للاعلان أو طلب التمويل تواصل مع : @ADSALLCARTOONARABICBOT
لو كان في عطل أو خربطه في الحلقات كلمنا @Cartoonlol_bot
Last updated 4 weeks, 1 day ago
يا حُباً تمكن من قلبي.
Last updated 1 year, 3 months ago
Last updated 1 year, 1 month ago
شاهدتهم يهربون من العزة كي لا تكلفهم درهماً، وهم يؤدون للذل ديناراً أو قنطاراً، شاهدتهم يرتكبون كل كبيرة ليرضوا صاحب جاه أو سلطان، ويستظلوا بجاهه أو سلطانه، وهم يملكون أن يَرْهَبَهم ذوو الجاه والسلطان! لا ، بل شاهدت شعوباً بأَسْرِها تُشْفِقُ من تكاليف الحرية مرة، فتظل تؤدي ضرائب العبودية مرات، ضرائب لا تُقَاس إليها تكاليف الحرية، ولا تبلغ عُشْرَ مِعْشَارِها، وقديماً قالت اليهود لنبيها « يا موسى إن فيها قوماً جبارين وإنا لن ندخلها أبداً ماداموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هنا قاعدون » فأَدَّتْ ثمن هذا النكول عن تكاليف العزة أربعين سنة تتيه في الصحراء، تأكلها الرمال، وتذلها الغربة، وتشردها المخاوف…. وما كانت لتؤدي معشار هذا كله ثمناً للعزة والنصر في عالم الرجال.
إنه لابد من ضريبة يؤديها الأفراد، وتؤديها الجماعات، وتؤديها الشعوب، فإما أن تؤدى هذه الضريبة للعزة والكرامة والحرية، وإما أن تؤدى للذلة والمهانة والعبودية، والتجارب كلها تنطق بهذه الحقيقة التي لا مفر منها، ولا فكاك.
فإلى الذين يَفْرَقُونَ من تكاليف الحرية، إلى الذين يخشون عاقبة الكرامة، إلى الذين يمرِّغُون خدودهم تحت مواطئ الأقدام، إلى الذين يخونون أماناتهم، ويخونون كراماتهم، ويخونون إنسانيتهم، ويخونون التضحيات العظيمة التي بذلتها أمتهم لتتحرر وتتخلص.
إلى هؤلاء جميعاً أوجه الدعوة أن ينظروا في عبر التاريخ، وفي عبر الواقع القريب، وأن يتدبروا الأمثلة المتكررة التي تشهد بأن ضريبة الذل أفدح من ضريبة الكرامة، وأن تكاليف الحرية أقل من تكاليف العبودية، وأن الذين يستعدون للموت توهب لهم الحياة، وأن الذين لا يخشون الفقر يرزقون الكفاية، وأن الذين لا يَرْهَبُون الجاه والسلطان يَرْهَبُهم الجاه والسلطان.
ولدينا أمثلة كثيرة وقريبة على الأذلاء الذين باعوا الضمائر، وخانوا الأمانات، وخذلوا الحق، وتمرغوا في التراب ثم ذهبوا غير مأسوف عليهم من أحد، ملعونين من الله، ملعونين من الناس، وأمثلة كذلك ولو أنها قليلة على الذين يأبون أن يذلوا، ويأبون أن يخونوا، ويأبون أن يبيعوا رجولتهم، وقد عاش من عاش منهم كريماً، ومات من مات منهم كريما .نهاية المقال
وبعد 14 سنة من كتابة هذا المقال في 1966 استشهد سيد قطب وتم اعدامه شنقا في السجن مع بعض رفاقه في عهد جمال عبدالناصر فلقد عاش سيد قطب كريما ومات كريما والذل الهوان لمن قام وساعد في شنقه, ورحم الله الشاعر حين قال:
قد مات قوم وما ماتت فضائلهم وعاش اقوام وهم في الناس اموات
فحسبنا الله ونعم الوكيل
جواد عبد المحسن
يونيو 02, 2019
ضريبة الذل
ذكر الكاتب الإسلامي المعروف: فهمي هويدي أن سيد قطب – رحمه الله كتب هذه المقالة في منتصف يونيو 1952م ، وبعدها بخمسة أسابيع قامت ثورة يونيو1952.
ولا أدري أكانت هذه المقالة تحذيرا مما هو آت ، أم تحذيرا مما هو قائم ، أم منهما معا؟
وقبل أن أسوق مقال سيد قطب أسوق كلمات لفهمي هويدي في آخر مقالة له بعنوان [آفاق الغضب والحيرة في مصر]
قال: " إن كثيرين من الناشطين في الحياة السياسية أصبحوا يترددون في دفع ضريبة استعادة الحرية، التي هي مكلفة في كل أحوالها. وتكون النتيجة أن ترددهم هذا يطيل من أجل الاستبداد، فيدفعون في ظل الذل ثمنا من حاضرهم ومستقبلهم أضعاف ما كان يتعين عليهم دفعه لاستعادة حريتهم.
