لقيهم وقد ألقوا ما في أيديهم وجلسوا يبكون، فقال: ما يجلسكم؟
قالوا: قُتل رسول الله،
قال سيدنا أنس: فماذا تصنعون بالحياة بعده؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم استقبل القوم، فقاتل حتى قُتل.
.
مع كل فاجعةٍ نُفجعها في أحد أبطالنا، يتصدّع قلبي ألمًا، ثم أقول لنفسي: أما هو فقد أدّى ما عليه، رحمه الله وأسكنه فسيح جنّاته، وأما أنتَ، فما يُجلسك؟ وما تصنع بالحياة إن لم تعشْ لمعنى شريف كهذا وتموت عليه؟ قم إلى معركتك، وأرِ الله من نفسك خيرًا وصدقًا، لعلك تموت على ما ماتوا عليه!
.
رحم الله الشهيد البطل السنوار، وكما قال أجدادنا: إذا سيدٌ منّا خلا قام سيدٌ قؤولٌ لما قالَ الكرامُ فعولُ!

ورحم الله جميع شهدائنا الأبرار، وهيأ لهذه الأمة أمر رشدٍ يُعزّ فيه أولياؤه، ويُذّل فيه أعداؤه.

اللهم يا مالك الملك، سبحانك لا يكون في ملكك إلا ما أردت، نعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجُبن والبُخل، وغلبة الدين وقهر الرجال،

واستعملنا اللهم ولا تستبدلنا، وأعنّا ولا تُعِن علينا، واكتب لنا من لدنك فرجًا ومخرجًا ونصرًا تشفي به صدور قومٍ مؤمنين!

"وصل خبر مقتل مصعب بن الزبير إلى مسامع عبد الله بن الزبير، فقام عبد الله بن الزبير في الناس خطيباً:
"إنْ يُقتل فقد قُتل أبوه وأخوه وعمه، إنا والله لا نموت حتف أنوفنا ولكن نموت قعصاً بأطراف الرماح وموتاً تحت ظلال السيوف، وإن يُقتل مصعب فإن في آل الزبير خلفا منه"
يا شباب الدعوة ورأس مالها: هذه ضريبة الطريق، ولولا الفداء والشهادة لشككنا في صحة الطريق ومنهجه.
إنْ يُستشهد أبو العبد فإنّ في حماس خلفاً منه؛ وإنّ حركةً قدمت خيرة قادتها على الطريق فلم تمتها الضربات بل زادتها قوة؛ لن تهزها حوادث هي من أدبيات منهجها.حماس قادرة على التعافي، والاغتيالات لم تزدها إلا قوة وصلابة.
ولولا استشهاد المقادمة وصلاح شحادة لما رأينا بأس "الضيف" وإخوانه، ولولا استشهاد الياسين والرنتيسي لما رأينا حكمة أبي العبد هنية ومشعل وصلابة السنوار.
فالحركة متجذرة في نفوس الناس ولها روافد في كل قلب وروح، وعلى الطريق لابد من التضحية ولابد من الثمن.
مضى أبو العبد إلى حيث يطلب ويتمنى ومن صدق سبق، والمطلوب اليوم انتفاضة في النفس باعثة على عزيمة الاستمرار، وعناد المضي دون تردد
يُقَرِّبُ حُبُّ المَوتِ آجالَنا لَنا
وَتَكرَهُهُ آجالُهُم فَتَطولُ

وَما ماتَ مِنّا سَيِّدٌ حَتفَ أَنفِهِ..
وَلا طُلَّ مِنّا حَيثُ كانَ قَتيلُ"

لا تعوّد نفسك الانسحاب..

بعض المعارك تحتاج إلى طول نَفَس، هذا سلاحها الأعظم، المُغَلّف باليقين، إن اعتدت كثرة الهروب لن تجدَ من خطاكَ معنًى يَسُرُّك، بل يَضُرُّك، بعض الميادين تحتاج إلى ذاك الصّبر الطويل، والمحاولة الدائمة، وبعضها يأخذ منك أكثر ممّا يُعطيك، وقد تنزف وأنت تسير فيه، وتبكي على حَافّة الوصول، وتَعرُج قدماك على لحن التَّعَب

إن اعتَدتَ ترك الكتاب لأنه لا يعجبك، وإهمال الفكرة لأنها لا تليق بك، وترك الصلاة بوقتها لأنها تشغلك!! كيف بك وأنت في قلب المعركة! كيف ترنو هدفًا لا تسير إليه، وتبكي حُلمًا لا تجتهد عليه، كيف بك تُكثر الأحلام بلا إقدام! أيَصِل من لا يسير؟

جُلّ ما نَمُرّ فيه من عجز، جوابه «المَلَل» أصبحنا لا نصبر على شيء، تبهرنا العناوين البَرّاقة، والكلمات المزخرفة، تجذبنا الطّرق السريعة، ثم لا نهتم إن كانت تَصِل بنا أم تقطعنا في المنتصف!

يااا أخي اعكُف على كتابٍ تقرؤه لأن «المرة الواحدة لا تكفي» اعكُف على تدريب نفسك عادةً تُحبّها وسلوكًا يجذبك، اعكُف على فكرتك حتى تصير واقعًا تحياه، اعكُف ودَع عنك كثرة الشكوى، وحبّ الشفقة، ووهم الانشغال، وادّعاء المعرفة، اعكُف في ميدانك، حيث أنت، بلا مواربة، ولا كثير كلام، بلا تصفُّحٍ زائد ومتابعة ما فعل فلان!! بل توكّل ثم اعمل، لو لمَ يعلم عنك أحد.. «وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ».

- ثم اقرأ قول المتنبي:
وأنْ تَـرِدَ المـاءَ الـذي شَـطْـرُهُ دَمٌ
فتُسقَى إذا لم يُسْقَ مَن لم يُزاحِمِ

لذلك = اعكُف ألف يوم، لحصادِ يوم واحد.

-قصي العسيلي.

"إنَّما تستقيمُ العلاقاتُ بصِبغةِ المَرءِ الدِّينيَّة أوَّلًا
أمَّا استدامتُها، فإنَّ عُكَّازَها الَّذي تَستندُ عليهِ هو نُبْلُ المَرءِ ومَعدِنُه
لهذا؛ لا تُعوِّلُ فِيها على الحُبِّ كثيرًا فمنبَعُهُ القَلب، وشِيمةُ القَلبِ التقلُّب!

فإذا ما صاحَبتَ؛ فاقصِد عَتيقَ الدِّين رَقيقَ المَعدِن."

"ليس الزهد ألا تملك شيئًا،
لكن الزهد ألا يملكك شيء."

أتدري ما الذي ينقصنا وبشكل حاد؟
الصدق، الصدق في كل شيء، الصدق في الحب، الصدق في التوبة، الصدق في المعاملة، الصدق مع النَّفس، الصدق مع الناس، الصدق في الترك، الصدق في الأخذ
ومُعضلة الصِّدق أنّه لا يُسلِّم لك بما تكتب وتقول حتى يزورك على شكل امتحان، فيثبت لك قبل غيرك حقيقة دعواك، وفي حركاته يرجو الإنسان العافية والثبات.

-عمرو عودة.

"إذا ما الجذعُ حنَّ إليكَ يومًا
وكاد لفرط حسرته يذوبُ

فماذا يفعل المسكين منَّا
وفي أحشائِه هذا الَّلهيبُ"

صلّى عليك الله..