هل نستلذُّ بالفأل أيّامًا ثمّ نتجرع الإحباط أيّامًا.. أم نستظلُّ في ظلال اليأس تاركين مضمار الفأل والصبر لأهله؟
أعوامٌ مديدةٌ من عمري جعلتني أدخلُ في هذه الدوامة بلا نجاة..
ولكنّ الفأل ينجي، على الرّغمِ من أنّه يُدمي!
على الرّغم من أن عاقبته معلومة.. أتفاءل، فأصدَم، وهكذا.. بلا أملٍ محسوس، بل أمل منطوق وأوهام زائلة..
ومرّت أعوام..
ولازال الحرفُ يدرُّ من نفسِ المعاناة.. ولا جديد في النّصِّ أو الأدب.. ولكن الكتابة مستراح، والشعر دوحةٌ للمتعبين:
«لي من الشعر نخوةٌ واعتزازٌ
 وهجومٌ على الأمرِ الشّدائدِ»
•البحتري.
وأنا كلّما خشيتُ على قلبي من الألم؛ أذكرُ أنّ ألمَ الفأل أشرفَ وأعزَّ من راحة اليأس.. أنّ الرّضا؛ يرفعُ العناء
فنرضى.. لعلّ الله يرضى
♥️

بعد الفجر الذي بزغ على أرض الشّام؛ علينا أن ندرك بأنّ نصر المستضعفين، وتبدّل الأحوال، والفرج بعد الصّبر والاحتساب؛
سنّة من سنن الله في الكون..
فلا تتعجّب، هذه عظمة الذي رفعَ السّماء بغير عمدٍ وخلق الأرض وحده،
والنّصر الذي تجلّى آية من آياته!
تزيد المؤمن اطمئنانًا، والصّابر يقينًا، والمكابد قوّةً واصطبارًا.. كأبينا الخليل لمّا قال:
﴿قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾
والعدوّ مهما طغى؛ هو عبدٌ لله، ناصيته بيده، يهلكه متى شاء.. والعاقبة للمتّقين♥️
وقد مرّ على مزابلِ التاريخ من هو أظلمُ؛ فهلك بأمره، ومكّن المستضعفين، كما قال جلّ جلاله:
﴿وَنُرِیدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِینَ ٱسۡتُضۡعِفُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَنَجۡعَلَهُمۡ أَىِٕمَّةࣰ وَنَجۡعَلَهُمُ ٱلۡوَ ٰ⁠رِثِینَ﴾
وممّا يُشرَع ويسنّ عند الفرحة، والنّصر:
•تبشير المسلمين بهذه الفرحة.
•ترديد التّكبير والتّحميد والتّهليل.
•السّجود شكرًا لله جلّ جلاله.
والحمدلله الذي مَنّ على عباده وحده، وأذاق هذه الأمّة مُناها.. الحمدلله عدد مافي السّماوات ومافي الأرض.
ثمّ الصّلاة على النبيّ المصطفى ﷺ الذي قال:«اللهمّ بارك في شامِنا».. والذي ميّز أهل الشّام بالقيام بأمر الله إلى آخر الدّهر، وبأنّ الطائفة المنصورة فيهم إلى آخر الدّهر♥️
وختامًا؛
في ظلّ هذه الفرحة، لا تنسوا الدّعاء والابتهال إخواننا في غزّة.. فالدّعاء عند رؤية النّعم مستجاب، كدعاء زكريّا عندما رأى مريم ترزق في المحراب
هنالك دعا زكريّا ربّه!
والذي فرّج عن أهلنا في الشّام، لا يعجزه أن يفرّج عن أهل غزّة♥️
والحمدلله ربّ العالمين♥️

﴿قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾
لم نقنط من رحمةِ الله، ولكنّ آيات الله في الأحداث الآنفة؛ كفيلة بأن تعيد منسوب الإيمان في القلبِ الظامئ!
نفحات الفرج -بعد العجافِ- التي غمرت المسلمين؛ أعادتِ اليقين بفجر الله وفرجه♥️
فالأمد الطّويل -مهما بلَغ- لا يعني استحالة التغيير!
بل هو تمحيصٌ.. وتهيئة لما هو أعظم.. وما بعدَ الليل إلا الصباح♥️
الحمدلله الذي صدق وعده.. الحمدلله الذي أجزلَ وأعطى♥️

إن كنتَ تُؤمن أنّ ربّك واحدٌ
ولهُ العبيدُ، وحكمهُ هو جارِي

وعظيم قدرتهِ.. بكلِّ علامةٍ
في مُحكمِ الآياتِ.. والأخبارِ

إن كانَ قلبكَ بالعقيدةِ راسخٌ
لوثَبتَ بالدّعواتِ في الأسحارِ!

