لقاء الرابعة

لقد كنت عازما على مواصلة نشر حلقات (تهمة التصوف) والتي ابتغي من وراءها إماطة الفرية التي لصقوها بالشيخ علي المياحي ، وذلك من باب الواجب الشرعي تجاه المؤمن حتى ظهر المياحي بنفسه على احدى الفضائيات وكفانا مؤونة الرد وقد تحدث بكل وضوح وصراحة لا لبس فيها ولا شك ولا مراوغة
فقال : لا اؤمن بالتصوف ، ولا اقول بمقالته ، ولدي تحفظات كثيرة على هذا المشرب ، واعتقد ان اي طريق بلا ولاية علي بن ابي طالب (ع) لا يوصل المرء الى كمال العبودية .
كما قال : ان رسالتي في الماجستير في نقد التصوف ، واطروحتي في الدكتوراه في بيان اثر الائمة المعصومين (ع) على تراثهم ، ومع ذلك فاني لا احاربهم ولا اكفرهم وليس هذا اختصاصي ولا شأني ... انتهى .
ومع انني كنت استبعد ان يكتفي خصومه بهذا الكلام وان يكفوا السنتهم عنه ويبعدوا شبابهم الذي يسقطِّونه عبر مواقع التواصل الاجتماعي ليلا ونهارا بلا ورع ولا انصاف الا انني توقعت ان من فيه ـ منهم ـ ذرةً من الايمان والتقوى فانه سيقول : لقد ازاح الرجل التهمة عن نفسه !
الا انهم تركوا هذا البيان الجلي والتصريح الواضح وراحوا يهرجون ضده زيادة عما سبق بحجة انه قال لا احاربهم ولا اميل اليهم وحشدوا كل ما يملكون ضده ليسلقونه بالسنة حداد ظانين انهم سيسقطونه من أعين الناس وخصوص الشباب الذي صاروا يتهافتون زرافات زرافات على حضور مجالسه الدينية او ندواته التي يحضرها في الجامعات العراقية متناسين التوفيق الالهي وعناية ساداتنا المعصومين (عليهم السلام) .
ولعمري فان هذا جهد العاجز وحيلة الضعيف فكيف تريدون منه ان يلعنهم ويكفرهم وهو منخرط تحت عباءة حوزة النجف العظيمة التي تُعرف بالاعتدال والوسطية والحياد ، فأقول لهم :
اين انتم من المرجع السيد السيستاني (دام ظله) الذي يصف أبناء العامة ـ ومنهم الصوفية ـ بأنهم ( أنفسنا ) ؟!
وأين أنتم من السيد الشهيد محمد باقر الصدر (قدس سره) الذي يقول : أنا معك يا أخي السني كما أنا معك يا أخي الشيعي ؟!
وأين أنتم من المرجع الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر (قدس سره) الذي أرسل جمعا من طلبته ليصلون مع أبناء السنة ـ ومنهم الصوفية ـ في مساجدهم ؟!
وأين أنتم من نظرة مراجعنا السابقين تجاه ذلك ؟!
ألم تقرأوا تعامل زعيم الطائفة السيد محسن الحكيم (قدس سره) في مثل هذه القضايا ؟!
ألم تقرأوا عن سياسة زعيم الحوزة العلمية السيد ابو القاسم الخوئي (قدس سره) تجاه هذه الامور ؟!
ان ما قاله الشيخ المياحي يمثل النظرة الصميمية لرؤية الحوزة العلمية في النجف الاشرف تجاه المذاهب الاخرى ، فنحن نختلف معهم في كثير من القضايا الجوهرية وأهمها قضية الامامة الالهية ولكن لا نكفرهم ولا نسبهم ولا نشتمهم بل نقول لهم :
ان اردتم طريق العبودية الحق لله سبحانه وتعالى فهو منحصر بالثقلين اللذين تركهما لنا النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله) : القرآن الكريم والعترة الطاهرة .
كما اوصي المياحي نفسه ان يستمر على نهج الوسطية هذا فلديه من شباب العامة الاف ممن يتابعه ويستأنس بحديثه ، ويتأثر بأفكاره ـ ولدي شواهد على ذلك ـ واتمنى ان لا يتأثر بصيحات التشدد فيتطرف في أقواله كي يرضي هذا او يستميل ذاك فنحن في بلد انهكته الخلافات المذهبية واتعبته المشاكل السياسية والسلام .

