فهمتُ كلُ معاني الشوقِ وأشكالهِ
إلا شوقُ المرءِ لنفسهِ شعورٌ غامضٌ ومؤلمٌ .

يؤذيها أن نزفها لم يكن مرئيًا بما يكفي، دائمًا ما كانت تسبقها جروحٌ أخرى؛ أولى بالتضميد.
أيضًا المكان الذي تهرب منه، تعود إليه مرارًا وتكرارًا.. ليس لأنه الأفضل بل لأنه الوحيد الذي يمكنها التنفس فيه.

أُشغل نفسي بي..
مهنةٌ أزاولها يوميًا، أدفن بها ضجيج الآخرين وأطمس آثارهم. لم يشغلني رأيٌ طارئ، ولم تُثنِني فكرةٌ لم تولد في رأسي.
ما يدور بداخلي لي وحدي.. لم ينهشني كلامٌ عابر، ولم تعرقلني ألسنةُ الناس، أعبرهم كأنهم لم يكونوا.

قضيتُ سنواتٍ في تدريب عقلي على تفكيك الألغام التي يزرعها العالم، على انتزاع الشظايا قبل أن تستقر.

حشوتُ دماغي بقطنٍ ناعم:
شِعرٌ وموسيقى، حيث لا موطئ للأشواك، ولا مسلك للوخز..

وحين تهاوى داخلي، لم أتركه أنقاضًا، بل أعدتُ بناؤه صرحًا فنيًا، متحفًا لا تُعرض فيه إلا مواهبي. لم يشاركني أحد في تشييده، ولم تمتدَّ يدٌ غير يدي إلى حجارته.

أنا من صنعي، من صنع تجربتي، لا شريك لي في ذلك.

"كانَ على أمّي أن تُعلِّمني كيف أبكي
‏أمام الأشجار والعصافير
‏خارجًا في العلن
‏كان عليها أن تُعلِّمني أيضًا
‏كيف ألوّح بِيَدي
‏بدلاً من أن أكتبَ بها
‏كان عليها أن تُعلِّمَني الدّموعَ قبلّ اللغة."

"لم تعلّمنا المدرسة منذ الصغر كيف نمضغ الألم ببطئ شديد ..كما نمضغ اللقمة، كيف نبتلعُ الدّموع أو الخيبات

لم تعلّمنا الحذر..
الحذر من العلاقات المستحيلة
من الرغبات البعيدة والقلوب المتجمّدة
حذّرونا من الجلوس الأعوج أو الضّحك أثناء الدّرس فقط
لم نتعلّم ولو لمّرة واحدة كيف نحتضن المريض قبل العلاج و الحلول المنطقيّة
كيف نسير في الظّلام مثلاً ونتعكّز الجدران لا الأكتف البالية
كيف نتوقّف عن الحب إذا استُنزفنا وضاعت الوعود في مكبّات الكذب
كيف نمضي دون اكتراث، نفتت الألم كما نفتّت الممحاة
نكسر الخوف بيدِ سوبر مان!
نُخفي اندفاعنا ودهشتنا عن القُساة

لم تعلّمنا المدرسة ما احتجنا إليه في عمرٍ مبكّر، لكن الأيّام لم تفشل."

لاشيء يُمكنه أن يداوي جُرح فُتق بقصد، ولا يُمكن لأحد أن يملأ فراغًا آخر مهمَا بَدا المكان على مقاسه، ولا نسيانًا يمكنه أن يُمحي كلماتٍ خُطت في قلوبنا، ولا حرقة دمع السعادة يمكنها أن تشبه بركة الحزن ..
لا شيء يمكنه أن يضع في صورة الشّعور ما لم تطأ قدميه ذات الموقف.

سألت العزيزة "ضيّ رحمي"
"هل للحُب تاريخ صلاحية؟"

أنّ الحُب الذي نُعطيه
لأي شئ أو شخص
لا ينتهي أبدًا
وكأنّ الحُب شلّال
لا ينضب - أبدًا -
لكلِّ من وما رأيناه عزيزًا
على قلبِنا

حتى عِندما نرحل
سنرحل ونحنُ سنظل نُحِب
ما أحببناه في حياتنا
وقد لا ننساه
ونتمنى وجوده
-مرةً أخرىٰ-
في حياة الآخرة
لنشعُر بنفس شعور
الحب الجميل
الذي شعرنا بهِ في حياتنا

عزيزتي ضيّ!
الحُب لا يزول ولا ينتهي
وكأنّه مادة
لو إجتمعت كل مواد الأرض
على إزالتها
لم ولن تقوم بإزالتها أبدًا!

ـ نصوص عديدة لم أقوم بتكملتها قمت بكتابة جُزء منها والجزء الآخر مَفقود في داخلي لم أستطع العثور عليه حتى هذه اللَحْظة في بعض الآحيان أشعر بأن الكَلِمات هي التي أفتقدها يكون الشعُور مندثر في داخلي ولَكِنْ شيء ما يربط يداي ولا أستطيع الكِتابة كأنني مكبلة بسلاسل بينما أنا أحارب هذه السلاسل لكي أصل لتدوين شيء ما، علمتني لحظات بأن مهما كُنت بارعًا في الكِتابة هُناك شعور يستصعب عليك تدوينه بسُهولة، ما أقسى أن تكون ضائع ما بين شعور تُريد وصفه وورقة تنتظر منك أن تملىء سطورها الفارِغه.

أتساءل عن شكل الحياة
حين يشعر الأنسان أنه
في المكان المُـناسب !
كيف يستقبل نسمة الهواء
وشربة الماء وهو غير حائر ،
وقد اهتدى لأنسة،
وقد اهتدى لنفسه،
أتساءل كيف تكون نسائم البِشارات !