ومن يطلب الطلاق فليرحل من هذا البيت
فليذهب إلى أسياده في واشنطن وفي تلأبيب

"قال بعض الرواة:
فوالله! ما رأيت مكثورا قط قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشا منه!
وإن كانت الرجال لتشد عليه فيشد عليها بسيفه، فتنكشف عنه انكشاف المعزى إذا شد فيها الذئب!
ولقد كان يحمل فيهم، ولقد تكملوا ثلاثين ألفا، فيهزمون بين يديه كأنهم الجراد المنتشر، ثم يرجع إلى مركزه، وهو يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله"

نحن ننتمي إلى هذه المدرسة التي لا تقاتل فيها الروح لله خالصةً إلّا إذا كانت حسينيّة، ربنا أفرغ علينا صبرًا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين

موقف نافع بن هلال، فقد ورد أنَّ الإمام الحسين(عليه السلام) خرج ليلاً، فإذا بنافع خلفه، فقال له الإمام الحسين(عليه السلام): "يا نافع، مَنْ أخرجك في هذا الليل؟"، فأجابه: سيِّدي أزعجني خروجك ليلاً إلى جهة هذا الباغي، فقال له الإمام الحسين(عليه السلام): "خرجت أتفقّد هذه التلعات، مخافة أن تكون مكمَناً لهجوم الخيل على مخيّمنا يوم يحملون وتحملون"، ثمّ رجع الإمام (عليه السلام) قابضًا على يساره وقال له: "يا نافع، ألا تسلك بين هذين الجبلَيْن، وانجُ بنفسك"، فأجابه نافع: "سيّدي، إذن ثكلت نافعًا أمُّه، إنّ سيفي بألف وفرسي بمثله، فوالله الذي منَّ عليّ بك في هذا المكان لن أفارقك حتّى يكِلَّا عن فري وجري"

الله..الحسين.. الحب لم أبحث خلال عمري الذي قضيته عن شيء بقدر ما بحثت عن الحب.. بحثت عنه كأنني طفله التائه الذي كبر ليستعيد أصله، ومررت ولم أزل على الطريق الشائك الجميل، بإخفاق ونهوض مستمرّين، كأنني ابراهيم الذي انجذب للقمر والكواكب ومن ثم للشمس ولم أصل مثله…

الله..الحسين.. الحب

لم أبحث خلال عمري الذي قضيته عن شيء بقدر ما بحثت عن الحب..
بحثت عنه كأنني طفله التائه الذي كبر ليستعيد أصله، ومررت ولم أزل على الطريق الشائك الجميل، بإخفاق ونهوض مستمرّين، كأنني ابراهيم الذي انجذب للقمر والكواكب ومن ثم للشمس ولم أصل مثله بعد لكي أوجه وجهي للذي فطر السماوات والأرض.
وتعلقت كثيراً، تعلقت كأنني زليخة التي شغفها ظاهر يوسف ثلاثين عاماً لم تُعقِب لها إلا العمى، حتى أولدتها الخطيئة من رحم السراب والذنب، عاشقةً موحدة لمن كان كلُّ جمال يوسف مرآة صغيرة لخالٍ في وجهه.. لكنني لم ازل في طريقي إليه، زليخة العمياء التي لا زالت عجوزاً.. ولم تصل بعدُ لصاحب الخال..

بحثت عند أهلك يا صديقي، فوجدت ان العرفاء ينسبون لك سبب الوجود ويساوونك مع الرحمة، ويقولون أن سَرَيان الحبّ والرحمة في الوجود هو سبب الوجود وسبب استمراره..
وسمعتهم يقولون أن الله كان ولا شيء ، فأحبَّ أن يُعرَف، فخلق الخلق لأنه أحب، فكانت المحبة حقيقة إلهية وسببًا في الظهور والتعرّف وأنك أصل سبب وجود العالم، وبك وقع التنفّس، تنفسَ الله فخُلِقَ الخلق، وأظهر العالَمُ نَفَس الرحمن..وعندما ظهر، أحب المُظهِرُ نفسه لما رآها في المَظهَر..فأكمل وأكمل وأكمل
وسرى الحب في الوجود، ولم يزل سارياً.. لكي يستمر معه كل شيء حي..
علمت انك هكذا لكن لم أجدك كما علمت، بل في كل مرة لم يكن ما وجدته يربطني بمعناك، حتى ظننتك كذبةً كبيرة توهمها العاشقون، أو مرتبة خاصة هي فقط لمن هم في الدرجات العالية، لا لمن هم مثلي من فقراء الحال، وبقي الفرق فيما قلت وما سأقول، هو الفرق بين من تعلّم الطيران في الكتاب، وبين من حلّق حقاً في السماء.