ولست أنسى أن الشهيد سيد قطب رحمه الله كان قد كتب مقالة ساخنة بهذا المعنى في منتصف شهر يونيو عام 1952 كان عنوانها «ضريبة الذل». وشاءت المقادير أن تنطلق ثورة يوليو/تموز بعد ذلك بخمسة أسابيع. إذا سألتني ما العمل ومن أين يأتي الأمل، فردي أنه ليس لها من دون الله كاشفة.
وإليكم مقال سيد قطب وسقت كلام هويدي لامانة النقل فقط........
بعض النفوس الضعيفة يخيل إليها أن للكرامة ضريبة باهظة، لا تطاق، فتختار الذل والمهانة هرباً من هذه التكاليف الثقال، فتعيش عيشة تافهة، رخيصة، مفزعة، قلقة، تخاف من ظلها، وتَفْرَقُ من صداها، « يحسبون كل صيحة عليهم » ، « ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ».
هؤلاء الأذلاء يؤدون ضريبة أفدح من تكاليف الكرامة، إنهم يؤدون ضريبة الذل كاملة، يؤدونها من نفوسهم، ويؤدونها من أقدارهم، ويؤدونها من سمعتهم، ويؤدونها من اطمئنانهم، وكثيراً ما يؤدونها من دمائهم وأموالهم وهم لا يشعرون.
وإنهم ليحسبون أنهم ينالون في مقابل الكرامة التي يبذلونها قربى ذوي الجاه والسلطان حين يؤدون إليهم ضريبة الذل وهم صاغرون، ولكن كم من تجربة انكشفت عن نبذ الأذلاء نبذ النواة، بأيدي سادتهم الذين عبدوهم من دون الله، كم من رجل باع رجولته، ومرغ خديه في الثرى تحت أقدام السادة، وخنع، وخضع، وضحى بكل مقومات الحياة الإنسانية، وبكل المقدسات التي عرفتها البشرية، وبكل الأمانات التي ناطها الله به، أو ناطها الناس …
ثم في النهاية إذا هو رخيص رخيص، هَيِّنٌ هَيِّن، حتى على السادة الذين استخدموه كالكلب الذليل، السادة الذين لهث في إثرهم، ووَصْوَصَ بذنبه لهم، ومرغ نفسه في الوحل ليحوز منهم الرضاء !
كم من رجل كان يملك أن يكون شريفاً، وأن يكون كريماً، وأن يصون أمانة الله بين يديه، ويحافظ على كرامة الحق، وكرامة الإنسانية، وكان في موقفه هذا مرهوب الجانب، لا يملك له أحد شيئاً، حتى الذين لا يريدون له أن يرعى الأمانة، وأن يحرس الحق، وأن يستعز بالكرامة، فلما أن خان الأمانة التي بين يديه، وضعف عن تكاليف الكرامة، وتجرد من عزة الحق، هان على الذين كانوا يهابونه، وذل عند من كانوا يرهبون الحق الذي هو حارسه، ورخص عند من كانوا يحاولون شراءه، رخص حتى أعرضوا عن شرائه، ثم نُبِذَ كما تُنْبَذُ الجيفة، وركلته الأقدام، أقدام الذين كانوا يَعِدُونه ويمنونه يوم كان له من الحق جاه، ومن الكرامة هيبة، ومن الأمانة ملاذ.
كثير هم الذين يَهْوُونَ من القمة إلى السَّفْح، لا يرحمهم أحد، ولا يترحم عليهم أحد، ولا يسير في جنازتهم أحد، حتى السادة الذين في سبيلهم هَوَوْا من قمة الكرامة إلى سفوح الذل، ومن عزة الحق إلى مَهَاوي الضلال، ومع تكاثر العظات والتجارب فإننا ما نزال نشهد في كل يوم ضحية، ضحية تؤدي ضريبة الذل كاملة، ضحية تخون الله والناس، وتضحي بالأمانة وبالكرامة، ضحية تلهث في إثر السادة، وتلهث في إثر المطمع والمطمح، وتلهث وراء الوعود والسراب ….. ثم تَهْوِي وتَنْزَوِي هنالك في السفح خَانِعَةً مَهِينَة، ينظر إليها الناس في شماتة، وينظر إليها السادة في احتقار.
لقد شاهدتُ في عمري المحدود – ومازلت أشاهد – عشرات من الرجال الكبار يحنون الرؤوس لغير الواحد القهار، ويتقدمون خاشعين، يحملون ضرائب الذل، تثقل كواهلهم، وتحني هاماتهم، وتلوي أعناقهم، وتُنَكِّس رؤوسهم …. ثم يُطْرَدُون كالكلاب، بعد أن يضعوا أحمالهم، ويسلموا بضاعتهم، ويتجردوا من الحُسنَيَيْن في الدنيا والآخرة، ويَمضون بعد ذلك في قافلة الرقيق، لا يَحُسُّ بهم أحد حتى الجلاد.
لقد شاهدتهم وفي وسعهم أن يكونوا أحراراً، ولكنهم يختارون العبودية، وفي طاقتهم أن يكونوا أقوياء، ولكنهم يختارون التخاذل، وفي إمكانهم أن يكونوا مرهوبي الجانب، ولكنهم يختارون الجبن والمهانة ….
