يقول تعالى‏:‏ ‏{‏وَآخَرُونَ‏}‏ ممن بالمدينة ومن حولها، بل ومن سائر البلاد الإسلامية، ‏{‏اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ‏}‏ أي‏:‏ أقروا بها، وندموا عليها، وسعوا في التوبة منها، والتطهر من أدرانها‏.‏
‏{‏خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا‏}‏ ولا يكون العمل صالحا إلا إذا كان مع العبد أصل التوحيد والإيمان، المخرج عن الكفر والشرك، الذي هو شرط لكل عمل صالح، فهؤلاء خلطوا الأعمال الصالحة، بالأعمال السيئة، من التجرؤ على بعض المحرمات، والتقصير في بعض الواجبات، مع الاعتراف بذلك والرجاء، بأن يغفر اللّه لهم، فهؤلاء ‏{‏عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ‏}‏ وتوبته على عبده نوعان‏:‏
الأول‏:‏ التوفيق للتوبة‏.‏ والثاني‏:‏ قبولها بعد وقوعها منهم‏.‏
‏{‏إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏}‏ أي‏:‏ وصفه المغفرة والرحمة اللتان لا يخلو مخلوق منهما، بل لا بقاء للعالم العلوي والسفلي إلا بهما، فلو يؤاخذ اللّه الناس بظلمهم ما ترك على ظهرها من دابة‏.‏
‏{‏إن اللّه يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا‏}‏ ‏.‏
ومن مغفرته أن المسرفين على أنفسهم الذين قطعوا أعمارهم بالأعمال السيئة، إذا تابوا إليه وأنابوا ولو قبيل موتهم بأقل القليل، فإنه يعفو عنهم، ويتجاوز عن سيئاتهم، فهذه الآية، دلت على أن المخلط المعترف النادم، الذي لم يتب توبة نصوحا، أنه تحت الخوف والرجاء، وهو إلى السلامة أقرب‏.‏
وأما المخلط الذي لم يعترف ويندم على ما مضى منه، بل لا يزال مصرًا على الذنوب، فإنه يخاف عليه أشد الخوف‏.‏

[ تفسير السعدي ] .

﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾[ التوبة : ١٠٢ ]

معشرَ حُميراء الكِرام ! 💗 إنا نلتزم بأمرِ الله من فعلٍ و تركٍ لأن الله ربنا ﷻ أمرنا بذلك ؛ وليس لأن ال vibes أعجبتنا ! يجب أن نفهم هذا جيدا و أن يرسخ في أذهاننا .. نلبسُ الحِجاب لأن الحجاب فرض ، ليس لأن الحجاب جميل .. ولأن صور القفازات و النقاب تُعجبنا…

لطالما هربتُ من كل قصص الخوف ومن كلّ مشاهدها .. كنتُ كلما مررت بمشهدٍ مخيفٍ حقيقي في قصص التاريخ أحمدُ الله أنها مرّت .. وأدعو بالعِوضِ الجميل لضحايا التعذيب إن كانوا مسلمين .. و أُسلي نفسي أن ذلك مَرّ و قد انتهى ..
لطالما هربتُ بعينيّ من مشاهِد التعذيب التي يعيشها إخواننا في غزّة و السودان .. وكنت أحاول ما استطعت الابتعاد عن كلّ ذلك .. وألجأ إلى دِرعي .. " الدعاء " ..
بطريقةٍ ما .. لم استطع الهرب هذه المرّة .. لحقت بي مشاهد السجون السورية .. فكأنها ذهبت بعقلي ! و ما كنتُ أحسب يوماً أن مثل ذاك قد يكون حقاً .. أن يكون واقعاً مُعاشاً لا صوراً لفلم رعب .. ولا حكايات من الماضي أراها في كتب التاريخ المُصوّرة ..
لطالما حاولتُ الهرب بقلبي .. واليومَ قد أدركه اليأس !
لم أكن أعلمُ أن مثل ذلك قد يكون حقيقةً.. ولم أكن لأتخيل حتى !
إنا لله و إنا إليه راجعون .. اللهم اجرهم في مصيبتهم و اخلف لهم خيراً منها ..
حسبنا الله و نعم الوكيل ..