في كل مرة توهمتك بها كان يبرد الشوق عند اللقاء، وكل شوق يبرد باللقاء لا يعوّل عليه،
وفي كل مرة لم تكن المحبة التي أجدها تمحق الإرادة، وكل محبة لا يُؤْثِر صاحبها إرادة محبوبه على إرادته لا يُعوَّل عليها
وفي كل مرة كانت نفسي حين تحب تطلب، وكل حبّ يكون معه طلب لا يُعوَّل عليه
وفي كل مرة، كنت أبقى، وكل حب لا يُفني لا يعوّل عليه
حتى قيل أنك تسكن في صحراء بعيدة، قربها نهر يسقيه السكارى بدموعهم ويغتسلون به..
فقصدتك كما قالوا، ورايتك أولاً في عيون غيري من الذين يعيشون في غمارك
فأحببتُ من أحبوك، متمسحاً بغبار أقدامهم، لأنني لم أجد نفسي أهلاً لك
رايتك في شوق القلوب إليك
شوق لم يبرد باللقاء
واستسلام دون ارادة لسحر الجمال
وفناء في فناء
وانتفاء لكل الأسباب التي تنقطع
وكانما سريان الحب الذي يبقي الوجود موجوداً، هو سريان الدموع عليك، سريان الفرات إليك، سريان الجموع إليك..
وكأن قلبك الذي خرج مع السهم المثلث من ظهرك، هو قلب هذا الوجود، نزعته وأعطيته إياه ليبقى حياً..

تفكرت في الحب سنوات عمري، وكتبت القصائد والشعر والنصوص، ولاحقته في البلاد، حملت لأجله بندقية، وسهرت لأجله ليالٍ، وانقطعت عن الطعام أياماً، وصرفت عليه جهدي وقلبي ووقتي وعزمي وروحي، لكي أصل إليه، وأغرق به
لكنني كنت ابراهيم الذي ضيّعه القمر، وزليخة التي أوصلها السراب للعمى..
ولم أعلم من قبل أن أصل إلى هنا، أن اسم الحب عند الله "حسين"
فقط حسين..
وأن الجمال والمَظهَر الذي كلما رآه الله، أحب نفسه أكثر، هو خصلات شعره المخضبة بالدم من فوق رمح طويل لأنها على صورته الأحلى.. رحيمٌ دونما حدود.. يسري في عروق الوجود هو، فيعطي الحياة..
وان أهل عرفانه، هم أهل ملح الدموع، ببساطتها وصعوبتها السهلة وصدقها، وأن علامة الحب الأولى، لا الشعر ولا القصائد، بل تشقق في القدمين من أثر المشي، وحمرة في العيون من أثر الدموع..
وأن الدين هو الحسين، والحسين هو الحب، وما الدين إلا الحب..

روي أن جماعة وفدوا على الإمام الباقر من شيعته من خراسان وفيهم رجل اسمه زياد الأسود وقد تشققت رجلاه من المشي، فقال (عليه السلام) له: ما هذا يا زياد؟ فذكر له زياد انه مشى على قدميه عامة الطريق لأن بعيره لا يقوى على حمله، فرقّ الإمام عليه السلام لحاله وبكى وقال له: أنت والله معنا فقال زياد مستعجبا: معكم يابن رسول الله فقال عليه السلام نعم يا زياد ما أحبّنا عبدٌ إلا حشره الله معنا، وهل الدين إلا الحب..

عمّار الكوفيّ
#سرّ