ومن مثل هذه المشاعر الكثير حتى تبلد إحساس الناس وفقدوا شعورهم بالعزة بالإسلام والعيش به ومن أجله ومن أجل رفعته وقوة سلطانه أو على الأقل فقد الإحساس بوجوب التغير وانتشرت مشاعر القدرية الغيبية انتشاراً فظيعاً واعتبروا أن ما حصل لهم وما هم فيه هو قدرهم وعليهم الرضى بما قسم الله كما انتشرت فكرة انتظار المهدي الموكل إليه أمر التغيير فلا بد من أن تملأ الأرض فسقاً وجوراً حتى يسارع ظهوره كما بدأت فيه بعض مشاعر الوطنية أو القومية أو المذهبية أو الطائفية .
وأما أثر العصر الهابط على النظام أو على القائمين عليه .
فإن النظام لم يجر عليه أي تغيير يذكر عدة قرون ولو أنه كان بداية لتغيير بعض القواعد الأساسية فيه وإدخال بعض المفاهيم الغربية عنه وكان السبب في ذلك هو الضعف الشديد الذي طرأ على أذهان المسلمين في فهم الإسلام لإهمال شأن اللغة العربية التي هي لغة الإسلام واللغة التي لا يفهم الإسلام إلا بها. كما أدى غلق باب الاجتهاد إلى أخذ أحكام النظام نصوصاً جامدة قصرت عن متابعة مشاكل العصر ومعالجة النظام لها .
مما جعل القائمون على النظام يشعرون أنهم بحاجة إلى بعض القواعد والقوانين لمعالجة مشاكل العصر . وقد ساعد في ذلك تلك الفتوى التي أصدرها شيخ الإسلام والقائلة (( إن ما لا يخالف الإسلام فهو من الإسلام )) مما أدى إلى إدخال العديد من القواعد والتشريعات من الفقه الروماني أو الفرنسي إلى أنظمة المسلمين بحجة أنها لا تخالف الإسلام فهي من الإسلام .
مع أن الإسلام هو ما جاء به محمد رسول الله ( وحياً من عند الله . إما لفظاً ومعنى وهو القرآن وإما معنى عبر عنه الرسول بألفاظ منه أو بأفعال منه أو بسكوت عن عمل في معرض النطق. وما يمكن أن ينبثق عن تلك النصوص - قرآناً أو أحاديث- من نظم وما يستنبط منها من أحكام( هذا هو الإسلام) وليس هو ما لا يخالف الإسلام .
فالعبرة في مصدر الشيء لا في موافقته أو مخالفته فجواز الملكية الفردية في النظام الرأسمالي لا يعني أنها من الإسلام فهي لا تخالفه لأنه يبيح التملك فحرية الملكية في النظام الرأسمالي حكم كفر ونتاج عقلي .
وإباحة التملك في الإسلام حكم شرعي دليله النص الذي جاء به الوحي فالعبرة إذن في مصدر الشيء لا في منطوقه ولا في مدلوله ولا في النتيجة التي يوصل إليها ولا في موافقته أو مخالفته .
هذا من حيث الأثر على النظام .
أما من حيث أثره على القائمين على النظام . فإنه واضح من تصرفاتهم وتطبيقهم للنظام . فإنهم من هذا المجتمع نفسه بما فيه من أمراض وعلل فلم يكونوا أحسن حالاً من جمهرة الناس من حيث الفهم والوعي وإدراك المسؤولية حتى الأتقياء والمؤمنون منهم فقد اتجهوا إلى الناحية العسكرية والقوة المادية هذا في أحسن أحوالهم جاهلين ما يجب أن يكون وراء كل قوة عسكرية من نهضة فكرية ووعي على الواقع حتى تكون الأمة كلها وراء كل قوة عسكرية وبذلك عزلت الدولة والنظام عن المجتمع وأصبح النظام والقائمون عليه وأعوانهم في نظر الأمة شيئاً والأمة شيء آخر ثم ازدادت العزلة حتى تحولت إلى عداء وكراهية وبادلهم الحكام وأعوانهم هذه الرؤية حتى أمست حقيقة وأخذ كل منهما يتصرف مع صاحبه بناء على هذه النظرة فالحكام وأعوانهم أرادوا فرض احترامهم وتقديرهم وتنفيذ أوامرهم بقوة السلاح مستعملين كل وسائل الضغط والإرهاب فأساءوا في تطبيق كليات النظام وجزئياته وأرهقوا الأمة بما يشاءون من ضرائب فعاشت الأمة في ذعر من حكامها يقول الشخص لرفيقه أنجسعد فقد هلك سعيد .
إن هذا الواقع الذي سار عليه القائمون على النظام سهل على من يريد هدم هذا الكيان وجعل الأمة تبحث عمن تلتف حوله لهدم هذا الكيان معتبرة ذلك سبيل النجاة وطريق الخلاص .ولذلك وبمساعدة أولئك النفر الذين تلقوا ثقافتهم في لندن وباريس والذين باعوا أنفسهم للشيطان طمعاً في حكم أو تحقيقاً لمنصب أو نوالاً لمصلحة استطاع الغرب أن يحرك الأمة بواسطة هؤلاء وأن يهدم الخلافة ويمزق الأمة ويحتل بلاد المسلمين مصوراً للناس أنه هو المخلص لهم من ظلم الأتراك وجبروتهم وقطع أوصال البلاد ليقيم فيها دولاً كرتونية هزيلة وينصب عليها عملاءه وصنائعه حكاماً ينفذون له ما يريد ويحققون له ما يبتغي.
