‏من لم يكن كلامه حكمة فهو لغو، ومن لم يكن سكوته تفكراً فهو سهو، ومن لم يكن نظره عبرة فهو لهو

- الحسن البصري

‏صَبورٌ وَلو لَم تَبقَ مِنّي بَقِيَّةٌ
قَؤولٌ وَلَو أَنَّ السُيوفَ جَوابُ
وَقورٌ وَأَحداثُ الزَمانِ تَنوشُني
وَلِلمَوتِ حَولي جيئَةٌ وَذهابُ
وَأَلحَظُ أَحوال الزَمانِ بِمُقلَةٍ
بِها الصُدقُ صِدقٌ وَالكِذابُ كِذابُ
بِمن يَثِقُ الإِنسانُ فيما يَنوبُهُ
وَمن أَين لِلحُر الكريم صِحابُ

‏ألم ترَيَا أنَّ الملامةَ نفعُها
قليلٌ إذا ما ما الأمر ولّى وأدبر
تهيجُ البُكا والنَّدامةَ ثمّ لا
تُغيِّرُ شيئًا غير ما كان قُدِّرا

??

••
‏ثمّ ماذَا؟
‏نخسرُ بيتًا؟
‏مالُ اللهِ متّعنا به ثمّ استردّه!

‏نفقدُ رفاقًا؟
‏الملتَـقى الجنّة!

‏نموتُ؟
‏فإذن شهداءُ!

‏أمّا هُم:
‏فأنفقُوا أموالهُم لتكونَ عليهمْ حسرةً، ثمّ سيُغلَبون وإلى جهنّم يُحشرون!

فالله مولانا ولا مولى لهم

الحمدُ للَّه أنّنَا مأجورون..
على كلّ لحظة قاسيةٍ،
وكل دمعةٍ، وكل ألمٍ، وكل جُهدٍ ومعاناة، وكُلّ صبر..

على الله هذه الأيام وهذا الثّقل الذي لا يخف، على الله كل شيء فالله لا ينسى، ‏على الله صمتٌ طويل وصبر ممتد، على الله أوجاعٌ لا تخفى، على الله وَجل الروح ووحشتها.
على الله ما في أقدارنا من متاعب ومهالك وأوجاع، على الله هشاشتنا وثقلنا وضعفنا في كلّ مرة.

‏ربّاه أنتَ وليّ هذا القلب ومولاه، وحدك تعلم ما يسرّ ويخفي، ووحدك تعلم علّته وطبّها، لا قُوّة له إلا بك، ولا قدرة له إلا من عندك تولّه يارب.

حين نقول أننا تعبنا فقد كذبنا !

نحن من فرط التعب لا نجد ما نقوله، يكادُ يُغشى علينا ونحن نؤدي ما علينا، تدور بنا الأرض كثيراً، أجسادنا مرهقة لا طاقة فيها، نخرت الأوجاع عظامنا، كبرنا سنواتٍ كثيرة في هذه الشهور الثقال !

ونُمضي أيامنا بطلب العون من الله وحده فقط، فهو النافع والقادر ..

‏﴿ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ ﴾

مما يرتاح له القلب، وتطمئن به النفس وينشرح له الصدر:

أن أضاف المُلك في يوم القيامة لاسمه
" الرحمن "؛
الذي وسعت رحمته كل شيء وعمّت كل حيّ

وملأت الكائنات وعمرت بها الدنيا والآخرة،

وتمّ بها كل ناقصٍ، وزال بها كل نقص

‏وَفارَقتُ الحَبيبَ بِلا وَداعٍ ..?

من أشرف العبادات وأجلها بركةً على القلب اتساعا وانشراحًا: الطمع في الله تعالى، والوثوب من وهن النفس وضيق الحال إلى بحبوحة اليقين في كرمه، وأنه يحب أن يمُنَّ، ويحب يقين عبده فيه مع ضعف الأسباب بل وعدمها!
ومن طالع أنوار قوله تعالى " كُلًّا نُمِدُّ هؤلاءِ وهؤلاء من عطاء ربك ( وما كان عطاءُ ربِّك محظورًا)".
طمع في ربه وهرول مقرا بذنبه فرحا بسيده ورحمته وكرمه، ولا أكرم من الكريم الجميل، ولا أعظم منه رحمةً وجودا وإحسانا!