وبمجرد انتهاء العاصفة، لن تتذكر كيف نجوت منها، وكيف تمكنت من البقاء على قيد الحياة. لن تكون متأكدًا حتى مما إذا كانت العاصفة قد انتهت بالفعل. ولكن شيء واحد مؤكد. عندما تخرج من العاصفة، لن تعود نفس الشخص الذي دخل إليها. هذا هو كل ما تعنيه هذه العاصفة.

- هاروكي موراكامي، كافكا على الشاطئ

(4)

عشان كدة أحيانًا ف الجلسات، لما بلمس إن المشكلة ف تقدير الشخص لنفسه وإنه بيرضالها الذل وفتات العلاقات.. الكلمة دايما اللي بسمعها:
"عاوزة الشخص ده (أب، أخ، زوج، خاطب، شخص مرتبطة بيه) يشوفني حاجة كبيرة، عاوزاه ميشوفش غيري!"

بيبقى ردي دايمًا، إنك طول ما بتفكري ف مجهودك اللي هتبذليه عشان تخلي حد يحبك، عمر ما الشخص ده هيشوفك كبيرة أو ذات قيمة لأنك حاطة قيمتك ف مكان غلط تمامًا.. وانتي بتدوري على القيمة وانتي القيمة ذات نفسها بس انتي مش حاسة.

دايما تقدير الذات وبعدها اكتساب مهارات حياتية، مينفعش دي تيجي مكان دي..

(3)

تقدير الذات ولا الثقة بالنفس ف الأول؟

تقدير الذات تمًّا..
لأنك لو مقدرتهاش، مهما عملت إنجازات من هنا لسنين قدام، وحتى لو اكتسبت الثقة ف نفسك وقدراتك، حتى لو بقيت غول ف الإنجازات، لو مش معود نفسك على إنك تقدر نفسك كدة بدون إنجاز وتحترمها احترام غير مشروط.. هتفضل قليل ف عين نفسك.. بل بالعكس هتفضل بتسعى ورا إنجازات أكتر عشان تشبع نفسك بصورة الشخص الناجح اللي راح وجه.. وكتر الإنجازات دي مش هيملا الفجوة اللي جواك أبدًا.

(2)

أما الثقة بالنفس، ف هي مقترنة بثقتك ف نفسك لما بيتم إسناد أمر أو مهمة ليك ف تكون عندك القدرات والآليات اللي هتثق فيها (لأنك مجربها قبل كدة) عشان تخلص المهمة دي..
وهي مقترنة اقتران أصيل بإنجازاتك واللي عرفت تحققه أو تتغلب عليه أو تنجزه

(1)

تعرفوا إن في فرق بين تقدير الذات، والثقة ف النفس؟ والاتنين منفصلين عن بعض تماما؟

تعرفوا إن تقدير الذات، دي صفة واجب تواجدها ف كل وقت، وهي اللي بتبرُز ف الأوقات اللي بتحتم عليك إنك تاخد حقك، متقبلش كلمة وحشة اتقالتلك، ترفض إن حد يعاملك بدونية، وهي خصلة غير مقترنة إطلاقًا بالإنجازات!!

تقديرك لذاتك وإعطاء نفسك حجمها الطبيعي، لا منفوخ أوي، ولا مستصغرها أوي، دي حاجة غير مقترنة أبدًا بأي إنجاز حققته.

عُدنا..

لا تعتذرنَّ إلّا إلى مَن يُحب أن يجد لكَ عذرًا، ولا تستعيننَّ إلّا بمن يحب أن يظفر لك بحاجتكَ، ولا تُحدثنَ إلّا من يرى حديثكَ مغنمًا.

- ابن المقفع.

هذا العالم ينتهي، شئت التصديق أم أبيته، تتساقط فيه الآن كل النُظُم التي اعتدناها، وتُدنّس المُقدّسات، وتموت القصص بلا نهاياتٍ كالتي نعرفها في الروايات الرخيصة التي تباع فوق الأرصفة المتّسخة.
وستجد بالأيام المقبلة هتافات من نوعية "ستنتصر الجماعة التي عرفت كيف تقاطع منتجات الحثالة الأنذال، وكيف تميّز الصديق من العدو الغادر"
حسنٌ، سأحسبُ نفسي ساعتئذ من هذه الفئة لأني فعليًا أقوم بالمقاطعة، أستطيع تمييز العدو من الصديق فيما يخص المعتقد، كما أنني أدعو دعواتٍ متفرقة في ثنايا الساعات، إلا أنني أعرف في دواخلي أنني من النوع الردئ، الردئ جدًا، الذي لا يختار الحياد، ولكن قلبه يحتاج لانفجار أو شظايا متناثرة متفرقة فوق أجساد الأطهار كي يفيق من الغفلة اليومية، وفي وقتٍ يشحذ فيه الحصيف أسلحته الفكرية ويُسرِجُ مصابيح إيمانه استعدادًا لظلمةٍ قادمة لا محالة؛ أجد قدميّ تغوصان في الوحل أكثر.

هذا الكلام ليس من باب الإحباط أو اليأس.
بل هو معلومةٌ أُقِرّها، حسبما أعرف من دراستي للعلم النفسي، أنت بحاجة إلى الإقرار دون إضفاء لمسة "صعبانية" مثيرة للشفقة، أنت بحاجة لأن تكون مسؤولًا عن تخاذلك أحيانًا وعليك أن تعلم أن الأمر سيستوجب منك خطة واستعانةً بالذي بيده مقاليد السماوات والأرض.

وعلى كلّ حال، العالم إلى زوالٍ تسارعت وتيرته في الآونة الأخيرة، لذا، لا أجد أوقع من هذه الآية الكريمة كسؤالٍ للمرحلة "فأينَ تذهَبُون؟"

- نيره.

مساء الخير، وحشتوني ف اليومين اللي فاتوا دول.

جاية أكلمكم عن حاجة لاحظتها ف الآونة الأخيرة أثناء السيشنات، خصيصًا سيشنات القلق.

أحد أهم أسباب تأخر تعافي الشخص من القلق، هو عدم إيمانه إنه ممكن يخف.

القلق مكروه، ذو شعبية سيئة جدًا وسط الاضطرابات النفسية، ملوش شعبية ولا ليه كاريزما اضطراب الاكتئاب اللي لما تلمحه على حد، تلاقيه الشخص اللي ملوش ف التفاعل وتحسه كارف لكل حاجة كدة، كاريزما مع إنه بيعاني من جواه عادي.

عشان كدة الناس القلوقة بتفضل تعزل نفسها لما بتحس بقلق لأن قلقهم بيكون غير مفهوم للناس حواليهم عادةً، وده بيزود دايرة الأفكار السلبية المؤلمة.

عدم إيمانك بالشفاء + عدم استمرارك على التدريبات اللي بتطلب منك + تسفيهك من العملية نفسها = تأخر ف التعافي.

طيب المفروض أعمل ايه؟
معلش تعالى على نفسك وآمن بفكرة التعافي، واعمل المطلوب منك أي تدريب، أي تيكنيك، أي تمرين مطلوب منك من المتخصص أعمله وواظب عليه، العلاج النفسي مش سحر ومش شيزلونج هتحكي عليه مشاكلك وتسمع كلمتين عميقين وتلاقيك بقيت أحسن
دي أكلاشيهات محفوظة ف السينما.

دايمًا السعي بيتطلب مجهود وإيمان، وعن تجربة شخصية والله.