من كتاب النهضة لحافظ صالح ( رحمه الله )
وحدة الأمة الإسلامية:
…ومن الأباطيل التي يروجها أهل الباطل فكرة استحالة وحدة الأمة الإسلامية، وذلك بهدف تيئيس الناس من هذه الحقيقة، وإذا يئس الناس من تحقيق أمر فإنهم لن يعملوا له وسيرضون بغيره وبما هو دونه.
ولذلك أمعن حكامنا في التضليل والتقتيل، وأثاروا النزاعات والعداوات بين المسلمين، وغذوا أفكار التجزئة تحت اسم الاستقلال وتقرير المصير، وصارت الأمة الإسلامية مزقاً وقطعاً عربية وتركية وفارسية...
وتعددت الولاءات بثقافات وأصول مختلفة فرعونية وفينيقية وغير ذلك. وأثاروا أباطيل من ترهاتهم وجهلهم سموها فكراً وتنظيراً، مثل أن المسلمين تتعدد لغاتهم وتتعدد أصولهم العرقية والقومية، وتختلف مشاكلهم وقضاياهم التي أمعن الشياطين في افتعالها وتغذيتها، وتدخلوا لتكريس الانقسام والقضاء على فكرة الوحدة بحجج مثل حل النزاع، وحقوق الإنسان وحق تقرير المصير والديمقراطية وما شاكل ذلك مما لا يحتاج إلى بيان.
…وإن ما يجب أن يدركه كل مسلم ويعمل على أساسه هو أن الأمة الإسلامية أمة واحدة مهما اختلفت أعراقها أو لغاتها ومهما بلغ تعدادها، فهذه حقيقة وهي أمر واجب شرعاً.
وإذا كان ذلك غير متحقق الآن، وتحول دونه عقبات، فالواجب العمل على تحقيقه وإزالة كل عقبة في سبيله.
وإذا كان بعض المسلمين أو كثير منهم قد خُدعوا وحُمِّلوا أفكاراً تحمل على التباغض والتباعد، فيجب الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لإزالة هذه الأباطيل والأضاليل، ولغرس الأفكار الإسلامية الصحيحة.
يقول تعالى: { واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا } (سورة آل عمران 103).
ويقول: { إنما المؤمنون إخوة } (سورة الحجرات 10).
ويقول: { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } (سورة الحجرات 13).
ويقول: { وإنّ هذه أمتُكم أمةً واحدةً وأنا ربكم فاتقون } (سورة المؤمنون 52).
وإذا كان الدين واحداً والملة واحدةً، والدين عقيدة وشريعة تتناول كافة شؤون الفرد والجماعة، فهذا يجعل المسلمين أمةً واحدةً حتماً وآلياً.
روى أحمد في مسنده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المسلمون من قريش ويثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم أمة واحدة من دون الناس»
وقال - صلى الله عليه وسلم -: «مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثلُ الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» (متفق عليه)،
وقال: «المسلمون كرجل واحد إن اشتكى عينُه اشتكى كلُّه، وإن اشتكى رأسُه اشتكى كلُّه» (رواه مسلم)،
وقال - صلى الله عليه وسلم -: «أيها الناس ألا إنّ ربكم واحد وإنّ أباكم واحد، ألا لا فضلَ لعربي على عجمي ولا عجمي على عربي ولا لأسود على أحمر ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى. ألا هل بلَّغتُ ؟ قالوا: نعم. قال: فليبلِّغ الشاهدُ الغائبَ» (ذكره القرطبي في تفسيره وقال خرّجه الطبري)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «... المسلم أخو المسلم لا يخذله ولا يحقره، التقوى ههنا (ويشير
إلى صدره ثلاث مرات) بِحَسْبِ امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه» (رواه مسلم وأخرجه ابن ماجه)،
ويقول - صلى الله عليه وسلم - عن العصبيات القبلية والوطنية والقومية وأمثالها: «دعوها فإنها منتنة» (رواه مسلم).
وغير ذلك من شواهد النصوص والأحوال.
ولكن أهل الباطل والضلال يريدون القضاء على أمتنا فينصحوننا مثل نصيحة إبليس لآدم، وقد أخبرنا الله تعالى عنهم بقوله: { إن تمسسكم حسنة تسؤهم، وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها } (سورة آل عمران 120).
وبقوله: { قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينّا لكم الآيات إن كنتم تعقلون } (سورة آل عمران 118).
ونحن نلمس ونعاني مما آل إليه أمرنا في ظل هيمنتهم واستبداد عملائهم بنا.
…فنحن نُذبَح ونُشرَّد أفراداً وجماعات، ولا يجد المسلم قدرةً أو حيلة لتقديم العون لأخيه على بعد كيلومترات أو أمتار منه، يستضعفنا من شاء من الأنذال والأرذال في فلسطين ولبنان وسورية والعراق والبوسنة والهرسك وكوسوفا والشيشان وإندونيسيا وأوزبيكستان وغيرها، والحبل على الجرار إن لم نغير الحال.