د.هادي نون
https://t.me/hadinoon9

Telegram

د.هادي نون | Dr.Hadi Noon

You have to enjoy the journey not the destination

تهمة الصوفيَّة

(الحلقة الاولى)
من قواعد التسقيط المشهورة في العصور المتأخرة هي الصاق تهمة التصوف على كل من يتحدث بالاخلاق والسلوك وتزكية النفس والمسائل العرفانية ، وهذه تهمة ليست بالجديدة ، وسوف لا تكون الوحيدة ، حيث ترجع جذورها الى حقب ضاربة في اطناب التأريخ الشيعي ، ومع انه كان الاعلام المتقدمون من اصحابنا اهل مسحة اخلاقية وعرفانية بارزة ولم تسجل عليهم هذه الملاحظة كما في السيد رضي الدين علي بن طاووس ( 589 هـ ـ 664 هـ ) والذي كان اخلاقيا وعرفانيا مشهورا بذلك وقد كان يتحدث بمكاشفاته وكراماته علنا ولم يتهمه أحدٌ بالتصوف ، وكتبه مشهورة عند الامامية وابرزها اقبال الاعمال وجمال الاسبوع وفلاح السائل وغيرها وهو استاذ العلامة الحلي وغيره من علماء الطائفة .

الا ان الاجيال التي لحقته لم تسلم من الاتهام بالتصوف فابن فهد الحلي ( 756 هـ ـ 841 هـ ) صاحب كتاب عدة الداعي واسرار الصلاة وتاريخ الائمة (عليهم السلام) اتهم بالتصوف ، والقائمة تطول الى العارف الشهير السيد علي القاضي ( 1285 هـ ـ 1366 هـ ) وتلامذته .

وبالجملة فان كل من يعتن بالاخلاق والعلوم المعنوية سيتهم بالتصوف والانحراف وقائمة طويلة من التهم التي تخرجه من المذهب وحتى من الاسلام ولست بصدد بيان الاسباب الداعية الى ذلك فلعل مردها في الغالب الحسد والجهل وكذا اقتراب الخط العرفاني الشيعي من الصوفية وتأثره بمحيي الدين بن عربي ( 558 هـ - 638 هـ )وغيره ـ وقد نقف على هذا الموضوع مفصلا في حلقات قادمة او مقالات اخرى ـ .

الشيخ علي المياحي ليس بِدعا من هؤلاء وهو يكرر مقالات ( المتهمين بنظرهم ) ويلوك مصطلحات علماء الاخلاق ويشرح مبانيهم حتى لو صاغها بصياغات جديدة وقولبها بقوالب لفظية معاصرة فانه ـ بنظرهم طبعا ـ يشرب من نفس المشرب ، ولذا فان دولاب الاتهام بالتصوف سيطويه شاء ام ابى !

واني وعلى حد علمي ان الرجل يبرئ من تقمص ثوب التصوف ، ويمج ماءه ويرفضه جملة وتفصيلا فقد سمعناه على المنبر الشريف يقول مرارا وتكرارا :

( ان اي طريق غير طريق آل محمد سراب ، واي مشرب دون مشربهم حجاب ، واي ارض دون ارضهم يباب ) ويعيب على الصوفية سرقتهم لتراث أهل البيت (ع) فيقول في كتابه العرفان في الصحيفة السجادية ص 14 ط دار المرتضى ط 1 :

( وبناء على ذلك فقد قام جملة من اعلام الصوفية بنقل تراث أهل البيت (ع) في كتبهم ومقالاتهم من دون ادنى اشارة اليهم او ذكر ان هذا الكلام لهم (ع) وهذا شيءٌ يُعاتبون عليه ويُؤاخذون ويُلامون وفيه بخسٌ للحق وضياع للجهد الكبيرفي هذا المجال وهو خلاف للعدل والورع والتقوى ، قال الله تعالى في ذلك (َأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ ) انتهى كلامه .

وانا هنا اخاطب من يمتلك ذرة من الانصاف ، ولا شأن لي بالمؤدلجين من قبل اسيادهم ، اخاطب النخبة الواعية ، والشباب الشيعي المثقف ، اخاطب الصالحين الذي يخشون الوقوف بين يدي الله (عز وجل) :

ـ كيف يكون صوفيا وهو يرى كل طريق وهم وسراب الا طريق ولاية علي وآل علي ؟!
ـ كيف يكون صوفيا وهم يصف اقطاب الصوفية بسارقي تراث العترة الطاهرة (صلوات ربي عليهم ) ؟!
ويصف هذه السرقة بأنها دليل على عدم الورع والعدل والتقوى ؟!