وفزِعتَ من أجلِ الحبيبة: [غزّة]
ولأخوةٍ في اللهِ.. بالأمصارِ

إمدَادهم فَرضٌ.. فحثّوا خطوَكم!
نحو الإله.. مقدّر الأقدارِ

•إنّ أعظمَ ما يُقدّم لكلِّ مؤمنٍ مكروب؛ أكفّ الدّعاء الصّادقة في جنحِ الليل..
إخوانكم في شتّى البقاع كلّها؛ بحاجة إلى دعواتكم الصّادقة.. فهذا الألم، واجب!

﴿نَبِّئنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾
مالذي رآه صحبة يوسف عليه السّلام في السّجن ليعترفا بإحسانه ويلوذا إليه؟
كان من دأبِ الأنبياء والكرام على مرّ العصور أن لا ينضبَ نبع الإحسان منهم.. فترى يوسف يجود على السّجينِ بالتأويل، وترى محمّدًا ﷺ يدعو عدّاس بعدَ الاضطهاد، وترى إبراهيمَ يسلّم على أبيه بعد نبذه وهجره..
وترى ثمّ ترى.. فتفطنُ بأنّ الكرم شمسٌ؛ لا تغطّيها الظروف، ولا تمنع نورها المشاغل♥️
بل وإنَّ للكرمِ لذّةٌ فريدة في ظلّ انكسار القلب.. وهنا يتجلّى معنى اسمِ الله [الشّـاكـر]
فترى الجبر الذي مددته عادَ إليك أضعافًا، والعلمَ الذي علّمته ترسّخ في ثنايا حافظتك، والمال الذي أنفقته يعود إليك أضعافًا مضاعفة.. والله يضاعف لمن يشاء♥️
•ويقول أبو تمام في وصفٍ بليغٍ عن الكريم:
«هو اليمّ من أيّ النواحي أتيته
‏فلُجّته المعروف.. والجود ساحلُهْ
‏تعوَّد بسطَ الكفّ حتى لوَ انّهُ
‏ثناها لقبضٍ لم تجبه أناملُهْ
‏ولو لم يكن في كفّهِ غيرُ روحهِ
‏لجادِ بها.. فليتقِ اللهَ سائلُهْ!»
•ويقول أبو حيان الأندلسي في حضرة الكريم:
«كَريمٌ متى تَسألهُ شَيئًا فإنّه
يَجودُ وَيُعطي ما تَشاءُ وَيَنتَقِي
ولو لم تَسلهُ جادَ بدءًا فَإِنَّما
مَكارِمُهُم خَلقٌ بِغَيرِ تَخَلّقِ»
•والكرم الأطهر ماكان من طيب نفسٍ لا تكلّفًا! يقول أبو الجود حاتم الطّائي:
«وقائلةٍ أهلَكت في الجُودِ مالَنا
ونفسك حتّى ضرّ نفسكَ جُودُها
فقلتُ: دَعِيني إنَّما تلكَ عادةٌ
لِكُلِّ كَرِيمٍ عادةٌ يَستعِيدُها»

"وألا تطيل الوقوفَ إلا على ما يبنيها لا ما يهدمها"
•الحرف اللدِن، الذي يحملُ ناطقه بين جنبيه اللين والعذوبة♥️
وأنا بدوري أتفق معه كثيرًا، فالإنسان عليه أن يتقبّل من نفسه الضعف إلى التعبير عن الشعور

‏وصف ابن الدغنة أبو بكرٍ رضي الله عنه بذات الأوصاف التي وصفتها خديجة رضي الله عنها للنبيّ ﷺ:
‏«فإنّك تكسب المعدوم، وتصلُ الرحم، وتحمل الكَلّ، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحقّ»
‏•فالمؤمن نصف خليله، ومرآته التي تعكس صورته.. يقول النبيّ ﷺ:
‏«المرءُ على دين خليله؛ فلينظر أحدكم من يخالل»♥️

«اللهمّ فقّهنا في الدّين»
يخيّل لنا حينَ ترتيلِ هذا الدّعاء؛ بأنّ الفقه في الدّين يكون دهاء يصيب العقل حين حلّ مسألةٍ فقهيّة أو أصوليّة، أو ذاكرة فذّة تتجلّى بسردِ متنٍ أو أحاديث باب وفصل.. أو ربما؛
رتبة علمية تُوضع لصاحبها فتضيف إلى اسمهِ لقبًا آخر..
ننسى كثيرًا بأنّ الفقهَ في الدّين؛ معراجٌ للعبوديّة، سبيله وعرٌ بقدرِ عظمته.. إذا ماهجرته بعد الفقه، كانت الانتكاسة أعظم!
ووقودُ ذلك الارتقاء.. أن تستصحبَ أصول العقيدة في كلّ مسألةٍ فقهية أو أصولية..
 أن تدرك بأنّ العلم عبادة،
وبأنّ المنصب الأعظم الذي تسعى إليه أن تكون [عبـدًا لله جلّ وعلا]:
﴿نِعمَ العَبدُ﴾
ومادون هذه الغاية، يتبع هذا الأصل! فصلاح الأصلِ، صلاح الفرع.
لا تتقاعس.. فلربّما ساعةٌ من التّفريط تهزّ كيانك هزًّا، وتؤزّك للشرّ أزًّا.. لا تتركَ التعلّم.. وإن كنتَ أنتَ المعلّم!
فالشيطان لن يكرس جهده عند من زاغ عن الصّراط.. وإنّما هو قاعدٌ لمن سلك هذا الصّراط:
﴿قالَ فَبِما أَغوَيتَني لَأَقعُدَنَّ لَهُم صِراطَكَ المُستَقيمَ﴾