وتنقل لنا أنظمتنا وأجهزتها أخبار مذابحنا ومشاهدها وكأن لا علاقة للمسلمين ببعضهم.
والله تعالى يقول: { والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض } (سورة التوبة 71).
ويقول: { وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر } (سورة الأنفال 72).
…على المسلمين في كل أنحاء العالم أن يدركوا ويؤمنوا بحقيقة أن المسلمين أمة واحدة من دون الناس.
وأن يتمسكوا بهذه الحقيقة الشرعية والحتمية، وأن يعملوا على أساسها وأن ينبذوا كل أساس آخر مهما كان الأمر ومهما كلف الثمن.
أما أعداء دين الله من الذين كفروا ومن عملائهم وأذنابهم وجواسيسهم ومخابراتهم فهم موتورون مهزومون،
{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ } (الأنفال 36)
{ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ } (محمد 1)
{ مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } (العنكبوت 41).
…واصبر أخي المسلم { فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ } (غافر 55)
وقرر في نفسك موقفاً ثابتاً، تصدق فيه مع نفسك ومع الله سبحانه وتعالى: { إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ - وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ } (الأعراف 196-197).
{ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ - وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انتِقَامٍ - وَلَئِنْ سَأَلتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ }
(الزمر 36-38)
إنه الإسلام وحده من يملك هذا التصور الكامل، فهل يعي الغربيون ذلك ويتخلصون من إسار الفكر الغربي الفاني الآني الأناني ويعيشون رحابة الفكر الإسلامي وامتداد أثره إلى ما بعد الحياة؟.
[1] بتصرف، عن محاضرة للأستاذ أحمد القصص بعنوان: مفهوم السعادة في الإسلام، إصدارات رابطة الوعي الثقافية،بيروت.
[2]مشكلة الشر ووجود الله، د. سامي عامري ص 26
[3]السلام العالمي والإسلام، سيد قطب، ص 8
(ثائر سلامة )
إنما مثل الحياة؛ بمسارها المهني، وبمالها، وببنيانها، وبمتعها الحسية والمعنوية، ومثل الإنسان يحيا تلك الحياة، كالماء بالنسبة للسمكة، تسبح فيه، ولا تدرك أنه المحيط من حولها، فهي تعيش.
إلا إنها لن تستطيع أن تبلغ أن تكون الحياة بالنسبة لها هي المحيط بعجائبه وبجماله الأخاذ، وبتوازنه وتنوعه واستعداداته لاستقبالها لتعيش في كنفه، فهي وإن كانت سمكةً شفافةً صغيرةً، إلا إنها قادرة على العيش على أعماق لا يستطيعها الإنسان بدون آلات قادرة على تحمل الضغوط الهائلة عليها، لكنها لم تدرك ذلك، واقتصرت «حياتها» على الانشغال عنه بإشباع جوعاتها، واتقاء أعدائها، فلم تحفل بتأمل ذلك الجمال الأخّاذ للمحيط، وتدبّر تهيئته – على ضخامته – ليكون حاضنة لها، وتهيئتها هي لتتمكن من العيش فيه، ولا بتدبُّر دورها في ذلك التوازن العظيم، لم تتأمل في صلتها بالوجود، وصلة الوجود بها؛ لتدرك الغاية من وجودها، والهدف والمعنى الذي يترتب على ذلك، وكذلك الإنسان الذي يعيش يومه كأمسه في تلك المتاهة، دون تأمل وتفكر وتدبر وإدراك!
وليس من طبع الحياة تمام نعيمها، فإنما يتقلب الإنسان من محنة إلى منحة، ومن نعيم إلى شقاء، ومن سعادة إلى كدر، بل فوق ذلك، قد يتطور الأمر بمن شقي وانكسرت روحه، وخوى قلبه، فيرتكس في حال من التعاسة والإجهاد النفسي، والقلق والاكتئاب، والإحباط؛ وبعض من وصلت بهم الحال لهذا، كانوا في قمة مجدهم، وعطائهم، وشهرتهم، وغناهم، إلا أن نفوسهم خلت من السعادة القائمة على الطمأنينة، والإيجابية، وعلى السلام الداخلي، والراحة النفسية، وعلى الإيمان، بدلًا من تلك السعادة الآنية القائمة على إشباع الغرائز والحاجات العضوية بأقصى درجة، وعلى إطلاق الحريات وخصوصًا الحرية الشخصية، تلك «السعادة» الآنية التي تتأسس على أنها «المتعة» أو «النشوة»، أو «الرفاهية» وتحقيق القيم المادية وحدها، فهذه سعادة لا تفضي إلى الطمأنينة، إذ إنها تغفل القيمة الروحية، وتغفل التوازن في إشباع الغرائز والحاجات العضوية بين تحقيق القيم الإنسانية والروحية والمادية والخلقية. فالسعادة الحقيقية، والطمأنينة ناشئة عن نمط العيش الذي يحقق التوازن في تنظيم حياة الإنسان، ناشئة عن تحقيق الإنسان لحياة فيها هدف، فيها «معنى» يعيش لأجله.
