لَم أَخشَ وأنتَ ساكِنٌ أَحشائي
إِن أَصبَحَ عَنِّي كُلُّ خِلٍّ نَائي
فالنَّاسُ إِثنانِ وَاحِدٌ أعشَقُهُ
وَالآخَرُ لَم أَحسَبهُ في الأَحياءِ.

ابن الفارض

‏"كففتُ عن الأمل؛ فأحسّست بالخفّة."

سوزان سونتاغ

الموسيقى بالنسبة لفرانز هي الفن الأكثر قرباً من الجمال الديونيسي الذي يقدّس النشوة. يمكن لرواية أو للوحة أن تدوّخنا ولكن بصعوبة. أما مع السمفونية التاسعة لبيتهوڤن، أو مع السوناتة المؤلفة من آلتيْ بيانو وآلات النقر لبارتوك، أو مع أغنية للبيتلز، فإن النشوة تعترينا. من جهة أخرى فإن فرانز لا يفرّق بين الموسيقى العظيمة والموسيقى الخفيفة. فهذا التفريق يبدو له خبيثاً وبالياً، فهو يحب موسيقى الروك وموزار على حد سواء.
الموسيقى بالنسبة له محرّرة: إذ تحرره من الوحدة والانعزال ومن غبار المكتبات. وتفتح في داخل جسده أبواباً لتخرج النفس وتتآخى مع الآخرين. كما أنه يحب الرقص إلى جانب ذلك ويشعر بالأسى لأن سابينا لا تشاركه هذا الولع.

ميلان كونديرا

رَفسَةٌ مِن فرَس
تَرَكَت في جَبينِي شَجًا
وَعلَّمتِ القلبَ أن يَحترِسْ.

أمل دنقل

- سامح طارق.
هل تشغلنا قيمتنا عند الآخرين؟
 «آلان دو بوتون» يراه قلقًا.. قلق السعي إلى المكانة؛ ذلك لأن ثمة نوعين من الحب: أحدهما نعرفه، والثاني ما تمنحه الناس. لا نحتاج الاثنين بالقدر نفسه، فالأول ينبغي له الغلبة -بطبيعة الحال- ولكن الثاني حيوي للوجود.. أن يقبلنا الناس ويخلعوا علينا التقدير.

أكان هذا صوابًا؟ يضع «دو بوتون» الحلول للخروج من المأزق، وما دام ثمة مأزق فإن الأمر معيق. معيق عن الحياة.. عن الهدوء.. عن التراضي مع الأحداث، ومؤثّر في قبول الذات. الفلسفة تحمينا من التلهّف للشفقة أو التقدير. حتى الموت يبخس في أعيننا الحياة فلا نذهب خلفها حسرات. هكذا يرى السويسري الفيلسوف.

يخيفنا الخوف من الإهمال، ويقلقنا السعي من الإخفاق. يحاصرنا الترقّب لمؤشرات الأمان: ما زلت محبوبًا.. لم أزل.. عدت مرةً أخرى.. أصبحت محبوبًا بشرطة.. مكانتي تزداد.. تنخفض بصورةٍ مقلقة.. تزداد بمعدل منخفض وأرى انخفاضها يزداد! أتقلقنا المكانة إلى هذا الحد؟!

يبدو، وربما بدا قبل هذا، أن الإشباع يأتينا من الداخل. ربما أن الوحدة لا تتعلق بالآخرين بقدر ما ترتبط بالذات! ربما نتفاوت فيما نحتاجه من الغير ولكننا نشترك في الاحتياج! أنا في الحقيقة لا أعرف الحد الفاصل، ولكنّي أعي المعيار المريح. أن تخرج من ذاتك لتحكمها، وأن تصادقها لتفهم لِمَ تحتار.

أعي أنّي أرتاح بنفسي، ولكنّها لا تمنعني عن الناس. أرتضي جوارها ولا أستيأس الدفء في ونس القلوب. أحتاج؟ ولِمَ لا؟! كلنا نحتاج وكلنا يكتفي، ولكن اكتفاءك عن الطبيعي تعالي على إنسانيتك، تمامًا كما كان التذلل للغير تدّني عن الإنسان. فعزّة في غير كِبر ترضي، وألفة بلا ذُلٍّ كِفاء.

أن تحِب وتحِب نفسك، وأن تعطي وتُمنَح بلا أي إشكال. ربما لن تقلقنا المكانة إذا أصلحنا حبلنا بالسماء وعمّرنا أطلال النفوس، فلا يستبدّ بنا العدم، ولا يصرعنا في الليل الخواء. ربما في الرضا أسرار الهدوء، وربما في النفس إسرار الكلام، فلا بأس من الحديث سويًا، ولا بأس من انتظار الأُنس المُراد، ذلك الذي يأتي لمستقر فيسعده، لا المشبع لفراغ يحتاج أي امتلاء.. فيتوه.

«الذي يحيا لا يستطيع رؤية حياته، إنه يعيشها، فإذا استطاع أحدٌ رؤيتها ومراقبتها فمعنى ذلك أنه لا يعيشها أبداً، إنه يكابد آلامها، ويجرّ أيامها كما تُجرّ الجثة الميتة. ذلك لأن كل تحجّر في صورة، في شكلٍ، معناه الموت، وهذه الحقيقة لا يعرفها إلا القليل. أمّا أكثر الناس فإنهم يقاومون ويكافحون ليضمنوا مكانةً لأنفسهم، وليصلوا إلى حالة، فإذا أدركوها اعتقدوا أنهم أدركوا حياتهم، حينئذ يبدأ موتهم».

الروائي الإيطالي لويجي بيرانديلو - تمرّد من مجموعة قصصية بعنوان «قصص إيطالية»

“We have two ears and one mouth so that we can listen twice as much as we speak.”

Epictetus

الجِسمُ وَالرَوحُ مِن قَبلِ اِجتِماعِهِما
كانا وَديعَينِ لا هَمّاً وَلا سَقَما
تَفَرُّدُ الشَيءِ خَيرٌ مِن تَأَلُّفِهِ
بِغَيرِهِ وَتَجُرُّ الأُلفَةُ النِقَما.

المعري

The first key to leadership is self-control.

Jack Weatherford, Genghis Khan and the Making of the Modern World