•الفقه.. معراجٌ للعبوديّة، وترسيخٌ للعقيدة..
فاتعب! فحُقّ لهذه الغاية أن نكابد من أجلها ونتعب.
اللهمّ فقّهنا في الدّين، واجعلنا من عبادك المُصلحين♥️

أبياتٌ نُسِجت أحرفها لمؤسّسة ظلال التربوية✨

هتفَ الفؤاد.. وغرَّدت أشعارهُ
فمن العطاء غراسنا وكذا يقالْ

قل للحقولِ إذا تبسّم زهرها
عبق المحاسنِ والرحابة في «ظِلالْ»

قل للقصيدِ إذا تجَلَّى حرفه..
ألهِم فؤادك -يا فصيحُ- هنا المقالْ

تحتَ المحاضنِ قد نمَت أرواحنا
وهنا الفؤاد يحفّهُ حبّ الظِّلالْ

صلةٌ لكلّ الخيرِ.. وهو ثباته
ويلمّ قلبًا.. ثمّ يسمو باكتمالْ

ما كان للرّحمن يبقى غرسه
وتخلّد الأعمال يومًا للمآلْ

والسّعي أجود ما يكون لربّنا
فإذا بذلتَ تجِدك زدتَ من الكمالْ

آلـ«الظِّلال» عسى يدوم لقاؤنا
ونقرّ في لقيا المهيمنِ ذي الجلالْ
♥️

•سيرة ناقصة لجدّي•
علمتُ بأنَّ الحبَّ..
لا يشترطُ أن يكونَ إثرَ لقيا، أو سماعِ صوتٍ أو موقف.. بل ربّما، تحبُّ بملءِ جوانحكَ شخصًا أغاثَ من تحبّ.. ثمَّ ارتحل!
كما يرتحل أصحاب الأيادي البيضاء، والقلوب الصّافية..
كمثل الغيث في كنفِ «الرياض»؛ يمرّ خاطفًا، وحضوره أبقى في الفؤادِ من حضور الشمس والصيف الطويل!

عن جدِّي الكريم: 
عليّ اللويحق.
أتحدّث!

أحبّه؛ عندما ترفُّ مقلةَ أمّي عند ذكره، 
أحبّه؛ عندما أغترفُ من سيرته، 
أحبّه؛ عندما أراه في وجهِ أمي، 
عندما..
تجزل بكل فصاحةٍ عن حبّها له، وكرمه!

عرفته؛
كريمًا فوقَ الكرم، مغدقًا على أهله.
لطيفَ النّفس.. في زمنٍ قاسٍ وأغبر.
طيّبًا.. والطيبةُ تتعلّم منه في كل موقف!
هادئًا، رزينًا، قليلَ الكلام، محمود السجايا.
وله يدٌ بيضاءَ في كلّ موقف!

متعبٌ، وصابرٌ.. 
وأتعجب كيف يتعب الطيبون دائمًا؟
كيف ينال قلبهم من ألمِ الحياة ما لا يناله السليط البذيء؟
ولعلّها حمايةٌ لهم من العزيز الحكيم عن التعلّق بهذه الدنيا، والاعتصام بحبله المتين.

نسائل عنه، وتقترن الإجابة بـ:
"مانجازيه" "الله يطيّب ذكره، ومثواه" "مافيه زي علي"
والحقيقة بأنني لا أحتاج إلى إجابة؛
فأنا عندما أرى طيبة أمي،
أعلم طيبَ المربِّي♥️

وقد عاهدت نفسي بأن أكثر التحدث عن جدّي.. رجاء أن أكون الولد الصالح الذي يدعو له؛ بعد أن انقطع عمله.
يقول النبيّ ﷺ:
«إذا ماتَ ابنُ آدم انقطع عمله إلا من ثلاث؛ صدقة جارية، علمٌ ينتفع به، ولدٌ صالحٌ يدعو له»
ولعلّ دعواتكم، ودعواتي.. تصله كنورٍ يترفرف، فيسعد بها أيّما سعادة!

يا راحلًا وجميل ذكرك موردي
وعقود فقدك لم تُمِت ذكراكـا
•اللهمّ أمطر على قبر جدّي علي اللويحق من شآبيب رحمتك وعفوك وغفرانك.. واجمعنا به في جنّات النعيم على سررٍ متقابلين♥️