يقول عالم الأعصاب والمحلل النفسي النمساوي (فكتور فرنكل) (Vector Frankl): «لدى الكثير من الناس اليوم وسائل تمكنهم من العيش، غير أنهم يفتقدون معنى يعيشون لأجله[2]».
حين يطرح الذين اكتووا بنار الحضارة الغربية على أنفسهم هذا السؤال، وتكشف عنهم تلك الغلالات الرقيقة فإنهم حتمًا سيدركون وقتها أنهم ما عاشوا سعداء، وأن السعادة الحقيقية ليست تلك المسرات الآنية التي عايشوها من وقت لآخر!.
وإذا ما قسنا عمر الإنسان الفرد، ونظرنا إلى أيامه التي يقضيها في هذا الوجود، قياسًا إلى عمر الكون، وإلى الأبد، وجدناها لحظات قليلة، كلمحٍ بالبصرِ، مع أنه يحب الخلود، فلا بد إذن من صلة بينه وبين سر الوجود، تربطه به بوشائج قربى وعرى لا تنفصم.
فكما أن لوجوده غاية ومعنى ينبغي وضع اليد عليها، فإنها ولا شك امتداد لغاية وجود الوجود نفسه، كيف لا، وقد شاهدنا بأم العين أنه تم ضبط الخصائص العامة لكوكب الأرض كي يستقبل الحياة، ضمن نظام دقيق من التوازن البيئي، وتم ضبط قوانين الطبيعة وقيم الثوابت والشروط الحدية للكون من أجل استقبال الحياة، لقد تهيَّأ الكون إذًا لاستقبال هذا الإنسان، وتمت تهيئة الإنسان نفسه بأجهزته وقدراته ليعيش هذه الحياة على هذا الكوكب، فلا بد إذًا من إدراك وشائج القربى والعرى بين غاية الوجود وغاية الإنسان، ولا ينسجم تصوّر أن تكون خطة الوجود الكبرى هذه من أجل لحظةٍ كلمحٍ بالبصرِ ثم يختفي الإنسانُ – العاقل المفكر – من مسرح الوجود، بل يقتضي التصوّر الصحيح أنه لا بد من حياة أخرى يبعث فيها ذلك الإنسان، تكون امتدادًا لتصوراته وأعماله واعتقاداته التي قام بها في حياته الدنيا.
هذا التصور المتكامل «هو وظيفة العقيدة الدينية الصحيحة، وذلك أثرها في النفس وفي الحياة …
وما تملك عقيدةٌ أخرى غيرها أن تصل الكائن الفاني بقوة الأزل والأبد، وأن تمنح الفرد الضعيف ذلك العون والسند»[3]،
وهي توفر للإنسان معينًا لا ينضب في مواجهة كدر العيش، ومحن الحياة، نابع من الإيمان الحقيقي النابع عن فكر عقدي صحيح مبني على الأدلة والبراهين، التي تملأ الجوانح إيمانًا ورضًا وتسليمًا، قائمٍ على صلة حقيقية بخالق الكون والإنسان والحياة، ومدبر أمرها، في ظل فهمٍ دقيق لتنظيم الحياة وفقًا لمسؤولياتٍ تقع على الإنسان فيها، في ضمن نظامٍ سَخَّرَ اللهُ فيه للإنسان ما يلزمه للقيام بتلك المسؤوليات على أتم وجه، تلك الصلة تجعل الإنسان ينظر دائمًا إلى كل صروف الدهر ومسرات الحياة ومُكدِّراتها، بإيجابية وأمل ورجاء، ومن امتلك ذلك الإيمان، واجه به كل مسبِّبات الاكتئاب والقلق والإحباط، فنفاها من حياته، وعاش بقلب سليم!
وهذا لا يعني أن الناس لا يعيشون لحظات حياتهم في مسرات وهناء، إذ يتمتعون بمناظر جميلة ونزهات لطيفة، ولكن المعنى أن توجد السعادة الحقيقية الناشئة عن التوازن في تنظيم حياة الإنسان، والطمأنينة الناشئة عن نمط العيش، وعن التفسير الصحيح لمعنى الحياة، إذ إن نقيض السعادة هو الشقاء، فالنظام الذي لا ينصف المجتمع سيجعل جُلَّه شقيًا وإن كانت لديهم لحظات مسرّات مؤقتة!
في برنامج على راديو السي بي سي الكندي، استضاف الفيلسوف لي ماكنتاير Lee McIntyre والذي كانت له تجربة فريدة، حيث نصب في محطةٍ لقطار الأنفاق في نيويورك طاولةً وضع عليها لوحة كتب عليها: اسأل الفيلسوف!
وبعد مضي بعض الوقت توقفت امرأة في عقدها السادس وعلى وجهها كل ملامح الجدية، وخلعت معطفها، والشال الذي يغطي رقبتها، وقالت في حزم: أنا امرأة في العقد السادس من عمري، متقاعدة عن العمل براتب مريح، لدي درجة علمية هي الماجستير، لا يوجد عندي أسرةٌ، فأنا مطلقةٌ، وقد نهضتُ مؤخرًا من سرير الشفاء بعد عمليةٍ خطيرةٍ بقيت ندوبُها في رقبتي، وأريد أن أعرف ماذا عليَّ أن أفعله باقي عمري؟ أريد سببًا أعيش لأجله!