أقول يا كرام من كان له وطنٌ يأمنُ فيه فليحمد ربّه و ليحافظ عليه و ليستشعر نعمة ربّه عليه .. ولا تنسوا إخوانكم المسلمين بالدعاء .. 💔

حميراء | عالمٌ مخيفٌ موحشٌ ..

تسلكُ سُبلاً كالمُعمى عنه حتى إذا جَنَيْتَ عَلى نفسِك بها تشكِي الجُرحَ و الهلاك ؟
ولو أبصرت ما سَلكتها ..
ولو عقَلت لعقلت قدمك عن السير خُطوةً لها ..
وكيف يرمي عاقلٌ نفسه في حِمىً مسعّرة ؟
ثم أنت تبكي نفسك و تحزن لحالك .. توّد لو أن لُطفاً ينالك أو رحمة تتغشاك ..
ألا إنك لم تلطف بنفسك و لم ترحمها ابتداءً.. فأنى تريدُ من غيرك أن يرحمها ؟
لله الملجأُ و المُشتكى..

﴿رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي﴾

- حُميراءُ.

رحمه الله و رحم موتانا و موتى المسلمين..

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ؛ لنبدأ أولاً بنقل تفسير الآية ؛ قال الإمام السعدي رحمه الله مُفسراً لها : " هذه الآية وإن كانت نازلة في أهل الكتاب, وما كتموا من شأن الرسول صلى الله عليه وسلم وصفاته, فإن حكمها عام لكل من اتصف بكتمان ما أنزل الله { مِنَ…

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ؛

لنبدأ أولاً بنقل تفسير الآية ؛ قال الإمام السعدي رحمه الله مُفسراً لها : " هذه الآية وإن كانت نازلة في أهل الكتاب, وما كتموا من شأن الرسول صلى الله عليه وسلم وصفاته, فإن حكمها عام لكل من اتصف بكتمان ما أنزل الله { مِنَ الْبَيِّنَاتِ } الدالات على الحق المظهرات له، { وَالْهُدَى } وهو العلم الذي تحصل به الهداية إلى الصراط المستقيم, ويتبين به طريق أهل النعيم, من طريق أهل الجحيم، فإن الله أخذ الميثاق على أهل العلم, بأن يبينوا الناس ما منّ الله به عليهم من علم الكتاب ولا يكتموه، فمن نبذ ذلك وجمع بين المفسدتين, كتم ما أنزل الله, والغش لعباد الله، فأولئك { يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ } أي: يبعدهم ويطردهم عن قربه ورحمته. { وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ } وهم جميع الخليقة, فتقع عليهم اللعنة من جميع الخليقة, لسعيهم في غش الخلق وفساد أديانهم, وإبعادهم من رحمة الله, فجوزوا من جنس عملهم، كما أن معلم الناس الخير, يصلي الله عليه وملائكته, حتى الحوت في جوف الماء, لسعيه في مصلحة الخلق, وإصلاح أديانهم, وقربهم من رحمة الله, فجوزي من جنس عمله، فالكاتم لما أنزل الله, مضاد لأمر الله, مشاق لله, يبين الله الآيات للناس ويوضحها، وهذا يطمسها فهذا عليه هذا الوعيد الشديد."

قال الإمام إبن باز في حكم من كتم علماً :
"عليه التوبة من كتمانه العلم، قد قال النبي ﷺ: «من سئل عن علم، فكتمه؛ ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار» إلا إذا كان ذلك الشيء يخشى من الإخبار به فتنة وشرًا عظيمًا، هو معذور، فإن كتم العلم إذا كان في كتمه مصلحة أكبر من إظهاره فلا بأس، مثلما قال النبي ﷺ لـمعاذ لما أخبره بحق الله على العباد، وحق العباد على الله، قال معاذ: " أفلا أبشر الناس؟ "قال ﷺ: «لا تبشرهم فيتكلوا» ثم بشر بها معاذ، والنبي ﷺ بشر بذلك، وأخبر الأمة بذلك إبلاغًا للحجة، وإقامة للحجة.