على المرء ان لا يستعجل الحكم على الآخرين فان للانسان فضلا عن كونه مسلما شيعيا حرمة عند الله سبحانه وتعالى وقيمة عُليا في الاسلام ، والعقل والدين والعرف والحكمة تقتضي ان يتثبت في اطلاق الاحكام والتأكد من الدعاوى ، وان لا يستمع الى من تفوح منه رائحة الحسد والكره ما دام الشخص المقصود حيا وبالامكان الوصول اليه او التواصل معه .

ان هذا المقال الذي بين يديك سيناقش رأي المياحي في التصوف وموقفه منه نقاشا تفصيليا ومسهبا من خلال محاضراته وكتبه فقط فهما الشاهدان على موقفه و لا شأن لي بسواهما ولا اعتن باقوال خصومه وكارهيه وسيكون على شكل حلقات قد تزيد عن الخمس وقد ننقده في بعض المواطن وندافع عنه في اخرى والله المستعان وعليه التكلان (إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ) .

د.هادي نون
https://t.me/hadinoon9

Telegram

د.هادي نون | Dr.Hadi Noon

You have to enjoy the journey not the destination

أول الغيث !

أعجب ولا ينقضي عجبي مما أراه من ظلامة تلحق هذا الشاب اليافع الذي استقطب الشبيبة المؤمنة في العراق والوطن العربي ، وحتى هنا في بلاد اوربا ، حيث المغريات المادية وشيوع المحرمات والموبقات !

الشيخ علي المياحي الذي اخذ على عاتقه مسؤولية جر المجتمع الشاب نحو التدين بلغة بسيطة وسهلة ومفهومة عند شاب يسكن السيدية وآخر يقطن أهوار الجبايش حتى انك ترى التعليقات المؤلفة تصدح بتأثيره ، وتزغرد بأثره على المجتمع الإسلامي !

وبدلا من نصرته ومؤازرته والوقوف الى جنبه ـ حتى لو لوحظت عليه ملاحظات بسيطة ـ بدلا من كل ذلك نرى التصدي الأهوج لنفرٍ غير قليل من رجال الدين والمعممين ـ سوف اصرح باسمائهم في المقالات القادمة ـ حيث اوقفوا انفسهم لتسقيطه وتشويه سمعته والنيل منه بكل قواهم وامكانياتهم ، فتحركت الماكنة الاعلامية التي تدار من قبل المزيفين بحجج واهية واسلوب قذر وتهم لا يلصقها حتى أولاد الشوارع !

يجري هذا التسقيط بمسمعٍ ومرأى من عِلية القوم ، وكبراء المؤسسة الدينية ، حيث لم يقف أحدٌ الا القليل معه ، وعلى حد علمي فانه لا يمتلك رصيدا من العلاقات معهم ولا حتى مع الخط الثاني من الشخصيات الدينية حيث يغلق الكثير منهم بابه بوجهه مع انه ـ كما يبدو لي ـ بسيط وسهل ويظهر من شخصيته عدم التكلف ولا التصنع ولا العمل ببروتوكولات الشهرة او الشأنية المعروفة !

انني ومن موقع التكليف الشرعي اخاطب كل ذي ورعٍ ودين ، وكل انسان يعتمر عمامة سيد النبيين (صلى الله عليه وآله وسلم) ان لا يترك هذا الخطيب وحده في الميدان وان يصوب خطأه ان أخطأ فيلتقوا معه ويتحدثون وجها لوجه فينقدونه ويعلمونه ـ بدلا من تسقيطه او الوقوف على التل ـ كما اخاطب الشباب المؤمن ان يؤازروه وان يدافعوا عنه ، فقد تكون هذه ذمةٌ في رقابهم ، وتكليف شرعي في اعناقهم فإن الرجل داعية لله تعالى وللمذهب الشريف ولم تصدر منه خلة عقائدية او زلة توجب تركه في الميدان حيث يضج البلد بالمشاكل بكل الصعد .

انني ومن موقع المسؤولية وحيث ان لي مجساتي القريبة من موقع الحدث ولعلمي بكل التفاصيل والاحداث التي حصلت معه ولاحاطتي بمن يدير (خلية تسقيطه) والاسباب والدوافع والاذرع والخطوط المتقاطعة والمجموعات الذكية بناء على كل ذلك فاني سابدأ بكتابة عدة مقالات قربة لله تعالى ونصرة للدين ولن تأخذني في الله لومة لائم (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ) .

د.هادي نون
https://t.me/hadinoon9

بسم الله الرحمن الرحيم