"أنا جيد، أعاني قليلًا من الوحدة والاغتراب كالعادة، يبدو أنه أصبح مألوفًا عندي لدرجة أنه لم يعد غريبًا عليّ، القرارات الصعبة تحتاج يا عزيزي إلى حزمٍ وجزمْ، لكن بإمكاني أن أدلّك على شيءٍ يخفف عندك بعضًا من ألمك، الأمر فيه ألم بكل تأكيد،

حاول أن تتذكر أن أزمتك الوجودية فعلًا ترتبط بقضيّة سامية أكبر من أي صِراع آخر، دَع هذا الأمر في رأسك سيساعدك على تخطيه، دَع فلسطين أمام عيونك."

لكلماته وقعٌ مختلف، وحقيقةٌ واضحة: إننا، مهما كان حولنا من الرفاق، نعاني من الوحدة والاغتراب، حتى أصبحا شعورًا لا ينفصل عنَّا، جزءًا منا ومن شخصياتنا وما نكوِّنه من أفكار. وإن كل قراراتنا الصعبة والمصيرية تحتاج حقًا إلى حزمٍ وجزم، حتى لو خلّفت وراءها شعورًا سيئًا، وهذا أمرٌ مؤكد.

لكن هل استطعتَ يومًا مجابهة كل شعور؟ هل أدركتَ أن كل مشاعرك وآلامك وصراعاتك لا تعدُّ شيئًا يُذكر أمام صراعٍ وجوديٍّ مرتبطٍ بقضيتك السامية، بروح وطنك؟ إن الشرخ الذي أحدثه اللجوء والغربة في قلبك، وانتزاع الطمأنينة من روحك، كان يستحق منك أن تضع حدًّا لكل صراعاتك، وأن تتجه أنظارك دومًا نحو قضيتك السامية، نحو فلسطين.

إنه أمرٌ صعبٌ، لكنه سيساعدك على تخطيه…

زغاريد وأهازيج النصر تنفذ صريرها من شبابيك المنازل،
فَعَلا صوتها كأنها تصدر من أعلى أسطح المنازل.

أعزّ الله جندنا القسـام، أعزّ الله جندنا القسـام ❤️

بينما تعد فطورك، هناك من قُتِل وسط زحام الحرب أثناء محاولته الحصول على فتات الخبز.

لا يأتيَنّ أحدكم غدًا قائِلاً انتصرنا،
دوركم بالرِّواية كان الخذلان وليس النصر.

"وأنت تعود إلى البيت،
بيتك،
فكّر بغيرك،
لا تنسَ شعب الخيام."

فَلِتصل تكبيراتكم عِنان السّماءِ، فإِنَّ للثّأرِ رِجالاً..

مساء الخير،، ولا أدري هل مِن اَلصحِيح أن أَطلق مُصطلَح "الخير"، وخير هذه الأمة يُبَاد بِصمت مُوجِع! يَحمِل المرء منهم روحه بين كفّيه، مُوقنًا أنّ ارتقاءه مسأَلة وقت، أنّ عاش بقدر مَا كان، سيأتينا بوسم شهادة، بين حِصار مُستشفى، اقتحام منزل، توغّل دبّابة همجيّة،…

إِنّما جاء الطّوفان لِمَحو حدود سايكس وبيكو الزّمانيّة،
والمكانيّة، والوهميّة، ويعز بها من أَراد عيشًا عزيزًا.

جاء الطوفان لينصركم .