وقال أيضا - رحمه الله - في حكم من كتم علما لمصلحة : " يكتم العلمَ الذي ما يليق بالمجلس، كأن يخاف أنهم يتَّكلوا أو ما أشبه ذلك، لكن إذا وضَّح لهم أحسن، يُوضِّح لهم الأسبابَ التي تمنعهم من الاتكال.
س: إخبار معاذٍ خوفًا من الكتم؟
ج: مثلما قال ﷺ: لا تُبَشِّرهم فيتَّكلوا يعني: قد يجهلون ويحسبون مجرد التوحيد ولو فعلوا المعاصي سببًا لدخول الجنة وعدم العذاب، وهذا غلط؛ لأنَّ الله جلَّ وعلا يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء:48]، فمَن مات على المعاصي فهو على خطرٍ، قد يُعفى عنه وقد يُعذَّب. "[فتاوى نور على الدرب ] .

الحاصل أن المسلم مأمور بتبليغ العلم منهيٌّ عن كتمانه .. قد تسمعُ أحداً يحلف بغير الله كأن يقول " وراس يما " وهو لا يعلم أن هذا من الشرك ولو علم لما قال ذلك .. فبما أنك تعلم حكم فعله يجب عليك أن تعلّمه .

في موقف آخر .. قد يترتب عن تبليغهم بما علمت إستهزاءاً قد يُخرجهم من الملة لجهلٍ مركّب منهم فهنا يكون السكوت أفضل باعتبار أنه يفضي إلى منكر أشد ؛ قال شيخ الإسلام إبن تيمية :" الأمر والنهي - وإن كان متضمنا لتحصيل مصلحة ودفع مفسدة - فينظر في المعارض له : فإن كان الذي يفوت من المصالح أو يحصل من المفاسد أكثر لم يكن مأمورا به ؛ بل يكون محرما إذا كانت مفسدته أكثر من مصلحته " [مجموع الفتاوى ] ، وقال العلامة السعدي في منظومته [ القواعد الفقهية ]: "
الدين مبني على المصالح
في جلبها و الدرء للقبائح
فإن تزاحم عدد المصالح
يقدّم الأعلى من المصالح
و ضدّه تزاحم المفاسد
يُرتكب الأدنى من المفاسد "

وكذلك إذا كان سبب الإمتناع الخوف من النقاش أو عدم القدرة عليه باعتبار الطرف الآخر قد يرمي بشبهات لا تعرف ردها وربما تخطفك .. فهنا يجب عليك الإمتناع لأن الضرر من الإقبال أكبر و أخطر ..

فالتبليغ يحتاج علم + بصيرة ؛ ( سيتم التفصيل في هذه النقطة بنقل كلام قيّم للعلامة إبن عثيمين من كتابه القول المفيد على كتاب التوحيد في منشور لاحق )

الخلاصة : قال الإمام إبن باز رحمه الله : " إذا كان إخبارك بما سئلت عنه يترتب عليه شر تراه عظيمًا، وخطيرًا؛ فأنت معذور. " [ فتاوى نور على الدرب ] .

عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال :"مرّ عامرُ بنُ ربيعةَ بسَهلِ بنِ حنيفٍ وَهوَ يغتسلُ فقالَ لم أرَ كاليومِ ولا جِلدَ مُخبَّأةٍ فما لبثَ أن لُبِطَ بِهِ فأتيَ بِهِ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ فقيلَ لَهُ أدرِك سَهلًا صريعًا قالَ من تتَّهمونَ…

ومن تأمل هذا الدين رآه يدعو إلى الصلاح والرشد والفلاح والكتاب والسنة كفيلان ببيان ذلك كفالة تامة، فيهما الآيات والبراهين على أنه محال أن يحصل الصلاح الحقيقي ولا سبيل للبشر إلى الإصلاح والخير والسعادة إلا بهذا الدين، فإنه ما من مصلحة دقيقة ولا جليلة إلا أرشد…