ألا يذكرك سؤال هذه المرأة بحياتك أنت؟ هل تعرف سببًا تعيش لأجله؟ ماذا عليك أن تفعل باقي عمرك ليكون لعمرك ولحياتك معنًى حقيقيًّا؟ أوليس واقع الحال أن حيواتنا مغطاة «بطبقات رقيقة» ما أسهل أن تزول، لتنكشف حقيقةُ أننا غارقون في هذه الحياة دون هدف أو وعي أو طرح تساؤلات حقيقية، ننتظر أن نتقاعد كي نكتشف أن حياتنا العملية التي غطت غالبية الوقت، وأخذت شبابنا وزهرة أعمارنا، واندمجنا فيها بصناعة المسار المهني، والارتقاء الوظيفي، والرخاء الاقتصادي، والتسوُّق والرحلات وعطل نهاية الأسبوع، ومشاهدة آخر الأفلام ومتابعة البطولات الرياضية، أو حتى السعي لأجل التغلب على الضنك والمشقة، وتأمين لقمة العيش، ودفع الفواتير، كي نكتشف أن هذه كلها – مع المتعة المصاحبة لكل شيء فيها، أو العناء، ومع أهميتها في حياتنا – ليست السبب الحقيقي الذي ينبغي أن نعيش لأجله أو الذي وُجدنا في هذا الكون الذي تم تصميمه وتعييره تعييرًا دقيقًا منضبطًا محكمًا خارقًا لتوجد فيه الحياة ويكون مضيافًا لها، وليوجد فيه هذا المخلوق الذكي القادر على التساؤل والاستكشاف والفهم والإدراك.
فإذا ما ارتفعت تلك «الغلالات الرقيقة» وما عاد لها وَهَجُها الذي صاحبها في رحلة الشباب وبناء المستقبل والنظر بتفاؤل لمعيشةٍ مريحةٍ هانئةٍ، أَلَحَّ وقتها، وبِكُلِّ قُوَّةٍ ذلك السؤالُ الذي سألَتْهُ هذه المرأة: ماذا علي أن أفعله فيما تبقى لي من عمر! ما هو السبب الذي سأعيش من أجله! فتعود الذاكرة وقتها للوراء لتسأل: هل كنتُ أعيشُ للسببِ الذي كان عليَّ أن أعيشَ له فيما مضى من عمر؟ هل عشتُ حياتي بشكل صحيح؟
قد ينتظر المرء فيه وقتًا طويلًا ليكتشف أنه يعيش بلا هدف، وأنه مفرَّغ تمامًا من عناصر الوجود الإنساني، وأنه مصاب بخواء روحي، يركض حياته كلها بلا هدف، مشوبًا بالقلق والحيرة والتمزق النفسي، لا يعرف جوابًا على سؤال: ما معنى الحياة؟ على الرغم من أن هذا السؤال لصيق بالفكر الإنساني، وشرط أساسي لإدراك كينونة الإنسان، كي لا يقع في الخواء الفكري، والفراغ الأخلاقي، والشذوذ السلوكي!
فماذا عنك وأنت في رحلة كهذه في هذه الحياة الدنيا؟ ألا ترى أهمية الإجابة على نظائر هذه الأسئلة لتفسر لك سبب وجودك في الحياة، ومن أتى بك؟ وماذا بعدها؟ وماذا يراد منك؟ لماذا جئت إلى هذه الحياة؟
هل الحياة هي: المسار المهني؟ وأن تغرق في تفاصيله حتى تعيش لأجله، تنتظر نهاية الشهر لتحصل على الراتب، وتدفع الفواتير، وتستمر عجلة الحياة – نمط العيش – في روتينٍ صارخٍ كأنها متاهةٌ لا تستطيع الخروج منها – إلا لحيظات قليلة ثم تعود إلى تلك المتاهة مرغمًا أو راغبًا؟ فإذا ما ماتَ أحدُنا هذه الساعة، وهو في هذه المتاهة غير قادرٍ على الخروج منها، فهل يستطيع وضع الإصبع على المعنى الحقيقي لحياته؟ إن السؤال المركزي في الحياة ولا شك هو: ما هي الغاية من الحياة؟ لماذا أنت في هذا الوجود؟
ليست تساؤلات وإنما خلل في التفكير ❓❓❓
كثير من تساؤلات الشباب وشبهاتهم مبنية على خلل في ⬅️منهجية التفكير ➡️!!!!
فتجده يسأل :
لماذا الحكم الفلاني في الإسلام كذا وكذا؟!!!
لماذا هذا الحكم غير إنساني؟!!!
لماذا هذا الحكم يخالف حقوق المرأة؟!!!
ويجعل ذلك سلمًا لتبرير الكفر أو الاعتراض على الحكم !!!
ولو أمعنت النظر لوجدته يحاكِم الإسلام إلى منظومة في رأسه، هذه المنظومة هي دينٌ أيضاً، ولكنه? دين غير معلن.
هذه المنظومة في كثير من الأحيان تكون منظومة خيالية مستحيلة التطبيق لأنها مبنية على أساطير مثل الحرية المطلقة والمساواة المطلقة وتصوُّرِ فردوس أرضيٍّ سيعم الأرض إذا طبقت هذه الأمور .
⬅️ وأخطر الناس هم الحالمون بفردوس لأنهم يطلبون المستحيل ولكنهم لا يؤمنون باستحالته ويحلمون به دائما ويستحِلُّون كل الموبقات في سبيل تحقيقه، ولن يتحقق ولن يرضوا أبداً ➡️
✅غير إن الإشكال الحقيقي هنا هو أَن الدين هل صح عندك لأنه يوافق هذه المنظومات؟!!! أم صح عند أهله لأدلة وبراهين مستقلة عن هذا البحث؟!!!
⬅️ فإذا ثبتت صحة الدين بأدلة محايدة لم يَجُز الاعتراض عليه بأن بعض فروعه تخالف خيالات وأماني بشرية لأناس يستعجلون الجنة في الأرض ⬅️ فعلم الله فوق علم البشر.
✅ولبيان ذلك أكثر: لم يزعم مسلمٌ عاقلٌ أَن دينه صحيح لأنه يَعِدُ أتْباعَه بالرفاه الدائم في هذه الدنيا، أو أَن دينه صحيح لأنه يحقق المساواة بين مَن آمَن به ومن كفر به، أو أَنَّ دينه صحيح لأنه يحقق مساواة مطلقة بين الذكر والأنثى، أو أَن دينه صحيح لأنه سينهي الحروب في الدنيا⬅️ ( وهذا لا يكون إلا عند انتهاء الشر من الدنيا، وهذا لا يكون )➡️
✅بل كل مُسْلمٍ عاقلٍ يؤمن يقيناً أَن هذه الدارَ دارُ اختبارٍ، وفيها من الفتن الشيء العظيم، وأن الجنة في الآخرة، وأن براهين صحة الدين أعلى وأعظم من المقاييس المشار إليها أعلاه، بل فطرةُ التدينِ في الناس أقوى من كل خيالاتهم الإنسانوية التي تُؤَلِّه ⬅️الإنسان الشهواتي➡️.
لهذا، حين يأتيك معترضٌ على حكمٍ فروعيٍّ على هيئة تساؤل، عَرِّفْهُ أَن الدين لا يَكتسب قُوَّتَه من موافقة تلك الخيالات الجامحة المبنية على صورة مفرطة في الرومانسية لأناسٍ عِلْمُهم محدود، بل إن كل عاقلٍ يَعْلَمُ من علاماتِ ربانيةِ الدين أنه غير سائر خلف الخيالات التي تعترض على كل شيء ولا يمكنها أَن تحقق شيئاً !!!
ولهذا، كثيرٌ من أهل هذه الخيالات يسعَون لتعظيم النموذج الأوروبي بصفته مطبِّقاً لما يتمنون، فإذا كُشفَتْ لهم حقيقة القوم تضايقوا لأنهم في بواطنهم يعلمون أنها خيالات، ولو فرضنا صحتها في الدنيا فالدين مبني على أَن الدنيا دار عبور، والركونُ الشديدُ إليها والغفلة عن رب العالمين، وبالتالي الغفلة عن الآخرة، حالُ سوءٍ لا يُحمدُ أهلها، فهم يَفرِضون على الدين أَن يتابِعَ شهواتِهم المبنيةَ على تهميش الدين والركون التام للدنيا.
قال الله تعالى: ( فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ۚ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ).
⬅️فاتباعُ الهوى هذا صار شبهاتٍ➡️ !
وبعد مسيرةٍ طويلةٍ في مناقشة الشبهات اكتشفتُ أنهم يأتون لهذه الأهواء ويفترضون صحتها بلا أي دليل، ثم يفترضون أَن صحة الدين مبنية على موافقتها، ثم يصيرون يُشْكِلون على الدين إذا لم يوافقها، وهذه هي آفة هؤلاء اللذين يقول لك القائل منهم انه نَفَرَ من الدين أو كَفَرَ به بسبب بعض الأحكام !!!!
فمع معالجة الشبهات التفصيلية لا بد من معالجة أصل الفساد، وهو? فقدان التسليم وعدمُ النظر في براهين صحة الوحي خارج سياق الشهوات وألأماني والخيالات ، وجعلُ هذه الأمور هي الحاكم على الوحي !!!!
⬅️والواقعُ أَن العبد ينبغي أَن تكون تصوراتُه الاجتماعيةُ محكومة بالوحي ،لا العكس. وإلا ما فائدة الوحي إنْ كنا لا ننتفع به في تقويم تصوراتنا ونستسلم تماما لأساطير غير عقلانية مثل الحرية المطلقة والمساواة المطلقة ووجود غُنمٍ دون غُرمٍ وتحقُّقِ فردوس أرضي بهذه الصورة !!!!!
للاعلان أو طلب التمويل تواصل مع : @ADSALLCARTOONARABICBOT
لو كان في عطل أو خربطه في الحلقات كلمنا @Cartoonlol_bot
Last updated 4 weeks, 1 day ago
يا حُباً تمكن من قلبي.
Last updated 1 year, 3 months ago
Last updated 1 year, 1 month ago